00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الحجر 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير القمي ج 1   ||   تأليف : علي بن إبراهيم القمي (رحمه الله)

سورة الحجر مكية الجزء (14) آياتها تسع وتسعون (بسم الله الرحمن الرحيم الرا تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) حدثني ابي عن محمد بن ابى عمير عن عمر بن اذينة عن رفاعة عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال إذا كان يوم القيامة نادى مناد من عند

 

===============

(373)

الله لا يدخل الجنة إلا مسلم فيومئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ثم قال (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الامل) اي يشغلهم (فسوف يعلمون) وقوله (وما اهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم) اي اجل مكتوب ثم حكى قول قريش لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (وقالوا ياايها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة ان كنت من الصادقين) اي هلا تأتينا فرد الله عزوجل عليهم فقال (ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا اذا منظرين) فقال لو انزلنا الملائكة لم ينظروا وهلكوا ثم قال (ولو فتحنا) ايضا (عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسحورون ولقد جعلنا في السماء بروجا) قال منازل الشمس والقمر (وزيناها للناظرين) بالكواكب (وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فاتبعه شهاب مبين) قال لم تزل الشياطين تصعد إلى السماء وتتجسس حتى ولد النبي (صلى الله عليه وآله) وروي عن آمنة ام النبي (صلى الله عليه وآله) انها قالت لما حملت برسول الله (صلى الله عليه وآله) لم اشعر بالحمل ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل ورأيت في نومي كأن آتيا اتاني فقال لي قد حملت بخير الانام ثم وضعته يتقي (قابض ك) الارض بيديه وركبتيه ورفع رأسه إلى السماء وخرج مني نور اضاء ما بين السماء إلى الارض ورميت الشياطين بالنجوم وحجبوا من السماء ورأت قريش الشهب تتحرك وتزول وتسير في السماء ففزعوا وقالوا هذا قيام الساعة واجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة وكان شيخا كبيرا مجربا فسألوه عن ذلك فقال انظروا إلى هذه النجوم التي يهتدى بها في ظلمات البر والبحر فان كانت قد زالت فهي الساعة وان كانت هذه ثابتة فهو لامر قد حدث وكان بمكة رجل يهودي يقال له يوسف فلما رأى النجوم تتحرك وتسير في السماء خرج إلى نادي قريش فقال: يا معشر قريش! هل ولد منكم الليلة مولود؟

فقالوا لا فقال اخطأتم والتوراة قد ولد في هذه الليلة آخر الانبياء وافضلهم وهو

 

===============

(374)

الذي نجده في كتبنا انه اذا ولد ذلك النبي رجمت الشياطين وحجبوا من السماء فرجع كل واحد إلى منزله يسأل اهله فقالوا قد ولد لعبدالله بن عبدالمطلب ابن،  فقال اليهودي اعرضوه علي، فمشوا معه إلى باب آمنة فقالوا لها اخرجي ابنك بنظر اليه هذا اليهودي فاخرجته في قماطه فنظر في عينيه وكشف عن كتفه فرأى شامة سوداء عليه شعرات فسقط إلى الارض مغشيا عليه فضحكوا منه فقال أتضحكون يامعشر قريش هذا نبي السيف ليبيدنكم وذهبت النبوة من بني اسرائيل إلى آخر الابد وتفرق الناس يتحدثون بخبر اليهودي.

فلما رميت الشياطين بالنجوم وانكروا ذلك اجتمعوا إلى ابليس فقالوا قد منعنا من السماء وقد رمينا بالشهب فقال اطلبوا فان امرا قد حدث في الدنيا فرجعوا وقالوا لم نر شيئا فقال ابليس انا له بنفسي فجال ما بين المشرق والمغرب حتى انتهى إلى الحرم فرآه محفوفا بالملائكة وجبرئيل على باب الحرم بيده حربة فاراد ابليس ان يدخل فصاح به جبرئيل فقال اخسأ ياملعون فجاء من قبل حراء (فصار مثل الصد (2) ثم قال ياجبرئيل حرف اسئلك عنه؟ قال وما هو قال ما هذا وما اجتماعكم في الدنيا فقال هذا نبي هذه الامة قد ولد وهو اخر الانبياء وافضلهم قال هل لي فيه نصيب قال لا قال ففي امته؟ قال بلى قال قد رضيت وقوله (والارض مددناها والقينا فيها رواسي) اي الجبال (وانبتنا فيها من كل شئ موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين) قال لكل ضرب من الحيوان قدرنا شيئا مقدراء وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله " وانبتنا فيها من كل شئ موزون " فان الله تبارك وتعالى انبت في الجبال الذهب والفضة والجوهر

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) حراء بالكسر والمد جبل بمكة. مجمع

(2) الصد بالضم والفتح جبل او سحاب مرتفع، وفى بعض الروايات انه صار مثل العصفور. ج ز (*)

 

===============

(375)

والصفر والنحاس والحديد والرصاص والكحل والزرنيخ واشباه هذه لاتباع إلا وزنا، وقال علي بن ابراهيم في وقوله (وان من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) قال الخزانة الماء الذي ينزل من السماء وينبت لكل ضرب من الحيوان ما قدر الله له من الغذاء وقوله (ارسلنا الرياح لواقح) قال التي تلقح الاشجار وقوله (وانزلنا من السماء ماءا فاسقيناكموه وما اننم له بخازنين) أي لا تقدرون ان تخزنوه (وانا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون) اي نرث الارض ومن عليها وقوله (ولقد خلقنا الانسان من صلصال) قال الماء المتصلصل بالطين (من حمأ مسنون) قال حمأ متغير وقوله (والجان خلقناه من قبل من نار السموم) وقال هو ابوابليس وقال الجن من ولد الجان منهم مؤمنون ومنهم كافرون ويهود ونصارى وتختلف اديانهم والشياطين من ولد ابليس وليس فيهم مؤمن إلا واحد اسمه هام بن هيم بن لاقيس بن ابليس جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرآه جسيما عظيما وامرءا مهولا فقال له من أنت؟ قال انا هام بن هيم من لاقيس بن ابليس قال كنت يوم قتل هابيل غلاما ابن اعوام انهي عن الاعتصام وآمر بافساد الطعام فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) بئس لعمري الشاب المؤمل والكهل المؤمر فقال دع عنك هذا يامحمد! فقد جرت توبتي علي يد نوح ولقد كنت معه في السفينة فعاتبته على دعائه على قومه ولقد كنت مع ابراهيم حيث القي في النار فجعلها الله عليه بردا وسلاما ولقد كنت مع موسى حين اغرق الله فرعون ونجى بني اسرائيل ولقد كنت مع هود حين دعا على قومه فعاتبته ولقد كنت مع صالح فعاتبته على دعائه على قومه ولقد قرأت الكتب فكلها تبشرني بك والانبياء يقرؤنك السلام ويقولون أنت افضل الانبياء واكرمهم فعلمني مما انزل الله عليك شيئا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لامير المؤمنين (عليه السلام) علمه فقال هام يامحمد انا لا نطيع الا نبيا أو وصي نبي فمن هذا؟ قال هذا اخي ووصيي

 

===============

(376)

ووزيري ووارثي علي بن ابى طالب قال نعم نجد اسمه في الكتب " اليا " فعلمه امير المؤمنين (عليه السلام) فلما كانت ليلة الهرير بصفين جاء إلى امير المؤمنين (عليه السلام) قوله (وإذا قال ربك للملائكة انى خالق بشرا من صلصال) فقد كتبنا خبره (1) وقوله (وان جهنم لموعدهم اجمعين لها سبعة ابواب لكل باب منهم جزء مقسوم) قال يدخل في كل باب اهل ملة وللجنة ثمانية ابواب وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر (عليه السلام) في قوله " ان جهنم لموعدهم اجمعين " فوقوفهم على الصراط واما لها سبعة ابواب لكل باب منهم جزء مقسوم فبلغني والله اعلم ان الله جعلها سبع درجات اعلاها: الجحيم يقوم اهلها على الصفا منها تغلى ادمغتهم فيها كغلي القدور بما فيها والثانية: لظى نزاعة للشوى تدعو من ادبر وتولى وجمع فاوعى والثالثة: سقر لا تبقى ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر، والرابعة: الحطمة ترمي بشرر كالقصر كانها جمالات صفر، تدق كل من صار اليها مثل الكحل،  فلا تموت الروح كلما صاروا مثل الكحل عادوا، والخامسة: الهاوية فيها ملك يدعون يامالك اعثنا فاذا اغاثهم جعل لهم آنية من صفر من نار فيها صديد ماء يسيل من جلودهم كأنه مهل فاذا رفعوه ليشربوا منه تساقط لحم وجوههم فيها من شدة حرها وهو قول الله " وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وسائت مرتفقا " ومن هوى فيها هوى سبعين عاما في النار كلما احترق جلده بدل جلد غيره، والسادسة: السعير فيها ثلاث مائة سرادق من نار في كل سرادق ثلاث مائة قصر من نار، في كل قصر ثلاث مائة بيت من نار،  وفي كل بيت ثلاث مائة لون من عذاب النار، فيها جبات من نار وعقارب من نار وجوامع من نار وسلاسل واغلال من نار وهو الذي يقول الله " انا

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) فراجع ص 37 من هذا الكتاب. (*)

 

===============

(377)

اعتدنا للكافرين سلاسل واغلالا وسعيرا " والسابعة جهنم وفيها الفلق وهو جب في جهنم إذا فتح اسعر النار سعرا وهو اشد النار عذابا واما صعود، فجبل من صفر من نار وسط جهنم واما اثاما فهو واد من صفر مذاب يجري حول الجبل فهو اشد النار عذابا.

وقال علي بن ابراهيم في قوله (ونزعنا ما في صدورهم من غل) قال العداوة وقوله (لا يمسنا فيها نصب) اى تعب وعناء وقوله (نبئ عبادي) اي اخبرهم (اني انا الغفور الرحيم وان عذابي هو العذاب الاليم ونبئهم عن ضيف ابراهيم) فقد كتبنا خبرهم (1) وقوله (وقضينا اليه ذلك الامر) اي اعلمناه (ان دابر هؤلاء) يعني قوم لوط (مقطوع مصبحين) وقوله (لعمرك) اي وحياتك يا محمد (انهم لفي سكرتهم يعمهون) فهذه فضيلة (2) لرسول الله (صلى الله عليه وآله) على الانبياء وقوله (ان في ذلك لآيات للمتوسمين وانها لبسبيل مقيم) قال نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم والسبيل طريق الجنة (وان كان اصحاب الايكة) يعني اصحاب الغيظة وهم قوم شعيب (لظالمين) وقوله (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) قال فاتحة الكتاب اخبرنا احمد بن ادريس قال حدثني احمد بن محمد عن (عن محمد بن سنان ط) محبوب بن سيار عن سورة بن كليب عن ابى جعفر (عليه السلام) قال نحن المثاني التي اعطاها الله تعالي نبينا ونحن وجه الله الذي نتقلب في الارض بين اظهركم من عرفنا فاماهه اليقين ومن جهلنا فامامه السعير، قال علي بن ابراهيم في قوله (الذين جعلوا القرآن عضين) قال قسموا القرآن ولم يؤلفوه على ما انزله الله فقال لنسئلنهم اجمعين عما كانوا يعملون وقوله (فاصدع بما تؤمر واعرض عن

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع ص 334 ج 1

(2) يعني ان الله اقسم بخياته صلى الله عليه وآله. ج. ز (*)

 

===============

(378)

المشركين انا كفيناك المستهزئين) فانها نزلت بمكة بعد ان نبأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بثلاث سنين وذلك ان النبوة نزلت على رسول الله يوم الاثنين واسلم علي يوم الثلاثاء ثم اسلمت خديجة بنت خويلد زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) ثم دخل ابوطالب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يصلي وعلي (عليه السلام) بجنبه وكان مع ابي طالب (عليه السلام) جعفر فقال له ابوطالب صل جناح ابن عمك فوقف جعفر على يسار رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بينهما فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي وعلي وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة يأتمون به فلما اتى لذلك ثلاث سنين انزل الله عليه (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين) والمستهزؤن برسول الله (صلى الله عليه وآله) خمسة: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والاسود بن (المطلب ط) عبدالمطلب والاسود بن عبد يغوث والحرث بن طلاطلة الخزاعي، اما الوليد فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا عليه لما كان يبلغه من اذائه واستهزائه فقال اللهم اعم بصره واثكله بولده فعمي بصره وقتل ولده ببدر (وكذلك دعا على الاسود بن يغوث والحارث بن طلاطلة ط) فمر الوليد بن المغيرة برسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه جبرئيل (عليه السلام) فقال جبرئيل يامحمد هذا الوليد بن المغيرة وهو من المستهزئين بك؟ قال نعم وقد كان مر برجل من خزاعة وهو يريش نبالا له فوطى على بعضها فاصاب عقبه قطعة من ذلك فدميت فلما مر بجبرئيل اشار إلى ذلك الموضع فرجع الوليد إلى منزله ونام على سريره وكانت ابنته نائمة اسفل منه فانفجر الموضع الذي اشار اليه جبرئيل اسفل عقبه فسال منه الدم حتى صار إلى فراش ابنته فانتبهت فقالت الجارية انحل وكاء القربة، قال ما هذا وكاء القربة ولكنه دم ابيك فاجمعي لي ولدي وولد اخي فاني ميت، فجمعتهم فقال لعبد الله بن ابى ربيعة ان عمارة بن الوليد بارض الحبشة بدار مضيعة فخذ كتابا من محمد إلى النجاشي ان يرده ثم قال لابنه هاشم وهو اصغر اولاده يابني اوصيك بخمس خصال فاحفظها: اوصيك

 

===============

(379)

بقتل ابى درهم الدوسى فانه غلبني على امرأتى وهي بنته ولو تركها وبعلها كانت تلد لي ابنا مثلك ودمي في خزاعة وما تعمدوا قتلى واخاف ان تنسوا بعدي ودمي في بني خزيمة بن عامر ودياتى (رثاثى ك وديانى خ ل) في ثقيف فخذه ولاسقف نجران علي مائنا دينار فاقضها ثم فاضت نفسه ومر ربيعة بن الاسود برسول الله (صلى الله عليه وآله) فاشار جبرئيل إلى بصره فعمي ومات، ومر به الاسود بن عبد يغوث فاشار جبرئيل إلى بطنه فلم يزل يستسقي حتى انشق بطنه، ومر العاص بن وائل فاشار جبرئيل إلى رجليه فدخل عود في اخمص قدمه وخرج من ظاهره ومات ومر به الحرث ابن طلاطلة فاشار جبرئيل إلى وجه فخرج إلى جبال تهامة فاصابته من السماء ديم استسقى حتى انشق بطنه وهو قوله الله " انا كفيناك المستهزئين ".

فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقام على الحجر فقال " يا معشر قريش يا معشر العرب ادعوكم إلى شهادة ان لا إله إلا الله وانى رسول الله وآمركم بخلع الانداد والاصنام فاجيبونى تملكوا بها العرب وتدين لكم العجم وتكونوا ملوكا في الجنة " فاستهزؤا منه وقالوا جن محمد بن عبدالله ولم يجسروا عليه لموضع ابى طالب فاجتمعت قريش إلى ابى طالب فقالوا ياابا طالب ان ابن اخيك قد سفه احلامنا وسب آلهتنا وافسد شباننا وفرق جماعتنا فان كان يحمله علي ذلك العدم جمعنا له مالا فيكون اكثر قريش مالا ونزوجه اي امرأة شاء من قريش،  فقال له ابوطالب ما هذا يابن اخي؟ فقال: ياعم هذا دين الله الذي ارتضاه لانبيائه ورسله بعثني الله رسولا إلى الناس، فقال يابن اخي ان قومك قد اتوني يسألوني ان اسئلك ان تكف عنهم، فقال ياعم لا استطيع ان اخالف امر ربي فكف عنه ابوطالب ثم اجتمعوا إلى ابي طالب فقالوا انت سيد من ساداتنا فادفع الينا محمدا لنقتله وتملك علينا، فقال ابوطالب قصيدته الطويلة يقول فيها:

ولما رأيت القوم لا ود عندهم وقد قطعوا كل العرى والوسائل

 

===============

(380)

كذبتم وبيت الله يبرؤ محمد (نبرئ محمدا ط) * ولما نطاعن دونه ونناضل ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن ابنائنا والحلائل فلما اجتمعت قريش على قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكتبوا الصحيفة القاطعة جمع ابوطالب بني هاشم وحلف لهم بالبيت والركن والمقام والمشاعر في الكعبة لان شاكت محمدا شوكة لابثن عليكم بني هاشم فادخله الشعب وكان يحرسه بالليل والنهار قائما علي رأسه بالسيف اربع سنين، فلما خرجوا من الشعب حضر ابا طالب الوفاة فدخل اليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يجود بنفسه فقال: يا عم ربيت صغيرا وكفلت يتيما فجزاك الله عني خيرا اعطني كلمة اشفع لك فيها عند ربي،  فروي انه لم يخرج من الدنيا حتى اعطى رسول الله الرضى، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لو قمت المقام المحمود لشفعت لابي وامي وعمي واخ لي كان مواخيا في الجاهلية.

وحدثني ابي عن ابن ابي عمير عن سيف بن عميرة وعبدالله بن سنان وابن ابي حمزة الثمالي قالوا سمعنا ابا عبدالله جعفر بن محمد (عليهم السلام) يقول لما حج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجة الوداع نزل بالابطح ووضعت له وسادة فجلس عليها ثم رفع يده إلى السماء وبكى بكاءا شديدا ثم قال: يا رب انك وعدتني في ابي وامي وعمي ان لا تعذبهم بالنار، قال فاوحى الله اليه اني آليت على نفسي ان لا يدخل جنتي إلا من شهدا ان لا إله إلا الله وانك عبدي ورسولي ولكن ائت الشعب فنادهم فان اجابوك فقد وجبت لهم رحمتي، فقام النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الشعب فناداهم وقال يا ابتاه ويا اماه ويا عماه فخرجوا ينفضون التراب عن رؤوسهم فقال لهم رسول الله ألا ترون إلى هذه الكرامة التي اكرمني الله بها فقالوا نشهد ان لا إله إلا الله وانك رسول الله حقا حقا وان جميع ما اتيت به من عند الله فهو الحق فقال ارجعوا إلى مضاجعكم.

 

===============

(381)

ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى مكة وقدم اليه علي بن ابي طالب (صلى الله عليه وآله) من اليمن فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا ابشرك يا علي! فقال امير المؤمنين بابي انت وامي لم تزل مبشرا، فقال ألا ترى إلى ما رزقنا الله تبارك وتعالى في سفرنا هذا واخبره الخبر (1) فقال له علي (عليه السلام) الحمد لله قال واشرك رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بدنته اباه وامه وعمه ثم قال الله (ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون) أي بما يكذبونك ويذكرون الله (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين) اخبرنا احمد ابن ادريس قال حدثنا احمد بن محمد عن محمد بن سيار (سنان ط) عن المفضل بن عمير (عمر ط) عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال لما نزلت هذه الآية (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به ازواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، ومن رمى بنظره إلى ما في يد غيره كثر همه ولم يشف غيظه، ومن لم يعلم ان لله عليه نعمة لا (الا خ ل) في مطعم او ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه ومن اصبح على الدنيا حزينا اصبح على الله ساخطا ومن شكى مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه،  ومن دخل النار من هذه الامة ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزوا،  ومن اتى ذا ميسرة فيخشع له طلب ما في يده ذهب ثلثا دينه ثم قال ولا تعجل،  وليس يكون الرجل يسأل من الرجل الرفق فيجله ويوقره فقد يجب ذلك له عليه ولكن يراه انه يريد بتخشعه ما عند الله ويريد ان يحيله عما في يده.

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) اي الخبر المذكور سابقا من اجابة ابيه وامه وعمه صلى الله عليه وآله وسلم. ج. ز (*)

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21404285

  • التاريخ : 20/04/2024 - 05:51

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net