00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة محمد 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير شبر   ||   تأليف : العلامة المحقق الجليل السيد عبدالله شبر

سورة محمد

 (47) سورة محمد وتسمى سورة القتال ثمان أو تسع وثلاثون آية (38 - 39) مكية

إلا آية وكأين من قرية هي أشد نزلت حين توجه من مكة إلى المدينة أو وهو يرى البيت ويبكي عليه.

بسم الله الرحمن الرحيم

(الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) أي ضلوا وأضلوا (أضل أعمالهم) أبطلوا أعمالهم كصلة الأرحام وإطعام الطعام ونحوهما.

(والذين ءامنوا وعملوا الصالحات) بالهجرة والنصرة وغيرهما (وءامنوا بما نزل على محمد) أي القرآن تخصيص بعد تعميم للتعظيم المؤكد باعتراض (وهو الحق) الثابت (من ربهم) فهو ناسخ لا ينسخ (كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) حالهم في دينهم ودنياهم.

(ذلك) الإضلال والتكفير (بأن) بسبب أن (الذين كفروا اتبعوا الباطل) الشيطان (والذين ءامنوا اتبعوا الحق من ربهم) القرآن (كذلك) البيان (يضرب) يبين (الله للناس أمثالهم) أحوالهم أو أحوال الفريقين ليعتبروا بهم.

(فإذا لقيتم الذين كفروا) في القتال (فضرب الرقاب) فاضربوا الرقاب ضربا فحذف الفعل وأضيف المصدر الدال عليه إلى المفعول (حتى إذا أثخنتموهم) أكثرتم قتلهم (فشدوا الوثاق) ما يوثق به أي فأسروهم وأحكموا وثاقهم (فإما منا بعد) أي تمنون عليهم بإطلاقهم بغير عوض منا بعد الأسر (وإما فداء) تفادوهم بعوض (حتى تضع الحرب) أي أهلها (أوزارها) أثقالها من السلاح والكراع بأن يسلم الكفار أو يسالموا أو آثامها أي حتى يصفوا شركهم (ذلك) أي الأمر ذلك (ولو يشاء الله لانتصر منهم) بإهلاكهم بلا قتال (ولكن) أمركم به (ليبلوا بعضكم ببعض) ليختبر المؤمنين بجهاد الكافرين فيظهر المطيع والعاصي (والذين قتلوا) وقرىء قتلوا (في سبيل الله فلن يضل أعمالهم) لن يضيعها.

(سيهديهم) إلى الجنة أو يثبتهم على الهدى (ويصلح بالهم) حالهم.

(ويدخلهم الجنة عرفها) بينها (لهم) بحيث يهتدون إلى منازلهم فيها أو بينها بوصفها في القرآن أو طيبها لهم من العرف طيب الرائحة.

(يا أيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله) أي دينه ورسوله (ينصركم ويثبت أقدامكم) في مواقف الحرب والقيام بأمر الدين.

(والذين كفروا فتعسا لهم) أي تعسوا تعسا دعاء عليهم بالعثور والتردي في جهنم (وأضل أعمالهم) عطف على تعسوا المقدر.

(ذلك) التعس والإضلال (بأنهم كرهوا ما أنزل الله) من القرآن والأحكام أو ما أنزل في حق علي (عليه السلام) كما عن الباقر (عليه السلام) (فأحبط أعمالهم).

(أفلم يسيروا في الأرض فينظروا

[475]

كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم) أهلكهم وأهلهم وأموالهم (وللكافرين) وضع موضع الضمير إيذانا بالعلة (أمثالها) أمثال عاقبة من قبلهم أو عقوبتهم المفهومة من التدمير.

(ذلك) أي نصر المؤمنين وقهر الكافرين (بأن الله مولى الذين ءامنوا) ناصرهم (وأن الكافرين لا مولى لهم).

(إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون) في الدنيا (ويأكلون كما تأكل الأنعام) منهمكين في شهواتهم معرضين عن العبر (والنار مثوى لهم) مقام ومنزل.

(وكأين) وكم (من قرية هي أشد قوة من قريتك) مكة وأريد بالقريتين أهلهما (التي أخرجتك) أي تسببوا لخروجك (أهلكناهم فلا ناصر لهم) من الإهلاك.

(أفمن كان على بينة) حجة واضحة (من ربه) كالرسول ومن تبعه (كمن زين له سوء عمله) من الشرك والمعاصي (واتبعوا أهواءهم) في أعمالهم أي بينهما بون بعيد.

(مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير ءاسن) متغير لعارض وقرىء أسن كحذر (وأنهار من لبن لم يتغير طعمه) إلى حموضة أو غيرها (وأنهار من خمر لذة للشاربين) لذيذ أو مصدر وصف به (وأنهار من عسل مصفى) خالص من الفضلات كالشمع وغيره (ولهم فيها من كل الثمرات) أصناف خالصة من العيوب (و) لهم (مغفرة من ربهم كمن) خبر محذوف أي من (هو خالد) في الجنة كمن هو خالد (في النار وسقوا) عوضا عن أشربة تلك الأنهار (ماء حميما) شديد الحر (فقطع أمعاءهم) بحره.

(ومنهم من يستمع إليك) إلى كلامك وهم المنافقون (حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال ءانفا) ما الذي قال الساعة استهزاء (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم) إذ خلاهم واختيارهم فتمكن الكفر في قلوبهم (واتبعوا أهواءهم) في النفاق.

(والذين اهتدوا زادهم) الله (هدى) باللطف والتوفيق (وءاتاهم تقواهم) وفقهم لها وأعطاهم جزاءها.

(فهل ينظرون) ما ينتظرون (إلا الساعة أن تأتيهم بغتة) فجأة (فقد جاء أشراطها) علاماتها كمبعث النبي وانشقاق القمر والدخان.

[476]

(فأنى) فمن أين (لهم إذا جاءتهم) الساعة (ذكراهم) تذكرهم أي لا ينفعهم حينئذ.

(فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك) من ترك الأولى (وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم) منتشركم بالنهار ومستقركم بالليل أو متقلبكم في الدنيا ومثواكم في الآخرة أي هو عالم بجميع أحوالكم فاحذروه.

(ويقول الذين ءامنوا لو لا) هلا (نزلت سورة) في أمر القتال (فإذا أنزلت سورة محكمة) مبينة غير متشابهة (وذكر فيها القتال) أي طلبه (رأيت الذين في قلوبهم مرض) نفاق أو ضعف إيمان (ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت) خوفا وجبنا (فأولى لهم) أي وليهم وقاربهم المكروه.

(طاعة وقول معروف) حسن خير لهم (فإذا عزم الأمر) جد وأسند إليه مجازا إذ العزم لأصحاب الأمر وجواب إذا (فلو صدقوا الله) في امتثال أمره بالجهاد (لكان) الصدق (خيرا لهم).

(فهل عسيتم) أي يتوقع منكم (إن توليتم) على الناس أو أعرضتم عن الدين (أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم).

(أولئك) المذكورون (الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) أي تركهم وما هم عليه.

(أفلا يتدبرون القرآن) بالتفكر في زواجره ومواعيده فيعتبروا (أم على قلوب أقفالها) فلا يدخلها معانيه وتنكير القلوب لتعم قلوب أمثالهم أضيفت الأقفال إليها إرادة لأقفال مختصة بها.

(إن الذين ارتدوا على أدبارهم) رجعوا إلى كفرهم (من بعد ما تبين لهم الهدى) بالحجج الواضحة (الشيطان سول) زين (لهم) اتباع أهوائهم (وأملى لهم) في الأمل.

(ذلك) التسويل والإملاء (بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله) أي بسبب أن المنافقين أو اليهود قالوا للمشركين وروي أنهم بنو أمية كرهوا ما نزل الله في ولاية علي (عليه السلام) (سنطيعكم في بعض الأمر) كالتظاهر على عداوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) والقعود عن الجهاد (والله يعلم إسرارهم) فيظهرها ومنها قولهم هذا.

(فكيف) يعملون (إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم) التي كانوا يتقون أن تصيبها آفة في القتال فجنبوا عنه لذلك.

(ذلك) التوقي على تلك الحال (بأنهم اتبعوا ما أسخط الله) من الكفر والمعاصي (وكرهوا رضوانه) ما يرضيه من الإيمان والطاعات (فأحبط أعمالهم) لعدم إيمانهم.

(أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم) أي أحقادهم للنبي والمؤمنين.

(ولو نشاء لأريناكهم) لعرفناكهم (فلعرفتهم بسيماهم) بعلاماتهم (ولتعرفنهم في لحن القول) فحواه وإمالته إلى نحو تعريض للمؤمنين وروي هو بغضهم لعلي (عليه السلام) (والله يعلم أعمالكم) وكونها بإخلاص أو نفاق.

[477]

(و لنبلونكم) بالجهاد وغيره (حتى نعلم) علم ظهور (المجاهدين منكم والصابرين) في التكاليف (ونبلو أخباركم) التي تحكى عنكم كدعواكم الإيمان أو أسراركم.

(إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول) خالفوه (من بعد ما تبين لهم الهدى) وهو قريظة والنضير أو المطعمون يوم بدر (لن يضروا الله شيئا) وإنما ضروا أنفسهم (وسيحبط أعمالهم) بكفرهم.

(يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) بما ينافي الإخلاص من عجب وكفر ورياء ومن وأذى.

(إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم) نزلت في أهل القليب وتعم غيرهم.

(فلا تهنوا) تضعفوا (وتدعوا) ولا تدعوا أو أن ندعو الكفار (إلى السلم) الصلح (وأنتم الأعلون) الغالبون (والله معكم) بالنصرة (ولن يتركم أعمالكم) لن ينقصكم أجرها من وترت الرجل إذا قتلت قريبه وأفردته عنه.

(إنما الحيوة الدنيا لعب ولهو) منقضية (وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم) فالفائدة تعود إليكم (ولا يسئلكم أموالكم) كلها بل فرض فيها يسيرا كربع العشر.

(إن يسئلكموها) كلها (فيحفكم) فيجهدكم بطلبها (تبخلوا) فتمنعوها (ويخرج) البخل أو الله (أضغانكم) على الرسول ودينه.

(ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله) في الغزو وغيره (فمنكم من يبخل) بما فرض عليه (ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه) لعود ضرر البخل عليه (والله الغني وأنتم الفقراء) فأمركم بالإنفاق لفقركم إلى ثوابه (وإن تتولوا) عن طاعته (يستبدل) بخلق بدلكم (قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) في التولي عن طاعته، سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عنهم فضرب فخذ سلمان وقال هذا وقومه، وعنهم (عليهم السلام) هم الموالي.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336536

  • التاريخ : 28/03/2024 - 23:12

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net