العُجب من الفوز

السؤال :

 بعد المعارك بين النفس والشيطان أو الأمارة بالسوء، تنتصر النفس بفضل من الله عز وجلّ وتوفيقه .. لكن سؤالي: كيف نردع النفس عن العجب في لحظات الانتصار هذه؟!.. وكما هو معلوم فإن العجب أحياناً يكون قهرياً من وسوسة الشيطان.



الجواب :

إذا رأى العبد أن ما أحرزه من انتصار، إنما هو بتسديد من الله تعالى - حيث إنه لولا الفضل الإلهي لكنا من الهالكين ولاتّبعنا الشيطان إلا قليلاً - فإنه ومع الالتفات لما ذكر، فإنه تنتفي أرضية للعجب من رأسها، حيث لا انية ولا رؤية لشيء في مقابل الحق المتعال.

والمؤمن الواعي لأصول الطريق، لا يمكن أن يبتلى بالعجب، حيث إنه إذا رأى فوزاً في مرحلة من المراحل، فإنه يرى ذلك في حلبة من حلبات المصارعة مع الشيطان وأعوانه.. ولكن من الذى سيضمن له الفوز في كل حلبة، والحال ان المواجهة مواجهة شرسة وقاسية.

ومن هنا كان الأولياء في اضطراب دائم من حيث الخاتمة المجهولة، والتي على مدارها تتحدد سعادة الأبد أو شقائه .. ولا بد من التنويه على أمر مهم في هذا المجال وهو: انه لا بد من التفريق بين الخواطر المستقرة التي توجب التفاعل مع النفس، وبين الخواطر العابرة والهواجس التي لا تستقر في النفس، حيث ان الهاجس اذا كان على نحو العبور على صفحة النفس فانه لا ضير في ذلك .. ومن منا يخلو من مجرد الخاطرة الشيطانية التي ينفثها إبليس على قلب كل عبد؟!.. وإنما المشكلة في استقرار هذه الأمور في نفس السالك الى الله تعالى، وإلا فإن البصيرة بعد المس الشيطاني من صفات المتقين كما في الآية الكريمة {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201].

وبتشبيه جامع نقول: إن عملية القاء البذور من الشيطان على أرضية النفس لا تتوقف أبداً، وإنما المهم أن يسعى العبد لمنع تلك البذور من الاستنبات في الدرجة الأولى، ولاقتلاع ما نبت منها في الدرجة الثانية .. وهذه هي خلاصة قصة المواجهة مع الشياطين الغازية.

 

* موقع شبكة السراج ـ مسائل وردود، بتصرّف يسير.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=925