• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المشرف العام .
              • القسم الفرعي : مقالاته .
                    • الموضوع : المهديّ رحمة للعالمين .

المهديّ رحمة للعالمين

استهلّت مجلّة (حديث الدار) غرّة أعدادها بكلمات نيّرة تفضّل بها المشرف العام لدار السيّدة رقيّة (عليها السلام) للقرآن الكريم سماحة الشيخ عبدالجليل المكراني (حفظه الله تعالى)، حيث توجّه من خلالها بوصايا نافعة وبيانات هادفة خاطبت طلّاب القرآن الكريم وعموم القرّاء الكرام.

ولتعميم الفائدة، ارتأت دار السيّدة رقيّة (عليها السلام) للقرآن الكريم جَمع هذه الافتتاحيات (البالغة ١٢ افتتاحية) ووضعها بين يدي القارئ الكريم وهي على عدّة موضوعات مختلفة، والتي منها هذه الافتتاحية.

المهديّ رحمة للعالمين (*)

قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء: 107].

نبارك للمؤمنين والمنتظرين إشراقة مولد مهديّ آل محمد وبقيّة الله في أرضه لكل المضطهدين والمستضعفين ومحبّي العدل والسلام، آملين منه تعالى أن يكحل نواظر المؤمنين لتحقيق حلم الإنسانية بطلعته الغرّاء ووجهه المبارك.

إنّ الرسالة التي جاء بها نبي الإسلام (صلّى الله عليه وآله) تتلخّص في عنوان يحمل في طيّاته الأهداف الكبرى التي جاءت بها الرسالات السماوية كلّها، وهذا ما بيّنته لنا الآية الكريمة المتقدّمة، فقد اعتبرت فلسفة بعثة خاتم الأنبياء الرحمة للعالمين، وهي الهدف المقدّس الذي تقوم عليه شريعة سيّد المرسلين في جميع أبعادها الفردية والاجتماعية والإنسانية.

إنّ الصوت المحمّدي الذي انطلق من جزيرة العرب لم يكن صوت نقمة ولا ترهيب، بل هو صوت رحمة وإنسانية يحمل كل المعاني السامية، وقد تجسّد هذا الصوت في موقف الانتصار في فتح مكة، إذ نطق نبيّ الإنسانية بمبدأ التسامح العظيم قائلاً: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» [السنن الكبرى للبيهقي 9: 118].

ولا شك أنّ وارثه المهدي (عجّل اللهُ فرجه) يحمل هذه الصفة، ويقوم بهذه الرسالة المقدّسة، فهو (عليه السلام) امتداد تلك الرحمة الإلهية التي أرسلها الله في شخص المصطفى، ولا زالت تلك الرسالة لم تتحقّق على ربوع المعمورة، ولا زال الكثير من سكّان الأرض يرزحون تحت الظلم والجور والتعذيب والترهيب. والإمام المهديّ هو الأمان والسلام والسعادة التي تفتقدها هذه المجتمعات الإنسانية التي تحكمها الأنظمة الفاسدة والقوانين المزيَّفة التي هضمت الإنسان حقوقه وأمانيه.

يؤكّد لنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هذا العمق والامتداد في حركة وارثه المهديّ الذي يترجم رسالة السلام والمحبّة والرحمة والعطف، التي حاول أدعياء الإسلام اختطافها على مدى أربعة عشر قرناً من ظهور الإسلام. يقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «المهديّ منّي... يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً» [ بحار الأنوار 36: 368].

ما أحوج عالمنا اليوم إلى تحقيق رسالة العدالة والمساواة، وما أحوج دنيا الإنسان إلى نظام لا يفرّق بين البشر على أساس اللّون أو العرق أو الانتماء، وإنّما شعاره العدل ونظامه القسط بين كل الناس. وإنّ هذه لهي الانطلاقة والدولة التي أعدّت لها السماء كل وسائل السعادة.

إنّ ما تمرّ به المسيرة البشرية الآن من انتكاسة أخلاقية وإنسانية هو نتاج لسياسة الابتعاد عن الله تعالى وعن شريعته التي أراد لها أن تقود الإنسان إلى تحقيق إنسانيّته وآماله الكبيرة، وها هو المنتظر ينتظر الانعطافة الكبرى في مسيرة الحضارة الإنسانية نحو السماء وشريعة الوحي ليصدع بأمر الله ويرفع لواء العدل الإلهيّ في اليوم الموعود. ولسنا في منأى عن هذه الحركة التي يقودها إمامنا المهدي، فالمؤمنون مكلّفون بمسؤولية الانتظار والترقّب.

وفي طيّات تلك الفريضة الإلهية يكمن الإعداد للنفس على التضحية والمساهمة في تحقيق ذلك الهدف المقدّس، وإشاعة روح العزيمة والثبات أمام المحن والتحدّيات التي يمرّ بها المؤمنون والمنتظرون.

__________________

(*) حديث الدار (العدد السادس- شعبان المعظّم 1432 هـ).


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2461
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 03 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28