00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الحج 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير شبر   ||   تأليف : العلامة المحقق الجليل السيد عبدالله شبر

سورة الحج

 (22) سورة الحج ثمان وسبعون آية (78) مكية

إلا آيات أو مدنية إلا آيات.

بسم الله الرحمن الرحيم

(يا أيها الناس اتقوا ربكم) بفعل الطاعات وترك المعاصي (إن زلزلة الساعة) تحريكها للأشياء أو تحريك الأشياء فيها، قيل هي زلزلة تتقدم الساعة فأضيف إليها لأنها من أشراطها (شيء عظيم) فظيع .

(يوم ترونها) أي الزلزلة (تذهل كل مرضعة عما أرضعت) أي هولها بحيث لو ألقمت المرضعة الرضيع ثديها أنزعته من فمه ونسيته لدهشتها (وتضع كل ذات حمل

[323]

حملها) جنينها (وترى الناس سكارى) من شدة الفزع وأفرد بعد جمعه لأن الزلزلة يراها الكل والسكر إنما يراه كل واحد من غيره (وما هم بسكارى) من الشراب (ولكن عذاب الله شديد) فأفزعهم بحيث أزال عقولهم .

(ومن الناس من يجادل في الله) في شأنه ويعم كل مجادل وإن نزل في النضر بن الحارث وكان جدلا يقول الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين وينكر البعث (بغير علم) برهان (ويتبع كل شيطان مريد) متجرد للفساد .

(كتب عليه) على الشيطان في علم الله (أنه) أي الشأن (من تولاه) تبعه (فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير) بدعائه إلى ما يوجبه .

(يا أيها الناس إن كنتم في ريب) في شك (من البعث فإنا خلقناكم) أي فنظركم في بدء خلقكم يزيل ريبكم فإنا خلقنا أصلكم آدم أو ما يتكون منه المني (من تراب ثم) خلقنا نسله (من نطفة) مني (ثم من علقة) دم جامد (ثم من مضغة) لحمة قدر ما يمضغ (مخلقة وغير مخلقة) تامة الخلق وغير تامة الخلق أو مصورة (لنبين لكم) بالتخطيط وغير مصورة بتقليبكم قدرتنا فإن من قدر عليه أولا قدر على إعادتكم ثانيا (ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى) هو وقت وضعه (ثم نخرجكم طفلا) حال ووحد إرادة للجنس أو كل واحد منكم (ثم) نربيكم شيئا فشيئا (لتبلغوا أشدكم) كمال قوتكم جمع شدة كأنعم لنعمة وهو من ثلاثين سنة إلى أربعين أو الحلم (ومنكم من يتوفى) عند بلوغ الأشد أو قبيله (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) أردئه وهو الهرم والخرف (لكيلا يعلم من بعد علم شيئا) ليصير كالطفل في النسيان وسوء الفهم (وترى الأرض هامدة) دارسة يابسة من همد الثوب بلي (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت) تحركت بالنبات (وربت) انتفخت (وأنبتت من كل زوج) بعض كل صنف (بهيج) حسن نضر .

(ذلك) المذكور من أحوال الإنسان والأرض (بأن الله هو الحق) بسبب أنه الثابت المحق للأشياء (وأنه يحيي الموتى) بقدرته (وأنه على كل شيء قدير).

(وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور) هذان سببان غائيان لخلق الإنسان وما يتعيش به فإنه إنما خلق وكلف لجزاء الآخرة ولا يصل إليه إلا ببعثه في الساعة وما سبق من حقيته تعالى وإحياء الموتى وعموم قدرته فأسبأب فاعليته لذلك .

(ومن الناس من يجادل في الله بغير علم) كرر تأكيدا أو الأول في الأتباع وهذا من المتبوعين (ولا هدى) ولا دلالة عقلية معه (ولا كتاب منير) ذي نور أي ولا حجة سمعية من جهة الوحي .

(ثاني عطفه) متكبرا أو معرضا عن الحق وثني العطف كناية عن التكبر والإعراض عن الشيء (ليضل) الناس (عن سبيل الله) دينه (له في الدنيا خزي) بوقعة بدر (ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق) النار محرقة .

(ذلك) أي يقال له يوم القيامة ذلك الخزي والعذاب (بما قدمت يداك) من الكفر عبر بهما لأنها آلة لأكثر الأفعال (وأن الله ليس بظلام للعبيد) فيأخذ بغير جرم والمبالغة لكثرة العبيد .

(ومن الناس من يعبد الله على حرف) طرف من الدين مضطربا فيه كالقائم على طرف جبل وباقي الآية بيان هذا المجمل (فإن أصابه

[324]

خير) نعمة ورخاء (اطمأن به وإن أصابته فتنة) محنة وبلاء (انقلب على وجهه) عاد إلى كفره (خسر الدنيا) بفقد عصمته (والآخرة) بدخول النار بكفره (ذلك هو الخسران المبين) البين .

(يدعو) يعبد (من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه) أي جمادا عاجزا عن الضر والنفع (ذلك) الدعاء (هو الضلال البعيد) عن الرشد .

(يدعو لمن ضره) بكونه معبودا من إيجابه عذاب الدارين (أقرب من نفعه) الذي زعمه من الشفاعة واللام معلقة ليدعو لتضمنه معنى الزعم وهو قول باعتقاد (لبئس المولى) الناصر (ولبئس العشير) الصاحب .

(إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد) من نفع المؤمن المطيع وضرر المنافق العاصي لا يعجزه شيء .

(من كان يظن أن لن ينصره الله) الهاء لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو ل من ويراد بالنصر الرزق في الدنيا والآخرة (في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب) بحبل (إلى السماء) سماء بينه يشد فيه وفي عنقه (ثم ليقطع) أي ليختنق من قطع اختنق أي ليجتهد في دفع غيظه أو جزعه بأن يفعل فعل المغتاظ أو الجازع بنفسه وقيل فليمدد حبلا إلى السماء المظلة ثم ليقطع المسافة إليها فيجهد في دفع نصره أو نيل رزقه (فلينظر) فليتفكر (هل يذهبن كيده) صنعه ذلك (ما يغيظ) غيظه .

(وكذلك) الإنزال لما سبق (أنزلناه) أي القرآن (ءايات بينات) ظاهرات (وأن) ولأن (الله يهدي) يوفق أو يثبت على الهدى (من يريد) توفيقه أو تثبيته .

(إن الذين ءامنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة) يميز بينهم في أحوالهم ومحالهم (إن الله على كل شيء شهيد) مطلع عليم به .

(ألم تر) تعلم (أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض) ينقاد لقدرته وتدبيره (والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب) أن عمت من غير العقلاء فإفراد هذه بالذكر لظهورها (وكثير من الناس) عطف عليه (وكثير حق عليه العذاب) بإبائه أن يسجد طاعة قيل (وكثير) تكرير للسابق مبالغة في كثرة من حق عليه العذاب (ومن يهن الله) يشقه بالعقاب (فما له من مكرم) مسعد بالثواب (إن الله يفعل ما يشاء) من إهانة وإكرام .

(هذان) الجمعان من المؤمنين والكفار أهل الملل الخمس (خصمان اختصموا) جمع نظر إلى المعنى (في ربهم فالذين كفروا) في دينه قيل نظر في ستة تبارزوا ببدر علي وحمزة وعبيدة من المسلمين وعتبة وشيبة والوليد من المشركين وقيل في المسلمين واليهود حين قال كل منهما نحن أحق إن الله يفصل بينهم بقوله (قطعت لهم) قدرت على تقاديرهم (ثياب من نار) نيران تشملهم كالثياب (يصب من فوق رءوسهم الحميم) الماء المغلي قيل لو تقطعت منه قطعة على الجبال لأذابتها.

[325]

(يصهر) يذاب (به ما في بطونهم) من الأحشاء (والجلود) فباطنهم كظاهرهم في التأثر به .

(ولهم مقامع من حديد) يضربون بها والمقمعة ما يقمع به أي يدرع .

(كلما أرادوا أن يخرجوا منها) من النار (من غم) يأخذ بأنفاسهم فقاربوا الخروج (أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق).

(إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار) هذه حال الخصم الآخر (يحلون فيها) يلبسون حليا (من أساور) جمع أسورة وهي جمع سوار ومن ابتدائية (من ذهب) بيان لها (ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير).

(وهدوا إلى الطيب من القول) كلمة التوحيد أو قول الحمد لله أو القرآن (وهدوا إلى صراط الحميد) دين المحمود وهو الله أو طريق المحل المحمود وهو الجنة .

(إن الذين كفروا ويصدون) عطف على الماضي لقصد الاستمرار أو حال من واو كفروا (عن سبيل الله) عن طاعته (والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء) بالرفع خبر مبتدإ (العاكف فيه) المقيم (والباد) الطارىء (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) حالان مترادفان والباء فيهما للملابسة والإلحاد عدول عن القصد وترك مفعول يرد ليعم أي من يرد فيه أمرا ما ملابسا للعدول عن القصد والظلم (نذقه من عذاب أليم) جواب من.

(وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت) أي واذكر إذ بيناه له ليبينه (أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي) من الأوثان (للطائفين) حوله (والقائمين) المقيمين عنده أو القائمين في الصلاة (والركع السجود) المصلين جمع راكع وساجد .

(وأذن) ناد (في الناس بالحج) بالأمر به روي أنه صعد أبا قبيس فقال: أيها الناس حجوا بيت ربكم (يأتوك رجالا) مشاة جمع راجل (وعلى كل ضامر) بعير مهزول أي ركبانا (يأتين) صفة كل ضامر لأنه بمعنى الجمع (من كل فج عميق) طريق بعيد .

(ليشهدوا) ليحضروا (منافع لهم) دينية ودنيوية (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) هي أيام النحر الأربعة أي ليسموا الله فيها (على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) أي على ذبح ونحر ما رزقهم من الإبل والبقر والغنم هدايا أو ضحايا، وعن الصادق (عليه السلام) هو التكبير بمعنى عقيب خمس عشرة صلاة أولها ظهر العيد (فكلوا منها وأطعموا البائس) من مسه بؤس أي ضر (الفقير) المحتاج .

(ثم ليقضوا تفثهم) ليزيلوا شعثهم بقص الشارب والظفر وحلق الشعر والغسل إذا أحلوا (وليوفوا نذورهم) ما نذروا من البر في حجتهم (وليطوفوا) طواف الزيارة والنساء أو الوداع أو ما يعمها (بالبيت العتيق) القديم لأنه أول بيت وضع أو الكريم وروي أنه المعتق من الغرق ومن تسلط الجبابرة .

(ذلك) أي الأمر ذلك المذكور (ومن يعظم حرمات الله) أحكامه وما لا يحل هتكه من جميع التكاليف أو ما يتعلق بالحج (فهو) أي تعظيمها (خير له عند ربه) ثوابا (وأحلت لكم الأنعام) كلها أكلا (إلا ما يتلى عليكم) تحريمه في حرمت عليكم الميتة الآية ونحوها (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) من بيانية.

[326]

(و اجتنبوا قول الزور) هو الكذب أو شهادة الزور أو الغناء أو قول: هذا حلال وهذا حرام .

(حنفاء لله) موحدين له (غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء) أي فقد أهلك نفسه هلاك من سقط منها (فتخطفه الطير أو تهوي به الريح) تأخذه بسرعة فترفعه قطعا من حواصلها وقرىء بالتشديد أي تسقطه (في مكان سحيق) بعيد وأو للإباحة في التشبيهين .

(ذلك) أي الأمر ذلك (ومن يعظم شعائر الله) دينه أو مناسك الحج أو الهدايا (فإنها) فإن تعظيمها ناشىء (من تقوى القلوب) أي قلوبهم .

(لكم فيها منافع) درها وظهرها (إلى أجل مسمى) وقت نحرها (ثم محلها) مكان حل نحرها (إلى البيت العتيق) أي ما يقرب منه، قيل هو الحرم كله وعندنا أنه في الحج مني وفي العمرة المفردة مكة بالجزورة .

(ولكل أمة) من الأمم (جعلنا منسكا) قربانا أو متعبدا وقرىء بالكسر أي مكان نسك (ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) عند ذبحها ويفيد اختصاص القربان بها (فإلهكم إله واحد) لا شريك له فلا تذكروا على ذبائحكم إلا اسمه (فله أسلموا) انقادوا (وبشر المخبتين) الخاضعين الخاشعين .

(الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) لهيبته (والصابرين على ما أصابهم) من المصائب (والمقيمي الصلاة) في أوقاتها (ومما رزقناهم ينفقون) في سبيل الخير .

(والبدن) الإبل (جعلناها لكم من شعائر الله) أعلام دينه (لكم فيها خير) نفع ديني ودنيوي (فاذكروا اسم الله عليها) عند نحرها (صواف) قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن (فإذا وجبت جنوبها) سقطت إلى الأرض أي ماتت بالنحر (فكلوا منها وأطعموا القانع) الذي يقنع بما يعطى (والمعتر) المعترض بسؤال أو بدونه (كذلك) التسخير أي هكذا (سخرناها لكم) مع ضخمها وقوتها فتقودونها وتحبسونها ثم تنحرونها (لعلكم تشكرون) نعمتنا عليكم .

(لن ينال الله) لن يصعد إليه (لحومها ولا دماؤها ولكن يناله) يصعد إليه (التقوى منكم) الموجبة لإخلاص العمل لله وقبوله منه (كذلك سخرها لكم) كرر ليعلل بقوله (لتكبروا الله على ما هداكم) أرشدكم لإعلام دينه ومناسك حجه (وبشر المحسنين) أي الموحدين .

(إن الله يدافع) وقرىء يدفع والأول للمبالغة (عن الذين ءامنوا) كيد المشركين (إن الله لا يحب كل خوان) لله بإشراكه (كفور) جحود لنعمه أي لا يرضى عنهم .

(أذن) وقرىء بالبناء للفاعل أي الله (للذين يقاتلون) المشركين وحذف المأذون فيه لدلالته عليه (بأنهم) بسبب أنهم (ظلموا) وهم المؤمنون كان المشركون يؤذونهم بضرب وغيره فيتظلمون إلى النبي فيقول لهم اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجروا فأنزلت (وإن الله على نصرهم لقدير) عدة لهم بالنصر ‌.

(الذين أخرجوا من ديارهم) مكة (بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) أي بغير موجب سوى التوحيد الموجب للإقرار لا الإخراج، قال الباقر (عليه السلام) نزلت في المهاجرين وجرت في آل محمد أخرجوا أو أخيفوا (ولولا

[327]

دفع) وقرىء دفاع (الله الناس بعضهم ببعض) بنصر المسلمين على الكفار (لهدمت) بالتشديد والتخفيف (صوامع) للرهبان (وبيع) كنائس للنصارى (وصلوات) كنائس لليهود سميت بها لأنه يصلي فيها (ومساجد) للمسلمين (يذكر فيها اسم الله كثيرا) صفة للأربع أو للمساجد خصت بها تشريفا وقيل الكل أسماء للمساجد (ولينصرن الله من ينصره) بنصر دينه وقد أنجز وعده (إن الله لقوي) على النصر (عزيز) لا يغالب .

(الذين إن مكناهم في الأرض) وصف للذين أخرجوا أو بدل ممن ينصره، قال الباقر (عليه السلام) نحن هم (أقاموا الصلوة وآتوا الزكوة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر) جواب الشرط وهو وجوابه صلة للذين (ولله عاقبة الأمور) لا يملكها في الآخرة سواء .

(وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود).

(وقوم إبراهيم وقوم لوط).

(وأصحاب مدين) تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن تكذيب قومه (وكذب موسى) غير النظم لأن القبط كذبوه لا قومه (فأمليت للكافرين) أمهلتهم وأخرت عقوبتهم (ثم أخذتهم) بالعذاب (فكيف كان نكير) إنكاري عليهم بالانتقام منهم بتكذيبهم.

(فكأين) فكم (من قرية أهلكناها) وقرىء أهلكتها (وهي ظالمة) أي أهلها بالكفر حال (فهي خاوية على عروشها) أي ساقطة حيطانها على سقوفها أو خالية مع بقاء سقوفها (وبئر معطلة) متروكة بموت أهلها (وقصر مشيد) مجصص أو مرفوع هلك أهله .

(أفلم يسيروا في الأرض) ليعرفوا حال المكذبين قبلهم فيعتبروا (فتكون لهم قلوب يعقلون بها) ما أصاب أولئك بتكذيبهم (أو ءاذان يسمعون بها) أخبار إهلاكهم سماع تدبر (فإنها لا تعمى الأبصار) الهاء للقصة أو مبهم يفسره الأبصار وفاعل تعمى ضميره (ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) قيد بالصدور تأكيدا ورفعا للتجوز .

(ويستعجلونك بالعذاب) الذي أوعدوه (ولن يخلف الله وعده) بإنزاله وقد أنجزه يوم بدر (وإن يوما) من أيام عذابهم (عند ربك) في الآخرة (كألف سنة مما تعدون) في الدنيا وقرىء بياء الغيبة .

(وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها) المراد أهلها وعطف السابق بالفاء لأنه بدل من فكيف كان نكير وهذا بالواو لسوقه لبيان وقوع العذاب بهم وإن أمهلوا كالجملتين قبله (وإلى المصير) مرجع الكل.

(قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين) لما أنذركم به .

(فالذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة) لذنوبهم (ورزق كريم) بنعيم الجنة فإنه أفضل رزق .

(والذين سعوا في ءاياتنا) القرآن بالإبطال (معاجزين) مسابقين لنا ظانين أن يفوتونا أو يتم كيدهم (أولئك

[328]

أصحاب الجحيم) النار .

(وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي) وعنهم (عليهم السلام) أو محدث بفتح الدال هو الإمام يسمع الصوت ولا يرى الملك (إلا إذا تمنى) بقلبه منية (ألقى الشيطان في أمنيته) ووسوس إليه فيها بالباطل يدعوه إليه (فينسخ الله ما يلقي الشيطان) فيبطله ويزيله بعصمته وهدايته إلى ما هو الحق (ثم يحكم الله ءاياته) يثبت دلائله الداعية إلى مخالفة الشيطان (والله عليم حكيم) في تدبيره .

(ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة) الدال على ظهور الملقى للناس بخلاف الأول لخفاء تمني القلب فكيف يكون امتحانا (للذين في قلوبهم مرض) شك ونفاق (والقاسية قلوبهم) المشركين (وإن الظالمين) أي الحزبين وضع موضع ضميرهم إيذانا بظلمهم (لفي شقاق) خلاف (بعيد) عن الحق أو عن الرسول وبيعته .

(وليعلم الذين أوتوا العلم) بتوحيد الله وحكمته (أنه) أي القرآن (الحق) الذي لا يأتيه الباطل منزلا (من ربك فيؤمنوا به) يثبتوا على إيمانهم أو يزدادوا إيمانا (فتخبت) تخشع وتطمئن (له قلوبهم وإن الله لهاد الذين ءامنوا إلى صراط مستقيم).

(ولا يزال الذين كفروا في مرية) شك (منه) من القرآن (حتى تأتيهم الساعة) القيامة (بغتة) فجأة (أو يأتيهم عذاب يوم عقيم) لا خير فيه كالريح العقيم لا تأتي بخير .

(الملك يومئذ) أي يوم القيامة (لله) وحده (يحكم بينهم) بين المؤمنين والكافرين (فالذين ءامنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم).

(والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين) لهم لشدته.

(والذين هاجروا في سبيل الله) في طاعته من مكة إلى المدينة أو من أوطانهم في سرية (ثم قتلوا) في الجهاد (أو ماتوا ليرزقنهم).

(الله رزقا حسنا) نعيم الجنة (وإن الله لهو خير الرازقين) لانتهاء كل رزق إليه (ليدخلنهم مدخلا) بالضم وفتحه نافع مصدر أو اسم مكان (يرضونه) هو الجنة (وإن الله لعليم) بأحوالهم (حليم) لا يعجل العقوبة .

(ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به) جازى من ظلمه بمثل ما ظلمه به (ثم بغي عليه) عاوده الظالم بالظلم (لينصرنه الله) على الباغي (إن الله لعفو غفور .

ذلك) النصر (بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) بسبب أنه القادر الذي من قدرته إدخال كل من الملوين في الآخر بالزيادة والنقصان (وأن الله سميع) للأقوال (بصير) بالأفعال .

(ذلك) الوصف بالقدرة والعلم (بأن الله) بسبب أنه (هو الحق) الثابت الإلهية المستلزمة للقدرة والعلم (وأن ما يدعون) يعبدون (من دونه هو الباطل) الزائل.

[329]

(و أن الله هو العلي الكبير.

ألم تر) استفهام تقرير (أن الله أنزل من السماء ماء) مطرا.

(فتصبح الأرض مخضرة) بالنبات أتى بالمضارع إيذانا ببقاء أثر المطر مدة طويلة (إن الله لطيف) في أفعاله (خبير) بتدبير خلقه .

(له ما في السموات وما في الأرض) ملكا وخلقا (وإن الله لهو الغني الحميد.

ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض) من البهائم وغيرها ذللها لمنافعكم (والفلك) عطف على ما (تجري في البحر بأمره) حال منها (ويمسك السماء أن) من أن أو كراهة أن (تقع على الأرض) بأن طبعها على الاستمساك (إلا بإذنه) بمشيئته (إن الله بالناس لرءوف رحيم) حيث فعل بهم ما فيه منافع الدارين .

(وهو الذي أحياكم) بعد أن كنتم أمواتا جمادا (ثم يميتكم) عند آجالكم (ثم يحييكم) بعد بعثكم (إن الإنسان) أي المشرك (لكفور) جحود .

(لكل أمة جعلنا منسكا) شريعة أو متعبدا (هم ناسكوه) عاملون به أو فيه (فلا ينازعنك) أي بقايا الأمم (في الأمر وادع إلى ربك) دينه (إنك لعلى هدى مستقيم).

(وإن جادلوك) بعد لزوم الحجة (فقل الله أعلم بما تعملون) من المراء وغيره فيجازيكم به .

(الله يحكم بينكم) أيها المؤمنون والكافرون (يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون) بإثابة المحق وتعذيب المبطل .

(ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض) ومنه أمر هؤلاء (إن ذلك في كتاب) هو اللوح المحفوظ (إن ذلك) العلم به وكتبه في اللوح (على الله يسير) لاستواء نسبة ذاته إلى المعلومات والمقدورات .

(ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا) حجة على صحة عبادته (وما ليس لهم به علم وما للظالمين) بالشرك (من نصير) يمنعهم من العذاب .

(وإذا تتلى عليهم ءاياتنا) من القرآن (بينات) ظاهرات الدلالة على الحق (تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر) الإنكار لهم أي أثره من العبوس (يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم ءاياتنا) يبطشون بهم (قل أفأنبئكم بشر من ذلكم) من غيظكم على التالين أو ما كره إليكم من القرآن (النار) أي هو النار (وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير) هي .

(يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له) وتدبروه وهو (إن الذين تدعون من دون الله) يعبدونهم غيره وهم الأصنام (لن يخلقوا

[330]

ذبابا) مع حقارته (ولو اجتمعوا له) لخلقه (وإن يسلبهم الذباب شيئا) مما عليهم من طيب وزعفران إذ كانوا يطلونهم به فيأتي الذباب فيأكله (لا يستنقذوه منه) لعجزهم فالعاجز عن ذلك كيف يشارك الخالق القادر على كل شيء (ضعف الطالب والمطلوب) العابد والمعبود أو الذباب والصنم أو عكسه .

(ما قدروا الله حق قدره) ما عرفوه حق معرفته إذ أشركوا به ما يعجز عن ذب الذباب عن نفسه (إن الله لقوي) قادر (عزيز) غالب فكيف يشاركه العاجز المغلوب لأضعف خلقه .

(الله يصطفي من الملائكة رسلا) إلى أنبيائه بالوحي (ومن الناس) رسلا إلى سائرهم (إن الله سميع) للأقوال (بصير) بالأحوال .

(يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) ما مضى وما غير من أحوالهم (وإلى الله) إلى علمه أو تدبيره (ترجع الأمور) كلها .

(يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا) أي صلوا (واعبدوا ربكم) بكل ما تعبدكم به (وافعلوا الخير) كصلة الرحم ومكارم الأخلاق (لعلكم تفلحون) أي راجين للفوز بنعيم الجنة غير قاطعين به متكلين على أعمالكم (وجاهدوا في الله) لوجهه بخلاف النفس والهوى في طاعته وبقتال الكفرة لإقامة دينه (حق جهاده) أي جهادا حق الجهاد فيه بأن تخلصوه لوجهه أو تستفرغوا وسعكم فيه (هو اجتباكم) اختاركم لدينه (وما جعل عليكم في الدين من حرج) أي ضيق لا مخرج منه بل جعل التوبة والكفارات ورد المظالم والرخص في الضرورات مخرجا من الذنوب أو لم يكلفكم ما لا تطيقون أو يصعب عليكم (ملة أبيكم إبراهيم) نصب على الإغراء والاختصاص أو بنزع الخافض (هو سماكم المسلمين من قبل) قبل القرآن في الكتب السابقة (وفي هذا) القرآن والضمير لله أو لإبراهيم (ليكون الرسول شهيدا عليكم) يوم القيامة بأنه بلغكم أو بطاعتكم أو عصيانكم (وتكونوا شهداء على الناس) بتبليغ رسلهم إليهم (فأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة واعتصموا بالله) وثقوا به (هو مولاكم) ناصركم ومتولي أموركم (فنعم المولى ونعم النصير).




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21331654

  • التاريخ : 28/03/2024 - 10:09

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net