معنى النبأ العظيم في القرآن

السؤال :

ما معنى النبأ العظيم في القرآن؟



الجواب :

أورد المفسّرون آراءً متباينة في المقصود من «النبأ العظيم»، فمنهم من اعتبره إشارة إلى يوم القيامة، ومنهم من قال بأنّه إشارة إلى القرآن الكريم، ومنهم من اعتبره إشارة إلى أصول الدين من التوحيد حتى المعاد. وقد فسّرته الرّوايات بالولاية والإمامة.

وبنظرة دقيقة إلى مجموع آيات السورة وسياق طرحها، وما ذكرته الآيات اللاحقة من ملامح القدرة الإلهية بعرض بعض مصاديقها في السماء والأرض، وبعد هذا العرض تؤكّد إحدى الآيات، {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً} ثمّ مخالفة وعدم تقبل المشركين لمبدأ «المعاد»، كل ذلك يدعم التّفسير الأوّل القائل: بأنّ النبأ العظيم هو يوم القيامة.

ونجد في روايات أهل البيت (عليهم السّلام) وفي بعض روايات أهل السنّة أنّ «النبأ العظيم» بمعنى إمامة أمير المؤمنين علي (عليه السّلام)، حيث كانت مثار جدال ونقاش بين جمع من المسلمين، وهناك من فسّر «النبأ العظيم» بالولاية بشكل عام.

وإليكم ثلاث روايات، على سبيل المثال لا الحصر:

1- ما روى الحافظ محمّد بن مؤمن الشيرازي (أحد علماء السنّة) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال‏ في تفسير {عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ}‏: «ولاية علي يتساءلون عنها في قبورهم، فلا يبقى ميت في شرق ولا غرب ولا في برّ و لا في بحر إلّا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين بعد الموت، يقولان للميت: «من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ ومن إمامك؟» [رسالة الاعتقاد لأبي بكر محمد بن مؤمن الشيرازي (على ما ذكر في إحقاق الحق، ج 3، ص 484)].

2- وروي‏ أنّ رجلاً خرج يوم صفين عن عسكر الشام وعليه سلاح وفوقه مصحف وهو يقرأ: {عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ}‏ فخرج له علي (عليه السّلام)، فقال له: «أتعرف النبأ العظيم الذي هم فيه يختلفون»؟ قال: لا. فقال له (عليه السّلام): «أنا واللّه النبأ العظيم الذي فيه اختلفتم وعلى ولايته تنازعتم، وعن ولايتي رجعتم بعد ما قبلتم، وببغيكم هلكتم بعد ما بسيفي نجوتم، ويوم الغدير قد علمتم، ويوم القيامة تعلمون ما علمتم» [تفسير البرهان، ج 9، ص 420].

3- روي عن الإمام الصادق (عليه السّلام) أنّه قال، «النبأ العظيم الولاية» [تفسير البرهان، ج 3، ص 419].

وللجمع بين مضمون ما تناولته الروايات وما جاء في تفسير النبأ العظيم بالمعاد، لا بدّ من الانتباه إلى ما يلي:

1- «النبأ العظيم» كمفهوم قرآني- مثل سائر المفاهيم القرآنية- له من السعة ما يشمل كل ما ذكر من معان، وإذا كانت قرائن السورة تدلّ على أنّ المقصود منه «المعاد»، فهذا لا يمنع من أن تكون له مصاديق أخرى.

2- كما هو معلوم أنّ للقرآن بطوناً مختلفة وظواهر متعددة، وأدلة وقرائن الاستخراج مختلفة أيضاً، وبعبارة أخرى: أنّ لمعاني آيات القرآن دلالات التزامية لا يعرفها إلّا من غاص في بحر علمها ومعرفتها، ولا يكون ذلك إلّا للخاصّة من الناس.

وليست الآية المذكورة منفردة في أنّ لها ظاهراً وباطناً دون بقية آيات القرآن، حيث أنّ الأحاديث والرّوايات الشريفة فسّرت كثير من الآيات بمعان مختلفة، بعضها ما ينسجم مع ظاهر الآية، والبعض الآخر يشير إلى المعنى الباطن لها.

ولا بدّ من التأكيد على حقيقة خطيرة، وهي أنّه: لا يجوز قطعاً أن نضع للقرآن معنى باطناً بحسب رأينا وفهمنا، بل لا بدّ من وجود قرائن وأدلة واضحة، أو بالاعتماد على تفاسير النّبي (صلّى اللّه عليه وآله) والأئمّة (عليهم السّلام)، الصحيحة، لكي لا يكون وجود بطون للقرآن ذريعة بأيد المنحرفين والمتطرفين وذوي الأهواء ليفسّروا القرآن بحسب ما يشتهون ويرغبون.

* الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏19، ص: 319- 324، بتصرّف.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=894