القرآن وتسخير الكواكب السماوية

السؤال :

أوَ تطرق القرآن الكريم الى الكواكب السماوية التي نجح العلماء الى حدّ ما في اختراقها وتسخيرها وبلوغ أسرارها ، أم لا ؟

وهل سيحصدون مزيداً من التوفيق في هذا المجال ؟



الجواب :

لا شكّ في أن الانسان يسير نحو التكامل منذ أن وضع القدم الأولى له على الكرة الأرضية ودخل في حيز الوجود ؛ واليوم أيضاً نرى أنه لا يمرّ يوم على الانسان من دون أن يخطو خطوة نحو التكامل بغية كشف أسرار عالم الخلقة . لذا لا يستبعد أن يصل اليوم الذي يعيش فيه الانسان على الكواكب السماوية من خلال القوة التي أودعها الله تعالى في وجوده .

والآيات الواردة في القرآن الكريم التي تؤكد على تسخير السماوات والأرض للانسان لا تخلو من الاشارة الى هذا الموضوع ؛ فرغم أن الشمس والقمر وكل ما في السماوات سخر للبشر منذ اليوم الأول ، إلا أن للتسخير درجات . وفيما يلي بعض هذه الآيات :

1-     "وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الجاثـية:13] .

2-  "أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً" [لقمان: 20] .

2-

3-     "وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ" [ابراهيم:33] .

إن الله سبحانه وتعالى يقول وفقاً للآيات المذكورة : إنه سخر للانسان ما في الأرض منذ اليوم الأول لتواجده عليها . فيما نرى أن الانسان لم يبلغ الثروات المخزونة تحت الأرض في ليلة وضحاها ، بل إنه اطلع على دفائنها واستخرجها تدريجياً .

ومنه يتضح أن المراد من الآيات الشريفة ليس هو تسخير ما في الأرض لكل أفراد البشر ؛ لأن معظم تلك المعادن والثروات اكتشفت بمرور الزمن ، ففي كل عصر استطاعت ثلة من الناس الموفقين كشف بعض الثروات الطبيعية الموجودة تحت الأرض ، بل المقصود هو بلوغ المجتمع البشري بمرور الزمن لتلك الثروات ، حتى لو لم يدرك بعضهم وجودها في برهة معينة .

وليس من المستبعد أن يفلح البشر في اكتشاف ثروات جديدة في المستقبل القريب من دون أن يكون للانسان المعاصر في هذا القرن أدنى علم بها . وبناء على ذلك ، ولما كانت الكواكب مسخرة للبشر منذ الأزل ، لكنه لم يتمكن من الاستفادة منها طيلة قرون ، ما المانع من استطاعة الانسان بلوغ درجات لم يبلغها سابقاً وتسخير السماوات والأرض له على النحو الأكمل انطلاقاً من قوله تعالى : "وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ" [[1]] ؟

وبالاضافة الى ذلك ، يستفاد من الآية 33 من سورة الرحمن أن البشر سوف يستطيعون السفر الى الفضاء اعتماداً على الامكانات العلمية المتاحة ، حيث قال تعالى : " يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ" [الرحمن:33] .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

[1]  لا بد من الاشارة الى أننا أجبنا عن هذا السؤال قبل الصعود الى القمر ، ولم يكن العلماء آنذاك قد أرسلوا رائداً واحداً الى الفضاء ، بل كل ما فعلوه وقتئذ هو اطلاق أقمار اصطناعية .

 

 

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=287