00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة ابراهيم 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير القمي ج 1   ||   تأليف : علي بن إبراهيم القمي (رحمه الله)

سورة ابراهيم مكية وهى اثنتان وخمسون آية (بسم الله الرحمن الرحيم الرا كتاب انزلناه اليك ـ يامحمد ـ لتخرج الناس من الظلمات إلى النور باذن ربهم) يعني من الكفر إلى الايمان (إلى صراط العزيز الحميد) والصراط الطريق الواضح وامامة الائمة (عليهم السلام) وقوله (الله الذي له ما في السموات وما في الارض ـ إلى قوله ـ وهو العزيز الحكيم) فهو محكم وقوله (ولقد ارسلنا موسى بآياتنا ان اخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بايام الله) قال ايام الله ثلاثة: يوم القائم ويوم الموت ويوم القيامة وقوله (وإذ تأذن ربكم لان شكرتم لازيدنكم ولان كفرتم ان عذابي لشديد) فهذا

 

===============

(368)

كفر النعم ثم قال ابوعبدالله (عليه السلام) ايما عبد انعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه وحمد الله عليها بلسانه لم تنفد حتى يأمر الله له بالزيادة وهو قوله " لان شكرتم لازيدنكم " وقوله (ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح إلى قوله ـ فردوا ايديهم في افواههم) يعني في افواه الانبياء (وقالوا انا كفرنا بما ارسلتم به وانا لفي شك مما تدعوننا اليه مريب) وقوله (وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من ارضنا او لتعودن في ملتنا) فانه حدثني ابي رفعه الي النبي (صلى الله عليه وآله) قال من آذى جاره طمعا في مسكنه ورثه الله داره وهو قوله (وقال الذين كفروا ـ إلى قوله ـ فاوحى اليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الارض من بعدهم) وقوله (واستفتحوا) اي دعوا (وخاب كل جبار عنيد) اي خسروا وفي رواية ابي الجارود قال العنيد المعرض عن الحق.

وقال علي بن ابراهيم في قوله (من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد) قال ما يخرج من فروج الزواني وقوله (يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت) قال يقرب اليه فيكرهه واذا ادني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فاذا شرب تقطعت امعاؤه ومزقت إلى تحت قدميه وانه ليخرج من احدهم مثل الوادي صديدا وقيحا ثم قال وانهم ليبكون حتى تسيل من دموعهم فوق وجوههم جداول ثم تنقطع الدموع فتسيل الدماء حتى لو ان السفن اجريت فيها لجرت وهو قوله " وسقوا ماءا حميما فقطع امعاءهم " وقوله (مثل الذين كفروا بربهم اعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف) قال من لم يقر بولاية امير المؤمنين (عليه السلام) بطل عمله مثل الرماد الذي يجيئ الريح فتحمله (وبرزوا لله جميعا) معناه مستقبل انهم يبرزون واللفظ ماض وقوله (لو هدانا الله لهديناكم) فالهدى ههنا هو الثواب (سواء علينا أجزعنا ام صبرنا مالنا من محيص) اي مفر (وقال الشيطان لما قضي الامر) اي لما فرغ من امر الدنيا من

 

===============

(369)

من اوليائه (ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا ان دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم ما انا بمصرخكم) اي بمعينكم (وما انتم بمصرخي) اي بمعيني (اني كفرت بما اشركتمون من قبل) يعني في الدنيا ثم قال عزوجل (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها نابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون) فحدثني ابى عن الحسن بن محبوب عن ابى جعفر الاحول عن سلام بن المستنير عن ابى جعفر (عليه السلام) قال سألته عن قول الله " مثل كلمة طيبة الآية " قال الشجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) اصلها نسبه ثابت في بني هاشم وفرع الشجرة علي بن ابي طالب (عليه السلام) وغصن الشجرة فاطمة (عليها السلام) وثمرتها الائمة من ولد على وفاطمة (عليهم السلام) وشيعتهم ورقها وان المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقة وان المؤمن ليولد فتورق الشجرة ورقة قلت أرأيت قوله " تؤتي اكلها كل حين باذن ربها " قال يعني بذلك ما يفتون به الائمة شيعتهم في كل حج وعمرة من الحلال والحرام ثم ضرب الله لاعداء محمد مثلا فقال (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار " وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر (عليه السلام) قال كذلك الكافرون لا تصعد اعمالهم إلى السماء وبنو امية لا يذكرون الله في مجلس ولا في مسجد ولا تصعد اعمالهم إلى السماء إلا قليل منهم.

قال علي بن ابراهيم في قوله تعالى (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين) فانه حدثني ابى عن علي بن مهزيار عن عمر بن عثمان عن المفضل بن صالح عن جابر عن ابراهيم بن العلي عن سويد بن علقمة (غفلة ط) عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال ان ابن آدم اذا كان في آخر يوم من ايام الدنيا واول يوم من ايام الآخرة مثل له اهله وما له وولده وعمله فيلتفت

 

===============

(370)

إلى ماله فيقول والله اني كنت عليك لحريصا شحيحا فما عندك؟ فيقول خذ مني كفنك " ثم يلتفت إلى ولده فيقول والله انى كنت لكم لمحبا واني كنت عليكم لمحاميا فماذا عندكم؟ فيقولون نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها، ثم يلتفت إلى عمله فيقول والله اني كنت فيك لزاهدا وانك كنت علي لثقيلا فماذا عندك؟

فيقول انا قربنك في قبرك ويوم حشرك حتى اعرض انا وانت على ربك فان كان لله وليا اتاه اطيب الناس ريحا واحسنهم منظرا وازينهم رياشا فيقول ابشر بروح من الله وريحان وجنة نعيم وقد قدمت خير مقدم فيقول من انت؟ فيقول انا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يعجله فاذا ادخل قبره اتاه ملكان وهما فتانا القبر يجران اشعارهما وينحتان الارض بانيابهما واصواتهما كالرعد العاصف وابصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له من ربك ومن نبيك وما دينك (1)؟ فيقول: الله ربى ومحمد نبيي والاسلام ديني (2) فيقولان ثبتك الله بما تحب وترضى وهو قول الله " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت " فيفسحان له في قبره مد بصره ويفتحان له بابا إلى الجنة ويقولان له نم قرير العين نوم الشاب الناعم وهو قوله " اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن مقيلا " (3) واذا كان لربه عدوا فانه يأتيه اقبح خلق الله رياشا وانتنه ريحا فيقول له من انت؟ فيقول له انا عملك ابشر (بنزل من حميم وتصلية جحيم) وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يحبسه فاذا ادخل قبره اتياه مفتحيا

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) وفى نسخة ط " من امامك "

(2) وفى ط " وعلى عليه السلام والائمة امامى "

(3) الفرقان 24، وفي تفسير الصافي ان المقيل مكان يبات فيه لوقت يسير فعلى هذا هذه الآية تدل على ثواب الله في البرزخ لان الجنة لا نوم فيها فلا تكون مرادا منها. ج. ز (*)

 

===============

(371)

القبر فالقيا اكفانه ثم قالا له من ربك ومن نبيك وما دينك؟ فيقول لا ادري فيقولان له لا دريت ولا هديت فيضربانه بمرزبة (1) ضربة ما خلق الله دابة إلا وتذعر لها ما خلا الثقلين ثم يفتحان له بابا الي النار ثم يقولان له نم بشر حال فهو من الضيق مثل ما فيه القنا من الزج (2) حتى ان دماغه يخرج مما بين ظفره ولحمه ويسلط عليه حيات الارض وعقاربها وهوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره وانه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر.

واما قوله (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا) قال نزلت في الافجرين من قريش حدثني ابي عن محمد ابن ابي عمير عن عثمان بن عيسى عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سألته عن قول الله ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا قال نزلت في الافجرين من قريش ومن بني امية وبني المغيرة فاما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر، واما بنو امية فمتعوا إلى حين ثم قال ونحن والله نعمة الله التي انعم بها علي عباده وبنا يفوز من فاز ثم قال لهم تمتعوا فان مصيركم إلى النار وقوله (يوم لا بيع فيه ولا خلال) أي لا صداقة وقوله (وسخر لكم الشمس والقمر دائبين) اي على الولاء وقوله يحكى قول ابراهيم (وإذا قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا) يعني مكة (واجنبني وبني ان نعبد الاصنام رب انهن اضللن كثيرا من الناس) فان الاصنام لم تضل وانما ضل الناس بها وقوله (ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوى اليهم وارزقهم من الثمرات) اي من ثمرات القلوب (لعلهم يشكرون) يعني كي يشكروا وحدثني ابي عن حماد عن ابى جعفر (عليه السلام) في قوله " ربنا انى اسكنت من ذريتي الآية " قال نحن والله بقية تلك العترة واما قوله (ربنا اغفر لي ولوالدي) قال إنما نزلت

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) المرزبة بكسر الميم وتشديد الياء عصية حديد

(2) الزج بالضم حديدة في اسفل الرمح. ج. ز (*)

 

(372)

" ولولدي اسماعيل واسحق " وقوله (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار) قال تبقى اعينهم مفتوحة من هول جهنم لا يقدرون ان يطرفوها وقوله (افئدتهم هواء) قال قلوبهم تنصدع من الخفقان ثم قال (وانذر الناس ـ يامحمد ـ يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا اخرنا إلى اجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا اقسمتم) اي حلفتم (من قبل ما لكم من زوال) اي ولا تهلكون (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا انفسهم) يعني ممن هلكوا من بني امية (وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الامثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم ـ ثم قال ـ وان كان مكرهم لتزول منه الجبال) قال مكر بني فلان وقوله (يوم تبدل الارض غير الارض) قال تبدل خبزة بيضاء نقية في الموقف يأكل منها المؤمنون (وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الاصفاد) قال مقيدين بعضهم إلى بعض (سرابيلهم من قطران) قال السرابيل القميص وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله " سرابيلهم من قطران " وهو الصفر الحار الذائب يقول انتهى حره يقول الله (وتغشى وجوههم النار) سربلوا ذلك الصفر فتغشى وجوههم النار وقال علي ابن ابراهيم في قوله (هذا بلاغ للناس) يعني محمدا (ولينذروا به وليعلموا إنما هو إله واحد وليذكر اولو الالباب) اي اولو العقول.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21334227

  • التاريخ : 28/03/2024 - 12:31

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net