00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة العصر من أول السورة ـ آخر السورة من ( ص 427 ـ 440 )  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء العشرون)   ||   تأليف : سماحة آية الله العظمى الشيخ مكارم الشيرازي

[427]

سُورَة العصر

مَكيَّة

وَعَدَدُ آيَآتِهَا ثلاث آيات

[429]

«سورة والعصر»

محتوى السّورة

المعروف أنّ هذه السّورة مكّية، واحتمل بعضهم أنّها مدنية. ويشهد على مكّيتها لحنها ومقاطعها القصيرة.

شمولية هذه السّورة تبلغ درجة حدت ببعض المفسّرين إلى أن يرى فيها خلاصة كل مفاهيم القرآن وأهدافه. بعبارة اُخرى: هذه السّورة ـ رغم قصرها ـ تقدم المنهج الجامع والكامل لسعادة الإنسان.

تبدأ السّورة من قسم عميق المحتوى بالعصر. وسيأتي تفسيره. ثمّ تتحدث عن خسران كلّ ابناء البشر خسراناً قائماً في طبيعة حياتهم التدريجية. ثمّ تستثني مجموعة واحدة من هذا الأصل العام، وهي التي لها منهج ذو أربع مواد:

الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، وهذه الاُصول الأربعة هي في الواقع المنهج العقائدي والعملي الفردي والإجتماعي للإسلام.

فضيلة السّورة:

ورد في فضيلة هذه السّورة عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «من قرأ «والعصر» في نوافله بعثه اللّه يوم القيامة مشرقاً وجهه، ضاحكاً سنّه، قريرة عينه، حتى

[430]

يدخل الجنّة»(1).

وواضح أنّ كل هذه الفضيلة وهذه البشرى نصيب من طبّق الاُصول الأربعة المذكورة في حياته، لا أن يقنع فقط بقراءتها.

* * *

_______________________________________

1 ـ مجمع البيان، ج10، ص545.

[431]

الآيات

وَالْعَصْرِ(1) إِنَّ الاِْنْسَـنَ لَفِى خُسْرٌ(2) إِلاَّ الَّذِينَ اءَمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـلحَـتِ وَتَوَاصَواْ بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبْرِ(3)

التّفسير

طريق النجاة الوحيد:

في بداية هذه السّورة نواجه قَسَماً قرآنيا جديداً، يقول سبحانه:

(والعصر).

كلمة (العصر) في الأصل الضغط، وإنّما اطلق على وقت معين من النهار لأنّ الأعمال فيه مضغوطة. ثمّ أطلقت الكلمة على مطلق الزمان ومراحل تاريخ البشرية، أو مقطع زماني معين، كأن نقول عصر صدر الإسلام. ولذلك ذكر المفسّرون في معنى العصر احتمالات كثيرة:

1 ـ قيل: إنّه وقت العصر من النهار، بقرينة وجود مواضع اُخرى أقسم اللّه فيها بأوّل النهار كقوله تعالى: (والضحى)(1) أو (والصبح إذا أسفر)(2).

_______________________________________

1 ـ والضحى، الآية 1.

2 ـ المدثر، الآية 34.

[432]

وإنّما أقسم بالعصر لأهميته، إذ هو في وقت من النهار يحدث فيه تغيير في نظام المعيشة وحياة البشر، الأعمال اليومية تنتهي، والطيور تعود إلى أوكارها، وقرص الشمس يميل إلى الغروب، ويتجه الجو إلى أن يكون مظلماً بالتدريج.

هذا التغيير يلفت نظر الإنسان إلى قدرة اللّه المطلقة في نظام الكون، وهو في الواقع أحد علامات التوحيد، وأية من آيات اللّه تستحق أن يقسم بها.

2 ـ قيل: إنّه كلّ الزمان وتاريخ البشرية المملوء بدروس العبرة، والأحداث الجسيمة. وهو لذلك عظيم يستحق القسم الإلهي.

3 ـ بعضهم قال: إنّه مقطع خاص من الزمان مثل عصر البعثة النبوية المباركة، أو عصر قيام المهدي المنتظر(عليه السلام)، وهي مقاطع زمنية ذات خصائص متميزة وعظمة فائقة في تاريخ البشر. والقسم في الآية إنّما هو بتلك الأزمنة الخاصّة(1).

4 ـ بعضهم عاد إلى الأصل اللغوي للكلمة، وقال إنّ القَسَم في الآية بأنواع الضغوط والمشاكل التي تواجه الإنسان في حياته، وتبعث فيه الصحوة وتوقظه من رقاده، وتذكره باللّه سبحانه، وتربّي فيه روح الإستقامة.

5 ـ قيل: إنّها إشارة إلى «الإنسان الكامل» الذي هو في الواقع عصارة عالم الوجود والخليقة.

6 ـ وأخيراً قيل إنّ الكلمة يراد بها صلاة العصر، لأهميتها الخاصّة بين بقية الصلوات، لأنّها (الصلاة الوسطى) التي أمر اللّه أن يحافظ عليها خاصّة.

مع أنّ التفاسير أعلاه غير متضادة، ويمكن أن تجتمع كلّها في معنى الآية، ويكون القَسَم بكل هذه الاُمور الهامّة، ولكن الأنسب فيها هو القَسَم بالزمان وتاريخ البشرية. لأنّ القَسَم القرآني ـ كما ذكرنا مراراً ـ يتناسب مع الموضوع الذي أقسم اللّه من أجله ومن المؤكّد أن خسران الإنسان في الحياة ناتج عن

_______________________________________

1 ـ عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) قال في تفسير آية:(والعصر إنّ الإنسان لفي خسر): العصر عصر خروج القائم (أي خروج الإمام المهدي المنتظر سلام اللّه عليه). نور الثقلين، ج5، ص666، الحديث 5.

[433]

تصرّم عمرهم، أو أنّه عصر بعثة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّ المنهج ذا المواد الأربع في ذيل هذه السّورة نزل في هذا العصر.

تتّضح ممّا سبق عظمة آيات القرآن وسعة مفاهيمها. فكلمة واحدة تحمل من المعاني العميقة ما يجعلها صالحة لكل هذه التفاسير المتنوعة.

الآية التالية تحمل الموضوع الذي جاء القَسَم من أجله، يقول سبحانه:

(إنّ الإنسان لفي خسر)

الإنسان يخسر ثروته الوجودية شاء أم أبى،. تمرّ الساعات والأيّام والأشهر والأعوام من عمر الإنسان بسرعة، تضعف قواه المادية والمعنوية، تتناقص قدرته باستمرار.

نعم، إنّه كشخص عنده ثروة عظيمة، وهذه الثروة يؤخذ منها كلّ يوم شيء باستمرار رغم إرادته، هذه طبيعة الحياة الدنيوية... طبيعة الخسران المستمر!

القلب له قدرة معينة على الضربان، وحين تنفد هذه القدرة يتوقف القلب تلقائياً دون علّة من عيب أو مرض. هذا إذا لم يكن توقف الضربان نتيجة مرض. وهكذا سائر الأجهزة الوجودية للإنسان، وثروات قدراته المختلفة.

«خُسر» وخُسران، كما يقول الراغب، انتقاص رأس المال، وينسب ذلك إلى الإنسان، فيقال خَسِرَ فلان، وإلى الفعل فيقال: خسرت تجارته. قال تعالى: (تلك إذن كرة خاسرة). ويستعمل ذلك في المقتنيات الخارجية كالمال والجاه في الدنيا وهو الأكثر، وفي المقتنيات النفسية كالصحة والسلامة والعقل والإيمان والثواب، وهو الذي جعله اللّه تعالى الخسران المبين، وقال: «الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين»(1).

الفخر الرازي في تفسير هذه الآية ينقل عن أحد الصالحين ما ملخصه أنّه

_______________________________________

1 ـ مفردات الراغب، مادة خسر.

[434]

تعلم معنى هذه الآية الكريمة من بائع ثلج كان يصيح ويقول: ارحموا من يذوب رأس ماله، ارحموا من يذوب رأس ماله(1)

على أي حال، الدنيا في المنظور الإسلامي سوق تجارة. كما يقول الإمام علي بن محمّد الهادي(عليه السلام): «الدنيا سوق ربح فيها قوم وخسر آخرون»(2)

الآية الكريمة التي نحن بصددها تقول: كلّ النّاس في هذه السوق الكبرى خاسرون إلاّ مجموعة تسير على المنهج الذي تبيّنه الآية التالية.

نعم، هناك طريق واحد لا غير لتفادي هذا الخسران العظيم القهري الإجباري، وهو الذي تبيّنه آخر آيات هذه السّورة.

(إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)

بعبارة آُخرى: ما يستطيع أن يحول دون هذا الخسران الكبير، وأن يبدله إلى منفعة كبيرة وربح عظيم هو أنّه مقابل فقدان رأس المال، يحصل على رأس مال أغلى وأثمن، يستطيع أن يسدّ مسدّ رأس المال المفقود، بل أن يكون أفضل وأكثر منه عشرات، بل مئات، بل آلاف المرات.

كلّ نفس من أنفاس الإنسان يقربه خطوة نحو الموت، أمير المؤمنين علي(عليه السلام)يقول: «نَفَسُ المرء خُطاه إلى أجله»(3).

وهكذا كلّ ضربة من ضربات القلب تقرب الإنسان من الموت من هنا لابدّ من المبادرة إلى ملء الفراغ الذي يولده هذا الخسران الحتمي.

هناك من ينفق رأس مال عمره وحياته مقابل الحصول على مال قليل أو كثير، على بيت صغير أو فخم.

هناك من ينفق كل رأس المال هذا من أجل الوصول إلى منصب أو مقام.

_______________________________________

1 ـ تفسير الفخر الرازي، ج32، ص85.

2 ـ تحف العقول، ص 361، كلمات الإمام الهادي(عليه السلام).

3 ـ نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 74.

[435]

وهناك من ينفقه في سبيل أهوائه وملذاته.

ليس أي واحد من هذه الاُمور ـ دون شك ـ يمكن أن يكون ثمناً لتلك الثروة العظيمة... ثروة العمر... ثمنها الوحيد رضا اللّه سبحانه ومقام قربه لا غير. قال أمير المؤمنين علي(عليه السلام): «إنّه ليس لأنفسكم ثمن إلاّ الجنّة فلا تبيعوها إلاّ بها»(1).

وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) في دعاء شهر رجب: «خاب الوافدون على غيرك وخسر المتعرضون إلاّ لك».

ومن هنا كان أحد آسماء يوم القيامة «يوم التغابن» كما جاء في قوله سبحانه: (ذلك يوم التغابن)(2). أي ذلك اليوم الذي يظهر من هو المغبون والخاسر.

إنّه لتنظيم رائع في علاقة العبد بربّه. فهو سبحانه من جهة يشتري رأس مال وجود الإنسان: (إنّ اللّه اشترى من المؤمنين...)(3).

ومن جهة اُخرى يشتري سبحانه رأس المال القليل: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره)(4).

ومن جانب آخر يدفع مقابل ذلك ثمناً عظيماً يبلغ أحياناً عشرة أضعاف وأحياناً سبعمائة ضعف، وأحياناً أكثر: (في كلّ سنبلة مائة حبّة، واللّه يضاعف لمن يشاء)(5).

وكما ورد في الدعاء: «يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير».

ومن جهة رابعة، فإنّ كلّ رؤوس أموال الإنسان وثرواته قد وهبها اللّه إيّاه... واللّه بفضله ومنّه ولطفه يعود ليشتري هذه الثروات نفسها بأغلى الأثمان!

* * *

_______________________________________

1 ـ المصدر السابق، الكلمة 456.

2 ـ التغابن، الآية 9.

3 ـ التوبة، الآية 111.

4 ـ الزلزال، الآية 7.

5 ـ البقرة، الآية 261.

[436]

بحث

منهج السعادة ذو المواد الأربع:

من المهم أن نقف ولو قليلاً عند المنهج الذي وضعه القرآن الكريم للنجاة من ذلك الخسران... إنّه منهج يتكون من أربعة اُصول هي:

الأصل الأوّل: «الإيمان»، وهو البناء التحتي لكلّ نشاطات الإنسان، لأنّ فعاليات الإنسان العملية تنطلق من اُسس فكره واعتقاده، لا كالحيوانات المدفوعة في حركاتها بدافع غريزي.

بعبارة اُخرى، أعمال الإنسان بلورة لعقائده وأفكاره، ومن هنا فإن جميع الأنبياء بدأوا قبل كلّ شيء باصلاح الاُسس الإعتقادية للاُمم والشعوب. وحاربوا الشرك بشكل خاص باعتباره أساس أنواع الرذائل والشقاوة والتمزق الاجتماعي.

والآية الكريمة قالت: (إلاّ الذين آمنوا) فذكرت الإيمان بمعناه المطلق ليشمل الإيمان بكلّ المقدسات، ابتداء من الإيمان باللّه وصفاته، حتى الإيمان بالقيامة والحساب والجزاء والكتب السماوية وأنبياء اللّه وأوصيائهم.

الأصل الثّاني: «العمل الصالح»، وهو ثمرة دوحة الإيمان. تقول الآية:

(... وعملوا الصالحات) لا العبادات فحسب، ولا الإنفاق في سبيل اللّه وحده، ولا الجهاد في سبيل اللّه فقط، ولا الإكتفاء بطلب العلم... بل كلّ الصالحات التي من شأنها أن تدفع إلى تكامل النفوس وتربية الأخلاق والقرب من اللّه، وتقدم المجتمع الإنساني.

هذا التعبير يشمل الأعمال الصغيرة، كرفع الحجر من طريق النّاس والأعمال الجسام مثل إنقاذ ملايين النّاس من الضلالة والإنحراف ونشر الرسالة الحقة والعدالة في أرجاء العالم.

وما ورد عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) في تفسير (وعملوا

[437]

الصالحات) بأنّه المواساة والمساواة للأخوة في اللّه، إنّما هو من قبيل بيان المصداق الواضح للأية.

قد تصدر الأعمال الصالحة من أفراد غير مؤمنين، لكنّها غير متجذرة وغير ثابتة وغير واسعة. لأنّها لا تنطلق من دافع إلهي عميق، ولا تحمل صفة الشمولية.

القرآن ذكر «الصالحات» هنا بصيغة الجمع مقرونة بالألف واللام لتدل على معنى العموم والشمول. ولتبيّن أن طريق تفادي الخسران الطبيعي الحتمي بعد الإيمان، هو أداء الأعمال الصالحة جميعاً، وعدم الإكتفاء بعمل واحد أو بضع أعمال صالحات. حقّاً، لو رسخ الإيمان في النفس، لظهرت على الفرد مثل هذه الآثار.

الإيمان ليس فكرة جامدة قابعة في زوايا الذهن، وليس اعتقاداً خالياً من التأثير. الإيمان يصوغ كلّ وجود الإنسان وفق منهج معين.

الإيمان مثل مصباح منير مضيء في غرفة. فهو لا يضيء الغرفة فحسب، بل إن أشعته تسطع من كلّ نوافذ الغرفة إلى الخارج بحيث يرى كل مار نوره بوضوح.

وهكذا، حين يسطع مصباح الإيمان في قلب إنسان، فإنّ نوره ينعكس من لسان الإنسان وعينه وأذنه ويديه ورجليه. حركات كلّ واحدة من هذه الجوارح تشهد على وجود نور في القلب تسطع أشعته إلى الخارج.

ومن هنا اقترن ذكر الصالح في أغلب مواضع القرآن بذكر الإيمان باعتبارها لازماً وملزوماً. فقال سبحانه: (من عمل صالحاً من ذكر أو اُنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة)(1). ويقول تعالى عن اُولئك الذين تركوا الدنيا دون عمل صالح، إنّهم يصرون على العودة إلى الدنيا ويقولون: (ربّ ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت)(2).

_______________________________________

1 ـ النحل، الآية 97.

2 ـ المؤمنون، الآية 100.

[438]

ويقول سبحانه لرسله: (يا أيّها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً)(1).

ولما كان الإيمان والعمل الصالح لا يكتب لهما البقاء إلاّ في ظلّ حركة اجتماعية تستهدف الدعوة إلى الحق ومعرفته من جهة، والدعوة إلى الصبر والإستقامة على طريق النهوض باعباء الرسالة، فإنّ هذين الأصلين تبعهما أصلان آخران هما في الحقيقة ضمان لتنفيذ أصلي «الإيمان» و«العمل الصالح».

الأصل الثّالث: «التواصي بالحق»، أي الدعوة العامّة إلى الحق، ليميز كلّ أفراد المجتمع الحق من الباطل، ويضعوه نصب أعينهم، ولا ينحرفون عنه في مسيرتهم الحياتية.

«تواصوا» كما يقول الراغب تعني أن يوصي بعضهم إلى بعض.

و«الحق» في الأصل الموافقة والمطابقة للواقع. وذكر للكلمة معاني قرآنية متعددة من ذلك، والقرآن، والإسلام، والتوحيد، والعدل، والصدق، والوضوح، والوجوب وأمثالها من المعاني التي ترجع إلى نفس المعنى الأصلي الذي ذكرناه.

عبارة (تواصوا بالحق) تحمل على أي حال معنى واسعاً يشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويشمل أيضاً تعليم الجاهل وإرشاده، وتنبيه الغافل، والدعوة إلى الإيمان والعمل الصالح.

واضح أن المتواصين بالحق يجب أن يكونوا بدورهم من العاملين به، والمدافعين عنه.

الأصل الرّابع: «التواصي بالصبر»، والإستقامة، إذ بعد الإيمان والحركة في المسيرة الإيمانية تبرز في الطريق العوائق والموانع والسرور. وبدون الإستقامة والصبر لا يمكن المواصلة في إحقاق الحقّ والعمل الصالح والثبات على الإيمان.

_______________________________________

1 ـ المؤمنون، الآية 51.

[439]

نعم، إحقاق الحق في المجتمع لا يمكن من دون حركة عامّة وعزم اجتماعي، ومن دون الإستقامة والوقوف بوجه ألوان التحديات.

«الصبر» هنا يحمل مفهوماً واسعاً يشمل الصبر على الطاعة، والصبر على دوافع المعصية، والصبر إزاء المصائب والحوادث المرّة، وفقدان الإمكانات والثروة والثمرات(1).

ممّا تقدم نفهم أنّ الاُصول الأربعة التي ذكرتها هذه السّورة المباركة تشكل المنهج الجامع لحياة الإنسان وسعادته. ولذلك ورد في الرّوايات أنّ أصحاب رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا إذا اجتمعوا لا يفترقون إلاّ بعد تلاوة سورة «والعصر» ويتذاكروا في مضامينها(2).

والمسلمون اليوم إذا طبقوا هذه الاُصول الأربعة في حياتهم الفردية والإجتماعية لتغلبوا على كل ما يعانون منه من مشاكل وتدهور وتخلف، ولبدلوا ضعفهم وهزيمتهم انتصاراً، ولإقتلعوا شرّ الأشرار من على ظهر الأرض.

ربّنا! تفضّل علينا بالصبر والإستقامة والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

إلهنا! كلّنا في خسران، ولا يمكن أن نجبر هذا الخُسر إلاّ بلطفك.

اللّهمّ! إنا نسألك توفيق العمل بالمواد الأربع التي ذكرتها في هذه السّورة من كتابك.

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة العصر

* * *

_______________________________________

1 ـ حول حقيقة الصبر ومراحله وشُعَبه، فصلنا الحديث في تفسير الآية (153) من سورة البقرة.

2 ـ الدر المنثور، ج6، ص392.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21402941

  • التاريخ : 19/04/2024 - 18:29

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net