معنى «وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»

السؤال :

ما معنى «وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»؟

 


الجواب :

في قول الله سبحانه وتعالى في الآية المباركة: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. (سورة الأحزاب، الآية: ٥٦)

(سلِّموا): تعني التسليم لأوامر النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) في جميع ما جاء به من الشرائع والأحكام، وبتعبير القرآن الكريم: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. (سورة الحشر، من الآية: ٧).

إنّ الكثير يتصورون أنّ معنى (وَسَلِّمُوا) تعني السلام، مع أنّ هناك روايات كثيرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السَّلام) تبين أنّ المراد من (وَسَلِّمُوا) في الآية، ليس بمعنى قولوا: السلام عليك يا رسول الله، بل بمعنى الانقياد لأوَامِرِهِ، وقبول التعاليم الصادرة من قبل الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بدون قيد وشرط، لأنه لا ينطق عن الهوى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}. (سورة النجم، الآيتان: 3 ، 4)

عن أبي بصير، قال: سألت الإمام أبا عبد الله الصادق (عليه السَّلام) عن قول الله عزّ وجلّ: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، قال (عليه السَّلام): (الصلاة عليه، والتسليم له في كل شيء جاء به). [المحاسن، ص ٢٧١]

ومن أهم ما جاء به ولاية الإمام عليّ أمير المؤمنين (عليه السَّلام).

هذه هي المسألة الأساسية.

لذا يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السَّلام) في قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» لهذه الآية ظاهرٌ وباطن، فالظاهر قوله: {صَلُّوا عَلَيْهِ}، والباطن قوله: {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، أي سلّموا لمن وصّاه واستخلفه وفضّله عليكم، وما عهد به إليه، تسليمًا). [الاحتجاج، ج١، ص ٢٥٣]

وبما أنّ القرآن الكريم يفسر بعضه بعضاً، ويشهد بعضه على بعض، وينطق بعضه ببعض كما ورد عن الأئمة الطاهرين (عليهم السَّلام) وأكدوا على ضرورة الفهم الشمولي للقرآن الكريم، فقد ورد (وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) في (سورة النساء، الآية: ٦٥): {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

- بمعنى أن يتحاكموا إِلى النّبي (صلّى الله عليه وآله) إذ أنّ حكمه نابع من الحكم الإِلهي.

- {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}: أي في ما اختلفوا فيه، كبيراً كان أو صغيراً.

- {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ}: أي أن لا يشعروا بأي انزعاج أو حرج في نفوسهم تجاه أحكام الرسول (صلّى الله عليه وآله) وأقضيته العادلة التي هي - في الحقيقة - نفس الأوامر الإِلهية.

- {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}: أي أن يطبقوا أحكام الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) تطبيقاً تاماً، والتسليم المطلق أمام جميع أحكامه وأوامره.

وبهذا فإنّ جميع المسلمين ملزمون باتّباع التعاليم المحمّدية، وإطاعة أوامر رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، واجتناب ما نهى عنه، وأنّ الله سبحانه هدّد جميع المخالفين لتعاليمه بعذاب شديد، لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. (سورة الحشر، من الآية: ٧).

 

* موقع: هدى القرآن، سماحة الشيخ محمَّد صنقور.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=968