ما هي أهمّية الصلاة وما هي آثارها على الفرد والمجتمع؟

السؤال :

ما هي أهمّية الصلاة وما هي آثارها على الفرد والمجتمع؟



الجواب :

إنّ الصّلاة عمود الدّين، وهي أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأوّل ما يحاسب عليه العبد، فإن قبلت قبل ما سواها، وإن رُدّت رُدّ ما سواها.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: >ليس منّي من استخفّ بصلاته، لا يرد عليّ الحوض لا والله ... < [الوسائل: 4 / 25 - أبواب أعداد الفرائض - ب 6 ذيل ح 6. وفي الكافي: 3 / 269 ذيل ح 7 باختلاف يسير، وفي علل الشرائع : 356 ح 1 ، والفقيه : 1 / 132 ح 18 مثله].
وعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال في كلام له: >وأول ما يحاسب العبد عليه الصلاة، فإن صحت له الصلاة صح له ما سواها، وإن ردت رد ما سواها< [فقه الرضا (عليه السلام): ص100].
وللصلاة آثار عظيمة ونتائج مهمة سواء على مستوى الفرد أو المجتمع. ونحن نُشير إلى بعض تلك الآثار:
1- الصلاة وسيلة للتطهر من الذنوب، فقد ورد في الحديث عن النبي الأکرم (ص) أنه سأل أصحابه: لَو کَان على بَابِ دَارِ أَحَدِکُمْ نَهَرٌ فَاغْتَسَلَ فِي کُلِّ يوْمٍ مِنْهُ خَمْسَ مَرَّاتٍ أَکَانَ يبْقَى فِي جَسَدِهِ مِنَ الدَّرَنِ شَي‏ءٌ؟ قُلْنَا: لا. قَالَ: فَإِنَّ مَثَلَ الصَّلاةِ کَمَثَلِ النَّهَرِ الْجَارِي کُلَّمَا صَلَّى صَلاةً کَفَّرَتْ مَا بَينَهُمَا مِنَ الذُّنُوبِ. [تهذيب الأحکام، ج2، ص237]
2- تمثّل الصلاة سدّاً واقياً أمام الذنوب الآتية، وذلك لأنها تقوي روح الايمان لدى الانسان وتنمي في اعماقه بذور التقوى، ومن المعلوم ان التقوى والايمان من اقوى الموانع والسدود امام الوقوع في الذنوب وهذا ما اشارت اليه الآية المبارکة {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}. [سورة العنكبوت، 45]
3- إن الصلاة توقظ الإنسان من الغفلة، وأعظم مصيبة على السائرين في طريق الحقّ أن ينسوا الهدف من إيجادهم وخلقهم، ويغرقوا في الحياة المادية ولذائذها العابرة! إلّا أنّ الصلاة بما أنّها تؤدّى في أوقات مختلفة، وفي کل يوم وليلة خمس مرات، فإنّها تخطر الإنسان وتنذره، وتبين له الهدف من خلقه، وتنبهه إلى مکانته وموقعه في العالم بشکل رتيب، وهذه نعمة کبرى للإنسان بحيث إنّها تحثّه في کل يوم وليلة وتقول له: کن يقظاً.
4- ان الصلاة عامل من عوامل القضاء على التکبر والغرور، وذلك لان الانسان في اليوم والليلة مکلف بأن يصلي سبع عشرة رکعة في الحَضَر يضع جبهته على الارض مرتين في کل رکعة منها. وهذا يمثل أقصى حالات الخضوع حيث يرى الانسان نفسه ذرة صغيرة امام عظمة الباري تعالى؛ بل إنه صفر في مقابل اللامتناهي. وهذا يؤدي به إلى الخلاص من الغرور والتکبر والاستعلاء.
من هنا نجد الامام علياً (عليه السلام) يقول: >فَرَضَ اللهُ الْإِيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْکِ والصَّلَاةَ تَنْزِيهاً عَنِ الْکِبْر< [شرح ‏نهج البلاغة، ج: 19 ص: 86، رقم 249]
 5- الصلاة وسيلة لتربية الفضائل الخلقية والتکامل المعنوي للإنسان، لأنّها تخرج الإنسان عن العالم المحدود وتدعوه إلى ملکوت السماوات، وتجعله مشارکاً للملائکة بصوته ودعائه وابتهاله، فيرى نفسه متصلة مع الله تعالى بلا أي «حاجب» يمنعه من ذلك... فيتحدث مع ربّه ويناجيه!.
6- إن الصلاة تعطي القيمة والروح لسائر أعمال الإنسان لأنّ الصلاة توقظ في الإنسان روح الإخلاص... فهي مجموعة من النية الخالصة والکلام الطاهر «الطيب» والأعمال الخالصة... وتکرار هذه المجموعة في اليوم والليلة ينثر في روح الإنسان بذور سائر الأعمال الصالحة ويقوّي فيه روح الإخلاص.
لذلك فإنّنا نقرأ في بعض ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في ضمن وصاياه المعروفة بعد أن ضربه ابن ملجم بالسيف، أنّه قال: >الله الله في صلاتکم فإنها عمود دينکم‏< [نهج البلاغة ، من وصية له (عليه السلام)، رقم47]
ونعرف أنّ عمود الخيمة إذا انکسر أو هوى، فلا أثر للأوتاد والطنب مهما کانت محکمة... فکذلك ارتباط عباد الله به عن طريق الصلاة، فلو ذهبت لم يبق لأي عمل آخر أثر.
وقد روي عن الامام الصادق (ع) انه قال: >إِنَّ أَوَّلَ مَا يحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ فَإِنْ قُبِلَتْ قُبِلَ مَا سِوَاهَا ‏[الکافي، ج 3، ص 268، حديث 4] وإِذَا رُدَّتْ رُدَّ عَلَيهِ سَائِرُ عَمَلِه‏. [وسائل ‏الشيعة، ج 4، ص 34]
7- إنّ الصلاة ـ بقطع النظر ـ عن محتواها، ومع الالتفات إلى شروط صحتها، فإنّها تدعو إلى تطهير الحياة! لأنّنا نعلم أن مکان المصلي، ولباس المصلي، وبساطه الذي يصلي عليه، والماء الذي يتوضأ به أو يغتسل منه، والمکان الذي يتطهر فيه ـ وضوءاً أو غسلاً ـ ينبغي أن يکون طاهراً من کل أنواع النجاسة؛ التلوث، الغصب والتجاوز على حقوق الآخرين. فإنّ من کان ملوّثاً بالظلم، الربا، الغصب، التطفيف والبخس في الميزان والبيع وآکلاً للرشوة ويکتسب أمواله من الحرام... کيف يمکن له أن يهيئ مقدمات الصلاة!؟ فعلى هذا فإنّ تکرار الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة ـ هو
 نفسه ـ دعوة إلى رعاية حقوق الآخرين!
ولقد أشارت الکتب الفقهية والمصادر الحديثية إلى عدّة أمور تمثل الموانع التي تمنع من قبول الصلاة منها شرب الخمر فقد روي في الحديث >مَنْ شَرِبَ مُسْکِراً انْحَبَسَتْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ يوْما< [الکافي، ج 6، ص 400، حديث 1].
8- إن رعاية شروط کمال الصلاة يعد عاملاً مهمّاً في الخلاص من الذنوب. فإن أداء الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة يمثل دعوة لانتفاع المصلي من جميع الآثار الايجابية للصلاة.
9- إنّ الصلاة تقوي في الإنسان روح الانضباط والالتزام، لأنّها يجب أن تؤدى في أوقات معينة، لأنّ تأخيرها عن وقتها أو تقديمها عليه موجب لبطلانها.
وکذلک الآداب والأحکام الأخرى في موارد النية والقيام والرکوع والسجود وما شابهها، إذ إن رعايتها تجعل الاستجابة للالتزام في مناهج الحياة ممکناً وسهلاً.
کل هذه من فوائد الصلاة ـ بغض النظر عن صلاة الجماعة ـ وإذا أضفنا إليها خصوصية الجماعة، حيث إنّ روح الصلاة هي الجماعة، ففيها برکات لا تحصى ولا تعدّ، ولا مجال هنا لشرحها وبيانها، مضافاً إلى أن الجميع يدرک خيراتها وفوائدها على الإجمال.
روي عن الامام الرضا (عليه السلام) أنه قال في جواب سؤال عن فلسفة الصلاة: «إن علة الصلاة أنّها إقرار بالربوبية لله عزّ وجلّ، وخلع الأنداد، وقيام بين يدي الجبار جل جلاله بالذل والمسکنة والخضوع والاعتراف، والطلب للإقالة من سالف الذنوب، ووضع الوجه على الأرض کل يوم إعظاما لله عزّ وجلّ وأن يکون ذاکراً غير ناس ولا بطر، ويکون خاشعاً متذللاً، راغباً طالباً للزيادة في الدين والدنيا مع ما فيه من الإيجاب والمداومة على ذکر الله عزّ وجلّ بالليل والنهار، لئلا ينسى العبد سيده ومديره وخالقه فيبطر ويطغى، ويکون في ذکره لربّه وقيامه بين يديه
 زاجراً له عن المعاصي ومانعاً له عن أنواع الفساد<. [من ‏لا يحضره ‏الفقيه، ج 1، ص 214؛ وسائل الشيعة، ج 3، ص 4]‏
کذلک الهدف من ذلک هو أن يعيش الانسان حالة اليقظة والتذکر حذراً من أن يلف قلبه غبار النسيان، وان يبتعد عن الانجرار وراء الماديات والسکر بالملذات الدنيوية خاشعاً خاضعاً مبتعداً عن الغرور وطالباً لمزيد من المواهب الالهية الدنيوية والاخروية. [لمزيد الاطلاع انظر: الأمثل في تفسير کتاب الله المنزل، ج ‏12، ص 405 - 409]

- المصدر: موقع http://www.islamquest.net بتصرّف.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=792