00989338131045
 
 
 
 
 
 

 ما هي اتجاهات المفسرين في معرفة أسباب النزول؟ 

( القسم : علوم القرآن )

السؤال :

ما هي اتجاهات المفسرين في معرفة أسباب النزول؟



الجواب :

اختلفت نظريات العلماء والمفسرين بشأن أسباب النزول، ويمكن حصرها في ثلاثة هي:
1- الاتجاه الأول: امتناع تفسير أي آية إلا بمعرفة سبب نزولها.
وهو ما يُفهم من كلام الواحدي صاحب كتاب (أسباب نزول الآيات)، حيث قال في مقدمته للكتاب: «فآل الأمر بنا إلى إفادة المبتدئين المتسترين بعلوم الكتاب إبانة ما أنزل فيه من الأسباب إذ هي ما يجب الوقوف عليها وأولى ما تصرف العناية إليها لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها» [أسباب نزول الآيات، علي بن أحمد الواحدي، ص8].
وظاهر هذا الرأي المبالغة في هذا المنحى أي: امتناع معرفة تفسير الآية إلا بمعرفة سبب نزولها، إلا أنه يمكن حمل كلامه خصوصاً عند قوله: «... إبانة ما أنزل فيه من الأسباب ... لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها» في ما جاء في الآية من سبب نزول، وإلا فإن لم يكن فيها ذلك أو لم يصلنا فيها من حادثة خارجية حصلت في عصر الوحي تكون سبباً لنزولها فهو أمر خارج عن محل الكلام، إذ البحث منصب فعلاً ـ كما هو مسمّى الكتاب (أسباب نزول الآيات) ـ على ما ورد في الآيات من أسباب نزول.
ويمكن بيان كلامه أيضاً بأن بيان قصة الآية وسبب نزولها، إذا كان، فهو أمر مؤثّر في معرفة تفسيرها، وهو ممّا لا غبار عليه.
لكن أهمية معرفة سبب نزول الآية في فهمها وتفسيرها، لا يعني امتناع التفسير بدون معرفة سبب النزول؛ بمعنى إذا لم يرد في الآية شيء من أسباب النزول فلا يبقى تفسيرها مجهولاً أو ممتنعاً بل يمكن الوصول إلى تفسيرها من محل آخر، وإلى هذا المعنى أشار الدكتور محمد الصادقي بقوله: «إن شؤون نزول الآيات وإن كانت تساعد على تفهم معانيها أحياناً ولكنها ليست شرطاً في التعرف على معاني آيها، ولا أنها تحدد معاني الآيات بمواردها، فلو أن الآية ماتت بموت الشأن الذي نزلت فيه إذاً لماتت الآيات كلها، وإنما شؤون النزول مبررات وقتية لنزولها تماشياً مع كل حادث وحديث في نزولها، فالآيات مستقلة في دلالاتها على معانيها عرفت شؤونها أم لا، وأما شؤون نزولها فلا شأن لها أصلاً في تفسيرها، وإنما الشأن الأصيل هو شأن الآيات أنفسها دون شؤون سواها» [الفرقان في تفسير القرآن، محمد الصادقي، ج1، ص50].
2- الاتجاه الثاني: إنكار أغلب أسباب النزول لضعف أسناد رواياتها ولكثرة الإسرائيليات فيها، إلا القليل الموثوق منها.
لذا ذهب أصحاب هذا الرأي إلى تجاهل أغلب أسباب النزول ورفضها وعدم جعلها في كتبهم التفسيرية، ومنهم:
أ- الشيخ محمد جواد مغنية، قال في مقدّمة تفسيره الكاشف: «تجاهلت ما جاء في الروايات في أسباب التنزيل إلا قليلاً منها؛ لأن العلماء لم يمحصوا أسانيدها ويميزوا بين صحيحها وضعيفها» [الكاشف، محمد جواد مغنية، ج1، ص14].
ب- السيد عبد الأعلى السبزواري، حيث قال في مقدّمة تفسيره: «كما أني لم أهتم بذكر شأن النزول غالباً؛ لأن الآيات المباركة كليات تنطبق على مصاديقها في جميع الأزمنة، فلا وجه لتخصيصها بزمان النزول أو بفرد دون فرد آخر» [السيد عبد الأعلى السبزواري، مواهب الرحمن، ج1، ص7].
ج- السيد محمد صادق الصدر، قال في مقدّمة تفسيره: «ومما ينبغي الإلماع إليه أنني بطبعي لا أميل إلى الأخذ بروايات موارد النزول وأسبابه، فإنها جميعاً ضعيفة السند وغير مؤكدة الصحة، بالرغم من اهتمام بعض المؤلفين بها كالسيوطي وغيره، وإنما المهم في نظري كما ينبغي أن يكون هو المهم في نظر الجميع، إن كل آية من آيات الكتاب الكريم تعد قاعدة عامة ومنهج حياة وأسلوب سلوك قابل للانطباق على جميع المستويات وعلى جميع المجتمعات، بل على جميع الأجيال، بل كل الخلق أجمعين، فإن القرآن هو خلاصة القوانين والمعارف المطبقة فعلاً في الكون والموجودة في أذهان الأولياء والراسخين في العلم» [منة المنان في الدفاع عن القرآن، السيد محمد صادق الصدر، ص21].
د- السيّد محمد حسين الطباطبائي، يمكن أن يعد من هذا الاتجاه الرافض لأسباب النزول، فهو يرى أن المعارف القرآنية هي معارف عالمية دائمة لا تحتاج كثيراً أو لا تحتاج أبداً إلى أسباب النزول [القرآن في الإسلام، السيد محمد حسين الطباطبائي، ص153].
3- الاتجاه الثالث: عدم تجاهل أسباب النزول واعتبارها معيناً على فهم الآية، وفي نفس الوقت التحذير من الأخذ بأي رواية؛ إذ لابد من معرفة صحتها من سقمها بسبب دخول الكثير من الإسرائيليات في الأحاديث والروايات.
يقول الشيخ البلاغي في مقدمة تفسيره (آلاء الرحمن): «وأما الرجوع في التفسير وأسباب النزول إلى أمثال عكرمة ومجاهد وعطاء وضحاك، كما ملئت التفسير بأقوالهم المرسلة، فهو مما لا يعذر فيه المسلم في أمر دينه فيما بينه وبين الله، ولا تقوم به الحجة؛ لأن تلك الأقوال إن كانت روايات فهي مراسيل مقطوعة، ولا يكون حجة من المسانيد إلا ما ابتنى على قواعد العلم الديني الرصينة» [آلاء الرحمن في تفسير القرآن، محمد جواد البلاغي،  ج1، ص45].
ويقول المحقّق الشيخ السبحاني في هذا الأمر: «لا يمكن الاعتماد على كل ما ورد في الكتب باسم أسباب النزول، بل لابد من التحقيق حول سنده والكتاب الذي ورد فيه، فإن أكثر المفسرين في القرون الأولى أخذوا علم التفسير من مستسلمة أهل الكتاب خصوصاً فيما يرجع إلى قصص الأنبياء وسيره أقوالهم، فلا يمكن الاعتماد على كلام هؤلاء» [المناهج التفسيرية في علوم القرآن، الشيخ جعفر السبحاني، ص40 - 41].
فتبيّن أنّ معرفة سبب النزول يعطي فهماً أفضل للنص القرآني، لكن ليس بمعنى عدم إمكان تفسير الآيات مع الجهل بأسباب نزولها. كما اتضح ضرورة الرجوع إلى الروايات الصحيحة وبالأخص الروايات الصادرة من أهل البيت (عليهم السلام) لأنّهم المفسّر الحقيقي للقرآن الكريم وهم عِدْل القرآن كما ورد في حديث الثقلين، وأنّ المسلمين قد خسروا خسارة فادحة بإهمالهم أحاديث وروايات أهل البيت (عليهم السلام)، حيث انحرفوا عن طريق الرشاد ووقعوا في تيه الأحاديث المزوّرة والمدسوسة وقبول الإسرائيليات السقيمة.



طباعة   ||   أخبر صديقك عن السؤال   ||   التاريخ : 2016 / 06 / 19   ||   القرّاء : 5223  


 
 

  التلاوة :
  • الحفظ (23)
  • التجويد (18)
  • القراءات السبع (2)
  • الصوت والنغم (7)
  علوم القرآن وتفسيره :
  • علوم القرآن (57)
  • التفسير (205)
  • المفاهيم القرآنية (10)
  • القصص القرآني (6)
  • الأحكام (26)
  • الاجتماع وعلم النفس (31)
  العقائد :
  • التوحيد (27)
  • العدل (10)
  • النبوّة (25)
  • الإمامة (6)
  • المعاد (17)
  استفتاءات المراجع :
  • السيد الخوئي (29)
  • السيد السيستاني (52)
  • السيد الخامنئي (7)
  • الشيخ مكارم الشيرازي (83)
  • السيد صادق الروحاني (37)
  • السيد محمد سعيد الحكيم (49)
  • السيد كاظم الحائري (7)
  • الشيخ الوحيد الخراساني (2)
  • الشيخ إسحاق الفياض (3)
  • الشيخ الميرزا جواد التبريزي (10)
  • السيد صادق الشيرازي (78)
  • الشيخ لطف الله الصافي (29)
  • الشيخ جعفر السبحاني (11)
  • السيد عبدالكريم الاردبيلي (1)
  • الشيخ جوادي آملي (23)
  • السيد محمود الشاهرودي (5)
  • السيد الامام الخميني (4)
  جديد الأسئلة والإستفتاءات :



 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم

  البحث في الأسئلة والإستفتاءات :



  أسئلة وإستفتاءات قرآنية منوعة :



 اذا كانت روح الانسان كما قال تعالى بانها من روحه تشريفا وتكريما (بغض النظر عن معناه الحقيقي) فكيف يمكن تصور وجود مثل هكذا روح ان تتحول الى شريرة ؟

 س: لماذا هذا الاهتمام والإصرار على موضوع التجويد، هل ـ حقاً ـ كان المسلمون في صدر الإسلام يهتمّون بالتجويد في قراءتهم؟

 تعلّم موسى (عليه السلام) من العبد العالم

 هل يجوز التكفين بكفن قد كتب عليه القرآن الكريم؟

 سؤال: ما هو الاستدلال القرآني على التوحيد في الخالقية؟

 ما هو دليل عدم ذكر اسم علي (عليه السلام) في القرآن الكريم ؟

 ما معنى (الأحد) في الآية (قل هو اللّه أحد)؟

 في رأي ابن كعب ما هي الآية التي سقطت من سورة البينة؟

 الجنب وقراءة القرآن

 هل معنى الاشاءتين في الآيتين واحد؟

  إحصاءات الأسئلة والإستفتاءات :
  • عدد الأقسام الرئيسية : 4

  • عدد الأقسام الفرعية : 32

  • عدد الأسئلة والإستفتاءات : 900

  • تصفحات الأسئلة والإستفتاءات : 7767229

  • التاريخ : 28/03/2024 - 08:59

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • رئيسية الأسئلة والإستفتاءات القرآنية
  • أرشيف الأسئلة والإستفتاءات القرآنية
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net