• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : مع الطالب .
              • القسم الفرعي : مقالات الأشبال .
                    • الموضوع : الندم يوم القيامة * .

الندم يوم القيامة *

إعداد الطالب: عبد الله آل يعقوب

قال تعالى: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [الزمر: 56-59]

تتحدّث هذه الآيات عن المجرمين الذين فاتهم باب الندم والتوبة في الدنيا بعد أن كان مفتوحاً لهم عشرات السنين، فلم يتّعظوا إلا بعد موتهم وندموا على أفعالهم، فقال: ﴿يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ أي: يا حسرتي، والحسرة تعني هنا شدّة الحزن والندم غير المجدي ـ بعد فوت الوقت ­ـ على استهزاء الكافرين في جنب الله؛ أي: أنبيائه ورسله، وعدم تصديقهم، وتوضّح لنا كلمة (فرّطتُ) أنّ استهزاءهم قد بلغ الذروة وقد اعترفوا على أنفسهم.

ثمّ يبرّر الكافر ذلك بالقول: ﴿لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾، لكن الله قد أرسل للناس الأنبياء وضرب لهم الأمثلة في القرآن الكريم: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾ [الزمر : 27]، ولم يتّعظوا، وبعد ذلك يقوم بطلب وهو: ﴿لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾.

أي: يا الله، لو رجعتُ إلى الدنيا لأصبحت شخصاً مؤمناً محسناً، وهذه العبارة تتكرّر بنفس المعنى واختلاف اللفظ في القرآن مثل: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا﴾ [المؤمنون: 99-100]، وكذلك: ﴿يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنعام: 27].

لكن الله يقول ويدحض حجّتهم: ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الأنعام: 28].

فالله يمهل المذنبين ليتوبوا حتى الموت، فإذا رأوا سكراته اُوصد باب التوبة كفرعون الذي حينما قرب هلاكه قال: ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ﴾ [يونس: 90]، فأتاه الجواب: ﴿آلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: 91].

أمّا الآية ﴿بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ أي: أنّ الحجّة تمّت عليك عن طريق الآيات كالمعاجز والأنبياء والقرآن، فأنت مقصّر لا قاصر والآن تأتي وتقول: ﴿لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي﴾.

نعم، هذا حال المذنبين العصاة المجرمين يوم الدين، قد أصابتهم الحسرة وشعروا بالندم بعد فوات الأوان، وقد قال الإمام الباقر(عليه السلام) عنهم: «إنّ أشدّ الناس حسرة يوم القيامة الذين وضعوا بالعدل ثم خالفوه وهو قول الله عزّ وجلّ: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾» [نور الثقلين، ج4، ص495].

ومن مصاديق ﴿جَنْبِ اللَّهِ﴾ أهل البيت (عليهم السلام)، قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «نحن جنب الله»، وقال الإمام الكاظم (عليه السلام): «جنب الله أمير المؤمنين وكذلك من كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم». [المصدر السابق].

_______________

(*) حديث الدار (العدد 27 - جمادى الأولى 1434 هـ).

لقراءة وتحميل حديث الدار العدد 27 اضغط هنا.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2517
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 07 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28