• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : علوم القرآن الكريم .
                    • الموضوع : تحريف القرآن الكريم .

تحريف القرآن الكريم

سماحة الشيخ عبدالجليل البن سعد

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يا كريم

موضوع هذه الليلة هو مناقشة شبهة من أبرز الشبهات التي أحاطت بالقرآن الكريم على امتداد الرسالة ألا وهي (تحريف القرآن الكريم).

وفي هذا الموضوع أطلق الكثير من العلماء العنان لأقلامهم واستدلوا بالشكل الجيد والواضح على نفي هذه الشبهة ومن بين هذه الأبحاث المباركة هو بحث المحقق والمرجع الديني زعيم الحوزة العلمية السيد الخوئي قدس الله نفسه الزكية حتى أن الأعلام من بعده كانوا يجدون فيه الكفاية فيقول تلميذه الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر عندما أراد أن يعالج موضوع التحريف (أن السيد الخوئي تحدث بشكل تفصيلي وجيد).

وقبل التحدث في الروايات التي جعلت الشُبهة ترد على أذهان البعض من الكتـّاب.. سنتكلم بالطريقة التي طرحها السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه حيث اختار ان ينفي التحريف بطريقة غير معالجة الروايات وهي ملاحظة:

ما يفرضه طبيعة الأشياء

ونوضح المقصود من طبيعة الأشياء بمثال:

نحن عندما نريد أن ندعي على إنسان بدعوى لا يمكننا أن ندعي عليه بدون أن تنطبق عليه طبيعة الدعوة فعندما ندعي على شخص أنه قاتل وفي مقام تفصيل الدعوى نقول (رأيناه ينقض عليه طائرا كالصقر) فهذه الدعوة لا تنطبق عليه لأن الإنسان ليس من طبيعته أن يكون طائرا !!

هذا هو المراد من طبيعة الأشياء..

 

فيقول الشهيد : أن دعوى التحريف لا تتناسب والقرآن وإن مجموع الظروف والخصائص التي عاشها النبي صلى الله عليه وآله والمسلمون تجعلنا نقطع ونقول بضرس قاطع بعدم التحريف .

ولا بد من أن نطل على الأشياء التي يحمل كل منها طبيعة تقتضي نفي التحريف عن القرآن الكريم..

1 ـ طبيعة الدستور وكيفية اهتمام الناس به :

القرآن هو الدستور الأساسي للمسلمين وطبيعة الدستور أن يقع في قلوب الجميع ويتأثر له الجميع فلو أصيب بنقص أو إهانة فلن يكون ذلك بالأمر السهل وستتولد ردة فعل لذلك، بينما لم نسمع بردة الفعل تلك!!

2 ـ تنافسهم على حفظه واستظهاره:

فإن الناس كانوا يتسابقون على استظهار القرآن الكريم وطبيعة هذا الجو لا يسمح  بمرور فكرة التحريف ولذلك روي أن هناك من حفظ القرآن عن النبي .

ويعقب السيد الشهيد فيقول : وإن كانت هذه الوسيلة لا تكفي في القرآن آمنا من القيام بالتحريف الذي لا يكون على وجه العمد بل على وجه الاشتباه والخطأ والتعرض لعوامل وظروف أخرى تمنعهم من القيام بدورهم في حفظ النص القرآني من هذه الأخطار ولكن نجعل هذه قرينة نجمعها إلى قرائن أخرى تجعل القلب يطمئن بعدم التحريف .

3  ـ إمكانيات التدوين :

إن إمكانيات التدوين كانت موجودة وهذا مانع من التحريف مع وجود الأشخاص القادرين والمهيئين من قبل النبي صلى الله عليه واله  لكتابة الوحي .

  4 ـ طبيعة إدراك النبي صلى الله عليه واله

  لا يمكن تصور أن الرسول لم يكن مدركا لخطورة  التحريف وقد تكلم عنها القرآن في الإمم السابقة ولا يمكن تصور أنه لم يكن مدركا أهمية حفظ القرآن مع وجود الإمكانيات فلذلك سيبني على إدراكه وذلك الإدراك  يجعله يجمع القرآن فهو إذا مجموع في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .

 روايات الجمع :

وقبل أن نتكلم نعطي إشارة وهي أن روايات الجمع واحدة من المفاصل التاريخية التي حفزت على القول بالتحريف وهذا ناشئ من عدم معرفة معنى  كلمة الجمع فجرى التخبط .

الجمع ومعانيه :

 1- الحفظ في الصدور وهذا فيه روايات كثرة

2- الجمع بمعنى الكتابة والتدوين وكان التدوين يأخذ أشكالا منها : يكتب على العسب وهو جريد النخل،  واللخاف وهو الحجر الأملس الرقيق، وعلى الرقاع أي القطعة من الجلد،  وعلى الأقتاب وهو نوع من الخشب يوضع على الجمل وعلى الأكتاف وهو العظم العريض للإبل والغنم .

3ـ الجمع بمعنى جمع المسلمين على قراءة واحدة في مصحف واحد . وكل هذه المعاني تجعلنا لا نشك في أن القرآن غير محرف .

4 ـ الجمع بمعنى التأليف وجعل كل آية في السورة التي هي جزء منها..

وهذا التنوع في معاني الجمع يجعلنا نفهم النسبة بين الروايات التي تحدثت عن الجمع في عهد الرسول وما بعد الرسول .

كما يجعلنا نفهم النسبة بين الروايات التي في عهد أمير المؤمنين وأنه امتنع عن إخراج القرآن للخلفاء .

نعم سنفهم كل ذلك من دون اللجوء إلى القول بالتحريف..

الجمع في عهد الخليفة الأول:

إن الروايات التي تتحدث عن أن القرآن جمع في عهد أبي بكر وأنه يأتي بشاهدين للاستدلال على صحة الآية فهذه الروايات لا تتناسب والشواهد التي ذكرت .

كيف نشأت هذه الفكرة :

وفسرت نشأة هذه الفكرة بتفسير جميل وهي أنها ليست من الشيخين وإنما من القصاصين الموجودين في ذلك العهد بل في جميع العهود فقد رأوا الفراغ الذي يعيشه الناس البعيدين عن عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتلهفهم لمعرفة الأخبار والآيات وأسباب النزول  وقد عملوا في هذا المجال برغبة في إخبار الناس بأخبار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وما نزل عليه  وهؤلاء القصاصون موجودون في كل مجتمع على امتداد البشرية ويقومون بطرح هذه القصص الكاذبة.

إذاً لدينا نصوص تقول أن القرآن جمع في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وأن هناك كتّاب كثر ومن ضمنهم البخاري يذكر أن أنس يقول : أن أربعة من الصحابة جمعوا القرآن على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .

كما أن الخوارزمي يذكر أن هناك اثنان من الصحابة قد جمعوا القرآن وهما أمير المؤمنين عليه السلم وأُبي .

والبيهقي وابن أبي داوود قالا أن الذين جمعوا القرآن ستة .

وابن اسحاق في الفهرست يقو ل إن الذين جمعوا القرآن تسعة ...

وهذه الأقوال تدل على أن القرآن جمع في عهد الرسول .

بهذا المعنى نعرف كيف جمع القرآن ورويت روايات كثيرة  على هذا المعنى ومنها ما روي عن طريق السنة .

5 ـ روعة القرآن الكريم وجمالية نصه:

إن من الأمور التي تشكل طبيعة الأمور وتشكل ضمانات حقيقية هي أن القرآن من أروع النصوص الأدبية فلم يخطئ العرب في حفظ معلقات فكيف بالقرآن إضافة إلى أن القرآن يعتبر حجر الزاوية ، فقد وفر عليهم كثيرًا من استفهاماتهم فقد نظر في الآفاق وفي أنفسهم .

كذلك من طبيعة العرب أنهم كانوا يقيمون النوادي لحفظ القرآن الكريم فالذي  يحفظ القرآن كان يُنظر إليه بقداسة. إضافة إلى الروايات التي تحث على حفظ القرآن .

  الأوضاع السياسية التي كانوا يعيشونها :

نقول بافتراض التحريف فمن هو القائم بالتحريف .هناك فكرة هي أن القائم بالتحريف هو التساهل وعدم توفر الخبرة في جمع القرآن الكريم من قبل الصحابة ، وهذه الفرضية لا تقبل فنحن نعرف أن هناك معارضات كثيرة على الخليفة في الأحكام من قبيل الوضوء والحدود فقد كانوا يعلقون على أخطائهم فلا يمكن أن يعلقوا على الأحكام ويتركوا القرآن و خصوصا في عهد الخليفة الثالث فقد قاموا بتقديم عريضة كبيرة بالأشياء والأحكام التي يرتؤونها ومع ذلك لم يكن فيها موضوع تحريف القرآن .

والحمد لله رب العالمين


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=178
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 09 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29