• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : مع الطالب .
              • القسم الفرعي : مقالات الأشبال .
                    • الموضوع : نزول القرآن باللغة العربية .

نزول القرآن باللغة العربية

 

إعداد الطالب: محمد المكراني
تعريف القرآن
القرآن هو كلام الله العزيز، المنزل بواسطة الوحي على رسول الله بلغة العرب، وهو المعجزة الإلهية الخالدة.
لماذا أنزل الله القرآن باللغة العربية
عندما قلنا في تعريف القرآن بأنّه الكلام المنزل على رسول الإسلام بلغة العرب، وأنّه كان للناس عامة؛ لعلّ هناك شبهة تقول: إذا كان القرآن كتاباً لكل البشرية، فلماذا أنزله الله بلغة العرب دون غيرها من اللغات؟
والجواب على ‌هذه الشبهة، نقول:
أوّلاً: إنّ القرآن كغيره من الكتب السماوية، كان لابدّ أن يكون بلغة من اللغات الحيّة، التي يتكلّم بها الناس عصر نزوله، واللغة العربية كانت من اللغات المهمّة في ذلك العصر، قال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44].
وثانياً: كان ينبغي أن ينزل بلغة الرسول الذي ينزل عليه؛ ليتمكن من التعامل معه بصورة طبيعية، فاختيار اللّغة العربية دون غيرها، حيث إنها لغته (صلى الله عليه وآله)، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم: 4].
وثالثاً: إنّنا لا نشك في أنّ نزول القرآن باللّغة العربية دون غيرها من اللغات لم يكن للسببين المذكورين فقط، بل كان هناك سبب آخر - وهو وثيق، أي: كان بكل تأكيد اختيار حكيم - لأنّه من قبل ربّ العالمين، ونحن نؤمن بوجود حكمة في هذا الاختيار، فمن حكمته:
ألف) الخصائص العديدة‌ والمتميزة الموجودة في اللغة العربية.
ب) قابلياتها الحيوية ومرونتها في التعبير.
ج) مميزات الاشتقاق الصرفي.
د) مضافاً إلى الخصائص التي يعرفها أهل الصوت واللّحن.
فهذه وغيرها من الأمور التي صرّح به الكثير من العلماء المتخصصون باللغات، بحيث جعلت الأمة اللغة العربية لغة القرآن، مع التنبيه على أنّ اللغة العربية ‌لم تكن لغة النبي (صلى الله عليه وآله) فقط، بل هي لغة جملة من الأنبياء السابقين الذين كانوا يتكلّمون العربية، كما جاء ‌في بعض الأحاديث بأنّ خمسة الأنبياء هم من العرب: هود وصالح وشعيب وإسماعيل ومحمد (عليهم وعلى نبيّنا وآله أفضل التحيات والسلام)، وأنّ لغة النبي آدم (عليه السلام) حينما كان في الجنّة كانت العربية حيث إنها لغة أهل الجنة.([1])
هل القرآن خاص بالعرب أم هو لجميع أفراد البشر
بالتدبّر في كثير من آيات الذكر الحكيم نعرف أنّ القرآن كتاب عام خاطب به الله عزّ وجلّ جميع أفراد البشر، حيث إننا نجد الخطاب الإلهي في كثير من الآيات خطاباً عاماً‌ وشاملاً. وإليك بعض النماذج الدالة على ذلك من القرآن الكريم:
1. {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: 1].
2. {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الزمر: 41].
3. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج: 5]
4. {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الحج: 49].
5. {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ* وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} [القلم: 51 و 52].
6. {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} [التكوير: 27].
وهناك أحاديث من السنّة الشريفة تدلّ على ذلك أيضاً، ومنها ما روي عن الإمام الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل يشرح فيه فقرات الأذان أنه قال: ... وأما قوله أشهد أن محمداً رسول الله يقول: أن أشهد الله على أني أشهد أن لا إله إلا هو وأن محمداً عبده ورسوله ونبيه وصفيه ونجيبه أرسله إلى كافة الناس أجمعين {... بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33].
ما هي حقوق القرآن على المسلمين
بما أنّ القرآن هو كتاب الله العظيم وكلامه المجيد فهو الميزان الإلهي والمصدر الأول للعقيدة والشريعة الإسلاميتين، وهو وديعة المصطفى (صلى الله عليه وآله) في أمته، ولابد أن له حقوقاً على‌ المسلمين ولابد لمن أراد أن يؤدّي حقوق هذا الكتاب العظيم معرفة هذه الحقوق ثم السعي لأدائها، ومن أهمّ هذه الحقوق:
1. معرفة القرآن
المراد من معرفة القرآن هو أن نعرفه كما عرّفه الله تعالى وكما عرّفه الرسول والأئمة‌ الأطهار.
وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال معرّفاً القرآن الكريم:  >ثم أنزل عليه الكتاب نوراً لا تطفأ مصابيحه وسراجاً لا يخبو توقده، وبحراً لا يدرك قعره...<([2]).
2. تعظيم القرآن وتقديسه:
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: >من أعطاه الله القرآن فرأى أنّ رجلاً أعطي أفضل مما أعطي فقد صغر عظيماً وعظم صغيراً<([3]).
 
[1]. بحار الانوار،‌ ج 11،‌ ص 56.
[2]. نهج البلاغة- خطب أمير المؤمنين (ع)، شرح الشيخ محمد عبده: ج2، ص177.
[3]. الكافي للشيخ الكليني: ج2، ص605.

  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1476
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28