• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : العقائد في القرآن .
                    • الموضوع : مرتكزات الولاية الإلهية * .

مرتكزات الولاية الإلهية *

آية الله السيّد محمد تقي المدرسي

﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾1.

ليس من شك أن دين الله دين شامل وعام، فهو لا يختص بظرف زماني أو مكاني، تماماً كما هو الحال بالنسبة لنعم الله وبركاته على عباده. وعليه فإن دين الله لا يرتبط بالنظام السياسي الحاكم بأي وجه من الوجوه، حتى وإن كان هذا النظام السياسي غير منبثق عن الدين، فالإنسان مكلّف بأداء تعاليم الدين في مختلف الظروف والأحوال حسب الوسع والإمكان.

وهذه الحقيقة لا تعني افتقار الدين الى نظام سياسي، بل العكس هو الصحيح تماماً، إذ أن أعظم ما في الدين نظامه السياسي الذي شرّعه للبشرية، هذا النظام الذي يأخذ من الولاية الإلهية التي أنزلها الله وحدّدها قبل ان يخلق الخلق، معتمداً ومتّكأ.

فالله تبارك وتعالى جعل في الأرض خليفة، ثم خلق الناس؛ الناس الذين خلقهم في عالم النسل والذرية، فهؤلاء لم يخلقهم إلا بعد أن عين لهم خليفة، وهو صفوة الله أبونا آدم عليه السلام. وقد بعث الله مائة وأربعة وعشرين الف نبي ورسول وأرفدهم بالأسباط والأئمة ليكونوا خلفاء وأئمة مطاعين بإذن الله، ولا يوجد أكثر صراحة من الآية القرآنية الكريمة في هذا المجال، حيث تقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ... ﴾2.

وهكذا فإنّ ما من رسول أو نبي بعثه الله إلا وكان يحمل مشروعاً سياسياً للمجتمع الإنساني. والناس بين هذا وذاك مخيّرون في الاهتداء والاقتداء بقيادة السماء المنتخبة لهم أو عدم الاهتداء والاقتداء. فكانت لله الحجّة البالغة على الذين أعرضوا عن الإيمان بهذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس.

فلقد ختم الله رسالات الأنبياء برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فكان خاتم الأنبياء والمرسلين، كما ختم مهمة الأوصياء والأئمة بإمامة الحجة بن الحسن المهدي الموعود عجل الله فرجه الشريف، الذي جعله للناس كما الشمس في رابعة النهار، فإن حجبت الغيوم الداكنة ضوء الشمس، فلا يعني انعدام الشمس، فهي تبقى قائمة بوظائفها وباعثة لأشعتها. ومن يغلق دون أشعة الشمس نوافذ بيته، فلا يحرم إلاّ نفسه من الاستفادة منها. ومثل الإمام الحجة المنتظر مثل القرآن، تضيء بصائره العقول، وتعالج مناهجه وتعاليمه المشاكل والأزمات، غير أن أكثر الناس يحجمون عن الاستفادة منه.

فهل ـ بعد كل ذلك ـ تكون الحجة للناس على الله، أم لله الحجة عليهم؟

بالتأكيد كانت وتكون الحجة البالغة لله على الناس. فلقد أنزل القرآن الذي ان تمسكت البشرية بمعانيه ومناهجه لسقيت ماءً غدقًا. وكذلك واقع حجة الله في أرضه الإمام المهدي المنتظر، فهو عدل القرآن، وهو القرآن الناطق دون أدنى شك.

ركائز النظام السياسي في الإسلام

بادئ بدء أقول: أنّ التعابير والألفاظ قد تعددت في إطار النظام السياسي في الإسلام، فتارة يسمى بولاية الفقيه أو الإمامة أو القيادة الإسلامية والدينية، وقد يسمى بولاية الله، وتعابير أخرى لا تغير من المعنى شيئاً.

إنّ الركيزة الأولى لهذا النظام، هو عدم العلاقة بين الإيمان بوجود القيادة الإلهية للأمة وبين الإيمان بغيبة الإمام المهدي الموعود.

فالإيمان بوجود الإمام مرتبط بصورة مباشرة بأصل الدين وفلسفته وحكمته؛ أي أن الإيمان بالنظام السياسي الإسلامي يعني الإيمان بوجود إمام مشرف، إشرافاً مباشراً على المسيرة البشرية. إذن؛ فوجود الإمام أوسع من أن يكون مشاهداً أو غائباً عن الأنظار.

ونحن لم نصور الإيمان بالنظام الإسلامي، والإيمان بوجود الإمام بصورة واحدة، إلاّ لأننا تصفحنا الآيات القرآنية فوجدنا فيها قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾3 فعرفنا عبر هذه الآية حقائق عدة، منها:

1 ـ أن وجود الخلقة والخليقة قائم على أساس الطاعة.

2 ـ أنّ مستوى العبادة تتفاوت درجاته بحسب تفاوت درجة العابدين.

3 ـ أنّ وجود غير العابدين من الجن والإنس يعتبر خطوة عاصية على طريق تغيير حكمة الله في عملية الخلق، وهذا ما يجعل الحجة البالغة لله على غير العابدين.

4 ـ بما أنّ درجة العبادة في تفاوت مستمر، فإنّ العابد الأصدق من شأنه أن يكون الأكثر قرباً إلى الله تعالى، وبالتالي فإن الأعبد من بين الناس يأخذ الحصة الأكبر في حكمة الله في خلقته للمخلوقات، وأنه ـ الأعبد ـ كان سبباً لأن يخلق الله الخلق من أجله.

5 ـ أنّ الأنبياء والرسل هم أعبد الناس، وأن نبينا محمد وآله من بعده صلوات الله عليهم أجمعين هم أعبد الصفوة من بين عباد الله. وبالتالي فإن أساس الخلقة قام على أساس وجود ومنزلة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.

6 ـ أن أولئك الذين يختصمون في مصداقية إمامة الحجة المنتظر ووجوده وغيبته سلام الله عليه، بعيدون عن معرفة حكمة الوجود ولماذا خلق الله سبحانه الكون، إلاّ الذين أبصروا حقائق الدين وقالوا بأنّ إمامة أهل البيت ووجود الإمام الغائب تمثل التعبير الأصدق لمقولة وجود النظام السياسي الإسلامي وولاية الله.

ومن هذا المنطلق الذي أكدته آيات القرآن والأحاديث والروايات الشريفة نتساءل عن أنّه هل من المعقول أن يخلق الله الخلق من أجل مجموعة من الأشخاص ـ وهو النبي وأوصياؤه من بعده ـ ثم يعمد الله أن يخلي الأرض منهم، حيث تبقى الدنيا دون أن تبقى الحكمة من خلقها؛ الحكمة التي تعني وجود النبي أو من ينوب عنه بالنص المباشر؟

بالتأكيد ليس من المعقول أبداً أن يحدث كلّ هذا. ولكنّ الذين في قلوبهم زيغ، والتابعون لما تشاء أهواؤهم، ومريدو الفتن والتأويل غير الصادق، إنّما أضلهم الله على علم، وأصبح مثلهم بين الناس كمثل الغني الذي مات فقراً وجوعاً.

إذن؛ فهي نقمة كبرى أن يؤمن الإنسان ثم يكفر فيطبع الله على قلبه فلا يكون ممّن يفقه قيلاً.

تسلسل نظام الولاية

لقد خُلق الإنسان مدنياً بطبعه؛ أي أنّه يميل تلقائياً إلى أقرانه، ولا يمكن أن ينتظم هذا الميل دون وجود نظام وحكم يأخذان بيد هذا الإنسان المدني إلى مدارج الرقي والتقدم، ولا يمكن أن يؤدي هذا النظام وهذا الحكم وظيفته بالصورة المطلوبة والمرجّوة دون أن يكون رمز هذا الحكم إنساناً صالحاً وأصلحاً من بين أقرانه، ولا يكون الإنسان أصلح ما لم يكن أقرب إلى خالقه، وكيف يحكم من يحكم وهو لمّا يولد بعد؟!

ولقد أجمع المسلمون على وجود اثني عشر خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنهم اختلفوا في الرأي على أسمائهم، فرأى الشيعة أنهم علي بن ابي طالب والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين عليهم الصلاة والسلام، ورأى غير الشيعة أنّ خلافة رسول الله تختص بمن بايعهم الناس وانتخبوهم من قبل، ولكنهم أجمعوا أيضاً على أنّ الإمام المهدي سيظهر في عهد من العهود ليملأ الأرض عدلاً كما ملئت بالجور من قبل، ولكنهم اختلفوا أيضاً بخصوص تحقق ولادته، فقالت الإمامية بأنّه قد ولد بالفعل، وقال غيرهم انّه لمّا يولد بعد، وإنه من أولاد الرسول كما قالت الشيعة بهذا الخصوص.

أقول: إننا وبالاستناد إلى الروايات المؤكدة الصادرة عن النبي والأئمة من بعده، فإنّ الإمام الثاني عشر قد ولد فعلاً، وإنّه قد اضطرّ إلى الغيبة القسرية مرّتين، وإنّه قد أناب عنه في غيبته الأولى أربعةً من الوكلاء، إلا أنه أطلق الأمر في غيبته الكبرى الى العلماء بالدين المطيعين لمولاهم المخالفين لأهوائهم، لقيادة الناس باعتبارهم وكلاءه العامّين في إفتاء الناس وقيادتهم نحو ما يريد الله لهم من خير وينهاهم عنه من شر.

ومن هنا، كان لابد من التأكيد على عدم إمكان الفصل بين الولاية الإلهية والقيادة الدينية، وهكذا كان جميع الناس مدعوّين الى البحث عن قائد يتبعونه، وهذا ما يمكن تسميته بالنظام المرجعي، حيث يسعى كلّ إنسان بالغ غير مجتهد في الأحكام إلى تقليد مرجع من المراجع، وهذا الأمر يعود الى قناعة الإنسان.

ولعل القضية الجديرة بالاهتمام البالغ أنّ مراجعنا العظام كان كلّ منهم ـ وفي خضم التطور الاجتماعي ومتطلبات الحياة ـ يفتي الناس ويقودهم تحت مظلّة الولاية الإلهية، وهذا ما يظهر جلياً للقارئ الفطن في كتبهم وتعابيرهم الدقيقة، لا سيما في باب القضاء منها، حيث يحددون وظائف الإمام باعتباره القائد المسؤول عن شؤون الناس.

بين الشورى والديمقراطية

يعتبر مبدأ الشورى في الإسلام أصلاً أصيلاً في النظام الديني، فإذا كنا فيما مضى من الزمان نختار أئمتنا المراجع عن طريق الانتخاب العفوي، فإنّ عصرنا الراهن يؤكد الحاجة الماسة إلى استبدال تلكم الطريقة بطريقة أخرى، وعبر صناديق الاقتراع مثلاً. فالقيادة الدينية لها ارتباط مباشر بمن لـه علاقة بالدين، وبالتالي فإن الإنسان المؤمن معنيٌّ بالدرجة الأولى بمن يقوده وبمن يمثل هذا الدين فقهاً وعدالة وقدوةً.

وهذا يعني أن هذا المنحى سينتهي في الخاتمة الى تحويل المجتمع المسلم الى مجتمع إلهي بعد أن كانت قيادته إلهية، وهذا الواقع نفسه يجب أن يشمل طبيعة النخبة في المجتمع أو ما يطلق عليه بالحركات الإسلامية السياسية، حيث لابد لها من قيادة مرجعية ميدانية تأخذ بزمام أمورها نحو العدل وسلوك الخير، لتتحاشى ـ بقيادتها تلك ـ احتمال الوقوع في الأخطاء والمطبات السياسية المحرّمة.

ولكنّ الديمقراطية ـ كما هو معروف ـ تأخذ مشروعيتها من الرأي العام وانتخاب الأكثرية، دون الأخذ بعين الاعتبار الوجهة الدينية والأخلاقية. ورغم ذلك فإننا لم نجد نظاماً ديمقراطياً مطلقاً في مكان ما من العالم فضلاً عن تطبيقاتها الفاشلة.

إنني اعتقد أنّ ما فصّلناه من طبيعة النظام السياسي الإسلامي يكاد لا يخفى على عاقل، ولكن الأسف الشديد يغمر وجودنا حينما تختلط الثقافات وينهار البعض أمام ما يبهرهم من تطور مدني وصناعي حاصل في بلاد الغرب، فتضيع حقيقة الدين السمح واليسير عليهم، فيرفعون رايات الإبهام والإشكال على شخصية العلماء والمراجع، رغم أن هؤلاء لم يدّعوا في يوم من الأيام أن لهم مكانة الأئمة المعصومين، وإني لعلى حيرة من أمر بعض الناس الذين يرفضون حاكمية وولاية الفقيه، فهل يرغبون بولاية المنافقين؟ وما هو البديل الذي يرونه مناسباً؟ فإن كانوا يريدون النظام، فالنظام لا يقوده سوى العلماء بحلال الله وحرامه، فهذا الشرط يتضمن باقي شروط الشخصية القيادية الطبيعية.

إن القرآن الكريم يؤكد قائلاً: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ 4. فالحكمة في القيادة هي دعوة القائد للناس أن يكونوا ربانيين، لا أن يدعوهم لعبادته، إذ العبادة لله تعالى وحده.

الولاية؛ السبيل إلى تحقيق العدالة

القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي لا يحتاج إلى شهادة من خارجه، وإن ازدحمت الشهادات والشهود له من المؤمنين وغيرهم فهو الكتاب الذي يشهد لنفسه بنفسه على أنه ليس من وضع البشر وإبداعهم مهما بلغت درجات سموهم في العلم والفصاحة والبلاغة، ولا غرابة في ذلك ما دام لسان السماء ورسالتها لمن على الأرض، فهو بما يتضمنه من آيات عظيمة، وبصائر نيرة، وحقائق مشهودة، يجعلنا نهتدي إلى حقيقة أنه كتاب الله عز وجل، وإن اختارت بعض النفوس الرفض والعناد والإصرار على الكفر والإلحاد.

القرآن شفاء كل داء

وفي كتاب الله الشفاء لكل داء، والعلاج لكل مشكلة تعترض مسيرة الإنسانية نحو أهدافها التكاملية في الحياة، ويوم يأخذ الناس هذا الكتاب مأخذ الجد في القول والعمل والسلوك فلينتظروا إشراقة شمس السعادة في آفاق حياتهم ليسمو بنورها ودفئها، وليطمئنوا حينئذ للفلاح والنصر الإلهي وجني اليانع من ثمار الجهاد والعمل فضلاً من الثواب والأجر الجميل، والرضوان الإلهي الأكبر في الآخرة.

ومن حقائق القرآن أنه يكشف للإنسان عن القيم والمبادئ العامة التي لابد له من التحرك نحوها، والأهداف والغايات النبيلة السابقة التي ينبغي عليه بلوغها ليتنعم بوارف ظلالها، وهو ـ أي القرآن ـ يبيّن في ذات الوقت السبل التي ينبغي اتباعها، والوسائل التي من المفترض استثمارها للوصول إلى تلك الأهداف والغايات والحقائق الكبرى، فهو الدليل إلى بلوغها؛ أي أنه ـ بالإضافة إلى مهمته الرسالية الأساسية في الحياة وهي بيان الهدف التكاملي ـ الصراط المستقيم الذي يقود نحو ذلك الهدف التكاملي.

وللهدف التكاملي هذا جوانب عديدة يؤطرها الإيمان، وتدور حول محور التقريب إلى الله جل وعلا؛ ومن هذه الجوانب تشكيل مجتمع العزّة والكرامة في ظل سيادة العدل، وهيمنة روح المساواة وفق الموازين والمعايير الواحدة.

حقيقة العدالة

والعدالة في مجمل معناها وتعريفها تعني وصول كل ذي حق إلى حقه دون زيادة أو نقصان، وتترتّب على ذلك المساواة في المجتمع؛ أي أن لا تعيش طائفة من الناس في قمة من الثراء والعزة، بينما يبقى الآخرون في قاع الذّل والفقر والحرمان. فليس من العدل أن تتكدس المقدرات في يد مجموعة صغيرة من الناس تمكّنهم من السيطرة على حقوق الآخرين وأرزاقهم، بل وحتى على كراماتهم وأعراضهم وحرماتهم؛ وليس من الإنصاف أيضاً أن تتخذ هذه الشرذمة لنفسها مقاعد في القصور الضخمة لتخطط بروح شيطانية للملايين من البشر ثم تنبري مدّعية ظلماً وعدواناً أن هؤلاء ليسوا ببشر، فتنظر إليهم على أنهم مجرد بهائم خلقت لتكون وسائل لخدمتهم بما يعزّز قوتهم وكيانهم، ويزيدهم جبروتاً وطغياناً.

والله سبحانه وتعالى إنما خلق الإنسان ليرحمه لا ليعذبه، كما يشير إلى ذلك في قوله: ﴿... وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾5، والرسول إنما هو رحمة للناس والعالمين، ولذلك فإن الإنسان خُلق للرحمة لا للعذاب، وفي ذلك يقول عز من قائل: ﴿... وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ...﴾6. فالله جل وعلا هو الرحمان الرحيم، وآثار رحمته شاخصة في كل أرجاء الكون.

لماذا البؤس والحرمان؟

وإذا كان الأمر كذلك؛ فلماذا نجد الغالبية العظمى من البشرية تعيش البؤس والحرمان، وتعاني الويلات وأنواع الاضطهاد والظلم؟ ولماذا أصبحت مصادر الثورة الهائلة والأموال الطائلة وأسباب القوة والهيمنة وقفاً على أناس معدودين دون غيرهم، بينما يسرح القسم الأكبر من البشرية المعذبة في غياهب الجهل والفقر وظلمات التخلف والانحطاط، تسحقها عجلات ماكنة التقدم التكنلوجي التي يأخذ بمقودها أولئك المترفون الذين وصلوا إلى درجة من الشبع والبطر بحيث لم يدعوا سبيلاً للتبذير والإسراف إلا وسلكوه؟!

وما أكثر الأمثلة على صور الإسراف والبطر الذي يعيشه أولئك، ولنتصفح في هذا المجال المجلات والصحف ففيها ما يسبب الدوار في الرأس من شدة الاستغراب؛ فذاك يمتلك آلاف الملايين وعندما يدنو منه الموت يوصي بأمواله وممتلكاته تلك إلى قطة صغيرة كان قد ربّاها!!

إنه الشذوذ بجوانبه العديدة الذي أصيبت به تلك الأقلية التي تقود زمام الحضارة والتكنلوجيا المتطوّرة، وعلى رأسه الشذوذ العقلي الناجم عن الشعور والفراغ القاتل الذي يدفع أولئك إلى أن يحترموا الهرة إلى درجة التقديس، بينما لا يلتفتون أدنى التفاته إلى ورائهم ليروا تلك الحشود البشرية الجائعة التي تبحث عن فتات رغيف تدفع به الخطر الداهم فلا تجده، ثم تموت أفواجاً بعد أفواج وكأنها ليست بشراً له الحق في الحياة.

الخالق يريد لنا العزة والكرامة

والله عز وعلا خلق الإنسان، وأوضح له مناهجه في الحياة عبر رسالات السماء، ولم يكن يريد لمسيرته أن تنتهي إلى ما هي عليه الآن من الصور القاتمة، ولم يكن يريد له أن يضيع في متاهات الفراغ أو يتخبط في مستنقع شذوذه، ثم يعاني الملأ الأعظم الويلات والمآسي في حياته، بل إنه جل وعلا عندما خلقه وهداه إلى الطريق المستقيم بالرسالات، أراد له الكرامة والعزة، وأن يحيا ويموت عزيزاً مكرماً شريطة أن يتحمل الأمانة التي عهد إليه بتحملها.

وبناءً على ذلك؛ فإن كرامة الإنسان وقف على الأمانة التي يتحملها كما يقول سبحانه: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ... ﴾7. فالذي لا أمانة له لا شرف له ولا كرامة ولا عزة؛ أي ليس له ما يجعله يستحق العيش والاستمرار في الحياة.

إن الله تبارك وتعالى يريد من الإنسان أن يكون أميناً أو أن يبذل الغالي والنفيس من أجل إعطائها حقها وإن كلّفه ذلك حياته أحياناً، وأن يكون عند كلمته، ويفي بالعهد والوعد لكي يقوم مجتمع يتسم بالأمانة والشرف والكرامة، وتسوده روح العدل والعدالة. فلابد أن تسود وتحكم العدالة المجتمع الإنساني؛ فالظلم الذي هو ضد العدالة ظلمات وتحطيم للإنسان وشلّ لحركة الإنسانية وتطلعاتها نحو آفاق الازدهار الحضاري الحقيقي، والظلم عائق كبير دون سير البشرية نحو طموحاتها في بلوغ أهدافها التكاملية النبيلة والمدنية الفضلى.

وصيتان إلهيتان

وفي هذا المجال يقول تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ... ﴾8 وهاتان وصيتان إلهيتان عظيمتان للبشرية لهذا الإنسان الذي جعل الله تعالى له عينين ولساناً وشفتين وهداه النجدين، وليس هناك من هو أعلم منه سبحانه بهذا الإنسان وما يكتمه في قلبه، وما يدور في ذهنه من أفكار، وما يهيج في نفسه من عواطف.

والوصيتان ـ كما هو واضح من صريح الآية الكريمة ـ هما:

1 ـ أداء الأمانات إلى أهلها، أي إلى أصحابها، وهذا هو موضوع الأمانة.

2 ـ ان الحكم بين الناس ينبغي أن يكون بالعدل، وهنا تأتي الإشارة إلى موضوع العدالة.

كيف نحقق مجتمع الأمانة والعدالة؟

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو: كيف السبيل إلى تجسيد هاتين الوصيتين الإلهيتين في حياتنا العملية، وبتعبير آخر: كيف نحقق ونبني مجتمع الأمانة والعدالة في هذه الأرض؟

الجواب: ليس بعيداً عنا، ويمكننا الوصول إليه عبر الآية التالية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ... ﴾9. فلكي نحقق مجتمع العدل والكرامة لابد أن نخلق في أنفسنا فضيلة الطاعة لله جل وعلا، ولمن بعثه إلينا رسولاً، ومن ثم لمن استخلفه الرسول إماماً، أو لمن استخلفه الإمام ولياً للأمر، وهذا هو السبيل وإلا فبدونه لن يتحقق العدل، ولن يتم الوفاء بعهد الأمانة، ولعل المشكلة الكبرى التي تعاني منها البشرية بالأمس واليوم ومن الممكن أن تبقى متورطة فيها مستقبلاً، هي ضلالها عن هذا السبيل، فالجميع يتشدقون بالعدالة ويتمنونها، ولو نظرنا إلى جميع القوانين لوجدناها تحكم باسم العدالة، ولعرفنا أن هذه العدالة ليست إلا ديباجة برّاقة لكل الدساتير الموجودة في مختلف أنحاء العالم، وكلها تدعي ارتكازها واستنادها إلى مبدأ العدالة. ولكن أين هي العدالة حقاً؟

إن البشرية ما دامت قد ضلت الطريق إليها فلا يمكن أن تصلها وتبلغها وإن كان طعمها مرّاً في بعض الأحيان عندما تصطدم بالأهواء وما تشتهيه الأنفس.

سبيل العدالة

فلابد ـ إذن ـ من البحث عن سبيل العدالة عند الله جل جلاله، وعلى لسان أنبيائه ورسله، والأئمة والأولياء؛ وهذا هو مفهوم الطاعة؛ طاعة الله من خلال الامتثال إليه في أوامره ونواهيه التي جاءت في كتابه العزيز ـ وطاعته عبر طاعة رسوله، وطاعة الذين نصبهم أئمة للناس وأولياء للأمور. وتبقى سلسلة الطاعة متصلة ابتداءً من قاعدتها المتمثلة في طاعة ولي الأمر، وانتهاءً بالقمة وهي طاعة الله عز وجل.

وهكذا فإن طاعة ولي الأمر تعني طاعة الإمام المعصوم، وهو في عصرنا الإمام الحجة بن الحسن عجل الله فرجه، وطاعة الإمام الحجة تعني طاعة الرسول التي تعني بدورها طاعة الله سبحانه، وهذا بالإضافة إلى الطاعة المباشرة للخالق، وهي الامتثال لأوامره ونواهيه التي صرّح بها وبيّنها في كتابه العزيز.

مقياس ولي الأمر

وقد يسأل سائل في هذا المجال: هل أن ولي الأمر هو كل من استتبّت لـه الأمور، وحالفه الحظ في الوصول إلى السلطة وقيادة زمام الأمة؟!

وللإجابة على هذا التساؤل نقول: كلا بالطبع؛ فليس كل من يعتلي الكرسي، بأية وسيلة كانت، يغدو ولياً لأمر الأمة؛ بل لابد أن يكون الولي الحقيقي للأمر ذلك الذي لا يزلّ ولا ينحرف عـن خط الرسالة ونهجها قيد أنملة، وأن تكون حياته انعكاساً لله وللرسول. وأن لا تتناقض كلماته وكلمات الله التي لا يمتد إليها التبديل والاختلاف، وحاشى لله تبارك وتعالى من الاختلاف: ﴿... وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾10.

وعلى هذا؛ فليس من المعقول أن يكون أمر الله متجسداً في طاعة رجل يعاقر الخمرة، ويظلم، ويسفك الدماء بغير حق، ويقتل النفوس الزكية، ذلك لأن رسالات السماء هي دعوة لتحقيق القسط والعدل اللتين لا يمكن انتظارهما من حاكم جائر يعمل في الأمة بالظلم والبغي، ويتخلق بصفات الفسق والفجور.

إن ولي الأمر الذي ينبغي على الأمة طاعته والانقياد له هو ذلك الشخص الذي تتجسد في أخلاقه وسلوكه وتعامله ونهجه وعموم سيرته قيم السماء ومفاهيم الرسالة ومناهجها البينة.

أهل البيت (عليهم السلام) هم أولو الأمر

ونحن إذا تصفحنا التأريخ وبحثنا عن أولياء الأمور الذين تتمثل فيهم تلك الصفات فكانوا عنواناً للقرآن الكريم، وبات كيانهم جزءاً من كيان الرسول صلى الله عليه وآله في الأخلاق والسيرة والعلم؛ فحيوا حياته، وماتوا مماته، ولم يحيدوا عن طريقه ونهجه. لا نجدهم سوى آل محمد عليهم السلام، الذين هم أولياء الأمر الحقيقيون، وفيهم شهادة القرآن العظيم؛ فكل ثناء فيه لابد أن يكون من نصيبهم هم بالذات؛ فهم الكاظمون للغيظ، والعافون عن الناس، وهم المقيمون للصلاة، والمؤتون للزكاة، وهم الراكعون الساجدون، وهم المنفقون في السر والعلانية، وهم الشاكرون لربهم في السراء والضراء... إلى عشرات بل مئات الخصال أوصى القرآن بالتحلي بها، وحث على اتباعها قولاً وعملاً، فهم عليهم السلام أمثال القرآن في حياتهم، بل إنهم القرآن الناطق بين الناس.

هل انتفت الحاجة إلى الإمامة؟

وبعد أن أدى الرسول صلى الله عليه وآله، والأئمة المعصومون عليهم السلام ما كلّفوا به، وحُمّلوه من أمانة الرسالة، والإمامة ثم مضوا إلى بارئهم الواحد بعد الآخر، ترى هل تنتفي الحاجة حينئذ للإمامة التي بها يستتبّ العدل، وتصان الكرامات، ويزول الظلم، أم أن البشرية بلغت في مستواها العقلي والفكري مبلغ القمة التي هي عند الأئمة فلم تعد بحاجة إلى الإمامة، أم أن الحاجة إلى العدالة قد انتفت أساساً؟

أقول: إن ما يشهد له التاريخ أن البشرية تبقى دائماً بحاجة إلى من يأخذ بزمامها في الحياة، ويحكّم فيها العدالة، ولو كانت هذه الحاجة تنعدم بمرور الزمان لكان يكفي البشرية منذ خلقها الله تعالى وحتى يوم القيامة نبيّ واحد.

من هو الإمام في عصرنا الراهن؟

وإذا ثبت لنا أن هذه الحاجة باقية، فمن الذي يتولى ـ إذن ـ الإمامة في عصرنا الراهن؟

هنا تتكفل بالإجابة نظرية المنقذ الذي شاء الله تعالى له الغيبة إلى أجل لا يعلمه إلا هو سبحانه، ليملأ به الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً؛ فقضية حاجة البشرية في زمن ما للإمامة والقيادة، وانتفائها في زمن آخر لا تنسجم مع نظرية العدل الإلهي، والحكمة الربانية في استمرار اللطف والرحمة، بالإضافة إلى اصطدامها بالعقل والمنطق.

آثار وجود الإمام المنتظر

ولوجود إمامنا المنتظر آثار عظيمة ومتنوعة، ربما نجهل الكثير منها، ولعل أعظم هذه الآثار ولاية الفقهاء على الناس وطاعتهم لهم، والتي هي ليست طاعة ذاتية باعتبار أن الفقهاء ومراجع الأمة نواب عن الإمام الحجة المنتظر، فولاية الفقهاء على الناس هي شعاع من أشعة ولاية الأنبياء وقبس من نورهم عليهم السلام. فلنحاول أن نبحث في هذا القبس من خلال بعض المفردات، ومن ضمنها وأهمها مفردة الاستقامة والثبات على الطريق. ومثل هذه الاستقامة لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال اتباع وتولي هؤلاء الفقهاء والمراجع الذين يمثلون خط الولاية للأئمة والأنبياء والرسل أجمعين، على أن تمثيلهم هذا لخط الولاية لا ينفي ضلال أكثر الناس عنهم وعدم إتباعهم لهم لجهلهم بهم، والتمرد على مذهبهم الصحيح، ولا غرابة في هذا الأمر إذا لاحظنا التصريح به في محكم القرآن الكريم حيث يقول الله سبحانه: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾11 ويقول: ﴿... وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴾12. فعدم إيمان الناس بالله جل جلاله لا يعني انتفاء الوجود الإلهي وصحة الإلحاد، وعدم اتباعهم للحق لا يعني أن الحق مرفوض، بل إن الإنسان يميل في أعماق ضميره، إلى الحق، ولكنه عندما يصطدم بالمصلحة الذاتية يكرهه ويفرّ منه.

ونحن عندما نبحث عملياً عن السر في بقاء ديننا، وتوجّهنا إلى الخط الصحيح، والصراط المستقيم، ومعرفة الله تعالى معرفة صحيحة خالية من أية شائبة، نجد أن خط العلماء هو الخط الذي أنعم الله تعالى به علينا؛ فهم الذين علّمونا معالم ديننا، ونقلوا إلينا هدى الأئمة وبصائرهم التي هي بصائر القرآن، وهدى الله سبحانه، ولذلك فإن الذين يهجرون خط العلماء، ويبتعدون عنه سواء كانوا أفراداً أم جماعة، فإنهم بتركهم وابتعادهم هذين سوف يضلون ضلالاً بعيداً.

أهمية اتباع المرجعية

وهكذا ينبغي على المؤمنين أن ينتبهوا إلى الأهمية الفائقة لاتباع المرجعية، والالتفاف حولها، بالإضافة إلى توقيرها وإجلالها، وأن يعملوا ويسيروا على خط هذه المرجعية، ويزيلوا من نفوسهم كل الدواعي والأسباب التي تؤدي إلى ابتعادهم وانحرافهم عن هذا الخط ـ لا سمح الله ـ لضلال يقعون به بسبب المضلين، أو لحسد، أو كبر، أو عجب يقع في نفوسهم، فيدفعهم إلى الخروج عن طريق الاستقامة الذي أمر به نبينا صلى الله عليه وآله، ونهي ـ في نفس الوقت ـ عن اتباع أهواء المضلين في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾13.

خط الولاية هو الخط القويم

ويبقى الطريق مستقيماً منذ أول نبي وحتى آخر مرجع إلى حين ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه، وبتوفر هذه العوامل الإيمانية يمكننا أن نحقق النجاح والنصر، فخط الولاية هو الخط الصحيح والقويم، وإذا ما سلكناه ولم ننحرف عنه قيد أنملة بلغنـا هدفنا في نشر العدالة، ونيل العزة والكرامة في حياتنا الدنيا، وسرنا نحو الهدف التكاملي المتمثل في التقرب الى الله عز وجل، وإن اخترنا غير هذا المسلك القويم يبقى مصيرنا ـ عندئذ ـ التيه والضلال، ولذلك يأمرنا سبحانه، ويحذرنا من هذا التيه والضلال فيقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾14.

والله سبحانه إنما يهدينا إلى الصراط المستقيم من خلال طاعته التي هي طاعة رسوله وأوليائه ومن ينوب عنهم، والرجوع إليهم في كل صغيرة وكبيرة، والانقياد لهم بكل طواعية عبر اتباع أوامرهم وتوجيهاتهم كما يؤكد على ذلك سبحانه في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾15.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) المصدر: موقع الإشعاع الإسلامي على شبكة الانترنت؛ من كتاب: الإمام المهدي (عجل الله فرجه) قدوة الصديقين، آية الله السيد محمد تقي المدرسي، الفصل الثالث. بتصرّف يسير.

1. آل عمران: الآيات: 79 ـ 83.

2. النساء: الآية: 64.

3. الذاريات: الآية: 56.

4. آل عمران: الآية: 79.

5. الإسراء: الآية: 15.

6. هود: الآيات: 118 ـ 119.

7. الأحزاب: الآية: 72.

8. النساء: الآية: 58.

9. النساء: الآية: 59.

10. الأحزاب: الآية: 62.

11. يوسف: الآية: 103.

12. المؤمنون: الآية: 70.

13. الحجر: الآية: 42.

14. النساء: الآية: 58.

15. النساء: الآية: 59.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2374
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 06 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28