00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الفتح 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير شبر   ||   تأليف : العلامة المحقق الجليل السيد عبدالله شبر

سورة الفتح

 (48) سورة الفتح تسع وعشرون آية (29) مدنية

بسم الله الرحمن الرحيم

(إنا فتحنا لك فتحا مبينا) وعد بفتح مكة والتعبير بالماضي لتحققه وقيل الفتح الحكم أي حكمنا لك بفتحها من قابل وقيل هو صلح الحديبية سمي فتحا لوقوعه بعد ظهور النبي على المشركين وطلبهم الصلح.

(ليغفر لك الله) علة للفتح من حيث إنه مسبب عن جهاده للكفار لإقامة الدين وهدم الشرك (ما تقدم من ذنبك وما تأخر) روي يعني ذنبك عند مشركي مكة بدعائك إلى توحيد الله قبل الهجرة وبعدها وروي ما كان له ذنب ولكن الله ضمن له أن يغفر ذنوب شيعته

[478]

(و يتم نعمته عليك) بإعلاء أمرك وإظهار دينك (ويهديك صراطا مستقيما) يثبتك عليه وهو دين الإسلام.

(وينصرك الله نصرا عزيزا) ذا عز لا ذل معه.

(هو الذي أنزل السكينة) الطمأنينة (في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا) بالشرائع التي تنزل على الرسول (مع إيمانهم بالله) أو ليزدادوا يقينا مع يقينهم (ولله جنود السموات والأرض) من الملائكة والثقلين (وكان الله عليما) بخلقه (حكيما) في تدبيرهم.

(ليدخل) متعلق بمحذوف أي أمركم بالجهاد أو بفتحنا أو إنزال أو يزدادوا (المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله) حال من (فوزا عظيما).

(ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء) بفتح السين وضمها (عليهم دائرة السوء) منقلبة أي يعود إليهم ضر ظنهم (غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا) هي.

(ولله جنود السموات والأرض وكان الله عزيزا حكيما).

(إنا أرسلناك شاهدا) على أمتك (ومبشرا) للمطيعين (ونذيرا) للعاصين.

(لتؤمنوا بالله ورسوله) خطاب للنبي وأمته وقرىء بالياء وكذا في الثلاثة بعده (وتعزروه) تنصروه بنصر دينه ورسوله (وتوقروه) تعظموه بتعظيم دينه ورسوله أو الهاء فيهما للرسول وفي (وتسبحوه) لله (بكرة وأصيلا) غدوة وعشيا أو دائما.

(إن الذين يبايعونك) بالحديبية (إنما يبايعون الله) لأن طاعتك طاعته (يد الله فوق أيديهم) تمثيل يؤكد ما قبله (فمن نكث) نقض البيعة (فإنما ينكث على نفسه) يعود ضرر نكثه على نفسه (ومن أوفى) ثبت على الوفاء (بما عاهد عليه الله) من البيعة (فسيؤتيه أجرا عظيما) هو الجنة.

(سيقول لك المخلفون من الأعراب) الذين خلفهم ضعف اليقين والخوف من قريش فظنوا أنه يهلك ولا ينقلب إلى المدينة فلما رجع اعتلوا وقالوا (شغلتنا أموالنا وأهلونا) عن الخروج معك (فاستغفر لنا) الله من تخلفنا عنك (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) كذبهم الله فيما يقولون [479]

(قل فمن يملك لكم من الله شيئا) فمن يمنعكم من مراده (إن أراد بكم ضرا) كقتل أو هزيمة (أو أراد بكم نفعا) كسلامة وغنيمة (بل كان الله بما تعملون خبيرا) فيعلم لما تخلفتم.

(بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا) بأن يستأصلهم العدو بل في الموضعين للانتقال من غرض إلى آخر (وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء) هذا وغيره (وكنتم قوما بورا) جمع بائر أي هالكين.

(ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا) نارا مسعرة ونكر تهويلا ووضع الكافرين موضع الضمير تسجيلا عليهم بالكفر.

(ولله ملك السموات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما) لم يقل غفورا معذبا طبق يغفر ويعذب لأن رحمته سبقت غضبه.

(سيقول المخلفون) المذكورون (إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها) هي مغانم خيبر فإنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) عاد من الحديبية فغزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وخصهم بغنائمها (ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله) وهو وعده بغنائم خيبر لأهل الحديبية خاصة (قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل) قبل عودنا من الحديبية (فسيقولون) ردا لذلك (بل تحسدوننا) أن نشارككم في الغنيمة (بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا) وهو فهمهم لأمور الدنيا دون الدين.

(قل للمخلفين من الأعراب) المذكورين (ستدعون) يدعوكم الرسول فيما بعد (إلى قوم أولي بأس شديد) من المشركين كهوازن وثقيف وغيرهم (تقاتلونهم أو يسلمون) والنبي دعاهم بعد الحديبية إلى خيبر ومؤتة وتبوك وغيرها (فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا) هو في الدنيا الغنيمة وفي الآخرة الجنة (وإن تتولوا كما توليتم من قبل) عن الحديبية (يعذبكم عذابا أليما) في الآخرة.

(ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) أي لا إثم عليهم في ترك الجهاد (ومن يطع الله ورسوله يدخله) بالياء والنون (جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه) بالياء والنون (عذابا أليما).

(لقد رضي الله عن المؤمنين) الخلص (إذ يبايعونك) بالحديبية وبه سميت بيعة الرضوان (تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم) من الإخلاص

[480]

(فأنزل السكينة) الطمأنينة عليهم (وأثابهم فتحا قريبا) فتح خيبر بعد عودهم من الحديبية.

(ومغانم كثيرة يأخذونها) من خيبر (وكان الله عزيزا) غالبا (حكيما) في تدبيره.

(وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها) من الفتوح إلى يوم القيامة (فعجل لكم هذه) أي غنيمة خيبر (وكف أيدي الناس عنكم) أيدي أهل خيبر وخلفائهم كأسد وغطفان أو أيدي قريش بالصلح (ولتكون) هذه المعجلة أو الكفة (آية للمؤمنين) على صدق الرسول في وعدهم فتح خيبر وإصابتهم غنائمها (ويهديكم صراطا مستقيما) يثبتكم أو يزيدكم بصيرة.

(وأخرى) أي وعدكم مغانم أخرى (لم تقدروا عليها) هي غنائم فارس والروم أو هوازن (قد أحاط الله بها) علما أنها ستصير إليكم (وكان الله على كل شيء) من فتح وغيره (قديرا).

(ولو قاتلكم الذين كفروا) من قريش بالحديبية (لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا) يحفظهم (ولا نصيرا) يعينهم.

(سنة الله التي قد خلت من قبل) أي سن نصر أوليائه على أعدائه سنة قديمة في الأمم (ولن تجد لسنة الله تبديلا) تغييرا.

(وهو الذي كف أيديهم عنكم) بالرعب (وأيديكم عنهم) بالنهي (ببطن مكة) في داخلها أو بالحديبية (من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا).

(هم الذين كفروا وصدوكم) بالحديبية (عن المسجد الحرام) أن تطوفوا فيه للعمرة (والهدي) وصدوا الهدي (معكوفا) حال أي محبوسا (أن يبلغ محله) مكانه المعهود لنحره وهو مكة لأنها منحر العمرة كما أن منى منحر الحج وفي الصد ينحر حيث يصد كما فعل (صلى الله عليه وآله وسلّم) (ولو لا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم) بأعيانهم لاختلاطهم بالكفار (أن تطئوهم) تهلكوهم لو أذن لكم (فتصيبكم منهم معرة) تبعة كلزوم الدية والكفارة أو إثم بترك الفحص عنهم (بغير علم) متعلق بتطؤهم وجواب لو لا محذوف أي لما كف أيديكم عنهم (ليدخل الله في رحمته من يشاء) من المؤمنين ومن أسلم بعد الصلح من المشركين (لو تزيلوا) تميزوا عن الكفار (لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما) بالقتل والسبي.

(إذ جعل) ظرف لعذبنا أو لأذكر مقدر (الذين كفروا في قلوبهم الحمية) الأنفة (حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها) من غيرهم أو أحقاء بها (وأهلها وكان الله بكل شيء عليما) فيعلم أنهم أهلها.

[481]

(لقد صدق الله رسوله الرؤيا) رأى (صلى الله عليه وآله وسلّم) قبل خروجه إلى الحديبية أنه وأصحابه دخلوا مكة آمنين محلقين ومقصرين صدقا متلبسا (بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله ءامنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون) مشركا أبدا (فعلم ما لم تعلموا) من الصلاح في تأخير الدخول (فجعل من دون ذلك) أي الدخول (فتحا قريبا) هو فتح خيبر.

(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره) ليعلي دين الحق (على الدين كله) بالحجة أو على أهل كل دين فيقهرهم وعنهم (عليهم السلام) يكون ذلك عند خروج المهدي (وكفى بالله شهيدا) بذلك.

(محمد رسول الله والذين معه) أصحابه الخلص (أشداء) غلاظ (على الكفار رحماء) متعاطفون فيما (بينهم تراهم ركعا سجدا) أي كثيري الصلاة (يبتغون فضلا من الله ورضوانا) زيادة ثوابه ورضاه (سيماهم) علامتهم (في وجوههم من أثر السجود) وهي النور والبهاء أو الصفرة والذبول أو سمة تحدث في جباههم من تعفيرها (ذلك) الوصف المذكور (مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه) فراخه (فآزره) فقواه وأعانه (فاستغلظ) صار غليظا (فاستوى على سوقه) استقام على قصبته (يعجب الزراع) لغلظه واستوائه وحسنه وجه الشبه أن النبي خرج وحده ثم كثروا وقووا على أحسن حال (ليغيظ بهم الكفار) علة للتشبيه (وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات) أي ثبتوا على الإيمان والطاعة (منهم مغفرة) لذنوبهم (وأجرا عظيما) هو الجنة.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336912

  • التاريخ : 29/03/2024 - 01:31

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net