الستر المادي والستر المعنوي

السؤال :

{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}. [سورة الأعراف: 26]

{فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [سورة طه: 121]

س: لماذا جاء الله عز وجل بكلمة سوءة بالمعنى المعنوي في الآية الأولى وبالمعنى المادي في الآية الثانية ما هو الرابط بينهما؟



الجواب :

لفظ (السوءة) هنا ظاهر في المعنى المادي في كلا الآيتين، سواء الآية الأولى أو الآية الثانية، كما يشهد به ظهور كل منهما في المعنى المعهود؛ {يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} أي: يستر عوراتكم [مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏4، ص: 631] ، ومعناه يستر ما يسوؤكم انكشافه من الجسد، لأن السوءة ما يسوء انكشافه من الجسد. [التبيان، ج‏4، ص: 379].

وأما ما يطلق عليه اللباس المعنوي فهو (لباس التقوى) وهو الورع وخشية الله [زبدة التفاسير، ج2، ص509] بقرينة لفظ (التقوى) المضاف إليه في تركيب الجملة {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}، ويفهم من كل ذلك صرف الأنظار إلى أهمية اللباس المعنوي إلى جانب اللباس المادي.

عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا}: فأما اللباس فالثياب التي يلبسون، وأما الرياش فالمتاع والمال، وأما لباس التقوى فالعفاف- لأن العفيف لا تبدو له عورة- وإن كان عاريًا من الثياب، والفاجر بادي العورة وإن كان كاسيًا من الثياب، يقول: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} يقول: العفاف خيرٌ {ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}. [تفسير القمي، ج‏1، ص: 225- 226]

وتشبيه التقوى باللباس تشبيه قوي الدلالة، معبّر جدًّا، لأنّه كما أنّ اللباس يحفظ البدن من الحرّ والقرّ، يقي الجسم عن الكثير من الأخطار، ويستر العيوب الجسمانية، وهو بالإضافة الى هذا وذاك زينة للإنسان، ووقايته من الكثير من الأخطار الفردية و الاجتماعية، تعدّ زينة كبرى له ... زينة ملفتة للنظر تضيف إلى شخصيته رفعة وسمّوًا، وتزيدها جلالًا و بهاءً. [تفسير الأمثل، في تفسير الآية 26 من سورة الأعراف]


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=969