00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة القصص 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 920 ]

سورة القصص [ مكية، وهى ثمان وثمانون آية ] (1)

 بسم الله الرحمن الرحيم * (طسم) *. * (تلك آيات الكتاب المبين) *. * (نتلو عليك من نباء موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون) *. * (إن فرعون علا في الارض) *: أرض مصر * (وجعل أهلها شيعا) *: فرقا يشيعون * (يستضعف طائفة منهم) * وهم بنو إسرائيل * (يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم) * وذلك لان كاهنا قال له: يولد مولود في بني إسرائيل يذهب ملكك على يده. * (إنه كان من المفسدين) *. * (ونريد أن نمن) *: نتفضل * (على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) *. * (ونمكن لهم في الارض) *: نسلطهم فيها * (ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) * من ذهاب ملكهم وهلاكهم. قال: (هم آل محمد، يبعث الله مهديهم بعد

__________________________

(1) - ما بين المعقوفتين من(ب).(*)

[ 921 ]

جهدهم، فيعزهم ويذل عدوهم) (1). أقول: يعني في الباطن والتأويل، وكذا كل ما في معناه من الاخبار (2). * (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه) * ما أمكنك إخفاؤه * (فإذا خفت عليه) * الصوت * (فألقيه في اليم) *: في النيل * (ولا تخافي) * عليه ضيعة ولا شدة * (ولا تحزني) * لفراقه * (إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) *. * (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) *. تعليل لالتقاطهم إياه، بما هو عاقبته ومؤداه، تشبيها له بالغرض الحامل عليه. * (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) *. * (وقالت امرأة فرعون) * أي: لفرعون حين أخرجته من التابوت: * (قرة عين لي ولك) * عن ابن عباس: (قال فرعون: قرة عين لك، فأما لي فلا. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي يحلف (3) به لو أقر فرعون بأن يكون له قرة عين كما أقرت امرأته، لهداه الله به كما هداها، ولكنه أبى للشقاء الذي كتب الله عليه) (4). * (لا تقتلوه عسى أن ينفعنا) * فإن فيه مخايل (5) اليمن ودلائل النفع * (أو نتخذه ولدا) *: نتبناه، فإنه أهل له * (وهم لا يشعرون) * أنه الذي ذهاب ملكهم على يديه. * (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا) *: صفرا (6) من العقل، لما دهمها (7) من الخوف والحيرة * (إن كادت لتبدي به) *: إنها كادت لتظهر بأمره وقصته. قال: (كادت تخبر بخبره أو تموت، ثم حفظت نفسها) (8). لولا أن ربطنا على قلبها) * بالصبر والثبات * (لتكون من

__________________________

(1) - الغيبة(للطوسي): 184، الحديث: 143، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(2) - نهج البلاغة: 506، الحكمة: 209، معاني الاخبار: 79، الحديث: 1، عن أبى عبد الله عليه السلام.

(3) - في(ج):(نحلف).

(4) - مجمع البيان 7 - 8: 241، الكشاف 3: 166، البيضاوى 4: 124.

(5) - مخايل، جمع المخيلة وهى ما يوقع في الخيال يعنى به الامارات. مجمع البحرين 5: 368(خيل).

(6) - الصفر - بالكسر فالسكون -: الخالى. مجمع البحرين 3: 367(صفر).

(7) - دهمهم أمر: إذا غشيهم فاشيا. لسان العرب 12: 210(دهم).

(8) - القمى 2: 136، عن أبى جعفر عليه السلام.(*)

__________________________

[ 922 ]

المؤمنين) *: من المصدقين بوعد الله، والواثقين بحفظه. قال: (فلما خافت عليه الصوت أوحى الله إليها أن اعملي التابوت ثم اجعليه فيه، ثم أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر، فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم، فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر (1)، وأن الريح ضربته فانطلقت به، فلما رأته قد ذهب به الماء همت أن تصيح، فربط الله على قلبها) (2). * (وقالت لاخته قصيه) *: اتبعي أثره وتتبعي خبره * (فبصرت به عن جنب) *: عن بعد * (وهم لا يشعرون) * أنها تقص وأنها أخته. * (وحرمنا عليه المراضع) *: ومنعناه أن يرتضع من المرضعات * (من قبل) *: من قبل قصصها أثره * (فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون) *: لا يقصرون في إرضاعه وتربيته. * (فرددناه إلى أمه كى تقر عينها ولا تحزن) * بفراقه * (ولتعلم أن وعد الله حق) * علم مشاهدة. * (ولكن أكثرهم لا يعلمون) * قد مرت هذه القصة في (طه) (3). * (ولما بلغ أشده) * قال: (ثمان عشرة سنة) (4). * (واستوى) * قال: (التحى) (5). * (آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين) *. * (ودخل المدينة) * قال: (مدينة من مدائن فرعون). (6) * (على حين غفلة من أهلها) * قال: (بين المغرب والعشاء) (7). * (فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته) * قال:

__________________________

(1) - الغمر: الماء الكثير. الصحاح 2: 772(غمر).

(2) - كمال الدين 1: 148، الباب: 6، ذيل الحديث الطويل: 13، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(3) - ذيل الاية: 40، واطلب تفصيل القصة في الصافي 3: 306.

(4 و 5) - معاني الاخبار: 226، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام. التحى الغلام: نبتت لحيته. مصباح المنير 2: 243(لحى).

(6 و 7) - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 198، الباب: 15، ذيل الحديث الطويل: 1.(*)

__________________________

[ 923 ]

(يقول بقول موسى) (1). * (وهذا من عدوه) * قال: (يقول بقول فرعون) (2). * (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) *: سأله أن يغيثه بالاعانة، ولذلك عدى ب‍ (على) * (فوكزه موسى) *: فضرب العدو بجمع كفه (3) * (فقضى عليه) * قيل: أي: قتله، وأصله أنهى حياته (4). وقال: (أي: قضى على العدو بحكم الله، فوكزه فمات) (5). * (قال هذا من عمل الشيطان) * قال: (يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين، لا ما فعله موسى من قتله) (6). * (إنه عدو مضل مبين) *. * (قال رب إني ظلمت نفسي) * قال: (يقول: وضعت نفسي غير موضعها، بدخول هذه المدينة) (7). * (فاغفر لي) * أي: استرني من أعدائك، لئلا يظفروا بي فيقتلوني * (فغفر له إنه هو الغفور الرحيم) *. * (قال رب بما أنعمت علي) * - الباء للسببية وقيل: للقسم - (8) قال: (يعني من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة) (9). ورد: (وكان موسى قد أعطي بسطة في الجسم وشدة في البطش (10)) (11). * (فلن أكون ظهيرا للمجرمين) * قال: (بل أجاهدهم في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى) (12). * (فأصبح في المدينة خائفا يترقب) *: يترصد الاستقادة * (فإذا الذى استنصره

__________________________

(1 و 2) - القمي 2: 137، ذيل الحديث الطويل، عن أبي جعفر عليه السلام.

(3) - جمع الكف - بالضم - وهو حين تقبضها. الصحاح 3: 1198(جمع).

(4) - البيضاوي 4: 125.

(5 و 6) - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 199، الباب: 15، ذيل الحديث الطويل: 1.

(7) - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 199، الباب: 15، ذيل الحديث الطويل: 1، مع تفاوت يسير.

(8) - البيضاوي 4: 125، الكشاف 3: 169.

(9) - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 199، الباب: 15، ذيل الحديث الطويل: 1.

(10) - البطش: الاخذ بسرعة والاخذ بعنف وسطوة. مجمع البحرين 4: 130(بطش).

(11) - كمال الدين 1: 150، الباب: 6، ذيل الحديث الطويل: 13، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(12) - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 199، الباب: 15، ذيل الحديث الطويل: 1، مع تفاوت يسير.(*)

[ 924 ]

بالامس يستصرخه) *: يستغيثه على آخر * (قال له موسى إنك لغوي مبين) *. قال: (قال له: قاتلت رجلا بالامس، وتقاتل هذا اليوم ! لاوذينك، وأراد أن يبطش به) (1). * (فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالامس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الارض وما تريد أن تكون من المصلحين) *. قال: (فلما كان من الغد جاء آخر فتشبث بذلك الرجل الذي يقول بقول موسى، فاستغاث بموسى، فلما نظر صاحبه إلى موسى قال له: (أتريد أن تقتلني) ؟ ! فخلى عن صاحبه وهرب) (2). * (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى) *: يسرع * (قال يا موسى إن الملاء يأتمرون بك) *: يتشاورون بسببك * (ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين) *. قال: (وكان خازن فرعون مؤمنا بموسى، قد كتم إيمانه ستمائة سنة، وهو الذي قال الله عزوجل: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه) (3) قال: وبلغ فرعون خبر قتل موسى الرجل، فطلبه ليقتله، فبعث المؤمن إلى موسى: (إن الملأ يأتمرون بك)) (4). * (فخرج منها) *: من المدينة * (خائفا يترقب) * لحوق طالب * (قال رب نجني من القوم الظالمين) *: خلصني منهم واحفظني من لحوقهم. قال: (يلتفت يمنة ويسرة ويقول: (رب نجني من القوم الظالمين) - قال: - ومر نحو

__________________________

(1) - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 199، الباب: 15، ذيل الحديث الطويل: 1، مع تفاوت يسير.

(2) - القمى 2: 137، عن أبى جعفر عليه السلام.

(3) - الغافر(40): 28.

(4) - القمى 2: 137، عن أبى جعفر عليه السلام.(*)

[ 925 ]

مدين، وكان بينه وبين مدين مسيرة ثلاثة أيام) (1). * (ولما توجه تلقاء مدين) *: قبالة مدين، قرية شعيب * (قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) *. * (ولما ورد ماء مدين) * أي: البئر. قال: (فخرج من مصر بغير ظهر (2) ولا دابة ولا خادم، تخفضه الارض مرة وترفعه أخرى، حتى انتهى إلى أرض مدين، فانتهى إلى أصل شجرة، فنزل فإذا تحتها بئر) (3). * (وجد عليه أمة من الناس) *: جماعة كثيرة مختلفين * (يسقون) * مواشيهم * (ووجد من دونهم) *: في مكان أسفل من مكانهم * (امرأتين تذودان) *: تمنعان أغنامهما عن الماء، لئلا تختلط بأغنامهم * (قال ما خطبكما) *: ما شأنكما تذودان * (قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء) *: يصرف الرعاة مواشيهم عن الماء، حذرا من مزاحمة الرجال * (وأبونا شيخ كبير) *: كبير السن لا يستطيع أن يخرج للسقي، فيرسلنا اضطرارا. * (فسقى لهما) * مواشيهما رحمة عليهما. قال: (فرحمهما موسى ودنا من البئر، فقال لمن على البئر: استقي لي دلوا ولكم دلوا، وكان الدلو يمده عشرة رجال، فاستقى وحده دلوا لمن على البئر ودلوا لبنتي شعيب، وسقى أغنامهما. قال: وكان شديد الجوع (4)، ولم يكن أكل منذ ثلاثة أيام شيئا) (5). قيل: وكان على رأس البئر حجر لايقله إلا سبعة رجال، وقيل: عشرة، وقيل: أربعون، فأقله وحده (6).

__________________________

(1) - القمي 2: 137، عن أبي جعفر عليه السلام.

(2) - ظهر - بالفتح فالسكون - استعارة للدابة والراحلة. مجمع البحرين 3: 389(ظهر).

(3) - كمال الدين 1: 150، الباب: 6، ذيل الحديث الطويل: 13، عن أبى عبد الله عليه السلام.

(4) - القمى 2: 138، ذيل الحديث الطويل، عن أبى جعفر عليه السلام.

(5) - المصدر: 137، ذيل الحديث الطويل، عن أبي جعفر عليه السلام.

(6) - جوامع الجامع: 344، الكشاف 3: 170، البيضاوي 4: 126.(*)

[ 926 ]

* (ثم تولى إلى الظل) * قال: (إلى الشجرة فجلس فيها) (1). * (فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) *. قال: (سأل الطعام) (2). وفي رواية: (والله ما سأل الله عزوجل إلا خبزا يأكله، لانه كان يأكل بقلة الارض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف (3) صفاق (4) بطنه لهزاله وتشذب لحمه (5)) (6). وفي رواية: (قال ذلك وهو محتاج الى شق تمرة) (7). * (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين) *. * (قالت إحداهما يا أبت استأجره) * لرعي الغنم * (إن خير من استأجرت القوى الامين) *. قال: (قال لها شعيب: يا بنية هذا قوي، قد عرفته برفع الصخرة - وفي رواية: بأنه يستقي الدلو وحده (8) - الامين من أين عرفته ؟ قالت: يا أبة إني مشيت قدامه فقال: امشي من خلفي، فإن ضللت فارشديني إلى الطريق، فإنا قوم لا ننظر في أدبار النساء) (9). * (قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثمانى حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك) * تفضلا منك لا الزاما عليك * (وما أريد أن أشق عليك) * بالزام

__________________________

(1) - كمال الدين 1: 150، الباب: 6، ذيل الحديث الطويل: 13، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه:(فجلس تحتها).

(2) - الكافي 6: 287، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفي العياشي 2: 330، الحديث: 44، عنه عليه السلام، وفيه:(إنما عنى الطعام).

(3) - شفيف: رقيق يستشف ما وراءه، أي يبصر. المصباح المنير 1: 384(شفف).

(4) - الصفاق: الجلد الاسفل الرقيق تحت الجلد الذي عليه الشعر وفوق اللحم. لسان العرب 7: 367(صفق).

(5) - تشذب اللحم: فقدانه وتفرقه، ويقال: فرس مشذب. إذا كان طويلا ليس كثير اللحم. لسان العرب 1: 487(شذب).

(6) - نهج البلاغة: 226 - 227، الخطبة: 160.

(7) - كمال الدين 1: 150، الباب: 6، ذيل الحديث الطويل: 13، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(8) - القمي 2: 138، عن أبي جعفر عليه السلام.

(9) - من لا يحضره الفقيه 4: 12، الحديث: 6، عن الكاظم عليه السلام.(*)

[ 927 ]

الاتمام * (ستجدني إن شاء الله من الصالحين) * في حسن المعاملة. * (قال ذلك بيني وبينك) * لا نخرج عنه * (أيما الاجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل) *: شاهد حفيظ. * (فلما قضى موسى الاجل) * سئل: أي الاجلين قضى ؟ قال: (أوفاهما وأبعدهما، عشر سنين) (1). وفي رواية: (وإن سئلت أية الابنتين تزوج ؟ فقل: الصغرى منهما، وهي التي جاءت وقالت: (يا أبت استأجره)) (2). * (وسار بأهله) *: بامرأته * (آنس) *: أبصر * (من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر) * أي: عن الطريق، فإنه قد ضله * (أو جذوة) *: عود غليظ * (من النار لعلكم تصطلون) *: تستدفئون بها. قال: (فلما صار في مفازة ومعه أهله، أصابهم برد شديد وريح وظلمة وجنهم الليل، فنظر موسى إلى نار قد ظهرت) (3). * (فلما أتاها نودى من شاطئ الواد الايمن) * قال: (هو الفرات) (4). * (في البقعة المباركة) * قال: (هي كربلا) (5). * (من الشجرة) * قيل: كانت نابتة على الشاطئ (6). * (أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين) *. هذا وإن خالف ما في طه (7) والنمل (8) لفظا، فلا يخالفه في المعنى. * (وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز) * أي: فألقاها فصارت ثعبانا واهتزت، فلما رآها تهتز * (كأنها جان) *: حية في الهيئة والجثة، أو في السرعة * (ولى مدبرا) *: مهزما من

__________________________

(1) - مجمع البيان 7 - 8: 250، عن أبي عبد الله عليه السلام، ذيل الاية: 27.

(2) - مجمع البيان 7 - 8: 250، عن رسول الله صلى الله عليه وآله.

(3) - القمي 2: 139، ذيل الحديث الطويل، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4 و 5) - التهذيب 6: 38، الحديث: 80، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(6) - الكشاف 3: 175، البيضاوي 4: 127.

(7) - الاية: 10 - 11.

(8) - الاية: 7 - 8.(*)

[ 928 ]

الخوف * (ولم يعقب) *: ولم يرجع * (يا موسى) *: نودي يا موسى * (أقبل ولا تخف إنك من الامنين) * من المخاوف، فإنه (لا يخاف لدي المرسلون) (1). * (أسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء) * قال: (أي: من غير علة) (2). * (واضمم إليك جناحك من الرهب) *. قيل: ولعل ذلك لاخفاء الخوف عن العدو (3)، أو لتسكينه بناء على ما يقال: إن الخوف يسكن بوضع اليد على الصدر. * (فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملأه إنهم كانوا قوما فاسقين) *. * (قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون) * بها. * (وأخي هرون هو أفصح مني لسانا فأرسله معى ردءا) *: معينا * (يصدقني) * بتلخيص الحق وتقرير الحجة وتزييف الشبهة * (انى أخاف أن يكذبون) *. * (قال سنشد عضدك بأخيك) *: سنقويك به * (ونجعل لكما سلطانا) *: غلبة * (فلا يصلون إليكما) * باستيلاء * (بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون) *. * (فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين) *. * (وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار) *: العاقبة المحمودة لدار الدنيا التي هي الجنة، لانها خلقت مجازا إليها * (إنه لا يفلح الظالمون) *. * (وقال فرعون يا أيها الملاء ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لاظنه من الكاذبين) *. قال: (فبنى هامان له صرحا، حتى بلغ مكانا في الهواء، لا يتمكن الانسان أن يقوم

__________________________

(1) - النمل(27): 10، والاية:(إني لا يخاف لدي المرسلون).

(2) - القمي 2: 140، ذيل الحديث الطويل، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(3) - غرائب القرآن 3: 151.(*)

[ 929 ]

عليه من الرياح القائمة في الهواء، فقال لفرعون: لا نقدر أن نزيد على هذا، فبعث الله عزوجل رياحا فرمت به) الحديث (1). * (واستكبر هو وجنوده في الارض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون) *. * (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) *. * (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون) *. * (وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة) *: طردا عن الرحمة * (ويوم القيامة هم من المقبوحين) *: ممن قبحت وجوههم. * (ولقد آتينا موسى الكتاب) *: التوراة * (من بعد ما أهلكنا القرون الاولى) *: أقوام نوح وهود وصالح ولوط. ورد: (ما أهلك الله قوما ولا قرنا (2) ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من السماء، منذ أنزل التوراة على وجه الارض، غير القرية التي مسخوا قردة ثم تلا هذه الاية) (3). * (بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون) *. * (وما كنت بجانب الغربي) *: بجانب جبل الطور الغربي حيث كلم الله فيه موسى * (إذ قضينا) *: أوحينا * (إلى موسى الامر) * وكلمناه * (وما كنت من الشاهدين) * لتكليمه. * (ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر) * فحرفت الاخبار وتغيرت الشرائع واندرست العلوم، فأوحيناه إليك * (وما كنت ثاويا) *: مقيما * (في أهل مدين) * وهم شعيب والمؤمنون به * (تتلو عليهم) * قيل: يعني فتقرأ على أهل مكة (4). * (آياتنا) * التي فيها قصتهم * (ولكنا كنا مرسلين) * إياك ومخبرين لك بها.

__________________________

(1) - القمي 2: 140، ذيل الحديث الطويل، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - القرن من الناس: أهل زمان واحد. الصحاح 6: 2180(قرن).

(3) - مجمع البيان 7 - 8: 256، عن النبي صلى الله عليه وآله، وفيه:(غير أهل القرية التي مسخوا قردة).

(4) - المصدر: 257.(*)

__________________________

[ 930 ]

* (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك) *: ولكن علمناك رحمة * (لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك) * لوقوعهم في فترة بينك وبين من تقدمك من الانبياء * (لعلهم يتذكرون) *. * (ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين) *. جوابه محذوف، يعني: لولا قولهم إذا أصابتهم عقوبة بسبب كفرهم ومعاصيهم: ربنا هلا أرسلت إلينا رسولا يبلغنا آياتك فنتبعها ونكون من المصدقين، ما أرسلناك، أي: إنما أرسلناك لعذرهم، وإلزام الحجة عليهم. * (فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتى مثل ما أوتى موسى) * من الكتاب جملة، واليد والعصا وغيرهما اقتراحا وتعنتا * (أو لم يكفروا بما أوتى موسى من قبل) * يعنى أبناء جنسهم في الرأى والمذهب، وهم كفرة زمان موسى * (قالوا سحران) * قيل: يعنون التوراة والقرآن (1). وعلى قراءة (ساحران): موسى ومحمد (2)، أو قيل موسى وهرون (3). * (تظاهرا) *: تعاونا بتوافق الكتابين أو بإظهار تلك الخوارق * (وقالوا إنا بكل كافرون) *. * (قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما) *: مما نزل على موسى وعلي * (أتبعه إن كنتم صادقين) *. * (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم) * إذ لو اتبعوا حجة لاتوابها. * (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) * قال: (من اتخذ دينه رأيه بغير إمام من أئمة الهدى) (4). * (إن الله لا يهدي القوم الظالمين) *.

__________________________

(1) - مجمع البيان 7 - 8: 257، عن عكرمة والكلبي ومقاتل.

(2) - المصدر، البيضاوى 4: 129، الكشاف 3: 183.

(3) - القمى 2: 141، البيضاوى 4: 129.

(4) - الكافي 1: 374، الحديث: 1، عن الكاظم عليه السلام، بصائر الدرجات: 13، الباب: 8، الحديث: 3، عن الباقر عليه السلام.(*)

__________________________

[ 931 ]

* (ولقد وصلنا لهم القول) *: أتبعنا بعضه بعضا في الانزال أو النظم (1). قال: (إمام إلى إمام) (2). * (لعلهم يتذكرون) *. * (الذين آتيناهم الكتاب من قبله) *: من قبل القرآن * (هم به يؤمنون) *. * (وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين) * لما رأوا ذكره في الكتب المتقدمة. * (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا) * قال: (بما صبروا على التقية) (3). * (ويدرءون بالحسنة السيئة) * قال: (الحسنة: التقية، والسيئة: الاذاعة) (4). وفي رواية: (أي: يدفعون سيئة من أساء إليهم بحسناتهم) (5). وورد: (اتبع الحسنة السيئة تمحها) (6). * (ومما رزقناهم ينفقون) * في سبيل الخير. * (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) * تكرما. القمي: اللغو: الكذب واللهو والغناء (7). * (وقالوا) * للاغين * (لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم) * متاركة لهم وتوديعا * (لا نبتغي الجاهلين) *: لا نطلب صحبتهم ولا نريدها. * (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) *. إن ثبت نزولها في أبي طالب فلا دلالة فيها على عدم إيمانه، كما ظنته العامة (8)، (فإن الله هداه للايمان قبل بعثة ابن أخيه، واستودعه الوصايا، فدفعها إليه صلى الله عليه وآله). كما ورد (9).

__________________________

(1) - أي: أتبعنا بعضه بعضا في الانزال ليتصل التذكير، أو في النظم لتقرر الدعوة بالحجة، والمواعظ بالمواعيد، والنصائح بالعبر. كذا في الصافى 4: 94.

(2) - الكافي 1: 415، الحديث: 18، عن الكاظم عليه السلام.

(3 و 4) - الكافي 2: 217، الحديث: 1، عن أبى عبد الله عليه السلام(5) - القمى 2: 142.

(6) - مسند أحمد 5: 236، البيضاوى 4: 130، عن النبي عليه السلام.

(7) - القمى 2: 142.

(8) - الكشاف 3: 185، البيضاوى 4: 130.

(9) - الكافي 1: 445، الحديث: 18، كمال الدين 2: 665، الباب: 58، الحديث: 7، عن الكاظم عليه السلام. وفى مجمع(*)

[ 932 ]

قال: (إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف، أسروا الايمان وأظهروا الشرك، فأتاهم الله أجرهم مرتين) (1). أقول: وإنما أسر الايمان وأظهر الشرك ليكون أقدر على نصرة النبي صلى الله عليه وآله، كما يستفاد من أخبار أخر (2). وفي الاية إيماء بسبق هدايته من الله (3)، وإنه كان يسرها. وورد فيه: (إنه لو شفع [ أبي ] (4) في كل مذنب على وجه الارض لشفعه الله فيهم، إن نوره يوم القيامة ليطفي أنوار الخلق إلا أنوار الخمسة (5) والائمة من ولدهم عليهم السلام) (6). * (وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا) *: نخرج منها. ورد: (إنها نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الاسلام والهجرة) (7). وفي رواية قال: (لادعون إلى هذا الامر الابيض والاسود، ومن على رؤوس الجبال، ومن في لجج البحار، ولادعون إليه فارس والروم. فقالوا: والله لو سمعت بهذا فارس والروم لاختطفتنا من أرضنا، ولقلعت الكعبة حجرا حجرا. فأنزل الله هذه الاية) (8).

__________________________

البيان 7 - 8: 287:(وقد ذكرنا في سورة الانعام - ذيل الاية: 26 - أن أهل البيت عليهم السلام قد أجمعوا على أن ابا طالب مات مسلما، وتظاهرت الروايات بذلك عنهم، وأوردنا هناك طرفا من أشعاره الدالة على تصديقه للنبى صلى الله عليه وآله وسلم وتوحيده، فان استيفاء ذلك جميعه لا تتسع له الطوامير. وما روى من ذلك في كتب المغازى وغيرها أكثر من أن يحصى يكاشف فيها من كاشف النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويناضل عنه ويصحح نبوته، وقال بعض الثقاة أن قصائده في هذا المعنى يبلغ قدر مجلد وأكثر من هذا، ولا شك في انه لم يختر تمام مجاهرة الاعداء، استصلاحا لهم، وحسن تدبيره في دفع كيادهم لئلا يلجئوا الرسول الى ما ألجأوه إليه بعد موته).

(1) - الكافي 1: 448، الحديث: 28، عن أبى عبد الله عليه السلام.

(2) - المصدر: 440، ذيل الحديث مولد النبي صلى الله عليه وآله، و 448، الحديث: 29 و 31.

(3) - راجع: مجمع البيان 7 - 8: 259، روح الجنان وروح الجنان(لابي الفتوح الرازي) 4: 210.

(4) - مابين المعقوفتين من المصدر.

(5) - في(ألف) و(ج):(الخمسة أنوار).

(6) - بشارة المصطفى: 202، عن أبى عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام.

(7) - القمى 2: 142، كشف المهجة: 175، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(8) - روضة الواعظين، في مبعث النبي عليه السلام، عن على بن الحسين عليهما السلام.(*)

[ 933 ]

* (أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه) *: يحمل إليه ويجمع فيه * (ثمرات كل شئ) * من كل أوب (1) * (رزقا من لدنا) *. فإذا كان هذا حالهم وهم عبدة الاصنام، فكيف نعرضهم للتخوف (2) والتخطف إذا كانوا موحدين ؟ ! * (ولكن أكثرهم لا يعلمون) *: جهلة لا يتفطنون له. * (وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها) *: كانت (3) حالهم كحالهم في الامن وخفض العيش حتى أشروا، فدمر الله عليهم وخرب ديارهم * (فتلك مساكنهم) * خاوية * (لم تسكن من بعدهم إلا قليلا) * من شؤم معاصيهم * (وكنا نحن الوارثين) *. * (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها) *: في أصلها، لان أهلها (4) يكون أفطن وأنبل * (رسولا يتلو عليهم آياتنا) * لالزام الحجة وقطع المعذرة * (وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) * بتكذيب الرسل والعتو في الكفر. * (وما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا وزينتها) * تتمتعون وتتزينون به مدة حياتكم المنقضية * (وما عند الله خير وأبقى) * لانه لذة خالصة وبهجة كاملة أبدية * (أفلا تعقلون) * فتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير. * (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا) * الذي هو مشوب بالالام، مكدر بالمتاعب، مستعقب للتحسر على الانقطاع * (ثم هو يوم القيامة من المحضرين) * للحساب أو العذاب. وهذه الاية كالنتيجة للتي قبلها. * (ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون) *: تزعمونهم شركائي. * (قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنإ

__________________________

(1) - جاؤوا من كل أوب، أي: من كل طريق ووجه وناحية. لسان العرب 1: 220(أوب).

(2) - في(ألف):(فكيف تعرضهم التخوف).

(3) - في(ألف):(قال: كانت).

(4) - في(ألف) و(ج):(أهله).(*)

[ 934 ]

إليك) * منهم ومما اختاروه من الكفر * (ما كانوا إيانا يعبدون) * وإنما يعبدون أهواءهم. * (وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم) * من فرط الحيرة * (فلم يستجيبوا لهم) * لعجزهم عن الاجابة والنصرة * (ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون) *. (لو) للتمني، أو محذوف الخبر، أي: لو يهتدون لوجه من الحيل يدفعون به العذاب. * (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين) *. * (فعميت عليهم الانباء يومئذ) *: لا تهتدي إليهم، وأصله فعموا عن الانباء، لكنه عكس مبالغة ودلالة على أن ما يحضر الذهن إنما يرد عليه من خارج، فإذا أخطأ لم يكن له حيلة إلى استحضاره * (فهم لا يتساءلون) *: لا يسأل بعضهم بعضا عن الجواب. القمي: إن العامة قد رووا: أن ذلك يعني النداء في القيامة، وأما الخاصة فعن الصادق عليه السلام: (إن العبد إذا دخل قبره وفرغ منه، يسأل عن النبي صلى الله عليه وآله ثم ذكر حديث سؤال القبر (1). * (فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين) *. * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) * أي: التخير، كالطيرة بمعنى التطير، يعني: ليس لاحد من خلقه أن يختار عليه، أو ليس لاحد أن يختار شيئا إلا بقدرته ومشيته واختياره. يدل على الاول: ما ورد في حديث الامامة: (رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم، (وربك يخلق ما يشاء ويختار) الاية) (2). وعلى الثاني: ما ورد في حديث: (وتعلم أن نواصي الخلق بيده، فليس لهم نفس ولا

__________________________

(1) - القمى 2: 143.

(2) - الكافي 1: 201، ذيل الحديث: 1، الامالى(للصدوق): 539، المجلس: 97، ذيل الحديث: 1، عن الرضا عليه السلام، مجمع البيان 7 - 8: 266، عن أبى عبد الله عليه السلام.(*)

[ 935 ]

لحظة (1) إلا بقدرته ومشيته، وهم عاجزون عن إتيان أقل شئ في مملكته إلا بإذنه وارادته، قال الله تعالى: (وربك يخلق) الاية) (2). * (سبحان الله وتعالى عما يشركون) *. * (وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون) * فله أن يختار للنبوة والامامة وغيرهما دونهم، هذا على المعنى الاول للاية السابقة، وفي بعض الاخبار دلالة عليه (3). * (وهو الله) * المستحق للعبادة * (لا إله إلا هو) *: لا أحد يستحقها إلا هو * (له الحمد في الاولى والاخرة) * لانه المولى للنعم كلها عاجلها وآجلها * (وله الحكم) *: القضاء النافذ في كل شئ * (وإليه ترجعون) *. * (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون سماع تدبر واستبصار. * (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون) *. * (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه) *: في الليل * (ولتبتغوا من فضله) * في النهار بأنواع المكاسب * (ولعلكم تشكرون) *: ولكي تعرفوا نعمة الله في ذلك، فتشكروه (6) عليها. * (ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون) *. تقريع بعد تقريع، للاشعار بأنه لا شئ أجلب لغضب الله من الاشراك به، ولان الاول لتقرير فساد رأيهم، والثاني لبيان أنه لم يكن عن برهان. * (ونزعنا) *: وأخرجنا * (من كل أمة شهيدا) * يشهد عليهم بما كانوا عليه. قال: (من

__________________________

(1) - في(ب) و(ج):(ولحظة).

(2) - مصباح الشريعة: 93، الباب: 42، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(3) - كمال الدين 2: 461 - 462، الباب: 43، ذيل الحديث: 21، عن الحجة عليه السلام.

(4) - في(ألف):(فتشكرون).(*)

[ 936 ]

كل فرقة من هذه الامة إمامها) (1). * (فقلنا) * للامم * (هاتوا برهانكم) * على صحة ما تتدينون به * (فعلموا) * حينئذ * (أن الحق لله وضل عنهم) *: وغاب عنهم غيبة الضائع * (ما كانوا يفترون) * من الباطل. * (إن قارون كان من قوم موسى) * قال: (هو ابن خالته) (2). وقيل: كان ابن عمه يصهر بن قاهث بن لاوي - ولا تنافي بينهما - وكان ممن آمن به (3)، (وكان موسى يحبه). كذا ورد (4). * (فبغى عليهم) *: فطلب الفضل عليهم وتكبر * (وآتيناه من الكنوز) *: من الاموال المدخرة * (ما إن مفاتحه) *: مفاتح صناديقه * (لتنوء بالعصبة أولي القوة) *: لتثقل (5) الجماعة الكثيرة الاقوياء. القمي: العصبة: ما بين العشرة إلى تسعة عشر (6). * (إذ قال له قومه لاتفرح) *: لا تبطر (7) * (إن الله لا يحب الفرحين) * بزخارف الدنيا. * (وابتغ فيما آتاك الله الدار الاخرة) * بصرفه فيما يوجبها لك * (ولا تنس) *: ولا تترك * (نصيبك من الدنيا) * قال: (أي: لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الاخرة) (8). * (وأحسن) * إلى عباد الله * (كما أحسن الله إليك) * بالانعام * (ولا تبغ الفساد في الارض إن الله لا يحب المفسدين) *. ورد: (إن فساد الظاهر من فساد الباطن، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن خان الله في السر هتك الله ستره في العلانية. وأعظم الفساد أن يرضى العبد بالغفلة عن الله

(1) - القمي 2: 143، عن أبي جعفر عليه السلام.

(2) - مجمع البيان 7 - 8: 266، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(3) - البيضاوي 4: 132.

(4) - القمي 2: 145.

(5) - في(ألف):(لتنقل).

(6) - القمي 2: 144.

(7) - البطر: النشاط والطغيان في النعمة، لسان العرب 4: 68(بطر).

(8) - معاني الاخبار: 325، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

__________________________

[ 937 تعالى وهذا الفساد يتولد من طول الامل والحرص والكبر، كما أخبر الله في قصة قارون في قوله: (ولا تبغ الفساد في الارض إن الله لا يحب المفسدين) وكانت هذه الخصال من صنع قارون واعتقاده، وأصلها من حب الدنيا وجمعها، ومتابعة النفس وهواها، وإقامة شهواتها، وحب المحمدة، وموافقة الشيطان واتباع خطراته (1)، وكل ذلك مجتمع تحت الغفلة عن الله ونسيان مننه (2)) (3). * (قال إنما أوتيته على علم عندي) * القمي: يعني ماله، وكان يعمل الكيمياء (4). * (أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) * القمي: أي: لا يسأل من كان قبلهم عن ذنوب هؤلاء (5). * (فخرج على قومه في زينته) * القمي: في الثياب المصبغات، يجرها على الارض (6). * (قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتى قارون إنه لذو حظ عظيم) *. * (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها) * أي: هذه الكلمة التى تكلم بها العلماء * (الا الصابرون) * على الطاعات وعن المعاصي. * (فخسفنا به وبداره الارض فما كان له من فئة) *: أعوان * (ينصرونه من دون الله) * فيدفعون عنه عذابه * (وما كان من المنتصرين) * الممتنعين منه. القمي في كلام طويل ما معناه: إنه كان يؤذي موسى عليه السلام فقال موسى: يا رب إن لم تغضب لي فلست لك بنبي، فأوحى الله إليه: قد أمرت الارض أن تطيعك، فمرها بما شئت. فقال موسى عليه السلام: يا أرض خذيه، فدخل قصره بما فيه في الارض، ودخل قارون فيها إلى

__________________________

(1) - في المصدر:(واتباع خطواته).

(2) - في(ب) و(ج):(منته).

(3) - مصباح الشريعة: 107، الباب: 51، عن أبى عبد الله عليه السلام.

(4 و 5) - القمى 2: 144.

(6) - القمى 2: 144.(*)

[ 938 ]

ركبتيه، فبكى وحلفه بالرحم، فقال له موسى: يابن لاوى لا تزدني من كلامك، يا أرض خذيه، فابتلعته بقصره وخزائنه، فعير الله موسى بما قاله، فقال: يا رب إن قارون دعاني بغيرك، ولو دعاني بك لاجبته. فقال الله عزوجل: يابن لاوي لا تزدني من كلامك، فقال موسى: يا رب لو علمت أن ذلك لك رضا لاجبته، فقال الله: يا موسى وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وعلو مكاني، لو أن قارون كما دعاك دعاني لاجبته، ولكنه لما دعاك وكلته إليك (1). هذا ملخص كلامه. * (وأصبح الذين تمنوا مكانه) *: منزلته * (بالامس يقولون ويكأن الله) * القمي: هي لغة سريانية (2). يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر) * بمقتضى مشيته، لا لكرامة يقتضي البسط، ولا لهوان يوجب القبض * (لولا أن من الله علينا) * فلم يعطنا ما تمنينا * (لخسف بنا) * لتوليده فينا ما ولده فيه، فخسف به لاجله * (ويكأنه لا يفلح الكافرون) * لنعمة الله. * (تلك الدار الاخرة) * التي سمعت خبرها وبلغك وصفها * (نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض) *: غلبة وقهرا * (ولا فسادا) *: ظلما على الناس. قال: (العلو: الشرف، والفساد: البناء) (3). وورد: (نزلت في أهل العدل والتواضع من الولاة، وأهل القدرة من سائر الناس) (4). وورد: (إن الرجل ليعجبه أن يكون شراك (5) نعله أجود من شراك نعل صاحبه، فيدخل تحت هذه الاية) (6). * (والعاقبة) * المحمودة * (للمتقين) *: من اتقى ما لا يرضاه الله. * (من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا

__________________________

(1) - القمى 2: 145.

(2) - القمى 2: 144.

(3) - القمى 2: 147، عن أبى عبد الله عليه السلام. وفيه:(والفساد: النساء) ولكن في المخطوط من القمى كما أثبتناه.

(4) - مجمع البيان 7 - 8: 269، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(5) - الشراك: أحد سيور النعل التى يكون على وجهها توثق به الرجل، مجمع البحرين 5: 276(شرك).

(6) - سعد السعود(لابن طاووس): 88، عن أمير المؤمنين عليه السلام.(*)

[ 939 ]

السيئات إلا ما كانوا يعملون) *. * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) * أي معاد. قال: (يرجع إليكم نبيكم وأمير المؤمنين والائمة عليهم السلام) (1). * (قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين) *. يعني به نفسه والمشركين. * (وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك) * ولكن ألقاه رحمة منه * (فلا تكونن ظهيرا للكافرين) * بمداراتهم. القمي: قال: المخاطبة للنبي والمعني الناس (2). وكذا قال فيما بعده (3). * (ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين) *. * (ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شئ هالك إلا وجهه) * قال: (دينه والوجه الذي يؤتى منه) (4). قال: (ونحن الوجه الذي يؤتى منه، لم نزل في عباده) (5). أقول: وذلك لان الوجه ما يواجه به، والله سبحانه إنما يواجه عباده ويخاطبهم بواسطة نبي أو وصي نبي. وفي رواية: إن الضمير في وجهه راجع إلى الشئ (6). أقول: وعلى هذا فمعناه: إن وجه الشئ لا يهلك، وهو ما يقابل منه إلى الله، وهو روحه وحقيقته وملكوته ومحل معرفة الله منه، التي تبقى بعد فناء جسمه وشخصه، والمعنيان متقاربان * (له الحكم) *: القضاء النافذ في الخلق * (وإليه ترجعون) *.

__________________________

(1) - القمى 2: 147، عن على بن الحسين عليهما السلام.

(2) - المصدر.

(3) - المصدر، ذيل الاية: 88.

(4) - التوحيد: 149، الباب: 12، الحديث: 1، عن أبى جعفر عليه السلام.

(5) - المصدر: 151، الباب: 12، الحديث: 7، عن أبى عبد الله عليه السلام، القمى 2: 147، عن أبى جعفر عليه السلام.

(6) - الدر المنثور 6: 447.(*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336262

  • التاريخ : 28/03/2024 - 21:14

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net