الآداب الباطنية لتلاوة القرآن الكريم

السؤال :

ما المقصود من الآداب الباطنية لتلاوة القرآن؟



الجواب :

نستطيع أن نقسم آداب تلاوة القرآن إلى آداب ظاهرية وآداب معنوية أو باطنية. في الآداب الظاهرية يجب مراعاة بعض المقدمات والشروط التي قد ذكرت في محلها.

أما الآداب الباطنية فيمكن استنباطها من خلال نفس آيات القرآن والروايات. لقد أوصى القرآن عدة مرات إلى مَن يتلو القرآن أن يرتله ويتدبره، ومنه قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [سورة ص: 29], وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله في الآية الكريمة: "يرتّلون آياته، ويتفقّهون به، ويعملون بأحكامه، ويرجون وعده، ويخافون وعيده، ويعتبرون بقصصه، ويأتمرون بأوامره، وينتهون بنواهيه، ما هو والله حفظ آياته ودرس حروفه، وتلاوة سوره ودرس أعشاره وأخماسه، حفظوا حروفه وأضاعوا حدوده، وإنّما هو تدبّر آياته والعمل بأركانه..". [البرهان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 316]

وعلى أساس هذه الرواية الشريفة يمكن عدّ الآداب الباطنية لتالي القرآن الكريم كالتالي:

1. الوقوف عند ذكر الجنّة والنّار؛ يسأل في الأولى ويستعيذ من الأخرى. [من حديث الإمام الصادق (عليه السلام) - تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب، ج‏2، ص 132]

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة يصف فيها المتقين: "أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَالِينَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلًا يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ ويَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً وتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً وظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ وإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ وظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وشَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ فَهُمْ حَانُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ وأَكُفِّهِمْ ورُكَبِهِمْ وأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ يَطْلُبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي فَكَاكِ رِقَابِهِم‏". [نهج البلاغة، الخطبة 193]

2. فهم القرآن والتدبر في آياته مضافاً إلى العلم والعمل بالأحكام الإلهية. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "أَلَا لَا خَيْرَ فِي قِرَاءَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَدَبُّر". [الکافي، ج1، ص 36]

3. الانتباه إلى أن القرآن ليس بكلام بشر، والتوجه إلى عظمة الله، فإن تعظيم الكلام في الواقع تعظيم للمتكلم.

4. التحلية، يعني أن يتناغم وينسجم مع كل آية يتلوها، فإذا تلا قصص الأنبياء لابد أن يأخذ الدروس والعبر، وإذا تلا الآيات المشيرة إلى أسماء الله وصفاته لابد أن يتأمل في مصاديقها. [جواهر التفسير، ص 270]

5. التخلية، يعني أن يتخلّى عن خلفياته وشبهاته الذهنية لكي لا تؤثر هذه الخلفيات على فهمه من القرآن. [المصدر نفسه مع تصرف]

6. ومن جملة الآداب الباطنية لتلاوة القرآن الكريم، إزالة الصفات السيئة ولاسيما الكِبْر والرياء[11] والحسد والطمع، إذ ما دام الإنسان يأتي إلى القرآن بقلب ملوث بهذه الصفات، لا يتجلى معنى ومفهوم كلام الله في وجوده.

فـ "إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ فُلَانٌ قَارِئٌ ومِنْهُمْ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لِيَطْلُبَ بِهِ الدُّنْيَا ولَا خَيْرَ فِي‏ ذَلِكَ ومِنْهُمْ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي صَلَاتِهِ ولَيْلِهِ ونَهَارِهِ". [وسائل ‏الشيعة، ج 6، ص182]

7. من أفضل الآداب المعنوية لتلاوة القرآن هو الطهارة الروحية والمعنوية. فما لم يتطهر الإنسان لن يكشف القرآن له حقيقته، حيث يقول القرآن: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}. [الواقعة : 79]

8. من الآداب المعنوية الأخرى لتلاوة القرآن هو أن يقرأ القارئ القرآن لا بصفته نصاً وحسب، بل بصفته وَصفة شافية، وأن يتوقع منه هذه النتيجة. "ورَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَوَضَعَ دَوَاءَ الْقُرْآنِ عَلَى دَاءِ قَلْبِهِ فَأَسْهَرَ بِهِ لَيْلَهُ وأَظْمَأَ بِهِ نَهَارَهُ وقَامَ بِهِ فِي مَسَاجِدِهِ وتَجَافَى بِهِ عَنْ فِرَاشِهِ فَبِأُولَئِكَ يَدْفَعُ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْبَلَاءَ وبِأُولَئِكَ يُدِيلُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ مِنَ الْأَعْدَاءِ وبِأُولَئِكَ يُنَزِّلُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ الْغَيْثَ مِنَ السَّمَاءِ فَوَاللَّهِ لَهَؤُلَاءِ فِي قُرَّاءِ الْقُرْآنِ أَعَزُّ مِنَ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ". [الكافي، ج2، ص 627].

* المصدر: موقع http://www.islamquest.net


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=930