عرش بلقيس

السؤال :

{قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ} [سورة النمل: 38-41].

س: لماذا نكروا لها عرشها؟

س: لماذا استعان سليمان (عليه السلام) بعرشها لهدايتها وهو لديه {مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ}؟



الجواب :

كان ‏‫تنكير عرشها ـ من خلال تغيير هيأته وشكله ـ لينظروا: هل تهتدي إلى معرفة عرشها الذي تم تغيير شكله أو إلى الجواب الصحيح إذا سُئلت عنه؟

فكان جوابها مشيراً إلى رجاحة عقلها بقولها: كأنه هو، فلم تنفِ ولم تثبت تحرّزاً من الكذب، لأن العالم أو العاقل لا يثبت ولا ينفي على الجزم إلا بدليل، إذا لم تكن القضية بديهية. فقيل لها: فإنّه عرشك، فما أغنى عنكِ إغلاق الأبواب! حيث كانت قد خلَّفته وأغلقت عليه الأبواب، موكّلة عليها الحرّاس‏.

وأما بشأن السؤال الثاني (لماذا استعان سليمان (عليه السلام) بعرشها لهدايتها وهو لديه {مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ}؟) فأولاً ـ إن وظيفة الأنبياء (عليهم السلام) هي الإرشاد إلى الطريق الصحيح ـ مبشرين ومنذرين ـ بتقديم الأدلة والبراهين المشفوعة بالأساليب العملية التي هي أكثر وقعاً ورسوخاً في النفس مما لو كان الكلام مجرّداً عن السلوك العملي، والأمور تجري بأسبابها، وأما الناس فوظيفتهم قبول الهداية {فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الزمر: 41]، ومنه ما جرى في أمر هداية بلقيس وقومها، فكان عرشها بمثابة وسيلة لبلوغ الهداية تلك، خاصة وأن هذا العرش كانت له منزلة كبيرة في نفسها ونفوس قومها، قد لا يحققه شيء عداه.

وثانياً ـ إن مسألة إحضار العرش ليست من المسائل الخارجة عن ملك سليمان وعلمه (عليه السلام) حتى نقول: كيف يحتاج إلى ذلك ولديه ملك لا ينبغي لأحد؟ لأن احضار العرش كان من قبل (آصف) وصي نبي الله سليمان (عليه السلام) حينما أراد (عليه السلام) أن يعرفه لأمته من الإنس والجن، فعن الإمام علي بن محمد (عليهما السلام) أنه قال في قوله تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} : >فهو آصف بن برخيا ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرفه آصف لكنه (ع) أحب أن تعرف أمته من الإنس والجن أنه الحجة من بعده وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله تعالى ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته ودلالته كما فهم سليمان في حياة داود ليعرف إمامته ونبوته من بعده لتأكيد الحجة على الخلق< [انظر: مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏7، ص:352].


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=939