ألا تتنافى هذه الآية مع كون الاسلام ديناً عالمياً ؟

السؤال :

قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ )[ابراهيم: 4] ، ما يعني أن كتابه السماوي –فضلاً عن لسانه – ينزل بلغة قومه أيضاً ؛ وعليه إن كانت نبوة النبي مقتصرة على قومه فقط ، فمن الطبيعي جداً أن يكون هذا أمراً مستحسناً . أما لو كانت نبوته عالمية وشاملة لجميع أفراد البشر ، فما الداعي لكون كتابه بلسان قومه فقط (كالعربية بالنسبة لنبي الاسلام (ص)) ؟

 



الجواب :

بما أن الأنبياء المبعوثين لهداية عموم البشر يتعاطون أول وهلة مع قومهم على وجه التحديد ، فيجب أن يكون كتابهم السماوي بلغة قومهم ؛ ثم يتعين نشر ما جاءوا به الى كافة الشعوب والأمم بشتى السبل المتاحة .

واليوم يسعى علماء كل دولة الى كتابة مؤلفاتهم بلغة شعب تلك الدولة ، مع أن مضمون تلك المؤلفات لا يقتصر على شعب دون شعب أو دولة دون دولة .

وعلى هذا الأساس ، بما أن نبي الاسلام (ص) قد انبعث من بين ظهراني أمة عربية ، وكان ارتباطه المبدأي مع الشعب العربي ، نزل كتابه الشريف بأوسع اللغات العالمية الحية انتشاراً (أي العربية) ، في حين أن قوانينه وأحكامه ذات صلة بالعالم أجمع .

ولو كانت هناك لغة عالمية ينطق بها أغلب الناس ويعرفونها زمن البعثة النبوية ، لكان من المناسب آنذاك أن ينزل كتاب النبي (ص) بتلك اللغة الدولية . بينما لم يكن ذلك موجوداً على أرض الواقع ولم يتحقق هذا الموضوع الى الآن . بناء على ذلك ، فان كون القرآن عربياً لا يتنافى مع عالمية الاسلام مطلقاً .

وبعبارة أوضح: معنى الآية المذكورة : إن كتاب كل نبي أرسلناه بلسان قوم ذلك النبي ، لا أن نبوته مقصورة على تلك الأمة وهؤلاء القوم ، كما أن كون لغة النبي أو كتابه نزل بلغة قومه لا يعني أبداً اختصاصاص نبوته بقومه ، بل لا بدّ من تحصيل كون دينه عاماً أو خاصاً من طرق أخرى .

ومن الواضح أيضاً أن الاسلام فوق العرق واللغة ، ويعتبر العالم بأسره وطنه ، وكون القرآن عربياً – وهو مردّه الى عدم وجود لغة عالمية آنذاك – لا يعدّ دليلاً على عنصرية الاسلام بوجه .

أما بشأن كون الاسلام عالمياً فلدينا أدلة كثيرة تثبت ذلك ، لكن المجال لا يتسع لذكرها الآن .

 

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=290