العلاقة بين إقساط اليتامى ونكاح النساء

السؤال : قال تعالى: (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً * وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ) السؤال هو: ما هي العلاقة بين القسط باليتامى ونكاح النساء حتى يتوالى ورودهما في الآيتين؟

الجواب :

هذه الآيات الكريمة جاءت في معرض نقد لبعض العادات الاجتماعية عند العرب في زمن نزول القرآن الكريم، حيث يتكون النسيج الاجتماعي للمجتمع العربي من قبائل متصارعة تسودها الغارات والاقتتال. وبطبيعة الحال فإن النساء كانت العنصر الأضعف في تلك المعادلة، فإذا ما تعرضت إحدى القبائل للهزيمة العسكرية، فإن نساءها يصبح عرضة للسبي من قبل القبيلة المنتصرة، وفي هذه الحالة فإن ولي أمر المرأة الجديد هو من يتكفل إدارة أمورها المالية والاجتماعية وغيرها، وطالما يتعرضن للظلم والحيف في تلك الأمور نتيجة للسُلَّم الاجتماعي السائد آنذاك في توزيع طبقات المجتمع الذي يضع أمثال هذه النساء في المرتبة الدنية. فقد يتزوج رجال القبيلة المنتصرة بهن ويأكلون أموالهن ثم لا يقسطون فيهن، وربما أخرجوهن بعد أكل مالهن فيصرن عاطلات ذوات مسكنة لا مال لهن يرتزقن به ولا راغب فيهن فيتزوج بهن وينفق عليهن.

إذن، فالآيتان المشار إليهما أعلاه تتصدرهما دعوة أولياء اليتامى إلى عدم إضرارهم في أموالهم من خلال بعض التصرفات التعسفية الظالمة كعزل الجيد من أموال اليتامى لأنفسهم واستبداله برديء أموالهم (= أولياء الأمور)، أو استبدال أكل الحلال، وهو خصوص أموال أولياء الأمور أنفسهم، بأكل الحرام عليهم، وهو المال العائد لليتامى. هذه الدعوة (= النهي عن التصرف المضر في أموال اليتامى) هي الأصل والمقدمة التي ستنطلق منها سلسلة من الأحكام في الآيات اللاحقة والتي منها قضية التزويج؛ بمعنى أن خفتم أن لا تقسطوا في أموالهن ولم تطب أنفسكم بالزواج منهن؛ خوفاً من عدم القسط، فلا ضرورة ولا إلزام في نكاحهن، وتوجهوا إلى غيرهن من النساء، مثنى وثلاث ورباع.

 المجيب: موقع السيد كمال الحيدري


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=648