00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الانبياء 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير نور الثقلين ( الجزء الثالث )   ||   تأليف : الشيخ عبد على بن جمعة العروسي الحويزي

 

سورة الانبياء

بسم الله الرحمن الرحيم

1 - في كتاب ثواب الاعمال باسناده إلى أبيعبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة الانبياء حبا لها كان كمن رافق النبيين أجمعين في جنات النعيم، وكان مهيبا في أعين الناس حيوة الدنيا.

2 - في مجمع البيان أبى بن كعب عن النبى صلى الله عليه واله قال: من قرأ سورة الانبياء حاسبه الله حسابا يسيرا، وصافحه وسلم عليه كل نبى ذكر اسمه في القرآن.

3 - في تفسير على بن ابراهيم اقترب للناس حسابهم هم في غفلة معرضون قال: قربت القيمة والساعة والحساب.

4 - في مجمع البيان وانما وصف بالقرب لان أحد أشراط الساعة مبعث رسول الله صلى الله عليه واله، فقد قال: بعثت أنا والساعة كهاتين.

5 - في جوامع الجامع وفى كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ان الدنيا قد ولت حذاء(1) ولم يبق منها الا صبابة كصبابة الاناء.

6 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله وروى عن صفوان بن يحيى قال: قال أبوالحسن الرضا عليه السلام لابى قرة صاحب شبرمة: التوراة والانجيل والزبور والفرقان وكل كتاب كان كلام الله انزله للعالمين نورا وهدى، وهى كلها محدثة، وهى غير الله حيث يقول: " او يحدث لهم ذكرا " وقال: وما ياتيهم من ذكر من ربهم محدث لا استمعوه وهم يلعبون والله أحدث الكتب كلها الذى انزلها، فقال أبوقرة: فهل يفنى؟ فقال أبوالحسن عليه السلام: أجمع المسلمون على ان ما سوى الله فعل الله، والتوراة والانجيل والزبور والفرقان فعل الله، ألم تسمع الناس يقولون: رب القرآن، وأن

___________________________________

(1) الحذاء: السريعة.

[413]

القرآن يقول يوم القيامة: يا رب هذا فلان وهو اعرف به منه، قد أظمأت نهاره واسهرت ليله، فشفعنى فيه وكذلك التوراة والانجيل والزبور كلها محدثة مربوبة أحدثها من ليس كمثله شئ هدى لقوم يعقلون، فمن زعم انهن لم يزلن فقد أظهر ان الله ليس بأول قديم ولا واحد وأن الكلام لم يزل معه وليس له بدو، وليس باله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

7 - في تفسير على بن ابراهيم لاهية قلوبهم قال: من التلهى.

8 - في روضة الكافى على بن محمد عن على بن العباس عن على بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبيجعفر عليه السلام قال: وقال: " انه عليم بذات الصدور " يقول: بما ألقوه في صدورهم من العدواة لاهل بيتك والظلم بعدك، وهو قول الله عزوجل: واسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا الا بشر مثلكم أفتاتون السحر وانتم تبصرون والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

9 - في تفسير على بن ابراهيم ما آمنت قبلهم قرية اهلكناها أفهم يؤمنون قال: كيف يؤمنون ولم يؤمن من كان قبلهم بالايات حتى هلكوا.

10 - حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عبدالله بن محمد عن أبى داود سليمان بن سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبيجعفر عليه السلام في قوله: فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون من المعنون بذلك؟ قال: نحن، قلت: فأنتم المسؤلون؟ قال: نعم قلت: و نحن السائلون؟ قال: نعم، قلت: فعلينا أن نسألكم؟ قال: نعم قلت: وعليكم أن تجيبونا؟ قال: لا ذاك الينا ان شئنا فعلنا وان شئنا تركنا، ثم قال: " هذا عطاؤنا فامنن او أمسك بغير حساب ".

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد بسطنا الاحاديث في تفسير هذه الاية في النحل فلتراجع ثمة.

11 - في مجمع البيان وفى تفسير أهل البيت عليهم السلام بالاسناد عن زرارة و محمد بن مسلم وحمران بن أعين عن أبيجعفر وأبيعبد الله عليهما السلام قالا: تبدل بالارض

[414]

خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب، قال الله تعالى: وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام.

12 - في تفسير العياشى زرارة عن ابيجعفر قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله: " يوم تبدل الارض غير الارض " يعنى تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب؟ قال الله: " وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ".

13 - في روضة الكافى كلام لعلى بن الحسين عليهما السلام في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيه عليه السلام: ولقد أسمعكم الله في كتابه ما قد فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث قال: وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وانما عنى بالقرية أهلها حيث يقول: ؤانشانا بعدها قوما آخرين فقال عزوجل: فلما أحسوا باسنا اذا هم منها يركضون يعنى يهربون قال: لا تركضوا وارجعوا إلى ما اترفتم فيه و مساكنكم لعلكم تسئلون فلما أتاهم العذاب قالوا يا ولينا انا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين وأيم الله ان هذه عظة لكم وتخويف ان اتعظتم وخفتم.

14 - على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن بدر بن الخليل الاسدى قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في قول الله عزوجل: " فلما احسوا بأسنا اذا هم منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى ما اترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون " قال: اذا قام القائم وبعث إلى بنى امية بالشام هربوا إلى الروم، فتقول لهم الروم: لا ندخلكم حتى تتنصروا فيعلقون في أعناقهم الصلبان فيدخلونهم، فاذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الامان والصلح، فيقول أصحاب القائم: لا نفعل حتى تدفعوا الينا من قبلكم منا فيدفعونهم اليهم، فذلك قوله: " لا تركضوا وارجعوا إلى ما اترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون " قال: يسألهم الكنوز وهو أعلم بها، قال: فيقولون: " يا ولينا انا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين " بالسيف وهو سعيد بن عبدالملك الاموى صاحب نهر سعيد بالرحبة.

[415]

15 - في تفسير على بن ابراهيم وقال على بن ابراهيم في قوله عزوجل: " وكم قصمنا من قرية كانت " يعنى أهل قرية كانت " ظالمة وانشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا " يعنى بنى امية اذا أحسوا بالقائم من آل محمد صلوات الله عليه " اذا هم منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى ما اترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون " يعنى الكنوز التى كنزوها، قال: فيدخل بنو امية إلى الروم اذا طلبهم القائم عليه السلام، ثم يخرجهم من الروم ويطالبهم بالكنوز التى كنزوها، فيقولون كما حكى الله عزوجل: " يا ويلنا انا كنا ظالمين * فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين " قال: بالسيف وتحت ظلال السيوف، وهذا كله مما لفظه ماض ومعناه مستقبل، وهو مما ذكرناه مما تأويله بعد تنزيله(1).

16 - في الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن يونس ابن يعقوب عن عبدالاعلى قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الغنا وقلت: انهم يزعمون

___________________________________

(1) في هامش بعض النسخ هكذا: " في كتاب الرجعة لبعض المعاصرين حديث طويل عن امير المؤمنين عليه السلام يذكر فيه ايام ظهور القائم عليه السلام وفيه: ويخرج رجل من أهل نجران راهب مستجيب للامام فيكون أهل النصارى انصارى امابة ويهدم بيعته ويذر صليبها ويخرج من الموالى إلى موضعها الناس والخيل فيسيرون إلى النخلة: علام هذا فيكون مجتمع الناس جميعا من الارض كلها بالفاروق وهى محجة أمير المؤمنين عليه السلام وهو ما بين البرس والفراة فيقتل يومئذ بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف من اليهود والنصارى يقتل بعضهم بعضا، فيومئذ تأويل هذه الاية: " فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين " بالسيف تحت ضل السيف ويختلف من بنى الاشهل الزاجر للحظ في اناس من غرايب هوابا حتى يأتون بسطون عوذا بالسحر فيومئذ تأويل هذه الاية: " فلما أحسوا بأسنا اذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما اترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون " ومساكنهم الكنوز التى غلبوا من أموال المسلمين.

" منه عفى عنه " أقول: ولا يخلو مواضع من هذا الحديث من التصحيف لكن لم أظفر على المنقول منه فتركتها على حالها.

[416]

ان رسول الله صلى الله عليه واله رخص في ان يقال: جيناكم جيناكم جيئونا جيئونا، فقال: كذبوا ان الله عزوجل يقول: وما خلقنا السموات والارض وما بينها لاعبين لو اردنا ان نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ان كنا فاعلين بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ثم قال: ويل لفلان مما يصف، رجل لم يحضر المجلس.

17 - في محاسن البرقى عنه عن أبيه عن يونس بن عبدالرحمن رفعه قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: ليس من باطل يقوم بازاء حق الاغلب الحق الباطل، وذلك قول الله: بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق.

18 - عنه عن يعقوب بن يزيد عن رجل عن الحكم بن مسكين عن أيوب بن الحر بياع الهروى قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: يا أيوب ما من أحد الا وقد يرد عليه الحق حتى يصدع قبله، قبله ام تركه، وذلك ان الله يقول في كتابه: " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ".

19 - في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في هاروت وماروت حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: ان الملائكة معصومون محفوظون من الكفر والقبائح بألطاف الله تعالى، قال الله تعالى فيهم: " لايعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون " وقال عزوجل: وله من في السموات والارض ومن عنده يعنى الملائكة لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون.

20 - في كتاب التوحيد عن النبى صلى الله عليه واله انه قال: أن لله تبارك وتعالى ملائكة ليس شئ من طباق أجسادهم الا وهو يسبح الله عزوجل ويحمده من ناحيته بأصوات مختلفة، لا يرفعون رؤسهم إلى السماء، ولا يخفظونها إلى أقدامهم من البكاء و الخشية لله عزوجل.

21 - وعن على بن الحسين عليهما السلام حديث طويل في صفة خلق العرش يقول فيه: له ثمانية أركان، على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم

[417]

الا الله عزوجل، يسبحون الليل والنهار لا يفترون.

22 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى داود بن فرقد العطار عن بعض أصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام أنه سئل عن الملائكة أينامون؟ فقال: ما من حى الا وهو ينام خلا الله وحده، والملائكة ينامون، فقلت: يقول الله عزوجل: " يسبحون الليل والنهار لا يفترون " قال: أنفاسهم تسبح.

23 - في تفسير على بن ابراهيم حديث طويل عن النبى صلى الله عليه واله في ذكر ما راى في المعراج وفيه قال صلى الله عليه واله: ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عزوجل خلقهم الله كيف شاء، ووضع وجوههم كيف شاء، ليس شئ من أطباق أجسادهم الا وهو يسبح الله ويحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة، أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله، فسألت جبرئيل عنهم فقال: كما ترى خلقوا، ان الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلمه قط، ولا رفعوا رؤسهم إلى ما فوقها، ولا حفظوها ! إلى ما تحتها خوفا وخشوعا، فسلمت عليهم فردوا على ايماء‌ا برؤسهم، ولا ينظرون إلى من الخشوع، فقال لهم جبرئيل: هذا محمد نبى الرحمة أرسله الله إلى العباد رسولا ونبيا، وهو خاتم النبيين وسيدهم أفلا تكلموه؟ قال: فلما سمعوا ذلك من جبرئيل أقبلوا على بالسلام وأكرمونى وبشرونى بالخير لى ولامتى.

24 - في نهج البلاغة قال عليه السلام في وصف الملائكة: ومسبحون لا يسأمون ولا يغشاهم نوم العيون ولا سهو العقول، ولا فترة الابدان ولا غفلة النسيان.

25 - وفيه ايضا يقول فيهم عليه السلام: ولم تجر الفترات فيهم على طول دؤبهم(1).

26 - في كتاب التوحيد باسناده إلى هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذى أتى أبا عبدالله عليه السلام وكان من قول أبيعبد الله له: لا يخلو قولك: إنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين أو يكون أحدهما قويا والاخر ضعيفا، فان

___________________________________

(1) الدؤوب: الجد والاجتهاد.

[418]

كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه وينفرد بالتدبير، وان زعمت ان أحدهما قوى والاخر ضعيف ثبت انه واحد كما تقول، للعجز الظاهر في الثانى، وان قلت: انهما اثنان لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة أو متفرقين من كل جهة، فلما رأينا الخلق منتظما، والفلك جاريا واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر دل صحة الامر والتدبير وايتلاف الامر أن المدبر واحد، ثم يلزمك ان ادعيت اثنين فلا بد من فرجة بينهما حتى يكونا اثنين، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما، فيلزمك ثلاثة، فان ادعيت ثلاثة لزمك ما قلنا في الاثنين حتى يكون بينهما فرجتان فيكون خمسا، ثم يناهى في العدد إلى ما لا نهاية في الكثرة.

27 - حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبى عمير عن هشام بن الحكم قال: قلت لابيعبد الله عليه السلام: ما الدليل على أن الله واحد؟ قال: اتصال التدبير وتمام الصنع كما قال عزوجل: لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا.

28 - وباسناده إلى الفتح بن يزيد الجرجانى عن أبى الحسن عليه السلام حديث طويل وفى آخره قلت: جعلت فداك بقيت مسألة، قال: هات لله ابوك، قلت: يعلم القديم الشئ الذى لم يكن ان لو كان كيف كان يكون؟ قال: ويحك ان مسائلك لصعبة أما سمعت الله يقول: " لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا " وقوله: " لعلا بعضهم على بعض " وقال يحكى قول أهل النار: " ارجعنا نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل " و قال: " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه " فقد علم الشئ الذى لم يكن ان لو كان كيف كان يكون.

29 - في تفسير على بن ابراهيم: واما الرد على الثنوية فقوله: " ما اتخذ الله من ولد " الاية قال: لو كان الهين لطلب كل واحد منهما العلو، واذا شاء واحد أن يخلق انسانا شاء الاخر أن يخالفه فيخلق بهيمة، فيكون الخلق منهما على مشيتهما، واختلاف اراداتهما انسانا وبهيمة في حالة واحدة، فهذا من أعظم المحال غير موجود،

[419]

واذا بطل هذا ولم يكن بينهما اختلاف بطل الاثنان وكان واحدا، فهذا التدبير و اتصاله وقوام بعضه ببعض واختلاف الاهواء والارادات والمشيات يدل على صانع واحد، وهو قول الله عزوجل: " ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض " وقوله: " لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا ".

30 - في كتاب الاهليلجة قال الصادق عليه السلام: وانه لو كان معه اله لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض، ولا فسد كل واحد منهما على صاحبه.

31 - في كتاب مصباح الزائر لابن طاوس رحمه الله في دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفة لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا وتفطرتا.

32 - في كتاب التوحيد باسناده إلى ابن اذينة عن أبيعبد الله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك ماتقول في القضاء والقدر؟ قال: أقول: ان الله تبارك وتعالى اذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عما عهد اليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم.

33 - وباسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفى قال: قلت لابى - جعفر محمد بن على الباقر عليهما السلام: يا بن رسول الله انا نرى الاطفال منهم من يولد ميتا ومنهم من يسقط غير تام، ومنهم من يولد أعمى وأخرس وأصم، ومنهم من يموت من ساعته اذا سقط إلى الارض، ومنهم من يبقى إلى الاحتلام، ومنهم من يعمر حتى يصير شيخا، فكيف ذلك وما وجهه؟ فقال عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى أولى بما يدبره من أمر خلقه منهم، وهو الخالق والمالك لهم فمن منعه التعمير فانما منعه ما ليس له ومن عمره فانما أعطاه ما ليس له، فهو المتفضل بما أعطى، وعادل فيما منع، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون قال جابر: فقلت له: يا ابن رسول الله وكيف لا يسأل عما يفعل؟ قال: لانه لا يفعل الا ما كان حكمة وصوابا، وهو المتكبر الجبار والواحد القهار فمن وجد في نفسه حرجا في شئ مما قضى كفر، ومن أنكر شيئا من أفعاله ححد.

34 - عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: يا بن آدم بمشيتى كنت أنت الذى تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوتى أديت إلى فرائضى، وبنعمتى قويت

[420]

على معصيتى جعلتك سميعا بصيرا قويا ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وذلك أنى أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك منى، وذلك انى لا اسأل عما أفعل وهم يسألون.

35 - في عيون الاخبار باسناده إلى محمد بن أبى يعقوب البلخى قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام فقلت: لاى علة صارت الامامة في ولد الحسين دون ولد الحسن؟ فقال: لان الله تعالى جعلها في ولد الحسين ولم يجعلها في ولد الحسن، والله لا يسأل عما يفعل.

36 - في كتاب الخصال عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام حديث طويل وفيه: قال: فقلت له: يا بن رسول الله كيف صارت الامامة في ولد الحسين دون ولد الحسن وهما جميعا ولدا رسول الله صلى الله عليه واله وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة؟ فقال عليه السلام: ان موسى وهارون كانا نبيين مرسلين اخوين، فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى، ولم يكن لاحد أن يقول: لم فعل الله ذلك، فان الامامة خلافة الله عزوجل ليس لاحد أن يقول: لم جعلها في صلب الحسين دون صلب الحسن، لان الله هو الحكيم في أفعاله " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ".

37 - في كتاب علل الشرايع عن على عليه السلام حديث طويل يقول فيه في اثنائه وقد ذكر خلقه آدم فاغترف تبارك وتعالى غرفة من الماء العذب الفرات، فصلصلها فجمدت ثم قال لها: منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادى الصالحين، والائمة المهتدين الدعاة إلى الجنة وأتباعهم إلى يوم القيامة، ولا أبالى ولا اسأل عما افعل وهم يسألون، يعنى بذلك خلقه انهم يسألهم.

38 - في ارشاد المفيد قال رحمه الله وقد ذكر ابا عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام: ومما حفظ عنه عليه السلام من موجز القول في العدل قوله لزرارة بن اعين: يا زرارة اعطيك جملة في القضاء والقدر؟ قال له زرارة: نعم جلت فداك قال: اذا كان يوم القيامة، وجمع الله الخلائق سألهم عما عهد اليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم.

[421]

39 - في مجمع البيان هذا ذكر من معى وذكر من قبلى قال ابوعبدالله عليه السلام: يعنى بذكر من معى ما هو كائن، وبذكر من قبلى ما قد كان.

40 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله عزوجل: وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون قال: هو ما قالت النصارى ان المسيح ابن الله، وما قالت اليهود عزيز بن الله، وقالوا في الائمة ما قالوا، فقال الله عزوجل: سبحانه انفة له(1) با عباد مكرمون، يعنى هؤلاء الذين زعموا انهم ولد الله، وجواب هؤلاء الذين زعموا ذلك في سورة الزمر في قوله عزوجل: " لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء ".

41 - في عيون الاخبار في الزيارة الجامعة للائمة عليهم السلام المنقولة عن الجواد عليه السلام: السلام على الدعاة إلى الله إلى قوله: والمظهرين لامر الله ونهيه، و عباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون.

42 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل: وفيه والزمهم الحجة بان خاطبهم خطابا يدل على انفراده وتوحيده وبأن لهم أولياء تجرى أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله، فهم العباد المكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: هم رسول الله صلى الله عليه واله ومن حل محله أصفياء الله الذين قال: " فأينما تولوا فثم وجه الله " الذين قرنهم الله بنفسه و برسوله، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذى فرض عليهم منها لنفسه.

43 - في الخرائج والجرائح في أعلام امير المؤمنين عليه السلام في روايات الخاصة اختصم رجل وامرأة اليه، فعلا صوت الرجل على المرئة، فقال له على عليه السلام: اخسأ وكان خارجيا، فاذا رأسه رأس الكلب، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين صحت بهذا الخارجى فصار رأسه رأس الكلب فما يمنعك عن معاوية؟ فقال: ويحك لو أشاء أن آتى بمعاوية إلى هيهنا على سريره لدعوت الله حتى فعل، ولكن لله خزان لا على

___________________________________

(1) أنفة له اى تنزيه.

[422]

ذهب ولا فضة ولا انكار على اسرار، هذا تدبير الله أما تقرأ: " بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ".

44 - وروى الاصبغ بن نباتة قال: كنا نمشى خلف على عليه السلام ومعنا رجل من قريش فقال: يا أمير قد قتلت الرجال وأيتمت الاطفال وفعلت وفعلت؟ فالتفت اليه عليه السلام وقال: اخسأ فاذا هو كلب اسود فجعل يلوذ به ويبصبص(1) فرآه عليه السلام فرحمه فحرك شفتيه فاذا هو رجل كما كان، فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين أنت تقدر على مثل هذا ويناويك معاوية(2) فقال: نحن عباد مكرمون لا نسبقه بالقول ونحن بأمره عاملون.

45 - في تفسير على بن ابراهيم قال الصادق عليه السلام: ما أتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه واله الا كئيبا حزينا، ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون، فلما أمره الله بنزول هذه الاية: " آلان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " نزل عليه وهو ضاحك مستبشر فقال رسول الله: ما اتيتنى يا جبرئيل الا وتبينت الحزن في وجهك حتى الساعة قال: نعم يا محمد لما غرق الله فرعون قال: " آمنت انه لا اله الا الذى آمنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين " فأخذت حمأة(3) فوضعتها في فيه، ثم قلت له: " الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " وعملت ذلك من غير أمر الله خفت ان تلحقه الرحمة من الله ويعذبنى الله على ما فعلت، فلما كان الان وامرنى الله ان اؤدى اليك ما قلته أنا لفرعون امنت و علمت ان ذلك كان لله رضى.

46 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره في خطبة مروية عن امير المؤمنين عليه السلام قال: وان الله اختص لنفسه بعد نبيه صلى الله عليه واله من بريته خاصة علاهم بتعليته، و سما بهم إلى رتبته، وجعلهم الدعاة بالحق اليه والادلاء بالرشاد عليه لقرن قرن، و

___________________________________

(1) بصيص الكلب: تحرك بذنبه.

(2) ناواه: عاداه.

(3) الحمأة: الطين الاسود.

[423]

زمن زمن، انشأهم في القدم قبل كل مذرو ومبرو انوارا أنطقها بتمجيده بتحميده، والهمها شكره وتمجيده، وجعلها الحجج على كل معترف له بملكة الربوبية وسلطان العبودية، واستنطق بها الخرسات بانواع اللغات بخوعا له بأنه فاطر الارضين و السموات، وأشهدهم خلقه، وولاهم ما شاء من أمره، جعلهم تراجمة مشيته وألسن ارادته، عبيدا " لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون * يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ".

47 - في تهذيب الاحكام باسناده إلى أبى الحسن الثالث عليه السلام زيارة لامير - المؤمنين عليه السلام وفيها يقول الزائر: يا ولى الله ان لى ذنوبا كثيرة فاشفع لى إلى ربك عزوجل، فان لك عند الله مقاما محمودا، وان لك عند الله جاها وشفاعة، وقال الله: " لا يشفعون الا لمن ارتضى ".

وفى الكافى مثله سواء.

48 - في عيون الاخبار باسناده إلى الحسين بن خالد عن على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله " من لم يؤمن بحوضى فلا أورده الله حوضى، ومن لمن يؤمن بشفاعتى فلا أناله الله شفاعتى، ثم قال عليه السلام: انما شفاعتى لاهل الكبائر من امتى، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل، قال الحسين بن خالد: فقلت للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله فما معنى قول الله عزوجل: " ولا يشفعون الا لمن ارتضى؟ قال: لا يشفعون الا لمن ارتضى الله دينه.

49 - في كتاب الخصال عن الاعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام: قال: هذه شرائع الدين إلى أن قال: وأصحاب الحدود فساق لا مؤمنون ولا كافرون، لا يخلدون في النار، ويخرجون منها يوما والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين، اذا ارتضى الله دينهم.

50 - في كتاب التوحيد حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانى رضى الله عنه قال: حدثنا ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبى عمير عن موسى بن جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه قلت له: يا ابن رسول الله فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟

[424]

فقال: حدثنى أبى عن آبائه عن على عليهم السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: اما شفاعتى لاهل الكبائر من امتى، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل، قال ابن أبى عمير: فقلت له: يا ابن رسول الله كيف يكون الشفاعة لاهل الكبائر والله تعالى يقول: " ولا يشفعون الا لمن ارتضى " ومن يرتكب الكبيرة لا يكون مرتضى؟ فقال: يابا محمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا الا ساء‌ه ذلك وندم عليه، وقال النبى صلى الله عليه واله: كفى بالندم توبة، وقال عليه السلام: من سرته حسنته وسائته سيئته فهو مؤمن، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن، ولم تجب له الشفاعة، وكان ظالما والله تعالى ذكره يقول: " ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع " فقلت له: يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال: يابا أحمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصى وهو يعلم انه سيعاقب عليها الا ندم على ما ارتكب، ومتى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة، ومتى لم يندم عليها كان مصرا والمصر لا يغفر له، لانه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب، ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم، وقد قال النبى صلى الله عليه واله: لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الاصرار، واما قول الله عزوجل: " ولا يشفعون الا لمن ارتضى " فانهم لا يشفعون الا لمن ارتضى الله دينه، والدين الاقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات، فمن ارتضى الله دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة.

51 - في تفيسر على بن ابراهيم: قوله: ومن يقل منهم انى اله من دونه فذلك نجزيه جهنم قال: من زعم انه امام وليس بامام.

52 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله وروى ان عمرو بن عبيد وفد على محمد بن على الباقر عليهما السلام لامتحانه بالسؤال عنه، فقال له: جعلت فداك ما معنى قول الله تعالى أو لم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما ما هذا الرتق والفتق؟ فقال أبوجعفر عليه السلام: كانت السماء رتقا لا ينزل القطر، وكانت الارض رتقا لا يخرج النبات ففتق الله السماء بالقطر، وفتق الارض بالنبات فانقطع

[425]

عمرو ولم يجد اعتراضا ومضى.

53 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنى أبى عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبى بكر الحضرمى عن أبيعبد الله عليه السلام قال: خرج هشام بن عبدالملك حاجا ومعه الابرش الكلبى، فلقيا أبا عبدالله عليه السلام في المسجد الحرام فقال: هشام للابرش: تعرف هذا؟ قال: لا، قال: هذا الذى تزعم الشيعة انه نبى من كثرة علمه فقال: الابرش، لاسألنه عن مسألة لا يجيبنى فيها نبى أو وصى نبى، فقال هشام: وددت انك فعلت ذلك، فلقى الابرش أبا عبدالله عليه السلام فقال: يا با عبدالله اخبرنى عن قول الله: " أو لم ير الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما " فما كان رتقهما وما كان فتقهما؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: يا أبرش هو كما وصف نفسه، كان عرشه على الماء، والماء على الهواء، والهواء لا يحد، ولم يكن يومئذ خلق غيرهما، والماء يومئذ عذب فرات، فلما أراد الله أن يخلق الارض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا ثم أزبد فصار زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد، ثم دحى الارض من تحته فقال الله تبارك وتعالى: " ان أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا " ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء، فلما أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور حتى أزبدتها، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار، فخلق منه السماء وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر و، وأجراها في الفلك، وكانت السماء خضراء على لون الماء الاخضر، وكانت الارض غبراء على لون الماء العذب، وكانتا مرتوقتين ليس لهما أبواب، ولم يكن للارض أبواب وهو النبت، ولم تمطر السماء عليها فتنبت، ففتق السماء بالمطر، وفتق الارض بالنبات وذلك قوله " او لم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما " فقال الابرش: والله ما حدثنى بمثل هذا الحديث أحد قط أعده على، فأعاد عليه وكان الابرش ملحدا، فقال: وانا أشهد انك ابن نبى ثلاث مرات.

54 - في روضة الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن

[426]

سعيد عن محمد بن داود عن محمد بن عطية قال: قال رجل من أهل الشام لابى جعفر عليه السلام يابا جعفر قول الله عزوجل: " أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما " فقال له أبوجعفر عليه السلام فلعلك تزعم انهما كانتا رتقا ملتزقتان ملتصقتان ففتقت احدهما من الاخرى؟ فقال: نعم، فقال أبوجعفر عليه السلام: استغفر ربك فان قول الله عزوجل: " كانتا رتقا " يقول: كانت السماء رتقا لا تنزل المطر، وكانت الارض رتقا لا تنبت الحب، فلما خلق الله تبارك وتعالى الخلق وبث فيها من كل دابة، فتق السماء بالمطر، والارض بنبات الحب، فقال الشامى: اشهد انك من ولد الانبياء، وان علمك علمهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

55 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن محبوب عن أبى حمزة ثابت بن دينار الثمالى وأبومنصور عن أبى الربيع قال حججنا مع أبى جعفر عليه السلام في السنة التى كان حج فيها هشام بن عبدالملك، وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فقال: يا با جعفر فأخبرنى عن قول الله عزوجل: " أو لم ير الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما " قال: ان الله تبارك وتعالى اهبط آدم إلى الارض وكانت السماء رتقا لا تمطر شيئا، وكانت الارض رتقا لا تنبت شيئا، فلما تاب الله عزوجل على آدم صلى الله عليه أمر السماء فتفطرت بالغمام، ثم أمرها فأرخت عزاليها(1) ثم أمر الارض فأنبتت الاشجار وأثمرت الثمار، وتفيهت بالانهار(2) فكان ذلك رتقها وهذا فتقها، فقال نافع: صدقت يا ابن رسول الله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

___________________________________

(1) ارخى الستر: اسدله.

ارسله والعز إلى جمع العزلاء: مصب الماء من الراوية وارخى السماء عزاليها كناية عن شدة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه القرب.

(2) اى فتحت أفواهها والقياس " تفوهت " بالواو ويحتمل كونه " تفنقت " فصحف، وفى روضة الكافى " تفهقت " من فهق الاناء: امتلا.

[427]

56 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: وفتق بعد الارتتاق صوامت أبوابها.

57 - في كتاب طب الائمة عليهم السلام عبدالله بن بسطام قال: حدثنا ابن اسحق ابن ابراهيم عن أبى الحسن العسكرى عليه السلام قال: حضرته يوما وقد شكى اليه بعض، اخواننا، فقال: يا ابن رسول الله ان أهلى كثيرا يصيبهم هذا الوجع الملعون، قال: وما هو؟ قال: وجع الرأس، قال: خذ قدحا من ماء واقرأ عليه: " أو لم ير الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حى أفلا يؤمنون " ثم اشر به فانه لا يضره انشاء الله تعالى.

58 - وباسناده إلى حماد بن عيسى يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: اذا شكى احدكم وجع الفخذين فيلجلس في تور كبير وطست، في الماء المسخن، وليضع يده عليه وليقرأ: " أو لم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حى أفلا يؤمنون ".

59 - في تفسير على بن ابراهيم قوله: وجعلنا من الماء كل شئ حى أفلا يؤمنون قال: نسب كل شئ إلى الماء ولم ينسب الماء إلى غيره.

60 - في تفسير العياشى عن شيخ من أصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام قال كنا عنده فسأله شيخ فقال: لى وجع وأنا أشرب له النبيذ ووصفه له الشيخ، فقال له: ما يمنعك من الماء " الذى جعل الله منه كل شئ حى " قال: لا يوافقنى، الحديث وقد كتب في النحل عند قوله تعالى: " فيه شفاء للناس ".

61 - في مجمع البيان وروى العياشى باسناده إلى الحسين بن علوان قال: سئل أبوعبدالله عليه السلام عن طعم الماء؟ فقال: سل تفقها ولا تسأل تعنتا، طعم الماء طعم الحيوة، قال الله سبحانه: " وجعلنا من الماء كل شئ حى ".

62 - في قرب الاسناد للحميرى باسناده إلى الحسين بن علوان عن جعفر عليه السلام قال: كنت عنده جالسا اذ جاء رجل فسأله عن طعم الماء وكانوا يظنون انه زنديق

[428]

فأقبل أبوعبدالله عليه السلام يضرب فيه ويصعد ثم قال له: ويلك طعم الماء طعم الحيوة، ان الله عزوجل يقول: " وجعلنا من الماء كل شئ حى أفلا يؤمنون ".

63 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: وقال الله عزوجل: " وجعلنا من الماء من كل شئ حى " فلما أحيى به كل شئ من نعيم الدنيا بفضله ورحمته حيوة القلوب والطاعات.

64 - في نهج البلاغة قال عليه السلام، بعد ذكره السماوات السبع: جعل سفلاهن موجا مكفوفا، وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا.

65 - في تفسير على بن ابراهيم قوله: وجعلنا السماء سقف محفوظا يعنى من الشياطين اى لا يسترقون السمع واما قوله عزوجل: وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفان مت فهم الخالدون فانه لما أخبر الله عزوجل نبيه صلى الله عليه واله بما يصيب اهل بيته بعده صلوات الله عليهم، وادعاء من ادعى الخلافة دونهم، اغتم رسول الله فأنزل الله عزوجل: " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد افان مت فهم الخالدون * كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة " اى نختبركم " والينا ترجعون " فأعلم ذلك رسول الله صلى الله عليه واله انه لابد ان تموت كل نفس.

66 - وقال امير المؤمنين صلوات الله عليه يوما وقد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال: كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الذى نسمع من الاموات سفر عما قليل الينا راجعون نريهم أجداثهم، ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم، قد نسينا كل واعظة ورمينا بكل جائحة(1).

67 - في تفسير العياشى عن زرارة قال: كرهت أن أسأل أبا جعفر عليه السلام عن الرجعة واستخفيت ذلك، قلت: لاسألن مسألة لطيفة أبلغ فيها حاجتى، فقلت: اخبرنى عمن قتل أمات؟ قال: لا، الموت موت والقتل قتل، قلت: ما احد يقتل الا وقد مات فقال: قول الله اصدق من قولك فرق بينهما في القرآن قال: " افان مات أو قتل " وقال:

___________________________________

(1) الجائحة: النازلة، الشدة.

[429]

" لئن متم او قتلم لالى الله تحشرون " وليس كما قلت يا زرارة الموت موت والقتل قتل قلت: فان الله يقول: كل نفس ذائقة الموت قال: من قتل لم يذق الموت، ثم قال: لا بد من ان يرجع حتى يذوق الموت.

68 - في مجمع البيان وروى عن أبيعبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام مرض فعاده اخوانه، فقالوا: كيف نجدك يا أمير المؤمنين؟ قال: بشر، قالوا: ما هذا كلام مثلك؟ قال: ان الله تعالى يقول: ونبلوكم بالخير والشر فتنة فالخير الصحة والغنى، والشر المرض والفقر.

69 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله: خلق الانسان من عجل قال: لما أجرى في آدم الروح من قدميه فبلغت إلى ركبتيه أراد أن يقوم فلم يقدر: فقال الله عزوجل: " خلق الانسان من عجل ".

70 - في مجمع البيان قيل في " عجل " ثلاثة تأويلات: منها أن آدم لما خلق و جعلت الروح في أكثر جسده وثب عجلان مبادرا إلى ثمار الجنة، وقيل: هم بالوثوب فهذا معنى قوله: " من عجل " وروى ذلك عن أبيعبد الله عليه السلام.

71 - في نهج البلاغة قال عليه السلام اياك والعجلة بالامور قبل أو انها والتساقط فيها عند امكانها، أو اللجاجة فيها اذا تنكرت، أو الوهن عنها اذا استوضحت، فضع كل أمر موضعه، وأوقع كل عمل موقعه.

72 - في كتاب الخصال عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: من التثبت يكون السلامة، ومع العجلة يكون الندامة، ومن ابتدأ العمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه.

73 - وعن على (ع) قال في كلام طويل: لا تعاجلوا الامر قبل بلوغه فتندموا.

74 - في مجمع البيان أفلا يرون أنا ناتى الارض ننقصها من أطرافها وقيل بموت العلماء، وروى ذلك عن أبيعبد الله عليه السلام قال: نقصانها ذهاب عالمها.

75 - في روضة الكافى كلام لعلى بن الحسين عليهما السلام في الوعظ والزهد

[430]

في الدنيا ذكرنا في هذه السورة بعضه عند قوله تعالى: " وكم قصمنا من قرية " الاية ويتصل به قوله عليه السلام ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصى والذنوب، فقال عزوجل: ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا انا كنا ظالمين فان قلتم أيها الناس ان الله عزوجل انما عنى بهذا أهل الشرك فيكف ذلك وهو يقول: ونضع الموازين القسط ليوم القيامة لا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين اعلموا عباد الله ان اهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنصب لهم الدواوين، وانما يحشرون إلى جهنم، وانما نصب الموازين ونشر الدواوين لاهل الاسلام فاتقوا الله عباد الله.

76 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الايات: واما قوله تبارك وتعالى: " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا " فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيمة، يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين، وفى غير هذا الحديث: الموازين هم الانبياء والاوصياء عليهم السلام، وقوله عزوجل: " فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا " فان ذلك خاصة.

77 - في كتاب معانى الاخبار باسناده إلى هشام قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا " قال: هم الانبياء والاوصياء.

78 - في اصول الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابراهيم الهمدانى يرفعه إلى أبى عبدالله عليه السلام في قوله تعالى:: " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة " قال: الانبياء والاوصياء عليهم السلام.

79 - في تفسير على بن ابراهيم قوله: " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة " قال: المجازاة " وان كان مثقال حبة من خردك أتينا بها " اى جازينا بها، وهى ممدودة أتينا بها، ثم حكى عزوجل قول ابراهيم لقومه وأبيه: فقال ولقد آتينا ابراهيم رشده من قبل إلى قوله: بعد ان تولوا مدبرين قال: فلما نهاهم ابراهيم عليه السلام واحتج

[431]

عليهم في عبادتهم الاصنام فلم ينتهوا، فحضر عيد لهم فخرج نمرود وجميع اهل مملكته إلى عيد لهم وكره أن يخرج ابراهيم معه، فوكله ببيت الاصنام، فلما ذهبوا به عمد ابراهيم عليه السلام إلى طعام فأدخله بيت أصنامهم، فكان يدنو من صنم صنم فيقول له: كل فاذا لم يجبه أخذه القدوم(1) فكسر يده ورجله حتى فعل ذلك بجميع الاصنام ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم الذى كان في الصدر، فلما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا إلى الاصنام مكسرة فقالوا: من فعل هذا بآلتهنا انه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم وهو ابن آزر فجاؤا به إلى نمرود، فقال نمرود لازر: خنتنى وكتمت هذا الولد عنى؟ فقال: ايها الملك هذا عمل امه وذكرت انها تقوم بحجته، فدعا نمرود ام ابراهيم فقال: ما حملك على ما كتمت أمر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل؟ فقالت: ايها الملك نظرا منى لرعيتك، قال: وكيف ذلك؟ قالت: رأيتك تقتل اولاد رعيتك فكان يذهب النسل، فقلت: ان كان هذا الذى تطلبه دفعته اليه ليقتله وتكف عن قتل أولاد الناس، وان لم يكن ذلك بقى لنا ولدنا وقد ظفرت به فشأنك فكف عن اولاد الناس وصوب رأيها، ثم قال لابراهيم: من فعل هذا بآلهتنا يا ابراهيم قال ابراهيم: فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم ان كانوا ينطقون فقال الصادق عليه السلام: والله ما فعله كبيرهم وما كذب ابراهيم، فقيل: فكيف ذلك؟ فقال: انما قال: فعله كبيرهم هذا ان نطق، وان لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا، فاستشار قومه في ابراهيم فقالوا حرقوه وانصروا آلهتكم ان كنتم فاعلين فقال الصادق عليه السلام: كان فرعون ابراهيم لغير رشده وأصحابه لغير رشدهم فانهم قالوا لنمرود: " حرقوه وانصروا آلهتكم ان كنتم فاعلين " وكان فرعون موسى وأصحابه لرشدهم فانه لما استشار أصحابه في موسى عليه السلام " قالوا أرجه واخاه وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم ".

فحبس ابراهيم وجمع له الحطب حتى اذا كان اليوم الذى ألقى فيه نمرود ابراهيم

___________________________________

(1) القدوم: آلة النجر والنحت.

[432]

في النار برز نمرود وجنوده وقد كان بنى لنمرود بناء ينظر منه إلى ابراهيم عليه السلام كيف تأخذه النار، فجاء ابليس واتخذ لهم المنجنيق لانه لم يقدر احد أن يتقارب من النار، و كان الطائر اذا مر في الهواء يحترق، فوضع ابراهيم في المنجنيق وجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له: ارجع عما أنت عليه، وأنزل الرب تبارك وتعالى ملئكة إلى السماء الدنيا ولم يبق شئ الا طلب إلى ربه، وقالت الارض: يا رب ليس على ظهرى احد يعبدك غيره فيحرق؟ وقالت الملائكة: يا رب خليلك ابراهيم يحرق؟ فقال الله عزوجل: انه ان دعانى كفيته، وقال جبرئيل: يا رب خليلك ابراهيم ليس في الارض احد يعبدك غيره سلطت عليه عدوه يحرقه بالنار؟ فقال: اسكت انما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت، هو عبدى آخذه اذا شئت، فان دعانى اجبته فدعا ابراهيم عليه السلام ربه بسورة الاخلاص: يا الله يا واحد يا احد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد و لم يكن له كفوا احد نجنى من النار برحتمك، قال: فالتقى معه جبرئيل في الهواء وقد وضع في المنجنيق، فقال: يا ابراهيم هل لك إلى من حاجة؟ فقال ابراهيم عليه السلام: اما اليك فلا، واما إلى رب العالمين فنعم، فدفع اليه خاتما عليه مكتوب لا اله الا الله محمد رسول الله ألجأت ظهرى إلى الله، واسندت أمرى إلى الله، وفوضت امرى إلى الله، فأوحى الله عزوجل إلى النار، كونى بردا فاضطرب اسنان ابراهيم من البرد حتى قال: وسلاما على ابراهيم وانحط جبرئيل عليه السلام وجلس معه يحدثه في النار ونظر نمرود فقال: من اتخذ الها فليتخذ مثل اله ابراهيم، فقال عظيم من عظماء اصحاب نمرود: انى عزمت على النار ان لا تحرقه، فخرج عمود من النار نحو الرجل فاحرقه فآمن له لوط، فخرج مهاجرا إلى الشام، ونظر نمرود إلى ابراهيم عليه السلام في روضة خضراء في النار مع شيخ يحدثه فقال لازر: يا آزر ما اكرم ابنك على ربه قال: وكان الوزغ ينفخ في نار ابراهيم، وكان الضفدع(1) يذهب بالماء ليطفئ به النار، قال: ولما قال الله عزوجل للنار كونى بردا وسلاما، لم تعمل

___________________________________

(1) الضفدع: دابة مائية دقيقة العظام وهى كثيرة الانواع وبالفارسية " غوك "

[433]

النار في الدنيا ثلاثة ايام، ثم قال الله عزوجل: وأراد به كيدا فجعلناهم الاخسرين فقال الله عزوجل: ونجيناه ولوطا إلى الارض التى باركنا فيها للعالمين إلى الشام وسواد الكوفة.

80 - في مجمع البيان وروى العياشى بالاسناد عن الاصبغ بن نباتة ان عليا عليه السلام مر بقوم يلعبون الشطرنج، فقال: " ما هذه التماثيل التى انتم لها عاكفون:؟.

81 - في عوالى اللئالى وانه صلى الله عليه واله مر بقوم يلعبون الشطرنج فقال: " ما هذه التماثيل التى انتم لها عاكفون "؟.

82 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم السلام قال: ان يهوديا من يهود الشام واحبارهم قال لامير المؤمنين: فان هذا ابراهيم حد أصنام قومه غضبا لله عزوجل قال له على عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه واله قد نكس عن الكعبة ثلثمأة وستين صنما، ونفاها من جزيرة العرب، وأذل من عبدها بالسيف، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

83 - في عيون الاخبار في باب جمل من أخبار موسى بن جعفر عليهما السلام مع هارون الرشيد ومع موسى المهدى حديث طويل وفيه قال (ع) لما قال له هارون: كيف تكون ذرية رسول الله وأنتم اولاد ابنته؟ بعدما نقل عليه السلام آية المباهلة، واحتج بها على ان العلماء قد اجمعوا على ان جبرئيل قال يوم أحد: يا محمد ان هذه لهى المواساة من على، قال: لانه منى وانا منه، فقال جبرئيل وانا منكما يا رسول الله ثم قال: لا فتى الا على لا سيف الا ذو الفقار، فكان كما مدح الله عزوجل خليله عليه السلام اذا يقول: " فتى يذكرهم هم يقال له ابراهيم " انا معشر بنى عمك نفتخر بقول جبرئيل انه منا.

84 - في كتاب معانى الاخبار باسناده إلى صالح بن سعيد عن رجل من أصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام ثم قال: سألته عن قول الله عزوجل في قصة ابراهيم: " قال بل فعله

[434]

كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون " قال: ما فعله كبيرهم وما كذب ابراهيم عليه السلام فقلت: وكيف ذاك؟ قال: انما قال ابراهيم: " فاسألوهم ان كانوا ينطقون " فكبيرهم فعل، وان لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا فما نطقوا وما كذب ابراهيم عليه السلام والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

85 - في اصول الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن حماد بن عثمان عن الحسن الصيقل قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام: انا قد روينا عن أبى جعفر عليه السلام في قول يوسف: " ايتها العير انكم لسارقون " فقال: والله ما سرقوا وما كذب، وقال ابراهيم: " بل فعله كبيرهم هذا فأسلوهم ان كانوا ينطقون " فقال: والله ما فعلوا وما كذب، قال فقال أبوعبدالله عليه السلام: ما عندكم يا صيقل؟ قال: قلت: ما عندنا فيها الا التسليم، قال: فقال: ان الله أحب اثنين وأبغض اثنين: احب الخطو فيما بين الصفين، وأحب الكذب في الاصلاح، وأبغض الخطو في الطرقات، و أبغض الكذب في غير الاصلاح ان ابراهيم عليه السلام انما قال: " بل فعله كبيرهم هذا " ارادة الاصلاح، ودلالة على انهم لا يفعلون، وقال يوسف ارادة الاصلاح.

86 - أبوعلى الاشعرى عن محمد بن عبدالجبار عن الحجال عن ثعلبة عن معمر ابن عمرو عن عطاء عن أبى عبدالله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه واله لا كذب على مصلح ثم تلا: " ايتها العير انكم لسارقون " قال: والله ما سرقوا وما كذب، ثم تلا: " بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون " ثم قال: والله ما فعلوه وما كذب.

87 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبى يحيى الواسطى عن بعض أصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام قال: الكلام ثلاثة: صدق وكذب واصلاح بين الناس.

88 - في روضة الكافى الحسين بن محمد الاشعرى عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن أبى بصير قال: قيل لابيجعفر عليه السلام وانا عنده: ان سالم بن أبى حفصة واصحابه يروون عنك انك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج،

[435]

فقال: ما يريد سالم منى؟ أيريد ان أجئ بالملائكة، والله ما جاء‌ت بهذا النبيون، ولقد قال ابراهيم عليه السلام: " بل فعله كبيرهم هذا " وما فعله وما كذب.

89 - وفى حديث أبى حمزة الثمالى انه دخل عبدالله بن عمر على زين العابدين عليه السلام وقال: يا ابن الحسين أنت الذى تقول: ان يونس بن متى انما لقى من الحوت ما لقى لانه عرضت عليه ولاية جدى فتوقف عندها؟ قال: بلى ثكلتك امك، قال: فأرنى آية ذلك ان كنت من الصادقين؟ فأمر بشد عينيه بعصابة وعينى بعصابة، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فاذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه، فقال ابن عمر: يا سيدى دمى في رقبتك ألله ألله في نفسى ! فقال: هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين؟ ثم قال: يا أيتها الحوت، قال: فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول: لبيك لبيك يا ولى الله، فقال: من أنت؟ قال: حوت يونس ياسيدى، قال: ايتنا بالخبر، قال: يا سيدى ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى ان صار جدك محمد الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الانبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما القى نوح من الغرق، و ما لقى ابراهيم من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيوب من البلاء، و لقى داود من الخطيئة، إلى ان بعث الله يونس، فأوحى الله اليه: أن يا يونس تول امير المؤمنين.

90 - في عيون الاخبار عن الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه قال عليه السلام وان ابراهيم عليه السلام لما وضع في المنجنيق غضب جبرئيل، فأوحى الله تعالى اليه: ما يبغضك يا جبرئيل؟ فقال: خليك ليس من يعبدك على وجه الارض غيره سلطت عليه عدوك وعدوه؟ فأوحى الله عزوجل: اسكت انما يعجل الذى يخاف الفوت مثلك فاما انا فانه عبدى آخذه اذا شئت، قال: فطابت نفس جبرئيل فالتفت إلى ابراهيم عليه السلام فقال: هل لك من حاجة؟ قال: اما اليك فلا، فأهبط الله عزوجل عندها خاتما فيه ستة أحرف: لا اله الا الله محمد رسول الله لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم، فوضت

[436]

أمرى إلى الله أسندت ظهرى إلى الله حسبى الله، فأوحى الله جل جلاله اليه: أن تختم بهذا الخاتم فانى أجعل النار عليك بردا وسلاما.

في كتاب الخصال عن الحسين بن خالد عن أبى الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام مثله سواء.

91 - في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامى وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الاربعاء والتطير منه وثقله وأى اربعاء هو؟ فقال عليه السلام: آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل ويوم الاربعاء القى ابراهيم عليه السلام في النار ويوم الاربعاء وضعوه في المنجنيق.

92 - في كتاب الخصال عن داود بن كثير عن أبى عبدالله عليه السلام ان رسول الله - صلى الله عليه واله نهى عن قتل ستة: النخلة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد والخطاف، إلى أن قال عليه السلام: واما الضفدع فانه لما اضرمت النار على ابراهيم شكت هوام الارض إلى الله تعالى، واستأذنته ان تصب عليها الماء، فلم يأذن الله لشئ منها الا الضفدع، فاحترق ثلثاه وبقى الثلث، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

93 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب عن ابى عبدالله عليه السلام حديث طويل يذكر فيه القائم عليه السلام وفيه: فاذا انشر راية رسول الله صلى الله عليه واله انحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك، وثلاثة عشر ملكا، كلهم ينظرون القائم عليه السلام، وهم الذين كانوا مع نوح عليه السلام في السفينة، والذين كانوا مع ابراهيم عليه السلام حيث ألقى في النار.

94 - وباسناده إلى مفضل بن عمر عن أبى عبدالله الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول أتدرى ما كان قميص يوسف عليه السلام؟ قال: قلت: لا، قال: ان ابراهيم عليه السلام لما اوقدت له النار نزل اليه جبرئيل بالقميص، وألبسه اياه، فلم يضر معه حر ولا برد، و الحديث طويل اخذنا منه موضع الحاجة.

 

[437]

95 - في مجمع البيان وروى الواحدى بالاسناد مرفوعا إلى أنس بن مالك عن النبى صلى الله عليه واله ان نمرود الجبار لما القى ابراهيم في النار نزل اليه جبرئيل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة(1) فألبسه القميص، وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه.

96 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبدالله بن هلال قال قال ابوعبدالله عليه السلام: لما القى ابراهيم عليه السلام في النار تلقاه جبرئيل في الهواء وهو يهوى، فقال: يا ابراهيم ألك حاجة؟ فقال: اما اليك فلا.

97 - وباسناده إلى محمد بن اورمة عن الحسن بن على عن بعض اصحابنا عن ابى عبدالله عليه السلام قال: لما القى ابراهيم في النار اوحى الله عزوجل اليها: وعزتى وجلالى لئن آذيته لاعذبنك، وقال: لما قال الله عزوجل: " يا نار كونى بردا و سلاما على ابراهيم " ما انتفع احد بها ثلثة ايام وما سخنت ماء‌هم.

98 - في اصول الكافى اسحق قال: حدثنى الحسن بن ظريف قال: اختلج في صدرى مسئلتان اردت الكتاب فيهما إلى ابى محمد عليه السلام فكتبت اسأله عن القائم اذا قام بما يقتضى واين مجلسه الذى يقضى فيه بين الناس؟ واردت أن اسأله عن شئ لحمى الربع فأغفلت خبر الحمى، فجاء الجواب: سألت عن القائم اذا قام، قضى بين الناس بعلمه كفضاء داود عليه السلام، لا يسأل البينة، وكنت اردت ان تسأل لحمى الربع فأنسيت فاكتب في ورقة وعلقه في المحموم فانه يبرأ باذن الله ان شاء الله: " يا نار كونى بردا وسلاما على ابراهيم " فعلقنا عليه ما ذكر ابومحمد عليه السلام فأفاق.

99 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله عن النبى صلى الله عليه واله حديث طويل يقول فيه عليه السلام: قولنا ان ابراهيم خليل الله فانما هو مشتق من الخلة، والخلة انما معناها الفقر والفاقة، وقد كان خليلا إلى ربه فقيرا واليه منقطعا، وعن غيره متعففا معرضا مستغنيا، وذلك لما اريد قذفه في النار فرمى به في المنجنيق، فبعث الله عزوجل إلى جبرئيل عليه السلام وقال له: ادرك عبدى، فجاء‌ه فلقيه في الهواء فقال

___________________________________

(1) الطنفسة: البساط.

[438]

: كلفنى ما بدا لك فقد بعثنى الله لنصرتك فقال: بل حسبى الله ونعم الوكيل انى لا اسأل غيره، ولا حاجة الا اليه فسمى خليله اى فقيره ومحتاجه، والمنقطع اليه عمن سواه.

100 - وعن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه واله: ان ابراهيم عليه السلام لما القى في النار قال: اللهم انى أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتنى منها، فجعلها الله عليه بردا وسلاما، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

101 - وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم السلام قال: ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لامير المؤمنين عليه السلام: فان ابراهيم قد أسلمه قومه على الحريق فصبر فجعل الله عزوجل النار عليه بردا وسلاما فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك؟ قال له على (ع): لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه واله لما نزل بخيبر سمته الخيبرية، فصير الله السم في جوفه بردا وسلاما إلى منتهى أجله، فالسم يحرق اذا استقر في الجوف، كما ان النار تحرق فهذا من قدرته لا تنكره(1).

102 - في روضة الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن ابان بن عثمان عن حجر عن ابى عبدالله (ع) قال: خلف ابراهيم صلى الله عليه قومه وعاب آلهتهم، إلى قوله: فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم، دخل ابراهيم صلى الله عليه إلى آلهتهم بقدوم فكسرها الا كبيرا لهم، ووضع القدوم في عنقه، فرجعوا إلى آلهتهم فنظروا إلى ما صنع بها، فقالوا: لا والله ما اجترى عليها ولا كسرها الا الفتى الذى

___________________________________

(1) " في كتاب الرجعة لبعض المعاصرين عن جابر عن أبى جعفر عليه السلام قال: قال الحسين بن على بن أبيطالب عليه السلام لاصحابه قبل أن يقتل: قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لى: يا بنى انك ستساق إلى العراق وهى أرض قد التقى فيها النبيون واوصياء النبيين، وهى أرض تدعى غمورا، وانك تستشهد بها وتستشهد معك جماعة من أصحابك لا يجدون الم مس الحديد، وتلا: " يا نار كونى بردا وسلاما " يكون الحرب عليك وعليهم بردا وسلاما والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

" منه (ره)

[439]

كان يعيبها ويبرأ منها، فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار، فجمع له الحطب واستجادوه حتى اذا كان اليوم الذى يحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بنى له بناء لينظر اليه كيف تأخذه النار، ووضع ابراهيم عليه السلام في منجنيق وقالت الارض: يا رب ليس على ظهرى أحد يعبدك غيره يحرق بالنار؟ قال الرب: ان دعانى كفيته.

فذكر أبان عن محمد بن مروان عمن رواه عن أبى جعفر عليه السلام أن دعاء ابراهيم صلى الله عليه يومئذ كان: يا احد يا أحد يا صمد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم قال: توكلت على الله، فقال الرب تبارك وتعالى: كفيت، فقال للنار: " كونى بردا " قال: فاضطربت اسنان ابراهيم صلى الله عليه من البرد حتى قال الله عزوجل: " وسلاما على ابراهيم " وانحط جبرئيل عليه السلام فاذا هو جالس مع ابراهيم يحدثه في النار، قال نمرود: من اتخذ الها فليتخذ مثل اله ابراهيم، قال: فقال عظيم من عظمائهم: انى عزمت على النار ان لا تحرقه، فأخذ عنق من النار نحوه حتى أحرقه، قال: فآمن له لوط فخرج مهاجرا إلى الشام هو وسارة ولوط.

103 - على بن ابراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب عن ابراهيم بن ابى زياد الكرخى قال: سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول: ان ابراهيم صلى الله عليه لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود، فأوثق وعمل له حيرا(1) وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار، ثم قذف ابراهيم صلى الله عليه في النار لتحرقه، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار، ثم أشرفوا على الحير فاذا هم بابراهيم عليه السلام سليما مطلقا من وثاقه، فأخبر نمرود خبره فأمر أن ينفوا ابراهيم من بلاده وان يمنعوه من الخروج بماشيته وماله، فحاجهم ابراهيم عند ذلك، فقال: ان أخذتم ماشيتى ومالى فحقى عليكم أن تردوا على ما ذهب من عمرى في بلادكم، واختصموا إلى قاضى نمرود وقضى على ابراهيم ان يسلم اليهم جميع ما أصاب في بلادهم، وقضى على أصحاب نمرود ان يردوا على ابراهيم صلى الله عليه ما ذهب من عمره في بلادهم، فأخبر بذلك نمرود فأمرهم ان يخلوا سبيله و

___________________________________

(1) الحير: شبه الحظيرة.

[440]

سبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه، وقال: انه ان بقى في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

104 - في كتاب معانى الاخبار أبى رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن ادريس عن أحمد بن محمد عن عيسى بن محمد عن على بن مهزيار عن أحمد بن محمد البزنطى عن يحيى بن عمران عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: ووهبنا له اسحق و يعقوب نافلة قال: ولد الولد نافلة.

105 - في عيون الاخبار عن الرضا عليه السلام حديث طويل في وصف الامامة والامام وذكر فضل الامام يقول فيه عليه السلام: ثم اكرمه الله عزوجل بأن جعلها في ذريته واهل الصفوة و الطهارة فقال عزوجل: ووهبنا له اسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين و جعلناهم ائمة يهدون بامرنا واوحينا اليهم فعل الخيرات وأقام الصلوة وايتاء الزكوة وكانوا لنا عابدين فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا قرنا حتى ورثها النبى صلى الله عليه واله، فقال الله جل جلاله: " ان اولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبى والذين آمنوا والله ولى المؤمنين " فكانت خاصه، فقلدها صلى الله عليه واله عليا عليه السلام بأمر الله عزوجل على رسم ما فرض الله تعالى، فصارت في ذريته الاصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان، بقوله تعالى: " قال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث " فهى في ولد على بن ابى طالب عليه السلام خاصة إلى يوم القيامة اذ لا نبى بعد محمد صلى الله عليه واله.في اصول الكافى مثله سواء.

106 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله نقلا عن تفسير أبى العباس ابن عقدة عثمان بن عيسى عن المفضل عن جابر قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام ما الصبر الجميل؟ قال: ذاك صبر ليس شكوى إلى الناس، ان ابراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان عابد من العباد في حاجة، فلما رآه الراهب حسبه ابراهيم فوثب اليه فاعتنقه وقال: مرحبا بك يا خليل الرحمن، فقال يعقوب: لست بابراهيم ولكنى

[441]

يعقوب بن اسحق بن ابراهيم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة هنا.

107 - وفى كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن النبى صلى الله عليه واله حديث طويل في فضل على وفاطمة عليهما السلام وفيه قال صلى الله عليه واله: وارزقهما ذريه طاهرة طيبة مباركة واجعل في ذريتهما البركة، واجعلهم ائمة يهدون بأمرك إلى طاعتك ويأمران بما يرضيك.

108 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن احمد بن محمد ومحمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبى عبدالله عليه السلام قال قال: ان الائمة في كتاب الله عزوجل امامان: قال الله تبارك وتعالى: " وجعلناهم ائمة يهدون بأمرنا " لا بأمر الناس، يقدمون ما امر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم، قال: " وجعلناهم ائمة يدعون إلى النار " يقدمون امرهم قبل امر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون باهوائهم خلاف ما في كتاب الله.

109 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله: ونجيناه يعنى لوطا من القرية التى كانت تعمل الخبائث قال: كانوا ينكحون الرجال.

110 - في الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابنا عن المعلى أبى عثمان عن أبى بصير قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول عزوجل: وداود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم فقال: لا يكون النفش الا بالليل، ان على صاحب الحرث ان يحفظ الحرث بالنهار، وليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار، انما رعاها بالنهار وأرزاقها، فما أفسدت فليس عليها، وعلى صاحب الماشية حفظ الماشية بالليل عن حرث الناس، فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا وهو النفش، وان داود عليه السلام حكم للذى أصاب زرعه رقاب الغنم وحكم سليمان عليه السلام الرسل والثلاثه وهو اللبن والصوف في ذلك العام.

111 - احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عبدالله بن بحر عن ابن مسكان عن أبى بصير عن أبى عبدالله (ع) قال: قلت له قول الله عزوجل: وداود

[442]

وسليمان اد يحكمان في الحرث قلت: حين حكما في الحرث كان قضيه واحدة؟ فقال: انه كان أوحى الله عزوجل إلى النبيين قبل داود إلى أن بعث الله داود: اى غنم نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم، ولا يكون النفش الا بالليل، فان على صاحب الرزع أن يحفظ بالنهار، وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم بالليل، فحكم داود بما حكمت به الانبياء عليهم السلام من قبله، وأوحى الله عزوجل إلى سليمان (ع): واى غنم نفشت في زرع فليس لصاحب الزرع الا ما خرج من بطونها، وكذلك جرت السنة بعد سليمان (ع) وهو قول الله عزوجل: وكلا آتيناه حكما وعلما فحكم كل واحد منهما بحكم الله عزوجل.

112 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن يزيد بن اسحق شعر عن هارون ابن حمزة قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن البقر والابل والغنم يكون في الرعى فتفسد شيئا هل عليها ضمان؟ فقال: ان أفسدت نهارا فليس عليها ضمان من أجل ان اصحابه يحفظونه، وان افسدت ليلا فانه عليها ضمان.

113 - في اصول الكافى الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن منهال عن عمرو بن صالح عن محمد بن سليمان عن عيثم بن اسلم عن معاوية بن عمار عن ابى عبدالله (ع) قال: ان الامامة عهد من الله عزوجل معهود لرجال مسمين، ليس للامام ان يزويها عن الذى يكون من بعده، ان الله تبارك وتعالى اوحى إلى داود (ع) ان اتخذ وصيا من اهلك، فانه قد سبق في علمى أن لا ابعث نبيا الا وله وصى من اهله، وكان لداود عليه السلام اولاد عدة، وفيهم غلام كانت امه عند داود وكان لها محبا، فدخل داود حين أتاه الوحى فقال لها: ان الله عزوجل اوحى إلى يأمرنى ان أتخذ وصيا من اهلى، فقالت له أمرأته: فليكن ابنى، قال: ذاك اريد وكان السابق في علم الله المحتوم عنده انه سليمان، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى داود: ان لا تجعل دون أن يأتيك امرى، فلم يلبث داود ان ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم، فاوحى الله عزوجل إلى داود: ان أجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب

[443]

فهو وصيك من بعدك، فجمع داود عليه السلام ولده فلما ان قص الخصمان قال سليمان عليه السلام: يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال: دخلته ليلا، قال: قد قضيت عليك ياصاحب الغنم باولاد غنمك واصوافها في علمك هذا، ثم قال له داود: فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بنى اسرائيل فكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان: ان الكرم لم تجتث من أصله وانما أكل حمله(1) وهو عائد في قابل، فأوحى الله عزوجل إلى داود: ان القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به.

يا داود اردت امرا واردنا امرا غيره، فدخل داود على امرأته فقال: اردنا أمرا واراد الله أمرا غيره، ولم يكن الاما أراد الله عزوجل فقد رضينا بأمر الله عزوجل وسلمنا، وكذلك الاوصياء ليس لهم ان يتعدوا بهذا الامر فيجاوزن صاحبه إلى غيره.

114 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنى أبى عن عبدالله بن يحيى عن ابن مسكان عن أبيبصير عن أبيعبد الله عليه السلام قال: كان في بنى اسرائيل رجل وكان له كرم ونفشت فيه الغنم بالليل وقضمته(2) وأفسدته، فجاء صاحب الكرم إلى داود فاستعدى على صاحب الغنم، فقال داود عليه السلام: اذهبا إلى سليمان عليه السلام ليحكم بينكما، فذهبا اليه فقال سليمان عليه السلام: ان كان الغنم اكلت الاصل والفرع فعلى صاحب الغنم ان يدفع إلى صاحب الكرم الغنم وما في بطونها، وان كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالاصل فانه يدفع ولدها إلى صاحب الكرم، وكان هذا حكم داود، وانما اراد ان يعرف بنى اسرائيل ان سليمان وصيه بعده ولم يختلفا في الحكم، ولو اختلف حكمهما لقال: كنا لحكمهما شاهدين.

115 - في من لا يحضره الفقيه روى جميل بن دراج عن زرارة عن ابيجعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " وداود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم " قال لم يحكما انما كانا يتناظران ففهمها سليمان.

116 - وروى الوشاء عن احمد بن عمر الحلبى قال: سألت ابا الحسن

___________________________________

(1) الجث: انتزاع لشجرة من اصله والحمل - بالكسر - ما يحمله الشجر من الثمرة.

(2) اى أكلته.

[444]

عليه السلام عن قول الله عزوجل: " وداود وسليمان اذ يحكمان في الحرث " قال: كان حكم داود رقاب الغنم، والذى فهم الله عزوجل سليمان ان الحكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله.

117 - في مجمع البيان واختلف في الحكم الذى حكما به، فقيل انه كان كرما قد بدت عناقيده(1) فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم، فقال سليمان عن هذا يا نبى الله أرفق(2) قال: وما ذاك؟ قال: تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى اذا عاد الكرم كما كان، ثم دفع كل واحد منهما إلى صاحبه ما له وروى ذلك عن ابيجعفر وابيعبد الله عليهما السلام.

118 - وروى عن النبى صلى الله عليه واله ان سليمان قضى بحفظ المواشى على أربابها ليلا وقضى بحفظ الحرث على أربابه نهارا.

قال عز من قائل: وسخرنا من داود الجبال يسبحن والطير وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من باسكم فهل انتم شاكرون.

119 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام انه قال في حديث يذكر فيه قصة داود عليه السلام انه خرج يقرء الزبور، وكان اذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر الا جاوبه.

120 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم السلام قال: ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لامير المؤمنين عليه السلام: فان هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه؟ قال له على عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه واله أعطى ما هو أفضل من

___________________________________

(1) العناقيد جمع العنقود وهو من العنب وغيره: ما تعقد وتراكم من حبه في عرق واحد وبالفارسية " خوشة ".

(2) كذا في النسخ وفى المصدر " فقال سليمان: غير هذا يا نبى الله ".

[445]

هذا، انه كان اذا قام إلى الصلوة سمع لصدره وجوفه ازيز كأزيز المرجل على الاثافى(1) من شده البكاء، وقد امنه الله عزوجل من عذابه، فاراد ان يتخشع لربه ببكائه ويكون اماما لمن اقتدى به، ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل لمحمد صلى الله عليه واله ما هو افضل من هذا، اذ كنا معه على جبل حراء اذ تحرك الجبل فقال له: قر فليس عليك الا نبى او صديق شهيد، فقر الجبل مجيبا لامره، منتهيا إلى طاعته ولقد مررنا معه بجبل، واذا الدموع تخرج من بعضه، فقال له: ما يبكيك يا جبل؟ فقال: يا رسول الله كان المسيح مر بى وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس والحجارة فأنا اخاف ان اكون تلك الحجارة، قال: لا تخف تلك الحجارة الكبريت، فقر الجبل وسكن وهدأ(2) واجاب لقوله.

121 - في كتاب المناقب لابن شهر آشوب كتاب الارشاد للزهرى قال سعيد ابن المسيب: كان الناس لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج على بن الحسين عليه السلام فخرج وخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده، فلم يبق شجر ولا مدر الا سبحوا معه، ففزعت منه فرفع راسه فقال: يا سعيد أفزعت؟ قلت: نعم يا ابن رسول الله، فقال: هذا التسبيح الاعظم.

وفى رواية سعيد بن المسيب قال: كان القراء لا يحجون حتى يحج زين العابدين عليه السلام، وكان يتخذ لهم السويق الحلو والحامض، ويمنع نفسه، فسبق يوما إلى الرحل فألفيته وهو ساجد، فوالذى نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل و الراحلة يردون عليه مثل كلامه.

122 - في الكافى احمد بن ابى عبدالله عن شريف بن سابق عن الفضل بن ابى -

___________________________________

(1) قال الجزرى وفيه " انه كان يصلى ولجوفه ازيز كأزيز المرجل من البكاء " اى خنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء وقيل هو ان يجيش جوفه ويغلى بالبكاء " انتهى " والمرجل - كمنبر -: القدر.

والاثافى: الاحجار التى يوضع عليها القدر.

(2) هدأ بمعنى سكن ايضا.

[446]

قرة عن ابيعبد الله عليه السلام ان امير المؤمنين صلى الله عليه قال: اوحى الله عزوجل إلى داود عليه السلام انك نعم العبد لولا انك تأكل من بيت المال، ولا تعمل بيدك شيئا قال: فبكى داود عليه السلام أربعين صباحا فأوحى الله عزوجل إلى الحديد ان: لن لعبدى داود، فالان الله عزوجل له الحديد فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلثمأة وستين درعا فباعها بثلاثمأة وستين الفا، واستغنى عن بيت المال.

123 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله عزوجل: ولسليمان الريح عاصفة قال: تجرى من كل جانب إلى الارض التى باركنا فيها قال: إلى بيت المقدس والشام.

124 - في كتاب الخصال عن أبيعبد الله عليه السلام قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الاربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقال عليه السلام: آخر اربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الاربعاء القى ابراهيم في النار، ويوم الاربعاء ابتلى أيوب عليه السلام بذهاب ماله وولده.

125 - عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ابتلى أيوب سبع سنين بلا ذنب.

126 - عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام قال: ان ايوب عليه السلام ابتلى بغير ذنب، وان الانبياء معصومون لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا وقال عليه السلام: ان أيوب مع جميع ما ابتلى به لم تنتن له رائحة، ولا قبحت له صورة ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح، ولا استقذره أحد رآه، ولا استوحش منه أحد شاهده ولا تدود شى من جسده، وهكذا يصنع الله عزوجل بجميع من يبليهه من أنبيائه و أوليائه المكرمين عليه، وانما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره، لجهلهم بما له عند ربه تعالى ذكره من التأييد والفرح، وقد قال النبى صلى الله عليه واله: أعظم الناس بلاء الانبياء، ثم الامثل فالامثل، وانما ابتلاه الله بالبلاء العظيم الذى يهون معه على جميع الناس، لئلا يدعوا له معه الربوبية اذا شاهدوا ما أراد الله تعال ذكره ان يوصله

[447]

اليه من عظائم نعمه متى شاهدوه، لستدلوا بذلك على ان الثواب من الله تعالى على ضربين: استحقاق واختصاص، ولئلا يحقروا ضعيفا لضعفه، ولا فقيرا لفقره، ولا مريضا لمرضه، وليعلموا انه يسقم من يشاء ويشفى من يشاء، متى شاء كيف شاء بأى شئ شاء، ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء، وشقاوة لمن يشاء، وهو عزوجل في جميع ذلك عدل في قضاء‌ه، وحكيم في أفعاله، لا يفعل بعباده الا الا صلح لهم ولا قوة الا بالله.

127 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: انما كانت بلية ايوب التى ابتلى بها في الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها، وكان ابليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش، فلما صعد عمل أيوب باداء شكر النعمة حسده ابليس، فقال: يا رب ان ايوب لم يؤد شكر هذه النعمة الا بما أعطيته من الدنيا فلو حلت بينه وبين دنياه ما أدى اليك شكر نعمة، فقال: قد سلطتك على دنياه، فلم يدع له دنيا ولا ولدا الا أهلك كل شئ له، وهو يحمد الله عزوجل ثم رجع اليه فقال: يا رب ان ايوب يعلم أنك سترد اليه دنياه التى أخذتها منه، فسلطنى على بدنه تعلم انه لا يؤدى شكر نعمة، قال الله عزوجل: قد سلطتك على بدنه ما عدا عينه وقلبه و لسانه وسمعه، فقال أبوبصير: قال أبوعبدالله عليه السلام: فانقض مبادرا خشية أن تدركه رحمة الله عزوجل فتحول بينه وبينه، فنفخ في منخريه من نار السموم فصار جسده نقطا نقطا.

128 - حدثنا أبى رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله عن أحمد بن أبى عبدالله البرقى عن ابيه عن عبدالله بن يحيى البصرى عن عبدالله بن مسكان عن ابى بصير قال: سألت ابا الحسن الماضى عليه السلام عن بلية ايوب التى ابتلى بها في الدنيا لاى علة كانت؟ قال: لنعمة انعم الله عليه بها فأدى شكرها، وذكر كالسابق إلى قوله: فتحول بينه وبينه، ويتصل بذلك فلما اشتد به البلاء وكان في آخر بليته جاء‌ه اصحابه فقالوا: يا ايوب ما نعلم احدا ابتلى بمثل هذه البلية الا لسريرة سوء، فلعلك اسررت سوء‌ا في الذى تبدى لنا قال: فعند ذلك ناجى ايوب ربه عزوجل: رب ابتليتنى بهذه البلية وأنت تعلم

[448]

انه لم يعرض لى أمران قط الا لزمت أخشنهما على بدنى ولم آكل أكلة قط الا وعلى خوانى يتيم، فلو ان لى منك مقعد الخصم لادليت بحجتى(1) قال: فعرضت سحابة فنطق فها ناطق فقال: يا ايوب أدل بحجتك، قال: فشد عليه مزره وجثا على ركبتيه وقال: ابتليتنى وأنت تعلم انه لم يعرض لى أمران قط الا الزمت أخشنهما على بدنى، ولم آكل أكلة من طعام الا وعلى خوانى يتيم.

قال: فقيل له: يا أيوب من حبب اليك الطاعة؟ قال: فأخذ كفا من تراب فوضعه في فيه ثم قال: أنت يا رب.

129 - وباسناده إلى الحسن الربيع عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ان الله تبارك وتعالى ابتلى ايوب عليه السلام بلا ذنب فصبر حتى عير، وان الانبياء لا يصبرون على التعيير.

130 - في الكافى عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سنان عن عثمان النوا عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ان الله عزوجل يبتلى المؤمن بكل بلية، ويميته بكل ميتة ولا يبتليه بذهاب عقله أما ترى أيوب عليه السلام كيف سلط ابليس على ماله وعلى أهله، وكل شئ منه، ولم يسلط على عقله، ترك له يوحد الله عزوجل به.

131 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد ابن عيسى بن زياد عن الحسن بن على بن فضال عن عبدالله بن بكير وغيره عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: وآتيناه أهله ومثلهم معهم قال: أحيى الله عزوجل له أهله الذين كانوا قبل البلية، واحيى له الذين ماتوا وهو في البلية.

132 - في روضة الكافى يحيى بن عمران عن هارون بن خارجة عن أبى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " وآتيناه اهله ومثلهم معهم " قلت: ولده كيف أوتى مثلهم معهم؟ قال: أحيى الله له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ.

133 - على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن عبدالرحمن عن منصور ابن يونس عن أبى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام قال: قلت له: " فاذا قرأت القرآن فاستعذ

___________________________________

(1) أدلى بحجته: أصفرها واحتج بها.

[449]

بالله من الشيطان الرجيم * انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون " فقال: يابا محمد يسلط والله من المؤمن على بدنه، ولايسلط على دينه، قد سلط على أيوب عليه السلام فشوه خلقه، ولم يسلط على دينه، وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم.

134 - في ارشاء المفيد رحمه الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه السلام: انا سيد الشيب، وفى سنة من أيوب.

135 - في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في حديث أبى حمزة الثمالى ان على بن الحسين عليهما السلام دعا حوت يونس بن متى، فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم، وهو يقول: لبيك لبيك يا ولى الله، فقال: من انت؟ قال: حوت يونس يا سيدى، قال: ايتنا بالخبر، قال: يا سيدى ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى ان صار جدك محمد، الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الانبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما لقى نوح من الغرق، وما لقى ابراهيم من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى ايوب من البلاء، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

136 - في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام عند المأمون مع أهل الملل والمقالات وما أجاب به على بن جهم في عصمة الانبياء باسناده إلى أبى الصلت الهروى قال: لما جمع المأمون لعلى بن موسى الرضا عليه السلام إلى أن حكى قوله عليه السلام: واما قوله: وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه انما ظن بمعنى استيقن ان الله لن يضيق عليه رزقه، ألا تسمع قول الله عزوجل: " واما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه " اى ضيق عليه رزقه، ولو ظن ان الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.

137 - وباسناده إلى على بن محمد الجهم قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الانبياء معصومون؟ قال: بلى، قال فما معنى قول الله عزوجل: " وذا النون اذ ذهب مغاضبا

[450]

فظن ان لن نقدر عليه " فقال الرضا عليه السلام، ذاك يونس بن متى عليه السلام، ذهب مغاضبا لقومه فظن بمعنى استيقن " ان لن نقدر عليه " اى لن نضيق عليه رزقه ومنه قول الله عزوجل: " واما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه " اى ضيق عليه وقتر فنادى في الظلمات: ظلمة الليلة وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت ان لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين بتركى مثل هذه لعبادة التى فرغتنى لها في بطن الحوت، فاستجاب الله وقال عزوجل: " فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون " فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.

138 - في الكافى أحمد بن محمد العاصمى عن على بن الحسن التيملى عن عمرو بن عثمان عن أبى جميلة عن أبيعبد الله عليه السلام قال: قال له رجل من اهل خراسان بالربذة: جعلت فداك لم أرزق ولدا، فقال له: اذا رجعت إلى بلادك فأردت ان تأتى أهلك فاقرأ اذا أردت ذلك: " وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين " إلى ثلاث آيات فانك سترزق ولدا انشاء الله.

139 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله: " فظن ان لن نقدر عليه " قال: أنزل الله على أشد الامرين، وظن به أشد الظن وقال: ان جبرئيل استثنى في هلاك قوم يونس ولم يسمعه يونس، قلت: ما كان حال يونس لما ظن ان الله لن يقدر عليه، قال: كان من أمر شديد، قلت: وما كان سببه حتى ظن ان الله لن يقدر عليه؟ قال: وكله الله إلى نفسه طرفة عين.

140 - قال: وحدثنى أبى عن ابن أبى عمير عن عبدالله بن سنان عن أبيعبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه واله في بيت ام سلمة في ليلتها ففقدته من الفراش، فدخلها من ذلك ما يدخل النساء، فقامت تطلبه في جوانب البيت حتى انتهت اليه وهو في جانب من البيت قائم، رافع يديه يبكى وهو يقول: اللهم لا تنزع منى صالح ما أعطيتنى أبدا، اللهم لا تشمت بى عدوى ولا حاسدا أبدا، اللهم لا تردنى في سوء استنقذتنى منه

[451]

أبدا، اللهم ولا تكلنى إلى نفسى طرفة عين أبدا، قال: وانصرفت ام سلمة تبكى حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه واله لبكائها، فقال لها: مايبكيك يا ام سلمة؟ قالت بأبى انت و امى يا رسول الله ولم لا أبكى أنت بالمكان الذى أنت به من الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، تسأله ان لا يشمت بك عدوا أبدا، وان لا يردك في سوء استنقذك منه أبدا، وان لا ينزع منك صالح ما أعطاك أبدا، وان لا يكلك إلى نفسك طرفة عين أبدا؟ فقال: يا ام سلمة وما يؤمننى وانما وكل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين، فكان منه ما كان.

141 - وفى رواية ابى الجارود عن أبى جعفر عليه السلام في قوله: و " ذا النون اذ ذهب مغاضبا " يقول: من اعمال قومه " فظن ان لن نقدر عليه " يقول: ظن أن لن يعاقب بما صنع.

142 - حدثنى أبى عن ابن أبيعمير عن جميل قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: ما رد الله العذاب الا عن قوم يونس، فكان يونس يدعوهم إلى الاسلام فيأبون ذلك، فهم أن يدعو عليهم وكان فيهم رجلان: عابد وعالم، وكان اسم أحدهما مليخا والاخر اسمه روبيل، وكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم، وكان العالم ينهاه ويقول: لا تدعن عليهم فان الله يستجيب لك، ولا يحب هلاك عباده فتقبل قول العابد ولم يقبل من العالم، فدعا عليهم فأوحى الله اليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقى العالم فيها، فلما كان اليوم الذى نزل العذاب قال العالم لهم: يا قوم افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم، فقالوا: كيف نصنع؟ فقال: اجتمعوا واخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء والاولاد، وبين الابل وأولادها، وبين البقر وأولادها، وبين الغنم وأولادها، ثم ابكوا وادعوا، فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا، فرحمهم الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال، وقد كان نزل وقرب منهم، فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله فراى الزارعين يزرعون في أرضهم فقال لهم: ما فعل قوم يونس؟ قالوا - ولم يعرفوه -: ان يونس دعا عليهم

[452]

فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا ودعوا فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم، وفرق العذاب على الجبال، فهم اذا يطلبون يونس ليؤمنوا به، فغضب ومر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله عنه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

143 - وفيه ايضا وسئل بعض اليهود أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن سجن طاف أقطار الارض بصاحبة فقال: يا يهودى أما السجن الذى طاف أقطار الارض بصاحبه فانه الحوت الذى حبس يونس في بطنه، فدخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان، ثم خرج في دجلة الغور، قال: ثم مرت به تحت الارض حتى لحقت بقارون، وكان قارون هلك في أيام موسى، ووكل الله به ملكا يدخله في الارض كل يوم قامة، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره، فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به: أنظرنى فانى اسمع كلام آدمى، فأوحى الله إلى الملك: أنظره فأنظره، ثم قال قارون: من أنت؟ قال: أنا المذنب العاصى الخاطئ يونس بن متى، قال: فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال: هيهات هلك، قال: فما فعل الرؤف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك، قال: فما فعلت كلثم بنت عمران التى كانت سميت لى؟ قال: هيهات ما بقى من آل عمران أحد، فقال قارون: وا اسفا على آل عمران، فشكر الله له ذلك فأمر الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب ايام الدنيا، فرفع عنه، فلما راى يونس ذلك نادى في الظلمات " ان لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين " فاستجاب الله له، وأمر الحوت أن يلفظه(1)، فلفظه على ساحل البحر، وقد ذهب جلده ولحمه وأنبت الله عليه شجرة من يقطين، وهى الدباء فأظلته من الشمس فسكن.

144 - وفيه ايضا وفى رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه السلام قال: لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة ايام، ونادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل، وظلمة البحر، ان لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين فاستجاب له ربه،

___________________________________

(1) لفظ فلان الشئ من فيه: رمى به

[453]

فأخرجته الحوت إلى الساحل، ثم قذفه فألقاه بالساحل، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهو القرع.

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

145 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال: وأجده قد شهر هفوات أنبياء‌ه بحبسه يونس في بطن الحوت، حيث ذهب مغاضبا مذنبا: وأمأ هفوات الانبياء عليهم السلام وما بينه الله في كتابه، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عزوجل الباهرة، وقدرته القاهرة، وعزته الظاهرة، لانه علم ان براهين الانبياء عليهم السلام تكبر في صدور أممهم، وان يتخذ بعضهم الها كالذى كان من النصارى في ابن مريم، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذى انفرد به عزوجل.

146 - في تفسير العياشى عن أبى عبيدة الحذاء عن أبى جعفر عليه السلام كتب أمير المؤمنين عليه السلام قال: حدثنى رسول الله صلى الله عليه واله ان جبرئيل حدثه ان يونس بن متى عليه السلام بعثه الله إلى قومه، وذكر حديثا طويلا يذكر فيه ما فعل قوم يونس وخروج يونس وتنوخا العابد من بينهم، ونزول العذاب عليهم وكشفه عنهم وفيه: فلما راى قوم يونس ان العذاب قد صرف عنهم هبطوا إلى منازلهم من رؤس الجبال، وضموا اليهم نساء‌هم وأولادهم وأموالهم، وحمدوا الله على ما صرف عنهم، وأصبح يونس وتنوخا يوم الخميس في موضعهما الذى كانا فيه، لا يشكان ان العذاب قد نزل بهم وأهلكهم جميعا، لما خفيت أصواتهم عنهما، فاقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع الشمس ينطران إلى ما صار اليه القوم، فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون والحمارة و الرعاة بأعناقهم، ونظرا إلى أهل القرية مطئنين، قال يونس لتنوخا: يا تنوخا كذبنى الوحى وكذبت وعدى لقومى، لا وعزة ربى لا يرون لى وجها أبدا بعد ما كذبنى الوحى، فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه ناحية بحر ايلة(1) مستنكرا فرارا من أن يراه أحد من قومه، فيقول له: يا كذاب ! فلذلك قال: " و

___________________________________

(1) مر في الجزء الثانى صفحة 326 بيان للحديث وشرح بعض اللغات فراجع.

[454]

ذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه " الاية ورجع تنوخا إلى القرية.

147 - عن الثمالى عن أبى جعفر عليه السلام قال: ان يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم فأصبحوا أول يوم، ووجوههم صفر، وأصبحوا اليوم الثانى ووجوههم سود، قال وكان الله واعدهم ان يأتيهم العذاب حتى نالوه برماحهم، ففرقوا بين النساء وأولادهن والبقر وأولادها، ولبسوا المسوح(1) والصوف ووضعوا الحبال في أعناقهم، و الرماد على رؤسهم، وضجوا ضجة واحدة إلى ربهم، وقالوا: آمنا باله يونس، قال: فصرف الله عنهم العذاب إلى جبال آمد(2) قال: وأصبح يونس وهو يظن انهم هلكوا، فوجدهم في عافية فغضب وحرج كما قال الله: " مغاضبا " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

148 - عن معمر قال: قال أبوالحسن الرضا عليه السلام: ان يونس لما أمره الله عزوجل بما أمره فأعلم قومه فأظلهم العذاب ففرقوا بينهم وبين أولادهم، وبين البهائم واولادها ثم عجوا إلى الله وضجوا، فكف الله العذاب عنهم، فذهب يونس مغاضبا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

149 - في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وفى حديث أبى حمزة الثمالى انه دخل عبدالله بن عمر على زين العابدين عليه السلام وقال له: يا ابن الحسين أنت الذى تقول: ان يونس بن متى انما لقى من الحوت ما لقى لانه عرضت عليه ولاية جدى فتوقف عندها؟ قال: بلى ثكلتك امك، قال: فأرنى آية ذلك ان كنت من الصادقين، فأمر بشد عينه بعصابة وعينى بعصابة، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فاذا نحن على شاطئ يضرب أمواجه بها، فقال ابن عمر: يا سيدى دمى في رقبتك الله الله في نفسى، قال هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين، ثم قال: يا أيتها الحوت قال: فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم، وهو يقول: لبيك لبيك يا ولى الله، فقال: من أنت؟ قال: حوت يونس يا

___________________________________

(1) المسوح جمع المسح - بالكسر -: الكساء من شعر.

(2) قال الحموى: آمد - بكسر الميم - اعظم ديار بكر.

[455]

سيدى، قال: ايتنا بالخبر، قال: يا سيدى ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى أن صار جدك محمد الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الانبياء سلم و تخلص، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما لقى نوح من الغرق، وما لقى ابراهيم من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيوب من البلاء، وما لقى داود من الخطيئة، إلى ان بعث الله يونس فأوحى الله اليه أن يا يونس: تول أمير المؤمنين عليا والائمة الراشدين من صلبه في كلام له.

قال: فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه؟ وذهب مغتاظا فأوحى الله تعالى إلى: ان التقمى يونس ولا توهنى له عظما، فمكث في بطنى أربعين صباحا يطوف معى في البحار في ظلمات ثلاث، ينادى انه لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين، قد قبلت ولاية على بن أبيطالب والائمة الراشدين من ولده عليهم السلام، فلما ان آمن بولايتكم امرنى ربى فقذفته على ساحل البحر، فقال زين العابدين عليه السلام: ارجع ايها الحوت إلى وكرك(1) فرجع الحوت واستوى الماء.

150 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره في دعاء يوم الاربعاء: يا من سمع الهمس من ذى النون في بطن الحوت في الظلمات الثلاث: ظلمة الليل، وظلمة قعر البحر وظلمة بطن الحوت.

151 - في تهذيب الاحكام باسناده إلى الحسن بن على بن عبدالملك الزيات عن رجل عن كرام عن أبيعبد الله عليه السلام قال: أربع لاربع، إلى قوله: والرابعة للغم و الهم " لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين " قال الله سبحانه: " فاستجبنا له و نجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين ".

152 - في كتاب الخصال عن الصادق عليه السلام جعفر بن محمد عليهما السلام قال: عجبت لمن يفزع من اربع كيف لا يفزع من اربع، إلى قوله عليه السلام وعجبت لمن اغنم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: " لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين " فأنى سمعت

___________________________________

(1) الوكر: عش الطائر.

[456]

الله يقول بعقبها: فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين.

153 - في امالى شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى على بن محمد الصيمرى الكاتب قال: تزوجت ابنة جعفر بن محمد الكاتب فأحببتها حبا لم يحب احد احدا مثله، وابطأ على الولد فصرت إلى أبى الحسن على بن محمد بن الرضا(ع) فذكرت ذلك له فتبسم، وقال: اتخذ خاتما فضة فيروزج واكتب عليه: رب لا تذرنى فردا وانت خير الوارثين قال: ففعلت فما اتى على حول حتى رزقت منها ولدا ذكرا.

154 - في عوالى اللئالى روى عن سيد العابدين عليه السلام انه قال لبعض أصحابه: قل لطلب الولد: " رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين واجعل لى من لدنك وليا يرثنى " في حيوتى ويستغفر لى بعد وفاتى واجعله خلقا سويا ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا اللهم انى استغفرك واتوب اليك انك انت التواب الرحيم سبعين مرة.

155 - في الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن رجل عن محمد بن مسلم عن أبيجعفر عليه السلام قال: من أراد أن يحبل له فليصل ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع والسجود، ثم يقول: اللهم ان اسئلك بما سئلك به زكريا اذ قال: رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين، اللهم هب لى ذرية طيبة انك سميع الدعاء اللهم باسمك استحللتها، وفى امانتك أخذتها، فان قضيت في رحمها ولدا فاجعله غلاما مباركا زكيا، ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا ولا شركا.

156 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبى بكر الحضرمى عن الحارث النضرى قال قلت لابيعبد الله عليه السلام: انى من أهل بيت قد انقرضوا وليس لى ولد؟ فقال: ادع وأنت ساجد: " رب هب لى من لدنك وليا رب لا تذرنى فردا وانت خير الوارثين " قال: ففعلت فولد لى على والحسين.

157 - في تفسير على بن ابراهيم وفى رواية على بن ابراهيم في قوله: " و زكريا اذ نادى ربه رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى و اصلحنا له زوجه " قال: كانت لا تحيض فحاضت.

[457]

158 - في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: ان الناس يعبدون الله تعالى على ثلثة أوجه، فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهى الطمع، وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبيد وهى الرهبة، ولكنى أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام.

159 - في كتاب معانى الاخبار باسناده إلى على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: الرغبة ان تستقبل براحتيك السماء وتستقبل بهما وجهك والرهبة أن تلقى كفيك وترفعهما إلى الوجه.

160 - في اصول الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن اسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبى اسحاق عن أبى عبدالله عليه السلام قال: الرغبة ان تستقبل ببطن كفيك إلى السماء، والرهبة ان تجعل ظهر كفيك إلى السماء.

161 - وباسناده إلى مروك بياع اللؤلؤ عمن ذكره عن أبيعبد الله عليه السلام قال: ذكر الرغبة وأبرز باطن راحتيه إلى السماء، هكذا الرهبة وجعل ظهر كفيه إلى السماء.

162 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن فضالة عن العلا عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: مر بى رجل وانا ادعو في صلوتى بيسارى فقال: يا عبدالله بيمينك ! فقلت: يا عبدالله ان الله تبارك وتعالى حقه على هذه كحقه على هذه، وقال: الرغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما والرهبة تظهر ظهرهما والاحاديث الثلاث طوال أخذنا منها موضع الحاجة.

163 - في تفسير على بن ابراهيم: ويدعوننا رغبا ورهبا قال: راغبين راهبين، وقوله: التى احصنت فرجها قال: مريم لم ينظر اليها شئ وقوله: فنفخنا فيها من روحنا قال: روح مخلوقة يعنى من أمرنا.

164 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله عن امير المؤمنين عليه السلام حديث أجاب فيه بعض الزنادقة وقد قال معترضا: وأجده يقول: ومن يعمل من الصالحات وهو

[458]

مؤمن فلا كفران لسعيه ويقول: " وانى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " اعلم في الاية الاولى ان الاعمال الصالحة لا تكفر، واعلم في الثانية ان الايمان والاعمال الصالحة لا تنفع الا بعد الاهتداء قال عليه السلام: واما قوله: " ومن يعمل من الصالحات و هو مؤمن فلا كفران لسعيه " وقوله: " انى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " فان ذلك كله لا يغنى الا مع الاهتداء وليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة ولو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد و اقرارها بالله، ونجى ساير المقرين بالوحدانية من ابليس فمن دونه في الكفر، وقد بين الله ذلك بقوله: " الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن و هم مهتدون " وبقوله: " الذين قالوا آمنا بآفواهم ولم تؤمن قلوبهم ".

165 - في مجمع البيان وحرام على قرية أهلكناها انهم لا يرجعون وروى محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام انه قال: كل قرية أهلكها الله بعذاب فانهم لا يرجعون.

166 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله عزوجل: " وحرام على قرية اهلنكاها انهم لا يرجعون " فانه حدثنى ابى عن ابن أبى عمير عن ابن سنان عن أبى بصير عن محمد بن مسلم عن أبى عبدالله وأبى جعفر عليهما السلام قالا: كل قرية اهلك الله عزوجل أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، فهذه الاية من أعظم الدلالة في الرجعة لان احدا من أهل الاسلام لا ينكر ان الناس كلهم يرجعون إلى القيامة، من هلك ومن لم يهلك " انتهى كلامه ".

167 - وفيه ايضا قال الصادق عليه السلام: كل قرية اهلك الله اهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، فاما إلى القيامة فيرجعون ومحضوا الايمان محضا وغيرهم ممن لم يهكلوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضا يرجعون.

وقوله عزوجل: حتى اذا فتحت ياجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون قال: اذا كان في آخر الزمان خرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا ويأكلون ثم احتج عزوجل على عبدة الاوثان فقال: انكم وما تعبدون من دون الله حصب

[459]

جهنم إلى قوله: وهم فيها لا يسمعون.

169 - وفى رواية أبى الجارود عن أبيجعفر عليه السلام قال: لما نزلت هذه الاية وجد منها أهل مكة وجدا شديدا، فدخل عليهم عبدالله بن الزبعرى وكفار قريش يخوضون في هذه الاية فقال ابن الزبعرى: أمحمد تكلم بهذه الاية؟ فقالوا: نعم، قال ابن الزبعرى: لئن اعترف بها لاخصمنه فجمع بينهما فقال: يا محمد أرأيت الاية التى قرأت آنفا، فينا وفى آلهتنا خاصة أم الامم وآلهتهم؟ فقال: بل فيكم وفى آلهتكم وفى الامم وفى آلهتهم، الا من استثنى الله فقال ابن الزبعرى: خصمتك والله ألست تثنى على عيسى خيرا وقد عرفت ان النصارى يعبدون عيسى وامه، وان طائفة من الناس يعبدون الملائكة؟ أفليس هؤلاء من الالهة في النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله: لا، فضحت قريش وضحكوا، قالت قريش: خصمك ابن الزبعرى، فقال رسول الله صلى الله عليه واله: قلتم الباطل اما قلت: الا من استثنى الله وهو قوله تعالى: ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت انفسهم خالدون وقوله: " حصب جهنم " يقول: يقذفون فيها قذفا وقوله: " اولئك عنها مبعدون " يعنى الملائكة وعيسى بن مريم عليهما السلام.

170 - في مجمع البيان وقرائة على عليه السلام " حطب " بالطاء.

171 - في كتاب علل الشرايع ابى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبدالله عن ابراهيم بن مهزيار عن أخيه عن أحمد بن محمد عن حماد بن عيسى عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: اذا كان يوم القيمة أتى بالشمس والقمر في صورة ثورين عقيرين(1) فيقذفان بهما وبمن يعبدهما في النار، وذلك انهما عبدا فرضيا.

172 - في قرب الاسناد للحميرى باسناده إلى أبى عبدالله عليه السلام عن أبيه رسول الله صلى الله عليه واله قال: ان الله تبارك وتعالى يأتى يوم القيامة بكل شئ يعبد من دونه من شمس أو قمر أو غير ذلك، ثم يسأل كل انسان عما كان يعبد، فيقول كل من عبد غير

___________________________________

(1) العقير: المقطوع القوائم.

[460]

الله: ربنا انا كنا نعبدها لقربنا اليك زلفى، قال: فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة: اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النار ما خلا من استثنيت، فاولئك عنها معبدون.

173 - في محاسن البرقى وروى ابن أبى يعفور عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ان الله يأتى بكل شئ يعبد من دونه شمس أو قمر أو تمثال أو صورة؟ فيقال: اذهبوا بهم و بما كانوا يعبدون إلى النار.

174 - عنه عن أبيه عن حمزة بن عبدالله الجعفرى الدهنى أو عن جميل بن دراج عن أبان بن تغلب قال: قال: ان الله يبعث بشيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من الذنوب أو غيره مبيضة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعتهم، قد سهلت لهم الموارد، وذهبت عنهم الشدائد، يركبون نوقا من ياقوت، فلا يزالون يدورون خلال الجنة عليهم شرك من نور يتلالا، توضع لهم الموائد فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب هو قول الله تبارك وتعالى: " ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم فيها اشتهت أنفسهم خالدون ".

175 - في امالى الصدوق رحمه الله عن النبى صلى الله عليه واله حديث طويل وفيه يقول لعلى عليه السلام: يا على أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم، وأنتم الامنون يوم الفزع الاكبر في ظل العرش، يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا تحزنون.

فيكم نزلت هذه الاية: " ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون " و فيكم نزلت: لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذى كنتم توعدون.

176 - في نهج البلاغة فبادروا بأعمالكم تكونوا من جيران الله في داره رافق بهم رسله، وأزارهم ملائكته، وأكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار ابدا، وصان اجسادهم ان تلقى لغوبا ونصبا، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

177 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله: " وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا * ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا " يعنى في البحار اذا

[461]

تحولت نيرانا يوم القيامة، وفى حديث آخر قال: هى منسوخة بقوله: " ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون ".

178 - حدثنى أبى عن محمد بن ابى عمير عن منصور بن يونس عن عمر بن شيبة عن ابيجعفر عليه السلام قال: سمعته يقول ابتداء‌ا منه: ان الله اذا بدا له ان يبين خلقه ويجمعهم لما لابد منه امر مناديا فنادى فاجتمع الانس والجن في اسرع من طرفة عين، ثم اذن لسماء الدنيا فتنزل وكان من وراء الناس، واذن للسماء الثانية فتنزل وهى ضعف التى تليها، فاذا رآها اهل سماء الدنيا قالوا: جاء ربنا؟ قالوا: لا وهو آت يعنى امره، حتى تنزل كل سماء يكون كل واحدة منها من وارء الاخرى وهى ضعف التى تليها، ثم ينزل امر الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضى الامر والى ربكم ترجع الامور، ثم يأمر الله مناديا ينادى " يا معشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من اقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون الا بسلطان، " قال: وبكى حتى اذا سكت قلت: جعلنى الله فداك يابا جعفر وأين رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وشيعته؟ فقال ابوجعفر: رسول الله وشيعته على كثبان(1) من المسك الاذفر على منابر من نور، يحزن الناس ولا يحزنون، ويفزع الناس ولا يفزعون، ثم تلا هذه الاية: " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون " فالحسنة والله ولاية على، ثم قال: لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذى كنتم توعدون.

179 - في مجمع البيان وروى ابوسعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه واله قال: ثلاثة على كثبان مسك لا يحزنهم الفزع الاكبر ولا يكترثون للحساب: رجل قرأ القرآن محتسبا تم ام به قوما محتسبا، ورجل أذن محتسبا، ومملوك ادى حق الله عزوجل وحق مواليه.

180 - في ارشاد المفيد رحمه الله ولما عاد رسول الله صلى الله عليه واله من تبوك إلى المدينة قدم عليه عمرو بن معد يكرب الزبيدى فقال له النبى صلى الله عليه واله: أسلم يا عمرو يؤمنك الله من

___________________________________

(1) الكثبان جمع الكثيب: التل من الرمل.

[462]

الفزع الاكبر، فقال: يا محمد وما الفزع الاكبر فانى لا افزع؟ فقال: انه ليس كما تظن وتحسب، ان الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت الا نشر، ولا حى الا مات الا ما شاء الله، ثم يصاح بهم صيحة اخرى فينشر من مات، ويصفون جميعا وتنشق السماء وتهد الارض وتخر الجبال وتزفر النار بمثل الجبال شررا، فلا يبقى ذو روح الا انخلع قلبه وطاش لبه، وذكر ذنبه وشغل بنفسه الا ما شاء الله، فأين أنت يا عمرو من هذا؟ قال: ألا انى أسمع أمرا عظيما، فآمن بالله ورسوله وآمن معه من قومه ناس، ورجعوا إلى قومهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

181 - في من لا يحضره الفقيه باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ثم تلا هذة الاية: " ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " من شيعتك ومحبيك يا على قال امير المؤمنين عليه السلام فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتى؟ قال: اى وربى انه لشيعتك وانهم ليخرجون من قبورهم، وهم يقولون: لا اله الا الله محمد رسول الله على بن أبى - طالب حجة الله فيؤتون بحلل خضر من الجنة، وتيجان من الجنة، ونجائب من الجنة فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء، ويوضع على رأسه تاج الملك، واكليل الكرامة، ثم يركبون النجائب فتطير بهم إلى الجنة، لا يحزنهم الفزع الاكبر، وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذى كنتم توعدون.

182 - في الكافى محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن اسماعيل عن ابى اسماعيل السراج عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: من دفن في الحرم امن من الفزع الاكبر، فقلت له: من بر الناس وفاجرهم؟ قال: من بر الناس وفاجرهم.

183 - في اصول الكافى باسناده إلى ابى خالد الكابلى عن ابى جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه: والله يابا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه، ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا، فاذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد

[463]

الحساب، وآمنه من فزع يوم القيمة الاكبر.

184 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عمر بن عبدالعزيز عن جميل بن دراج عن أبى عبدالله عليه السلام قال: من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا على الله أن يكسوه من ثياب الجنة، وأن يهون عليه من سكرات الموت، وأن يوسع عليه في قبره، وان تلقى الملائكة اذا خرج من قبره بالبشرى، وهو قول الله عزوجل في كتابه: " وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذى كنتم توعدون ".

185 - في تفسير على بن ابراهيم واما قوله: يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب قال: السجل اسم الملك الذى يطوى الكتب، ومعنى يطويها يفنيها فتتحول دخانا والارض نيرانا.

186 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستى باسناده إلى ابن عباس قال: لما نزلت هذه الاية على رسول الله صلى الله عليه واله: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " غشى عليه وحمل إلى حجرة ام سلمة فانتظره أصحابه وقت الصلوة فلم يخرج، فاجتمع الملسمون فقالوا: ما لنبى الله؟ فقالت ام سلمة: ان نبى الله عنكم مشغول ثم خرج بعد ذلك فرقى المنبر، فقال: ايها الناس انكم تحشرون إلى الله كما خلقتم حفاة عراة، ثم قرأ على أصحابه: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " ثم قرأ: كما بدأنا اول خلق نعيده وعذا علينا انا كنا فاعلين.

187 - في نهج البلاغة استبدلوا بظهر الارض بطنا، وبالسعة ضيقا وبالاهل غربة، وبالنور ظلمة فجاؤها كما فارقوها حفاة عراة، قد ظعنوا عنها بأعمالهم إلى الحيوة الدائمة، والدار الباقية كما قال سبحانه: " كما بدأنا اول خلق نعيده وعدا عليها انا كنا فاعلين ".

188 - في مجمع البيان ويروى عن النبى صلى الله عليه واله انه قال: تحشرون يوم القيامة عراة حفاة غرلا(1) " كما بدأنا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين ".

___________________________________

(1) الغرل جمع الاغرل: الاقلف وهو الذى لم يختن.

[464]

189 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر قال: الكتب كلها ذكر ان الارض يرثها عبادى الصالحون قال: القائم وأصحابه قال: والزبور فيه ملاحم وتحميد وتمجيد ودعاء.

190 - وفيه قال: أعطى الله داود وسليمان عليهما السلام ما لم يعط أحد من أنبياء الله من الايات علمهما منطق الطير، وألان الله لهما الحديد، والصفر من غير نار وجعلت الجبال يسبحن من داود عليه السلام، فأنزل الله عزوجل اليه الزبور فيه توحيد وتمجيد ودعاء، واخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين و الائمة صلوات الله عليهم من ذريتهما عليهما السلام، واخبار الرجعة وذكر القائم صلوات الله عليه.

191 - في تفسير العياشى عن ابى حمزة عن أبيجعفر عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: فلما دنى عمر آدم هبط عليه ملك الموت ليقبض روحه فقال له آدم: يا ملك الموت قد بقى من عمرى ثلاثون سنة، فقال له ملك الموت: الم تجعلها لابنك داود النبى وطرحتها من عمرك حيث عرض عليك اسماء الانبياء من ذريتك وعرض عليك أعمارهم وانت يومئذ بوادى دخنا؟ فقال آدم: يا ملك الموت ما اذكر هذا، فقال له ملك الموت: يا آدم لا تجهل ألم تسال الله أن يثبتها لداود في الزبور ومحاها من عمرك من الذكر؟.

192 - في اصول الكافى محمد عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبدالله بن سنان عن أبيعبد الله عليه السلام انه سأله عن قول الله عزوجل: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر " ما الزبور وما الذكر؟ قال: الذكر عند الله والزبور الذى انزل على داود كل كتاب نزل فهو عند أهل العلم ونحن هم.

193 - في مجمع البيان " ان الارض يرثها عبادى الصالحون " وقال أبوجعفر عليه السلام: هم أصحاب المهدى في آخر الزمان، ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبى صلى الله عليه واله انه قال: لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتى يملاء الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، وقد اورد

[465]

الامام ابوبكر احمد بن الحسين البيهقى في كتاب البعث والنشور أخبارا كثيرة في هذا المعنى حدثنا بجميعها عنه حافده أبوالحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد في شهور سنة ثمانى عشرة وخمسمأة، ثم قال في آخر الباب: فأما الحديث الذى اخبرنا به ابو عبدالله الحافظ بالاسناد عن محمد بن خالد الجندى عن أبان بن صالح عن الحسن عن انس ابن مالك ان النبى صلى الله عليه واله قال: لا يزداد الامر الا شدة، ولا الناس الا شحا، ولا الدنيا الا ادبارا، ولا تقوم الساعة الا على شرار الناس، ولا مهدى الا عيسى بن مريم، فهذا جديث تفرد به محمد بن خالد الجندى، قال أبوعبد بالله الحافظ: ومحمد بن خالد رجل مجهول، واختلف عليه في اسناده فرواه مرة عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس ابن مالك عن النبى صلى الله عليه واله مرة، ومرة عن ابان بن أبى عياش وهو متروك عن الحسن عن النبى صلى الله عليه واله وهو منقطع، والاحاديث في التنصيص على خروج المهدى أصح اسنادا، و فيها بيان كونه من عترة النبى صلى الله عليه واله.

هذا لفظه.

194 - ومن جملتها ما حدثنا أبوالحسن حافده عنه قال: أخبرنا ابوعلى الرودبارى قال: أخبرنا ابوبكر بن داسة قال: حدثنا ابو داود السجستانى في كتاب السنن عن طرق كثيرة ذكرها ثم قال: كلهم عن عاصم المقرى عن زر(1) عن عبدالله عن النبى صلى الله عليه واله قال: لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا منى أو من أهل بيتى وفى بعضها يواطى اسمه اسمى يملاء الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

195 - وبالاسناد قال: حدثنا أبوداود قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم قال حدثنا عبدالله بن جعفر الرقى قال: حدثنى أبوالميلح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن على بن ثقيل عن سعيد بن المسيب عن ام سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: المهدى من عترتى من ولد فاطمة.

196 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله عن أمير المؤمنين حديث طويل وفيه يقول عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة: واما قوله لنبيه صلى الله عليه واله: وما ارسلناك الا رحمة للعالمين

___________________________________

(1) وفى المصدر " زيد " بدل " زر ".

[466]

وانك ترى اهل الملل المخالفة للايمان ومن يجرى مجراهم من الكفار مقيمين على كفرهم إلى هذه الغاية، وانه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من عذاب السعير، فان الله تبارك اسمه انما عنى بذلك انه جعله سبيلا لانظار أهل هذه الدار، لان الانبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض، وكان النبى صلى الله عليه واله منهم اذا صدع بأمر الله وأجابه قومه سلموا وسلم أهل دارهم من ساير الخليقة، وان خالفوه هلكوا وهلك أهل دراهم بالآفة التى كانت بينهم يتوعدهم بها ويخوفهم حلولها ونزولها بساحتهم، من خسف أو قذف أو رجف أو ريح او زلزلة وغير ذلك من أصناف العذاب الذى هلكت به الامم الخالية، ان الله علم من نبينا ومن الحجج في الارض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم من الانبياء الصبر على مثله، فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح، وأثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه: من كنت مولاه فهذا مولاه وهو منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبى بعدى، وليس من خليقة النبى ولا من شيمته ان يقول قولا لا معنى له، فلزم الامة ان تعلم انه لما كانت النبوة ولاخوة موجودتين في خليفة هارون وموسى معدومتين في من جعله النبى صلى الله عليه واله بمنزلته انه قد استخلفه على امته، كما استخلف موسى هارون حيث قال: اخلفنى في قومى، ولو قال لهم: لا تقلدوا الامامة الا فلانا بعينه والا نزل بكم العذاب لاتاهم العذاب، وزال باب الانظار والامهال.

197 - في مجمع البيان وروى ان النبى صلى الله عليه واله قال لجبرئيل لما نزلت هذه الآية: هل أصابك من هذه الرحمة شئ؟ قال: نعم انى كنت أخشى عاقبة الامر فامنت بك لما أثنى الله على بقوله: " ذى قوة عند ذى العرش مكين " وقد قال صلى الله عليه واله: انما أنا رحمة مهداة.

198 - في الكافى عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابنا عن أبى الحسن الاول عليه السلام قال: بعث الله عزوجل محمدا رحمة للعالمين في سبع و عشرين من رجب؟ فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا.

199 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبدالرحمن القصير قال قال

[467]

لى أبوجعفر عليه السلام: اما لو قام قائمنا ردت الحميراء حتى يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة عليها السلام منها، قلت: جعلت فداك ولم يجلدها؟ قال: لفريتها على ام ابراهيم، قلت: فيكف أخره الله للقائم؟ فقال: لان الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه واله رحمة وبعث القائم عليه السلام نقمة.

200 - في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبوبصير عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: قل انما يوحى إلى انما الهكم اله واحد فهل انتم مسلمون الوصية بعدى نزلت مشددة.

201 - في عيون الاخبار في باب جمل من أخبار موسى بن جعفر عليه السلام مع هارون الرشيد ومع موسى بن المهدى حديث طويل يقول فيه عليه السلام: رأيت النبى صلى الله عليه واله ليلة الاربعاء في النوم فقال لى: يا موسى أنت محبوس مظلوم؟ فقلت: نعم يا رسول الله محبوس مظلوم، فكرر ذلك على ثلاثا ثم قال: وان ادرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.

202 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله وروى انه لما قدم معاوية إلى الكوفة قيل له: ان الحسن بن على عليهما السلام يرتفع على أنفس الناس فلو أمرته أن يقوم دون مقامك على المنبر فتدركه الحداثة والعى فيسقط من أعين الناس، فأبى عليهم وأبوا عليه الا أن يأمره بذلك، فأمره فقام دون مقامه في المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اما بعد فانكم لو طلبتم ما بين كذا وكذا لتجدوا رجلا جده نبى لم تجدوه غيرى غير أخى، وانا اعطينا صفقتنا هذه الطاغية واشار بيده إلى أعلى المنبر إلى معاوية وهو في مقام رسول الله صلى الله عليه واله، ورأينا حقن دماء المسلمين أفضل من اهراقها " وان ادرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " وأشار بيده إلى معاوية، فقال له معاوية: ما أردت بقولك هذا؟ فقال: أردت به ما اراد الله عزوجل.

203 - في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وروى انه قال الحسن عليه السلام في صلح معاوية: ايها الناس لو طلبتم ما بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله

[468]

ما وجدتموه غيرى وغير أخى، وان معاوية نازعنى حقا هو لى فتركته لصلاح الامة وحقن دمائها، وقد بايعتمونى على أن تسالموا من سالمت، وقد رأيت ان اسالمه وان يكون ما صنعته حجة على من كان يتمنى هذا الامر " وان ادرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ".

204 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله: قال رب احكم بالحق قال: معناه لا تدع للكفار الحق الانتقام من الظالمين، ومثله في سورة آل عمران " ليس لك من الامر شئ او يتوب عليهم أو يعذبهم فانهم ظالمون ".

[469]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21393954

  • التاريخ : 16/04/2024 - 06:53

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net