• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : النبي (ص) وأهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : دور الامام الجواد (عليه السلام) في الحياة العلمية (*) .

دور الامام الجواد (عليه السلام) في الحياة العلمية (*)

 

من المقدمات التي يلزم التذكير بها هنا أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) جميعاً هم أبواب مدينة علم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لا يختلفون سعة، ولا يتميزون عمقاً، ولا تتباين أهدافهم البتة، وإنّما الاختلاف والتباين والتنوع في أدوار كل منهم، تبعاً للظروف السياسية والاجتماعية والاقليمية التي تتحكم في مساحة تحرك كل إمام على الساحة الاِسلامية، وفي صفوف الاُمّة.

فهناك دور مفروض للاَئمة (عليهم السلام) في نصّ الشريعة الاِسلامية، وهو دور صيانة تجربة الاِسلام.. وتعميق الرسالة فكرياً وروحياً وسياسياً في الاَُمة.. والمحافظة على المقياس العقائدي والرسالي في المجتمع الاِسلامي.
ولقد تمثل الدور الاِيجابي لاَئمة أهل البيت (عليهم السلام)، في أنّهم استطاعوا الابقاء على المعالم الدينية الاَساسية للاُمّة، والحفاظ على طابعها الرسالي، وهويتها الفكرية من ناحية، ومقاومة التيارات الفكرية التي تشكل خطراً على الرسالة، وضربها في بدايات تكوينها من ناحية اُخرى..(1).
وبعد ذلك فإنّ الرسالة الاِسلامية تعنى بالإنسان من كلِّ نواحيه، وتأخذ بيده إلى كلِّ مجالاته ولا تفارقه، وهو على مخدعه في فراشه، وهو في بيته بينه وبين ربّه، بينه وبين نفسه، بينه وبين أفراد عائلته، وهو في السوق، وهو في المدرسة، وهو في المجتمع، وهو في السياسة، وهو في الاقتصاد، وهو في أي مجال من مجالات حياته (2)، ومن هنا يتوجب في القائد أن يكون على اطلاع ومعرفة بكلِّ مناحي الحياة، واستيعاب لمجمل العلوم التي يحتاجها أهل الاَرض، ولكلِّ ما نزل من السماء، وهو ما لم يتحقق في غير النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وبمن أودعهم مكنون علومه من أهل بيته المعصومين المنتجبين الاَبرار (عليهم السلام).
وقد ورد في الاَخبار أنّ من صفات الاِمام (عليه السلام): «أن يكون أعلم الناس بحلال الله وحرامه، وضروب أحكامه، وأمره ونهيه، وجميع ما يحتاج إليه الناس. فيحتاج الناس إليه، ويستغني عنهم» (3).
من هنا نقف على أنّ علم الاَئمة الاثني عشر (عليهم السلام) واحد، فعلم أولهم كعلم آخرهم، علم إلهامي يتوارثونه خلفاً عن سلف، صغيرهم وكبيرهم فيه سواء، بل ورد أنّ الاَئمة (عليهم السلام) تنتقل إليهم بعض مواريث الاَنبياء (عليهم السلام) أيضاً، كالسيف والخاتم والعصا، وغيرها. إضافة إلى ما يعلمونه من أحكام جميع رسالات السماء السابقة. وحديثهم أيضاً واحد ليس فيه اختلاف وتعارض، وإن ظهر في ألفاظ ومعان مختلفة؛ لأنه صادر من منبع واحد، فهم (عليهم السلام) يحدِّثون عن آبائهم عن النبي (صلّى الله عليه وآله) عن جبرئيل (عليه السلام) عن الله تبارك وتعالى، وذلك ما جاء في قول الاِمام الصادق (عليه السلام): « إنّ حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وحديث علي أمير المؤمنين حديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وحديث رسول الله قول الله عزَّ وجلَّ» (4).
بعد هذه المقدمة نعود إلى ساحة قدس إمامنا الجواد (عليه السلام)، كي نستلهم من فيض علومه ما نتمكن من خلاله رسم خط بياني نستطيع به استشفاف واستقراء نشاط الاِمام العلمي خلال حياته القصيرة جداً، ورغم سني التضييق والاِقامة الجبرية في بغداد، وإن لم تكن معلومة العدد، إلاّ أنها بلا شك ليست قليلة بالنسبة إلى المدة التي عاشها (عليه السلام).
 دوره في الفقه وأحكام الشريعة:
لفقه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) سمات بارزة متميزة عن سائر الفقه السائد في مدرسة الرأي، وخلاصة تلك السمات أنه يستمد مقوماته من القرآن الكريم أولاً، ثم السُنّة الثابتة ثانياً، ولهذا أصبح فقه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) هو الامتداد الطبيعي لفقه القرآن الكريم والسُنّة المطهرة، وليس فيه شيء من عمل الرأي أو استعمال القياس والاستحسان وما شابه ذلك، وهناك عشرات بل مئات الروايات المصرّحة بأنّ كل ما لدى أهل البيت (عليهم السلام) إنّما هو عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) توارثوه واحداً بعد واحد وصولاً إلى الاِمام المهدي (عليه السلام) (5).
ويتميّز أيضاً بالشمولية فانه لم يدع ملحظاً كلياً أو جزئياً إلاّ وقد بيّنه بمنتهى الدقة والتفصيل، أما من حيث الامتداد الزماني فهو فقه الاَمس واليوم وغداً، لصلاحيته لكلِّ زمان وامتداده إلى حلّ كلّ مشكلات الحياة.
ومما تقدم يتبين أن فقه أهل البيت فقه واحد لا يقبل التفكيك والفصل، فلا يمكننا أن نقول: إنّ هذا هو فقه الاِمام علي (عليه السلام) وهذا فقه الاِمام الصادق (عليه السلام) وهكذا بالنسبة إلى جميع أئمة أهل البيت المعصومين (عليهم السلام).
فحديثنا إذن عن دور الاِمام الجواد الفقهي هو عين الحديث عن فقه أهل البيت (عليهم السلام) الذين أُمرنا بطاعتهم والاقتداء بهديهم والتمسك بحبلهم، وذلك أمان من الضلالة بنصّ حديث الثقلين المتواتر عند جميع فرق المسلمين.
أما عن الموارد الفقهية الكثيرة المروية عن الاِمام الجواد (عليه السلام) والتي لا تتسع لها هذه الدراسة الموجزة؛ فهي دالة بلا شكّ على أنه (عليه السلام) ملأ الفراغ الفقهي في عصره وأنه قد أغنى الساحة الاِسلامية، وشيعته على وجه الخصوص عن غيره، فلم يلتمسوا حلول مشكلاتهم واجابات اسئلتهم من أحد غيره، وهم الطائفة الواسعة الانتشار في شرق بلاد المسلمين وغربها.
ومن خلال قراءة واستعراض لبعض تلك الموارد نستخلص أن الاِمام الجواد (عليه السلام) كان مبرّزاً على جمهور الفقهاء، وكبار العلماء والقضاة المعاصرين له..
فمن حيث مجلسه (عليه السلام) في ديوان الخلافة، ما كان ليجلس إلاّ بموازاة مجلس الخليفة، والعلماء والقضاة في مجلسهم جميعاً كانوا دون مجلسه، ويمثلون بين يديه ـ هيبة ـ عند محادثته..
وأما آراؤه في (العقيدة، والتفسير، والفقه) فهي المقدّمة على بقية الآراء؛ لاَنّها تعكس واقعاً وحقيقة روح الاِسلام، وذلك إذ يتجلّى من خلال ما مرّ من مناظرات أو من خلال ما أثبته لنا التأريخ في قصة الزواج في عهد المأمون.. أو قصة السارق الذي اعترف على نفسه بالسرقة في عهد المعتصم، وقد طلب السارق من الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه فاُرجئ الحكم عليه إلى وقت معلوم. واستدعى المعتصم لذلك جمعاً من العلماء والقضاة إلى مجلسه للحكم في القضية، واستدعى من جملة من استدعى الاِمام الجواد (عليه السلام) إلى ذلك المجلس الضخم الذي عقده لهذا الغرض، وكان الاِمام (عليه السلام) يومذاك الشاب ابن الخامسة والعشرين سنة أو نحوها.
ورغم أن الرواية التي بين أيدينا لم تُسمّ الفقهاء الذين حضروا مجلس الحكم، ولا عددهم؛ لكن بداهة يمكن الجزم ـ ويشاركنا هذا الرأي كلّ أحد ـ بأن الخليفة ما يستدعي إلى مجلسه إلاّ الطبقة الاُولى من فقهاء بغداد، ومحدثيها المرموقين، وقضاتها المتمكنين، لا ضعافها ومغموريها أو أذناب الناس وشذاذهم. وعليه نستطيع أن نشخّص مجموعة من فقهاء تلك المرحلة، ورؤوس مذاهبها، وأكابر قضاتها من الذين يمكن أن يُستدعون إلى ديوان الخلافة؛ لاِبداء رأي فقهي، أمثال: إبراهيم بن سيّار بن النظّام (ت، 231 هـ)، إبراهيم بن المهدي المصيصي (ت، 225 هـ)، أبو ثور إبراهيم ابن خالد الكلبي البغدادي (ت، 240 هـ)، أبو حسّان الزِّيادي الحسن بن عثمان (ت، 242 هـ) وقيل: أبو حيّان، أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي (ت، 234 هـ)، أبو معمر الهذلي (ت، 236 هـ)، أبو نصر التمّار، أبو الهذيل محمد بن الهذيل العلاّف العبدي (ت، 235 هـ) كان نسيج وحده وعالم دهره، لم يتقدمه أحد من الموافقين له ولا من المخالفين، أحمد بن إبراهيم الدورقي العبدي (ت، 246 هـ)، أحمد بن أبي دؤاد (ت، 240 هـ) قاضي قضاة الدولة العباسية، أحمد بن حنبل (ت، 241 هـ) ولو أنه لم يكن يحضر مجالس الخلفاء إلاّ أنه لا يمنع أن يجيب إذا استدعي، أحمد بن الفرات (ت، 258 هـ)، أحمد بن منيع البغوي (ت، 244 هـ)، إسحاق بن أبي إسرائيل، إسماعيل بن إسحاق السرّاج، إسماعيل بن أبي أويس (ت، 226 هـ) وهو ابن أخت مالك بن أنس، إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة ولي القضاء للمعتصم بعد ابن سماعة، بشر بن المعتمر الهلالي رئيس معتزلة بغداد في زمانه، بشر ابن الوليد الكندي الحنفي (ت، 238 هـ)، ثمامة بن الاَشرس وكان واحد دهره في العلم والاَدب، جعفر بن حرب الهمداني (ت، 236 هـ)، جعفر ابن عيسى الحسني أحد القضاة، جعفر بن مبشر الثقفي (ت، 234 هـ)، الحسن ابن عرفة العبدي (ت، 257 هـ)، حفص بن عمر بن عبدالعزيز الدوري البغدادي (ت، 246 هـ) إمام القرّاء وشيخ زمانه، حيّان بن بشر تسلّم قضاء الكرخ سنة (237 هـ)، خلف بن هشام البزار (ت، 229 هـ)، سجّادة أبو علي الحسن بن حمّاد الحضرمي البغدادي (ت، 241 هـ) من أجلّة العلماء في زمانه، سعدويه الواسطي سعيد بن سليمان (ت، 225هـ)، سليمان بن داود العتكي (ت، 234 هـ)، سوار بن عبدالله العبري التميمي (ت، 245 هـ) تسلّم قضاء الرصافة سنة (237 هـ)، شجاع بن مخلد الفلاّس البغوي (ت، 235 هـ)، شعيب بن سهل الرازي الملقّب شعبويه (ت، 246 هـ) قاضي الرصافة للمعتصم العباسي، عبدالرحمن بن إسحاق الشافعي القاضي، عبدالرحمن ابن كيسان الاَصم، عبيدالله بن محمد بن الحسن، علي بن الجعد الجوهري البغدادي (ت، 230هـ) الحافظ الحجة مُسند بغداد، علي بن الجنيد الاِسكافي، عيسى ابن صُبيح أبو موسى من علماء المعتزلة والمقدمين فيهم، قتيبة بن سعد، القواريري عبيدالله بن عمر، كامل بن طلحة الجحدري (ت، 231 هـ)، المحاسبي الحارث بن أسد (ت، 243 هـ)، محمد ابن بكار بن الريّان البغدادي (ت، 238 هـ)، محمد بن حاتم بن ميمون السمين (ت، 235هـ) الحافظ المجوِّد المفسِّر، محمد بن الحسين البرجلاني الحنبلي (ت، 238هـ)، محمد بن حمّاد وكان مقرباً من المأمون العباسي، محمد بن سعد (ت، 230هـ) صاحب الطبقات الكبرى، محمد بن سماعة (ت، 233 هـ) تولى القضاء للرشيد وبقي فيه إلى أن ضعف بصره في عهد المعتصم فصرفه عنه بإسماعيل بن حمّاد وتوفي وله مئة وثلاث سنين، محمد بن عبدالله بن المبارك المخرّمي (ت، 254 هـ)، محمد بن هارون الورّاق (ت، 247 هـ)، النضر بن شميل، هارون بن عبدالله الحمّال البغدادي (ت، 243 هـ)، هارون بن عبدالله الزهري (ت، 232 هـ)، يحيى ابن أكثم التميمي المروزي البغدادي (ت، 242 هـ) قاضي القضاة الفقيه العلاّمة من أئمة الاجتهاد، يحيى بن معين أبو زكريا المرِّي البغدادي (ت، 233 هـ) الحافظ شيخ المحدثين وإمامهم، يعقوب بن إبراهيم الدورقي (ت، 252 هـ) محدّث العراق (6).
وأضراب هؤلاء كثير مما يطول به المقام من الذين كانوا ببغداد يومذاك ويشار إليهم بالمشيخة والتفرّد بالفضل والعلم.
فالرواية التي ينقلها العياشي عن زرقان وهو محمد بن شداد أبو يعلى المسمعي (ت، 278 أو 279 هـ) وقد عمّر طويلاً، وهو أيضاً من الفقهاء والمتكلمين. قال العياشي: عن زرقان صاحب ابن أبي دؤاد وصديقه بشدّة، قال: رجع ابن أبي دؤاد ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم، فقلت له في ذلك، فقال: وددت اليوم أني قد متُّ منذ عشرين سنة، قال: قلت له: ولِمَ ذاك؟ قال: لما كان من هذا الاَسود أبا جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم، قال: قلت له: وكيف كان ذلك؟ قال: إنّ سارقاً أقرّ على نفسه بالسرقة، وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه، وقد أحضر محمد بن علي (عليه السلام)، فسألنا عن القطع في أيّ موضع يجب أن يقطع؟ قال: فقلت: من الكرسوع، قال: وما الحجة في ذلك؟ قال: قلت: لاَنّ اليد هي الاَصابع والكف إلى الكرسوع؛ لقول الله في التيمم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}(7) واتّفق معي على ذلك قوم.
وقال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: وما الدليل على ذلك؟ قالوا: لاَنّ الله لما قال: { وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (8) في الغسل دلّ ذلك على أن حدّ اليد هو المرفق، قال: فالتفت إلى محمد بن علي (عليه السلام)، فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟ فقال: قد تكلّم القوم فيه يا أمير المؤمنين، قال: دعني مما تكلّموا به، أيّ شيء عندك؟ قال: اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين. قال: أقسمت عليك بالله لمّا أخبرت بما عندك فيه، فقال: أما إذا أقسمت عليَّ بالله إنّي أقول إنّهم أخطأوا فيه السنة، فإنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الاَصابع، فيترك الكف. قال: وما الحجة في ذلك؟ قال: قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): السجود على سبعة أعضاء: الوجه واليدين والركبتين والرجلين (9). فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، وقال الله تبارك وتعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}(10) يعني به هذه الاَعضاء السبعة التي يسجد عليها (فلا تدعوا مع الله أحداً) وما كان لله لم يقطع، قال: فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الاَصابع دون الكفّ، قال ابن أبي دؤاد: قامت قيامتي وتمنيّت أني لم أك حيّاً (11).
فلسان الرواية يبيّن أن الخليفة أعدّ مسبقاً لذلك المجلس جمعاً غفيراً من الفقهاء للحكم في هذه المسألة، ويبدو أيضاً أنه اختارهم على مختلف المشارب والاتجاهات الفقهية والفكرية؛ لاَنّ الوقت آنذاك كان وقت كلام ومساجلات وتعدد في الآراء الفقهية.
 دوره في تفسير القرآن:
من نافلة القول إن الاَئمة من أهل البيت النبوي الطاهر (عليهم السلام)، هم الراسخون في العلم، المفسرون للقرآن الكريم كما أنزله الله وأراده حقيقة، وهم وحدهم العالمون بتأويله، والدليل على ظاهره وباطنه. وليس بدعاً من القول إذا سلّمنا بأنهم عدل القرآن؛ للنبوي الصحيح المروي في المدوّنات الحديثية لدى الفريقين سواء بسواء، ذلك هو حديث: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً»(12).
إذا علمت هذا، فينبغي بمن هو عدل الكتاب وقرينه، أن يكون عالماً بكل آياته، ومحيطاً بجميع أسراره ومحكمه ومتشابهه، ناسخه ومنسوخه، وهكذا كان أهل البيت (عليهم السلام) قرآناً ناطقاً يهدي للتي هي أقوم، ويبشّر المؤمنين بخط ولايتهم بأن لهم قدم صدق عند مليك مقتدر.
وعلى الرغم من أن ما وصل إلينا عن الاَئمة الميامين (عليهم السلام) بشأن القرآن الكريم وتفسيره لا يشكل إلاّ نزراً يسيراً لما يمتلكون من حصيلة علمية، وثراء فكري ليس لهما حدود، إلاّ أن المتصدي لتفسير القرآن الكريم لا يمكنه الاستغناء عن تفسيرهم (عليهم السلام) لما فيه من سمات أصيلة لفهم كتاب الله، أبرزها تفسير القرآن بالقرآن، والقول بسلامة القرآن من التحريف وغيرها من المبادىَ الاَساسية لإدراك معاني الكتاب الكريم.
وإمامنا الجواد (عليه السلام) هو واحد من تلك الكوكبة، لا يمكن الاستغناء عما وصلنا عنه في التفسير بحال، وهو كثير جداً لو استُخرج من مظانه، وجُمع شتاته.
ومن أمثلة تفسيره (عليه السلام)، ما نقله الكليني في الكافي بسنده عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري الذي قال: قلت لاَبي جعفر (عليه السلام) سائلاً عن معنى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}(13).
فقال (عليه السلام): «يا أبا هاشم، أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند، والبلدان التي لم تدخلها، ولا تدركها ببصرك، وأوهام القلوب لا تدركه، فكيف أبصار العيون؟!»(14).
ونقل شيخ الطائفة في تهذيبه، بسنده عن السيد (عبدالعظيم بن عبدالله الحسني، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام) أنّه قال: سألته عمّا اُهلّ لغير الله. قال: «ما ذُبح لصنم أو وثن أو شجر، حرّم الله ذلك كما حرّم الميتة والدم ولحم الخنزير {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}(15) أن يأكل الميتة». قال: فقلت له: يابن رسول الله، متى تحلّ للمضطر الميتة؟ فقال: «حدّثني أبي عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سُئل فقيل له: يا رسول الله إنا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة، فمتى تحلُّ لنا الميتة؟ قال: ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفوا بقلاً، فشأنكم بهذا».
قال عبدالعظيم: فقلت له: يابن رسول الله فما معنى قوله عزَّ وجلَّ: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ}؟ قال: «العادي: السارق، والباغي: الذي يبغي الصيد بطراً ولهواً؛ ليعود به على عياله، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرّا، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار، وليس لهما أن يقصّرا في صوم ولا صلاة في سفر».
قال: قلت له: فقول الله تعالى: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}(16). قال: « المنخنقة: التي انخنقت بأخناقها حتى تموت. والموقوذة: التي مرضت ووقذها المرض حتى لم تكن بها حركة. والمتردّية: التي تتردّى من مكان مرتفع إلى أسفل أو تتردّى من جبل أو في بئر فتموت. والنطيحة: التي تنطحها بهيمة اُخرى فتموت. وما أكل السبع منه فمات. وما ذُبح على حجر أو على صنم، إلاّ ما أُدركت ذكاته فذُكيّ».
قلت: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ}؟ قال: «كانوا في الجاهلية يشترون بعيراً فيما بين عشرة أنفس، ويستقسمون عليه بالقداح، وكانت عشرة، سبعة لهم أنصباء وثلاثة لا أنصباء لها. أما التي لها أنصباء: فالفذّ، والتوأم، والنافس، والحِلس، والمسبل، والمعلّى، والرقيب(17). وأما التي لا أنصباء لها: فالسفح، والمنيح، والوغد. وكانوا يجيلون السهام بين عشرة، فمن خرج باسمه سهم من التي لا أنصباء لها أُلزم ثلث ثمن البعير، فلا يزالون كذلك حتى تقع السهام التي لا أنصباء لها إلى ثلاثة، فيُلزم ثمن البعير، ثم ينحرونه ويأكل السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئاً، ولم يطعموا منه الثلاثة شيئاً. فلما جاء الاِسلام حرّم الله تعالى ذكره ذلك فيما حرّم، وقال: { وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} يعني حراماً»(18).
 دوره في ترسيخ العقائد الاِسلامية:
في هذا المقطع التاريخي الذي عاصره الاِمام الجواد (عليه السلام) كانت حمّى ظهور المذاهب الكلامية والعقائدية تأخذ بالانتشار هنا وهناك، يساعد على ذلك توجه الحاكم نفسه إلى اللعب بالورقة المذهبية من جهة وظهور طبقة من وعّاظ السلاطين نظّمت نفسها وكيّفتها على نمط خاص للدخول في اكمام السلطان والعيش تحت آباطه، قانعين بما ينالهم من نتانة الموقع، والاِذلال والصغار، مقابل أن لا يُحرموا من بذخ القصور، ودعة العيش، وفاخر الثياب، وبدر الدراهم.
وتموج الاُمّة في ضلال تيارات عقيدية وفكرية عديدة فمن مشبّهة إلى معطّلة إلى مجبرة إلى غير ذلك من العقائد الباطلة والدعاوى المنحرفة، التي أثيرت في عصره (عليه السلام)، مما لا تتسع له صفحاتنا هذه، وكان للإمام الجواد (عليه السلام) دور بارز في ترسيخ العقائد الاِسلامية والدفاع عنها، وتصحيح معتقدات الناس مما قد يخطر في أذهانهم من تصورات خاطئة حول اُصول الاعتقاد.
التوحيد والصفات:
فعندما يُسئل من قبل عبدالرحمن بن أبي نجران عن التوحيد حين قال له: أتوهّم شيئاً؟
أجابه الاِمام (عليه السلام) من فوره: « نعم، غير معقول ولا محدود، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه، لا يشبهه شيء، ولا تدركه الاَوهام.
كيف تُدركه الاَوهام وهو خلاف ما يُعقل، وخلاف ما يُتصوّر في الاَوهام؟ إنّما يتوهّم شيء غير معقول ولا محدود»(19).
ويُسأل الاِمام (عليه السلام) أيضاً عن الباري تبارك وتعالى أنه يجوز أن يقال له: إنّه شيء؟
(قال: « نعم، يُخرجه من الحدين: حدّ التعطيل، وحدّ التشبيه»)(20).
وفي الكافي أيضاً أن عبدالرحمن بن أبي نجران كتب إلى أبي جعفر (عليه السلام) أو سأله قائلاً: (جعلني الله فداك، نعبد الرحمن الرحيم الواحد الاَحد الصمد؟
فقال: «إنّ من عبد الاِسم دون المسمّى بالاَسماء أشرك وكفر وجحد، ولم يعبد شيئاً، بل اعبُد الله الواحد الاَحد الصمد المسمّى بهذه الاَسماء، دون الاَسماء. إنّ الاَسماء صفات وصف بها نفسه»)(21).
وفي إطار الاَسماء والصفات لله تبارك وتعالى، يسأله داود بن القاسم أبو هاشم الجعفري عن معنى الواحد. فيجيبه الاِمام (عليه السلام) قائلاً: «إجماع الاَلسن عليه بالوحدانية، كقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}»(22).
وروى داود بن القاسم أبو هاشم الجعفري أنّ رجلاً ناظر الاِمام الجواد (عليه السلام) في أسماء الله تعالى وصفاته، فقال: (كنت عند أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فسأله رجل فقال: أخبرني عن الربِّ تبارك وتعالى، له أسماء وصفات في كتابه؟ وأسماؤه وصفاته هي هو؟
فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إنّ لهذا الكلام وجهين:
إن كنت تقول: هي هو، أي أنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك.
وإن كنت تقول: هذه الصفات والاَسماء لم تزل فإنّ (لم تزل) محتمل معنيين: فإن قلت: لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها، فنعم.
وإن كنت تقول: لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها، فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره، بل كان الله ولا خلق، ثم خلقها ـ أي الاَسماء ـ وسيلة بينه وبين خلقه يتضرّعون بها إليه، ويعبدونه وهي ذكره.
وكان الله ولا ذكر، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل، والاَسماء والصفات مخلوقات. والمعاني والمعنيُّ بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف وإنّما يختلف ويأتلف المتجزّئ، فلا يقال: الله مؤتلف، ولا: الله قليل، ولا كثير، ولكنه القديم في ذاته؛ لاَنّ ما سوى الواحد متجزّئ، والله واحد لا متجزئ، ولا متوهّم بالقلة والكثرة، وكلّ متجزئ أو متوهَّم بالقلّة والكثرة فهو مخلوق دالٌّ على خالقٍ له.
فقولك: (إنّ الله قدير)، خبّرت أنه لا يعجزه شيء فنفيت بالكلمة العجز، وجعلت العجز سواه. وكذلك قولك: (عالم)، إنّما نفيت بالكلمة الجهل، وجعلت الجهل سواه. وإذا أفنى الله الاَشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع، ولا يزال من لم يزل عالماً».
فقال الرجل: فكيف سمّينا ربّنا سميعاً؟
فقال الاِمام: «لاَنّه لا يخفى عليه ما يُدرك بالاَسماع، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس، وكذلك سميناه بصيراً؛ لاَنّه لا يخفى عليه ما يُدرك بالاَبصار. من لون أو شخص أو غير ذلك، ولم نصفه ببصر لحظة العين.
وكذلك سمّيناه لطيفاً لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة وأخفى من ذلك، وموضع النشوء منها، والعقل والشهوة للسفاد والحدب على نسلها، وإقام بعضها على بعض، ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والاَودية والقفار. فعلمنا أنّ خالقها لطيف بلا كيف، وإنّما الكيفية للمخلوق المكيّف.
وكذلك سمّينا ربّنا قوياً لا بقوة البطش المعروف من المخلوق، ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصاً كان غير قديم، وما كان غير قديم كان عاجزاً.
فربّنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضدّ، ولا ندّ، ولا كيف، ولا نهاية، ولا تبصار بصر. ومحرّم على القلوب أن تُمثّله، وعلى الاَوهام أن تحدّه، وعلى الضمائر أن تكوّنه جلّ وعزّ عن أداة خلقه، وسمات بريّته، وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً»)(23).
الفرق المنحرفة:
في رجال الكشي عن علي بن مهزيار قال: (سمعتُ أبا جعفر (عليه السلام) يقول ـ وقد ذُكر عنده أبو الخطّاب (24) ـ : «لعن الله أبا الخطّاب، ولعن أصحابه، ولعن الشاكّين في لعنه، ولعن من وقف فيه، وشك فيه...»(25).
وبالإضافة إلى لعن الاِمام (عليه السلام) لاَبي الخطّاب وأصحابه، فإنّه (عليه السلام) وقف موقفاً حاسماً من الفرقة الواقفية وغيرها. فقد أورد الكشي بسنده عن محمد بن رجاء الحنّاط، عن محمد بن علي الرضا (عليه السلام) أنّه قال: «الواقفة حمير الشيعة».
ثم تلا قوله تعالى: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} (26).
كما تجلّى موقفه الحاسم هذا في نهيه عن التعامل مع الفطحية والواقفة ولم يجوّز الصلاة خلف أحدهم (27).
 روائع من نور كلمه
أئمة أهل البيت (عليهم السلام) هم أزِمّة الحقّ، وأعلام الدين، وألسنة الصدق! إن نطقوا صدقوا، وإن صمتوا لم يُسبقوا. فهم عيش العلم، وموت الجهل.
يُخبركم حلمهم عن علمهم، وظاهرهم عن باطنهم، وصمتهم عن حِكَم منطقهم، لا يخالفون الحقّ ولا يختلفون فيه. إن سكتوا كان سكوتهم ذكراً، وإن نظروا كان نظرهم عبرة، وإن نطقوا كان منطقهم الحكمة. فكلامهم: لا يُملُّ، وحديثهم لا تمجّه الآذان، وتستأنس به النفوس، وهو إلى القلب أسرع منه إلى السمع وإن كان يمر عبر صيوانه؛ وذلك لاَنّ لسان حالهم أسبق من لسان مقالهم. وانّ ما يخرج من القلب لا شك أنه يدخل مفترشاً صحراء القلب، ولا يبقى عالقاً في شفير المسامع.
فكما أن كلامهم (عليهم السلام)، وكلّ كلامهم نور.. ونطقهم حكمة.. فإنّ إمامنا الجواد (عليه السلام) ـ وهو أحد أهل البيت النبوي الطاهر ـ له أيضاً كلمات حكيمة، ومواعظ نورانية، وآداب إلهية.
وقد آثرنا ونحن نقترب من خاتمة هذه الدراسة، نقل قبسات من أنوار حكمه (عليه السلام) والتي هي في مضامينها مناهج عمل، وبرامج توعية وهداية للسالكين طريق الحق والصلاح.
فمما قاله (عليه السلام): « لا تعادِ أحداً حتى تعرف الذي بينه وبين الله تعالى، فإن كان محسناً فإنه لا يسلمه إليك، وإن كان مسيئاً فإن علمك به يكفيكه، فلا تعاده».
وقال (عليه السلام) أيضاً: « الثقة بالله تعالى ثمن لكلِّ غالٍ، وسُلّم إلى كلِّ عالٍ ».
وقال (عليه السلام): « من استفاد أخاً في الله فقد استفاد بيتاً في الجنة ».
وقال (عليه السلام): « كيف يضيع من الله كافله؟! وكيف ينجو من الله طالبه؟! ومن انقطع إلى غير الله وكّله الله ـ تعالى ـ إليه، ومن عمل على غير علم أفسد أكثر مما يصلح » (28).
وقال (عليه السلام): « استصلاح الاَخيار بإكرامهم، والاَشرار بتأديبهم، والمودّة قرابة مستفادة».
وقال (عليه السلام): « القصد إلى الله تعالى بالقلوب أبلغ من إتعاب الجوارح بالاَعمال ».
وقال (عليه السلام): « من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق يؤدي عن الله عزَّ وجلَّ فقد عبد الله، وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان »(29).
وقال (عليه السلام): « لو كانت السموات والاَرض رتقاً على عبد ثم اتقى الله تعالى لجعل منها مخرجاً ».
وقال (عليه السلام): « لا تكن ولياً لله في العلانية، وعدواً له في السرِّ ».
وقال (عليه السلام): « من استغنى بالله افتقر الناس إليه، ومن اتقى الله أحبه الناس وإن كرهوا ».
وقال (عليه السلام): « لن يستكمل العبد حقيقة الاِيمان حتى يؤثر دينه على شهوته، ولن يهلك حتى يؤثر هواه وشهوته على دينه ».
وقال (عليه السلام): « عزّ المؤمن غناه عن الناس ».
وقال (عليه السلام): « من أطاع هواه أعطى عدوّه مناه ».
وقال (عليه السلام): « من هجر المداراة قارنه المكروه، ومن لم يعرف الموارد، أعيته المصادر » (30).
وقال (عليه السلام): « راكب الشهوات لا تُستقال له عثرة ».
وقال (عليه السلام): « ما عظمت نعمة الله على عبد إلاّ عظمت عليه مؤونة الناس، فمن لم يحتمل تلك المؤونة فقد عرّض النعمة للزوال ».
وقال (عليه السلام): « من كثر همّه سقم جسده ».
وقال (عليه السلام): « من لم يرض من أخيه بحسن النية، لم يرض بالعطية ».
وقال (عليه السلام): « أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه؛ لاَنّ لهم أجره وفخره وذكره، فمهما اصطنع الرجل من معروف فإنّما يبدأ فيه بنفسه، فلا يطلبنّ شكر ما صنع إلى نفسه من غيره ».
وقال (عليه السلام): « من أخطأ وجوه المطالب خذلته وجوه الحيل ».
وقال (عليه السلام): « من استحسن قبيحاً كان شريكاً فيه ».
وقال (عليه السلام): « موت الاِنسان بالذنوب أكثر من موته بالاَجل، وحياته بالبر أكثر من حياته بالعمر ».
وقال (عليه السلام): « ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله تعالى: كثرة الاستغفار؛ ولين الجانب؛ وكثرة الصدقة. وثلاث من كنّ فيه لم يندم: ترك العجلة، والمشورة؛ والتوكّل على الله عند العزم ».
وقال (عليه السلام): « المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال: توفيق من الله ؛ وواعظ من نفسه، وقبول ممن ينصحه ».
وقال (عليه السلام): « التوبة على أربع دعائم: ندم بالقلب؛ واستغفار باللسان؛ وعمل بالجوارح؛ وعزم أن لا يعود ».
وقال (عليه السلام): « أربع من كنّ فيه استكمل الاِيمان: من أعطى لله؛ ومنع في الله؛ وأحب لله؛ وأبغض فيه ».
وقال (عليه السلام): « الجمال في اللسان، والكمال في العقل ».
وقال (عليه السلام): « العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى، والصبر زينة البلاء، والتواضع زينة الحسب، والفصاحة زينة الكلام، والعدل زينة الاِيمان، والسكينة زينة العبادة، والحفظ زينة الرواية، وخفض الجناح زينة العلم، وحسن الاَدب زينة العقل، وبسط الوجه زينة الحلم، والاِيثار زينة الزهد، وبذل المجهود زينة النفس، وكثرة البكاء زينة الخوف، والتقلل زينة القناعة، وترك المن زينة المعروف، والخشوع زينة الصلاة، وترك ما لا يعني زينة الورع ».
وقال (عليه السلام): « يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم ».
وقال (عليه السلام): « إظهار الشيء قبل أن يستحكم مفسدة له ».
وقال (عليه السلام): وقد سُئل عن الحزم: « هو أن تنظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك »(31).
ـــــــــــ
(*) من كتاب: الإمام محمد الجواد (عليه السلام) سيرة وتاريخ، السيد عدنان الحسيني، بتصرّف.
1) أهل البيت (عليهم السلام) تنوع أدوار ووحدة هدف، السيد الشهيد محمد باقر الصدر: 127، 131، 144، 145.
2) أهل البيت (عليهم السلام) تنوع أدوار ووحدة هدف، السيد الشهيد محمد باقر الصدر: 75.
3) بحار الاَنوار، المجلسي 25: 64.
4) اُصول الكافي 1: 53، 14 (كتاب فضل العلم). والارشاد، الشيخ المفيد 2: 186.
5) راجع: اُصول الكافي 1: 263، 1 ـ 3 و 265، 2 و 268، 9 وفي غير موضع منه.
6) اعتمدنا في استخلاص هذه الجمهرة من علماء وقضاة بغداد المعاصرين للإمام الجواد (عليه السلام) في تلك الفترة: البداية والنهاية 10: 299 حوادث سنة (218 هـ). وتاريخ أبي الفداء 1: 340. وتاريخ الخلفاء، السيوطي: 309 ـ 312 بتحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد. وتاريخ الطبري 7: 187 ـ 206 حوادث سنة (218 هـ). وطبقات الفقهاء، أبو إسحاق الشيرازي الشافعي (ت، 476 هـ). والكامل في التاريخ 6: 3 ـ 6 مراجعة وتصحيح الدكتور محمد يوسف الدقاق. ومحاضرات تاريخ الاُمم الاِسلامية، الخضري 2: 212 ـ 215. والوفيات، ابن قنفذ (ت، 809 هـ) وغيرها.
7) سورة النساء: 43.
8) سورة المائدة: 6.
9) صحيح البخاري 1: 280، 776 و 777 باب السجود على سبعة أعظم أخرجه عن ابن عباس. والجامع الصحيح 1: 446، 231 (491) أخرجه عن العباس بن عبدالمطلب. وكذا الاَحاديث 227 ـ 230. وسنن ابن ماجة 1: 282، 884 و 885.
10) سورة الجن: 18.
11) تفسير العياشي 1: 319 ـ 320، 109 طبع طهران بتحقيق السيد هاشم الرسولي المحلاتي.
12) الحديث روي في العديد من المصادر التي لا يمكن حصرها هنا نذكر منها: صحيح مسلم 4: 1873، 2408. ومسند أحمد 5: 189. وسنن الدارمي 2: 431 ـ 432. ومصنّف ابن أبي شيبة 11: 452، 11725. وصحيح الترمذي 5: 662، 3786. وللمزيد راجع: دفاع عن الكافي، ثامر العميدي 1: 144 ـ 153 ففيه تفاصيل عن ألفاظ الحديث وطرقه ودلالاته ومصادره.
13) سورة الاَنعام: 103.
14) اُصول الكافي 1: 99، 11.
15) سورة البقرة: 173.
16) سورة المائدة: 3.
17) وقيل في ترتيبها غير ذلك.
18) تهذيب الاَحكام 9: 83، 354.
19) اُصول الكافي 1: 82، 1 باب إطلاق القول بأنه شيء من كتاب التوحيد.
20) اُصول الكافي 1: 82، 2. وراجع: التوحيد، الصدوق: 107.
21) اُصول الكافي 1: 87، 3 باب المعبود من كتاب التوحيد.
22) اُصول الكافي 1: 118، 12. والآية من سورة الزخرف: 43، 87.
23) اُصول الكافي 1: 116، 7. وراجع: التوحيد، الصدوق: 193.
24) أبو الخطّاب: هو محمد بن أبي زينب مقلاص الاَسدي الكوفي الاَجدع. كان في بادئ أمره من أصحاب الاِمام الصادق (عليه السلام)، ثم انحرف عن خط أهل البيت (عليهم السلام)، بل وعن الدين، فأخذ ينسب أباطيله وعقائده الفاسدة إلى الاِمام الصادق (عليه السلام) كذباً وزوراً، وتبعه عدد من المضلّلين والنفعيين حتى شكّلوا فرقة سمّيت فيما بعد بالخطّابية. من عقائدهم زعموا أن الصلاة والصيام والتكاليف الاُخرى، والخمر والزنا والسرقة وغيرها هي أسماء رجال، والآيات القرآنية الآمرة بأداء تلك الاَعمال والناهية عنها، إنّما هي آمرة بمحبة أولئك الرجال أو النهي عن محبتهم فقط. كما أظهروا كثيراً من البدع والضلالات والاباحات، حتى وصل بهم الاَمر إلى الدعوة إلى نبوّة أبي الخطاب. بعث إليهم والي المدينة جيشاً ـ بعد أن استفحل أمرهم ـ فقاتلوهم حتى أبادوهم عن آخرهم إلاّ رجلاً واحداً منهم نجا من القتل.
25) اختيار معرفة الرجال: 528، 1012.
26) بحار الأنوار 50: 55، 30.
27) ثواب الأعمال: 165 باب ثواب الاستغفار.
28) التذكرة الحمدونية، ابن حمدون 1: 113، رقم 228.
29) الفروع من الكافي 6: 434، 24.
30) التذكرة الحمدونية 1: 383، رقم 108.
1) التذكرة الحمدونية 1: 383، رقم 1005.

  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1581
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 10 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19