00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (10 - 22) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية: 10 - 22

[ إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أمولهم ولآ أولدهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار(10) كدأب‌ء‌ال فرعون والذين من قبلهم كذبوا بئيتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب(11) ].

وفي هذا الخبر دلالة على أن المراد بالدعاء بعدم الازاغة، عدم الازاغة عن الولاية.

ربنآ إنك جامع الناس ليوم: لحساب يوم، أو جزائه.

لاريب فيه: في وقوعه، ووقوع ما أخبر بوقوعه فيه.

إن الله لا يخلف الميعاد: فإن الالهية تنافيه.

وللاشعار به وتعظيم الموعود به، لون الخطاب.

قال البيضاوي: واستدل به الوعيدية، واجيب بأن وعيد الفساق مشروط بعدم العفو، لدلائل منفصلة، كما هو مشروط بعدم التوبة وفاقا(1)(2).

ويرد على هذا الجواب: إن العفو بالتوبة موعود، بخلاف العفو بدونه، واشتراط وعيد الفساق بعدم العفو لا معنى له، إذ لا يسمى أضربك إن لم أعف وعيدا، كما يسمى أعطيك إن جئتني وعدا، فتأمل يظهر الفرق.

إن الذين كفروا: الظاهر أنه عام في الكفرة. وقيل: المراد وفد نجران أو

___________________________________

(1) تفسير البيضاوي: ج 1، ص 150، في تفسيره لقوله تعالى: " إن الله لا يخلف الميعاد ".

(2) اختج الجبائي بهذه الآية على القطع بوعيد الفساق، قال: وذلك لان الوعيد داخل تحت لفظ الوعد، بدليل قوله تعالى: " أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا " والوعد والموعد والميعاد واحد، وقد أخبر في هذه الآية أنه لا يخلف الميعاد فكان هذا دليلا على أنه لا يخلف في الوعيد.

قلنا: لم لا يجوز أن يكون ذلك كما في قوله: " فبشر هم بعذاب أليم " وقوله: " ذق إنك أنت العزيز الكريم " وأيضا لم لا يجوز أن يكون المراد منه أنهم كانوا يتوقعون من أوثانهم أنها تشفع لهم عندالله، فكان المراد من الوعد تلك المنافع.

وذكر الواحدي في البسيط طريقة اخرى فقال: لم لا يجوز أن يحمل هذا على ميعاد الاولياء دون وعيد الاعداء، لان خلف الوعيد كرم عند العرب قال: والدليل عليه أنهم يمدحون بذلك، قال الشاعر: إذا وعد السراء أنجز وعده * وإن أو عد الضراء فالعفو ما نعه (التفسير الكبير للفخر الرازي: ج 7 ص 183 آل عمران: 9).

(*)

[31]

اليهود، أو مشركوا العرب.

لن تغنى عنهم أمولهم ولآ أولدهم من الله شيئا: أي من رحمته، أو طاعته على معنى البدلية، أو من عذابه.

أولئك هم وقود النار: حطبها. وقرى ء بالضم بمعنى أهل وقودها.

كدأب‌ء‌ال فرعون: متصل بما قبله، أي لن تغني عنهم أموالهم، كما لم تغن عن اولئك، أو توقد بهم كما توقد باولئك. أو استئناف مرفوع المحل وتقديره أن دأب هؤلاء كدأبهم في الكفر والعذاب.

وهو مصدر دأب في العمل: كدح فيه، فنقل إلى معنى الشأن.

والذين من قبلهم: عطف على آل فرعون أو استئناف.

كذبوا بئيتنا فأخذهم الله بذنوبهم: حال بتقدير قد، أو استئناف بتفسير حالهم على التقدير الاول، وخبر على التقدير الثاني. والله شديد العقاب: تهويل للمؤاخذة وزيادة تخويف للكفرة.

وفي الآية دلالة على أن الكفار طريقتهم واحدة في الكفر والعذاب والخلود فيه، سواء فيه الذين كفروا بعد النبي (صلى الله وآله) والذين كفروا قبله.

ويظهر منه: أن المنكرين للولاية المحكوم عليهم بكفرهم، دأبهم كدأب آل فرعون في ذلك، لا يجوز إطلاق اسم الاسلام بالمعنى المقصود منه عليهم، كما لا يجوز إطلاقه على آل فرعون، وإن جاز إطلاقه عليهم بمعنى آخر، كما جاز إطلاقه على فرعون أيضا، بمعنى أنه أسلم لابليس، أو أسلم لهواه، أو غير ذلك.

[32]

[ قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد(12) قد كان لكم‌ء‌اية في فئتين التقتا فئة تقتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين والله يؤيد بنصره من يشآء إن في ذلك لعبرة لاولى الابصر(13) ].

قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم: في مجمع البيان: روي محمد بن إسحاق بن يسار عن رجاله: قال لما أصاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قريشا ببدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع، فقال: يا معشر اليهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر، وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما أنزل الله بهم، فقد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم، فقالوا: يا محمد لا يغرنك أنك لقيت قوما أغمارا(1) لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة، أما والله لو قاتلتنا لعرفت إنا نحن الناس، فأنزل الله هذه الآية(2).

وروى أيضا عن عكرمة وسعيد بن جبير، عن ابن عباس، ورواه أصحابنا(3)(4).

وقال البيضاوي: أي قل لمشركي مكة ستغلبون، يعني يوم بدر(5).

وقرأ حمزة والكسائي بالياء فيهما، على أن الامر للنبي (صلى الله عليه وآله) بأن

___________________________________

(1) الاغمار: جمع غمر بالضم، ورجل غمر وغمر: لا تجربة له بحرب ولا أمر ولم تحنكه التجارب (لسان العرب: ج 5 ص 32 لغة غمر).

(2) و(3) مجمع البيان: ج 1 - 2 ص 413 في شأن نزول آية 12 من سورة آل عمران.

(4) ورواه السيوطي في الدر المنثور: ج 3 ص 158 عن ابن عباس وعكرمة وقتادة.

(5) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1 في تفسير قوله تعالى في سورة آل عمران " قل للذين كفروا " الخ. (*)

[33]

يحكي لهم ما أخبره به من وعيدهم بلفظه(1).

وبئس المهاد: تمام ما يقال لهم، أو استئناف.

وتقديره: بئس المهاد جهنم، أو ما مهدوه لانفسهم.

قد كان لكم‌ء‌اية: قيل: الخطاب لقريش، وقيل: للمؤمنين. في فئتين التقتا: يوم بدر.

في مجمع البيان: أن الآية نزلت في قصة بدر، وكان المسلمون ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر. سبعة وسبعون رجلا من المهاجرين، ومائتان وستة وثلاثون من الانصار.

واختلف في عدد المشركين، فروي عن علي بن مسعود أنهم كانوا ألفا(2).

فئة تقتل في سبيل الله: وهم المؤمنون.

وأخرى كافرة: وهم مشركوا قريش.

يرونهم مثليهم: أي يرى المشركون المؤمنين مثليهم.

أو يرى المؤمنون المشركين مثلي المؤمنين.

وكانوا ثلاثة أمثال لهم، ليثبتوا لهم ويتيقنوا بالنصر الذي وعدهم في قوله: " فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين "(3).

وقرئ بهما بالبناء للمفعول، أي يريهم الله، أو يريكم ذلك بقدرته.

و " فئة " بالجر على البدل من " فئتين " والنصب على الاختصاص، أو الحال من فاعل " التقتا ".

رأى العين: رؤية ظاهرة معاينة.

والله يؤيد بنصره من يشآء: كما أيد أهل بدر.

إن في ذلك: أي في التقليل والتكثير، أو غلبة القليل، أو وقوع [ الامر ] على ما أخبر به الرسول الله (صلى الله عليه وآله).

لعبرة لاولى الابصر: لعظة لذوي البصائر، وقيل: لمن أبصرهم.

___________________________________

(1) المصدر السابق.

(2) مجمع البيان: ج 1 - 2 ص 414 في تفسير الآية 13 من سورة آل عمران.

(3) الانفال: 66. (*)

[34]

[ زين الناس حب الشهوت من النسآء والبنين والقنطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعم والحرث ذلك متع الحيوة الدنيا والله عنده حسن المئاب(14) ]

زين للناس حب الشهوت: أي المشتهيات، سماها شهوات، مبالغة، وإيماء إلى أنهم انهمكوا في محيتها حتى أحبوا شهوتها، كقوله تعالى: " أحببت حب الخير "(1).

وذهب الاشعري إلى أن المزين هو الله تعالى، لانه الخالق للافعال، والدواعي كلها عندهم، ويقولون: زينة ابتلاء، أو لانه يكون وسيلة إلى السعادة الاخروية، إذا كان على وجه يرتضيه الله، أو لانه من أسباب التعيش وبقاء النوع. والمعتزلة إلى أنه الشيطان.

والجبائي فرق بين المباح والمحرم(2). وهو الصواب.

من النسآء: في الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبي عبدالله البرقي، عن الحسن بن أبي قتادة، عن رجل، عن جميل بن دراج قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام) ما يتلذذ الناس في الدنيا والآخرة بلذة أكثر لهم من لذة النساء، وهو قول الله عزوجل: " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين " إلى آخر الآية.

ثم قال: وإن أهل الجنة ما يتلذذون بشئ من الجنة أشهى عندهم من النكاح، لاطعام ولا شراب(2).

والبنين والقنطير المقنطرة: قناطير جمع قنطار.

___________________________________

(1) ص: 32.

(2) انوار التنزيل: ج 1 ص 151، في تفسيره لآية 14 من سورة آل عمران.

(3) الكافي: ج 5 ص 321 * كتاب النكاح، باب حب النساء ح 10. (*)

[35]

وفي مجمع البيان: اختلف في مقدار القنطار، قيل: هو ملاء مسك ثور ذهبا، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام): انتهى(1).

واختلف في أنه فعلال أو فنعال، والمقنطرة مأخوذة منه للتأكيد كقولهم: بدرة مبدرة.

من الذهب والفضة: صفة للقناطير. ويحتمل التعلق ب‍ " المقنطرة " على تضمين معنى المملوة.

وفي كتاب الخصال: عن محمد بن يحيى العطار، رفع الحديث قال: الذهب والفضة حجران ممسوخان، فمن أحبهما كان معهما(2).

والخيل المسومة: أي المعلمة، من السومة، وهي العلامة، أو المرعية من أسام الدابة وسومها، أو المطهمة التامة الخلق من السوم في البيع، لانها يسام كثيرا، أو من السومة كأنها علم في الحسن.

والانعم: الابل والبقر والغنم.

والحرث: في اصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن نوح بن شعيب، عن عبدالله الدهقان، عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أول ما عصي الله عزوجل به ست: حب الدنيا، وحب الرئاسة، وحب الطعام، وحب النوم، وحب الراحة، وحب النساء(3).

وفي كتاب الخصال: عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أميرالمؤمنين (عليه السلام): الفتن ثلاث: حب النساء وهو سيف الشيطان، وشرب الخمرو هو فخ الشيطان، وحب الدينار والدرهم وهو سهم الشيطان.

ومن أحب النساء لم ينتفع بعيشته، ومن أحب الاشربة حرمت عليه الجنة، ومن أحب الدينار والدرهم فهو

___________________________________

(1) مجمع البيان، ج 1 - 2 ص 417، سورة آل عمران: 14.

(2) الخصال: باب الاثنين ص 43 ح 38.

(3) الكافي: ج 2 ص 289، كتاب الايمان والكفر، باب في اصول الكفر وأركانه، ح 3. (*)

[36]

[ قل أؤ نبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنت تجرى من تحتها الانهر خلدين فيها وأزواج مطهرة ورضون من الله والله بصير بالعباد(15) ]

عبدالدنيا(1). ذلك متع الحيوة الدنيا: إشارة إلى ماذكر، أي هو متمتع في هذه الحياة الدنيا التي مدتها قليلة.

والله عنده حسن الماب: أي المرجع.

وهو تحريض على استبدال ما عنده من اللذات الحقيقية الابدية بالشهوات الناقصة الفانية.

قل أؤنبئكم بخير من ذلكم: تقرير لما عنده.

للذين اتقوا عند ربهم جنت تجرى من تحتها الانهر خلدين فيها: استئناف لبيان ما هو عنده.

وقيل: يجوز أن يتعلق اللام ب‍ " خير "، ورفع " جنات " بتقدير: هو جنات، ويؤيده قراء‌ة من جرها، بدلا من خير. وأزوج مطهرة: مما يستقذر من النساء.

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله عزوجل " فيها أزواج مطهرة " قال: لا يحضن ولا يحدثن(2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قوله: " وأزواج مطهره " قال: في الجنة، لا يحضن ولا يحدثن(3).

ورضون من الله: وهو أكبر، وقراء‌ة عاصم في رواية أبي بكر في جميع

___________________________________

(1) الخصال: ص 113 باب الثلاثة، الفتن ثلاث، قطعة من ح 91.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 164 ح 11.

(3) تفسير القمي: ج 1 ص 98، في تفسير بيه " وأزواج مطهرة ". (*)

[37]

[ الذين يقولون ربنا إننآء‌امنا فاغفرلنا ذنوبنا وقنا عذاب النار(16) الصبرين والصدقين والقنتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار(17) ]

القرآن بضم الراء ما خلا الحرف الثاني في المائدة، وهو قوله: " رضوانه سبل السلام "(1) وهما لغتان(2).

والله بصير بالعباد: فيثيب المحسن ويعاقب المسئ، ويعلم استعداد المتقين لما أعد لهم.

الذين يقولون ربنآ إننآء‌امنا فاغفرلنا ذنوبنا وقنا عذاب النار: صفة للمتقين، أو للعباد، أو مدح منصوب أو مرفوع. ويحتمل الاستئناف.

رتب المغفرة والوقاية من النار على الايمان بالفاء، إشعارا بأنه يستلزمهما، وهو كذلك، لان المراد به الايمان بالله ورسوله وجميع ما جاء به الرسول الذي أعظمه الولاية.

الصبرين: في البأساء والضراء. والصدقين: في الاقوال والاعمال.

والقنيتن: الخاشعين. والمنفقين: أموالهم في سبيل الله.

والمستغفرين بالاسحار: أي المصلين وقت السحر.

في مجمع البيان: رواه الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن أبي عبدالله (عليه السلام)(3).

وروي عن أبي عبدالله (عليه السلام): ان من استغفر سبعين مرة من وقت السحر، فهو من أهل هذه الآية(4).

___________________________________

(1) المائدة: 16.

(2) أنوار التنزيل: ج 1 ص 152 في تفسيره لآية 15 من سورة آل عمران.

(3) و(4) مجمع البيان: ج 1 - 2 ص 419 في بيان معنى الآية 16 من سورة آل عمران. (*)

[38]

[ شهد الله أنه لآ إله إلا هو والملئكة وأو لوا العلم قآئما بالقسط لآ إله إلا هو العزيز الحكيم(18) ]

وفي كتاب الخصال: عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: من وتره إذا أوتر: استغفر الله وأتوب إليه، سبعين مرة وهو قائم، فواظب على ذلك حتى تمضي له سنة، كتبه الله من المستغفرين بالاسحار ووجبت له المغفرة من الله تعالى(1).

وروي في من لا يحضره الفقيه: عن عمر بن يزيد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) مثله(2).

وفي تفسير العياشي: عن مفضل بن عمر قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): جعلت تفوتني صلاة الليل، فاصلي صلاة الفجر، فلي أن اصلي بعد صلاة الفجر ما فاتني من صلاة وأنا في صلاة قبل طلوع الشمس؟ فقال: نعم ولكن لا تعلم به أهلك، فيتخذه سنة، فيبطل قول الله عزوجل " والمستغفرين بالاسحار "(3).

وقال البيضاوي: حصر مقامات السالك على أحسن ترتيب، فإن معاملته مع الله تعالى: إما توسل وإما طلب.

والتوسل إما بالنفس وهو منعها عن الرذائل وحبسها على الفضائل والصبر يشملهما، وإما بالبدن وهو إما قولي وهو الصدق، وإما فعلي وهو القنوت الذي هو ملازمة الطاعة، وإما بالمال وهو الانفاق في سبيل الخير.

وإما الطلب فهو الاستغفار، لان المغفرة أعظم المطالب، بل الجامع لها.

وتوسيط الواو بينها للدلالة على استقلال كل واحدة منها، وكما لهم فيها، أو لتغاير الموصوفين بها(4).

شهد الله أنه لآ إله إلا هو: أي بين وحدانية بنصب الدلائل الدالة عليها،

___________________________________

(1) الخصال: ص 581، أبواب السبعين وما فوقه، ثواب من استغفر الله عزوجل في الوتر سبعين مرة، ح 3.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 309، باب دعاء قنوت الوتر، ح 4 .

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 165 ح 17.

(4) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1 ص 152، في تفسير لقوله تعالى: " والمستغفرين بالاسحار ". (*)

[39]

أو شهد به لنفسه. والملئكة: بالاستغفار، أو شهدوا كما شهد.

وأو لوا العلم: وهم الائمة (عليهم السلام) بالاحتجاج عليه، أو شهدوا كما شهد.

وعلى المعنى الاول في شهد استعارة تبعية حيث شبه ذلك في البيان والكشف بشهادة الشاهد.

قآئما بالقسط: مقيما للعدل في حكمه وقضائه.

وانتصابه على الحال من " الله "، وإنما جاز إفراده بها، ولم يجز جاء زيد وعمرو راكبا؟ لعدم اللبس، أو عن " هو " والعامل فيها معنى الجملة، أي تفرد قائما، أو أحقه لانها حال مؤكدة.

أو على المدح، أو الصفة للمنفي.

وفيه ضعف للفصل، وهو داخل في المشهود به إذا جعلته صفة أو حالا عن الضمير.

وقرئ: القائم بالقسط، على البدل من " هو " خبر، أو الخبر لمحذوف.

وفي تفسير العياشي: عن جابر قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية: " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم " قال أبوجعفر (عليه السلام): " شهد الله أنه لا إله إلا هو " فإن الله تبارك وتعالى يشهد بها لنفسه وهو كما قال، فأما قوله: " والملائكة " فإنه أكرم الملائكة بالتسليم لربهم، وصدقوا وشهدوا كما شهد لنفسه، وأما قوله: " واولوا العلم قائما بالقسط " فإن اولي العلم الاولياء والاوصياء، وهم قيام بالقسط، والقسط هو العدل في الظاهر، والعدل في الباطن أميرالمؤمنين (عليه السلام)(1).

فعلى هذه الرواية: " قائما " حال عن " اولي العلم "، وإفراده على تأويل كل واحد والاشعار بأن كل واحد منهم قائم به، لئلا يتوهم أن القسط قائم بمجموعهم من حيث هو مجموع.

وفي ذلك التفسير عن مرزبان القمي قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام)

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 165 ح 18. (*)

[40]

عن قول الله تعالى: " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط " قال: هو الامام(1).

وفي بصائر الدرجات: عن عبدالله بن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن الحسين ابن علي الوشا، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلت: " واولوا العلم قائما بالقسط " قال: الامام(2).

لآ إله إلا هو: كرره للتأكيد ومزيد الاعتناء، فيبنى عليه قوله: العزيز الحكيم: فيعلم أنه الموصوف بهما.

وقدم " العزيز " لتقدم العلم بالقدرة على العلم بحكمته، ورفعهما على البدل من الضمير، أو الصفة لفاعل " شهد " وقد ذكر في أول الفاتحة ماروي في فضل هذه الآية عن النبي (صلى الله عليه وآله).

وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة: بإسناده إلى محمد بن عثمان العمري (رحمه الله) قال: لما ولد الخلف المهدي (صلوات الله عليه) سطع نور من فوق رأسه إلى عنان السماء، ثم سقط لوجهه ساجدا لربه تعالى ذكره، ثم رفع رأسه وهو يقول: " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة " إلى آخر الآية(3).

وفى اصول الكافى: علي بن محمد، عن عبدالله بن إسحاق العلوي، عن محمد بن زيد الرزامي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث طويل يذكر فيه (عليه السلام) مواليد الائمة (صلوات الله عليهم) وفيه يقول (عليه السلام): وإذا وقع من بطن امه، وقع واضعا يديه على الارض رافعا رأسه إلى السماء، فأما وضعه يديه على الارض فإنه يقبض كل علم الله أنزله من السماء إلى الارض.

وأما رفعه رأسه إلى السماء فإن مناديا ينادي من بطنان العرش من قبل رب العزة من الافق الاعلى باسمه واسم أبيه يقول: يا فلان بن فلان أثبت تثبت، فلعظيم ما خلقتك، أنت صفوتي من خلقي

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 166 ح 19.

(2) تفسير نور الثقلين: ج 1 ص 323 ح 19 سورة آل عمران، نقلا عن بصائر الدرجات.

(3) كمال الدين وتمام النعمة: ص 433 الباب الثاني والاربعون ح 13. (*)

[41]

[ إن الدين عندالله الاسلم وما اختلف الذين أو توا الكتب إلا من بعد ما جآء‌هم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بايت الله فإن الله سريع الحساب(19) ]

وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي.

لك ولمن تولاك أو جبت رحمتي، ومنحت جناني، وأحللت جواري.

ثم وعزتي وجلالي لاصلين من عاداك أشد عذابي، وإن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي.

فإذا انقضى الصوت - صوت المنادي - أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء، يقول: " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم " فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الاول والعلم الآخر واستحق زيادة الروح في ليلة القدر(1).

إن الدين عندالله الاسلم: جملة مستأنفة مؤكدة للاولى، أي لادين مرضي عندالله، إلا الاسلام وهو التوحيد والتورع بالشرع الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) الذي لا يتم إلا بالولاية يدل على ذلك ما رواه الشيخ الطوسي (رحمه الله) في أماليه قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: حدثنا الشيخ أحمد بن محمد بن الحسن [ بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد ابن الحسن ] الصفار (رحمه الله) عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام) قال: قال أميرالمؤمنين (عليه السلام): اعطيت تسعا، لم يعطها أحد قبلي سوى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقد فتحت لي السبل، وعلمت المنايا والبلايا والانساب وفصل الخطاب، ولقد نظرت إلى الملكوت بإذن ربي فما غاب عني ما كان قبلي ولا ما يأتي بعدي، فإن بولايتي أكمل الله لهذه الامة دينهم وأتم عليهم النعم ورضي لهم الاسلام، إذ يقول

___________________________________

(1) الكافي: ج 1 ص 385 كتاب الحجة، باب مواليد الائمة، قطعة من ح 1. (*)

[42]

يوم الولاية لمحمد (صلى الله عليه وآله): يا محمد أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم وأتممت عليهم النعم ورضيت إسلامهم، كل ذلك من الله [ به ] علي، فلله الحمد(1).

ولا فرق بينه وبين الايمان في المتعلق، وإنما الفرق بأنه يقال له الايمان: بعد رسوخه ودخوله في القلب، وقبل ذلك يسمى إسلاما.

يدل على ذلك ما رواه في اصول الكافي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عمن ذكره، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): إن الاسلام قبل الايمان، وعليه يتوارثون ويتناكحون، والايمان عليه يثابون(2).

وما رواه عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى، عن أحمد ابن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام (قال: سمعته يقول: الاسلام لا يشرك الايمان، والايمان يشرك الاسلام، وهما في القول والفعل يجتعمان، كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة، وكذلك الايمان يشرك الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان، وقد قال الله عزوجل " قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم " فقول الله عزوجل أصدق القول والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة(3).

وفي الآية دلالة على ذلك، حيث أفادت أن ليس دينا مرضيا عندالله سوى الاسلام.

ولو كان الاسلام أعم، بمعنى أن الاسلام كان عبارة عن الاقرار بالتوحيد والنبوة، والايمان عبارة عنهما و عن الاقرار بالولاية لكان الاقراران بدون الولاية دينا مرضيا عنده، وليس كذلك بالاتفاق منا.

___________________________________

(1) أما لي الشيخ الطوسي: ج 1 ص 208 ح 1.

(2) الكافي: ج 1 ص 173 كتاب الحجة، باب الاضطرار إلى الحجة، قطعة من ح 4.

(3) الكافي: ج 2 ص 26 كتاب الايمان والكفر، باب أن الايمان يشرك الاسلام. قطعة من ح 5. (*)

[43]

لا يقال: الآية دلت على أن الدين المرضي مما يصدق عليه الاسلام، ولم يدل على أن كل إسلام دين مرضي، فلعل ذلك باعتبار بعض أفراده.

وأيضا يكفي في كونه مرضيا، كونه مما يحقن به الدم وترتب بعض الاحكام عليه ولا يلزم كونه مما يثاب عليه ويصير سبب نجاة في الآخرة.

لانا نقول: في الجواب عن الاول: إن تعريف جرئي الجملة يفيد انحصار كل منهما في صاحبه كما حقق في موضعه، فيفيد أن الاسلام لا يكون دينا غير مرضي أصلا.

وعن الثاني: أن المتبادر الصريح من كونه مرضيا عندالله كونه مما يثيب عليه في الآخرة.

وأما كونه مرضيا بالمعنى الذي ذكرته فمما لا ينقاد له الذهن، فلا يحمل عليه بوجه.

وقرأ الكسائي بالفتح على أنه بدل " أنه ".

وقرئ " إنه " بالكسر، و " أن " بالفتح على وقوع الفعل على الثاني وإعتراض ما بينهما.

أو إجزاء " شهد " مجرى قال تارة، وعلم اخرى، لتضمنه معناهما.

وما اختلف الذين أو توا الكتب: في دين الاسلام، فقال قوم: حق، وقال قوم: مخصوص بالعرب، ونفاه آخرون مطلقا. أو في التوحيد، فثلث النصارى، وقالت اليهود: عزير بن الله.

" والذين اوتوا الكتاب " أصحاب الكتب المتقدمة، وقيل: اليهود والنصارى، وقيل: هم قوم موسى اختلفوا بعده، وقيل: هم النصارى اختلفوا في أمر عيسى.

إلا من بعد ما جآء‌هم العلم بغيابينهم: أي من بعد ما جائهم الآيات الموجبة للعلم.

ومن يكفر بايت الله فإن الله سريع الحساب: وعيد لمن كفر منهم.

وفي الاية دلالة على كفر من تمكن من العلم بدين الحق، وأنكر، وإن لم يحصل له العلم باعتبار تهاونه.

وبذلك يظهر كفر من سمع من أهل السنة من أهل تقليدهم، أن دينا غير دينهم موجود يتدين به غيرهم، وتهاون في تحصل العلم مع تمكنه منه.

[44]

فإن حاجوك فقل أسلمت وجهى لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتب والامين ء‌اسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلغ والله بصير بالعباد إن الذين يكفرون بايت ويقتلون النبين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم فإن حاجوك: في الدين بعد إقامة الحجج وجاد لوك عنادا فقل أسلمت وجهى لله: أخلصت له نفسي، لا أشرك فيها أحدا.

وعبر بالوجه لانه أشرف الاعضاء الظاهرة، ومظهر القوى المدركة.

ومن اتبعن: عطف على الضمير المرفوع للفصل، أو مفعول معه.

وقل للذين أوتوا الكتب والاميين: الذين لا كتا ب لهم، كمشركي العرب.

ء‌أسلمتم: كما أسلمت بعد إقامة الحجة، أم أنتم باقون على كفركم. وفيه تعيير لهم بالبلادة، أو المعاندة.

فإن أسلموا فقد اهتدوا: فقد انتفعوا بالهداية.

وإن تولوا فإنما عليك البلغ: فلم يضروك، إذ ما عليك إلا التبليغ، وقد بلغت.

والله بصير بالعباد: وعد للنبي (صلى الله عليه وآله) وللمؤمنين، ووعيد للمتولين.

إن الذين يكفرون بايت الله ويقتلون النبين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم: هم أهل

[45]

[ أولئك الذين حبطت أعملهم في الدنيا والاخرة وما لهم من نصرين(22) ]

الكتاب الذين في عصره.

قتل أولوهم الانبياء ومتابعيهم ومشايعيهم ورضوا به.

وقصدوا قتل النبي والمؤمنين، ولكن الله عصمهم.

ونقل أن بني إسرائيل قتلوا ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة رجل واثنى عشر رجلا من عباد بني إسرائيل، فأمروا قتلتهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر، فقتلوا جميعا من آخر النهار(1).

وقرأ حمزة: يقاتلون الذين(2).

فبشرهم: خبر المبتدأ، ودخول الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط.

ويمنع سيبويه دخول الفاء في خبر إن ك‍ " ليت ولعل ولذلك " قبل الخبر.

أولئك الذين حبطت أعملهم في الدنيا والاخرة: كقولك: زيد - فافهم - رجل صالح.

وبينه وبينهما فرق فإنها لا تغير معنى الجملة، بخلافهما.

وقد دخلت الفاء في خبر " إن " في قوله: " إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم "(3).

وما لهم من نصرين: في الدنيا يدفع عنهم الخزي واللعن، وفي الآخرة يدفع عنهم العذاب.

وفي إيراد الجمع إشعار بأن خزيهم وعذابهم عظيم على تقدير وجود الناصرين، لا يمكن لواحد منهم دفعه.

وفي كتاب الخصال: عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال: قال رسول الله

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 1 - 2 ص 423 بيان المعنى لاية 21 من سورة آل عمران.

(2) أنوار التنزيل: ج 1 ص 153 في تفسير آية 21 من سورة آل عمران.

(3) الجمعة: 8. (*)

[46]

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21404162

  • التاريخ : 20/04/2024 - 05:18

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net