لقد هدَّداه بالعذاب إذا تولى!! فكيف يعتبر هذا كلاماً ليّناً؟

السؤال :

{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) ... إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48)} [سورة طه].
س: لقد هدَّداه بالعذاب إذا تولى!! فكيف يعتبر هذا كلاماً ليّناً؟؟؟



الجواب :

يتّضح من خلال قراءة الآيات القرآن أن القول الليّن قد حصل فعلاً في قول موسى وهارون (عليهما السلام) لفرعون، حيث قالا له بهذه الكيفية: {... إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ ... قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} ثم قالا له: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}، فذكرا له كل هذه المقدّمات بعدها لم يقولا له بشكل مباشر أن العذاب سيصيبه في حال أن كذّب وتولّى؛ بل ذكرا له القانون العام الذي يشمل الجميع ولا يتخلّف عنه أحد وهو أن العذاب سيكون على من كذّب وتولّى، وأنّ هذا من الوحي، وحصل مما قالاه لفرعون الرجاء والطمع لا اليأس... ثم دار بينهما وبين فرعون حوار شيّق وأجاباه عن جميع ما سأل بأسلوب ليّن؛ {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى * قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى...}، إضافة إلى أن أسلوب كلام فرعون وحواره معهما يدل على أنه تأثّر ـ ولو بقدر ما ـ بلين كلامهما وحسن رعايتهما، فهذا من مصاديق القول الليّن وفيه من المراعاة الشيء الكثير.
وجاء في تفسير التبيان: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى‏} معناه ادعواه الى الله وإلى الإيمان به وبما جئتما به، على الرجاء و الطمع، لا على اليأس من فلاحه. فوقع التعبد لهما على هذا الوجه، لأنه أبلغ في دعائه الى الحق، بالحرص الذي يكون من الراجي للأمر. [التبيان في تفسير القرآن، ج‏7، ص: 175]
وأشار صاحب تفسير الأمثل بالقول: >من الممكن أن يتوهّم متوهّم عدم تناسب هذه العبارة والحوار الملائم اللذين كانا قد أُمرا بهما. إلّا أنّ هذا خطأ محض، فأي مانع من أن يقول طبيب حريص بأسلوب مناسب لمريضه: كلّ من يستعمل هذا الدواء سيشفى وينجو، وكلّ من يتركه فسينزل به الموت... ولا يوجد فيه تهديد خاص، ولا شدّة في التعامل. وبتعبير آخر: فإنّ هذه حقيقة يجب أن تقال لفرعون بدون لفّ ودوران، وبدون أي تغطية وتورية< [الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل،  ج‏10، ص8]
 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=845