00989338131045
 
 
 
 

  • الصفحة الرئيسية لقسم النصوص

التعريف بالدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • من نحن (2)
  • الهيكلة العامة (1)
  • المنجزات (15)
  • المراسلات (0)
  • ما قيل عن الدار (1)

المشرف العام :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرته الذاتية (1)
  • كلماته التوجيهية (14)
  • مؤلفاته (4)
  • مقالاته (71)
  • إنجازاته (5)
  • لقاءاته وزياراته (14)

دروس الدار التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (6)
  • الحفظ (14)
  • الصوت والنغم (11)
  • القراءات السبع (5)
  • المفاهيم القرآنية (6)
  • بيانات قرآنية (10)

مؤلفات الدار ونتاجاتها :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • المناهج الدراسية (7)
  • لوائح التحكيم (1)
  • الكتب التخصصية (8)
  • الخطط والبرامج التعليمية (6)
  • التطبيقات البرمجية (11)
  • الأقراص التعليمية (14)
  • الترجمة (10)
  • مقالات المنتسبين والأعضاء (32)
  • مجلة حديث الدار (51)
  • كرّاس بناء الطفل (10)

مع الطالب :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مقالات الأشبال (36)
  • لقاءات مع حفاظ الدار (0)
  • المتميزون والفائزون (14)
  • المسابقات القرآنية (22)
  • النشرات الأسبوعية (48)
  • الرحلات الترفيهية (12)

إعلام الدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الضيوف والزيارات (160)
  • الاحتفالات والأمسيات (75)
  • الورش والدورات والندوات (62)
  • أخبار الدار (33)

المقالات القرآنية التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علوم القرآن الكريم (152)
  • العقائد في القرآن (62)
  • الأخلاق في القرآن (163)
  • الفقه وآيات الأحكام (11)
  • القرآن والمجتمع (69)
  • مناهج وأساليب القصص القرآني (25)
  • قصص الأنبياء (ع) (81)

دروس قرآنية تخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (17)
  • الحفظ (5)
  • القراءات السبع (3)
  • الوقف والإبتداء (13)
  • المقامات (5)
  • علوم القرآن (1)
  • التفسير (16)

تفسير القرآن الكريم :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علم التفسير (87)
  • تفسير السور والآيات (175)
  • تفسير الجزء الثلاثين (37)
  • أعلام المفسرين (16)

السيرة والمناسبات الخاصة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • النبي (ص) وأهل البيت (ع) (104)
  • نساء أهل البيت (ع) (35)
  • سلسلة مصوّرة لحياة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) (14)
  • عاشوراء والأربعين (45)
  • شهر رمضان وعيد الفطر (19)
  • الحج وعيد الأضحى (7)

اللقاءات والأخبار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • لقاء وكالات الأنباء مع الشخصيات والمؤسسات (40)
  • لقاء مع حملة القرآن الكريم (41)
  • الأخبار القرآنية (98)

الثقافة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الفكر (2)
  • الدعاء (16)
  • العرفان (5)
  • الأخلاق والإرشاد (18)
  • الاجتماع وعلم النفس (12)
  • شرح وصايا الإمام الباقر (ع) (19)

البرامج والتطبيقات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البرامج القرآنية (3)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة









 
 
  • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .

        • القسم الفرعي : علوم القرآن الكريم .

              • الموضوع : أسباب نزول القرآن: أهميتها، طرقها، حجيتها، مصادرها(*) .

أسباب نزول القرآن: أهميتها، طرقها، حجيتها، مصادرها(*)

 السيد محمد رضا الحسيني

بسم الله الرحمن الرحيم

‌‌‌مـقدمة‌

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام‌ على أشرف‌ الخلائق‌ وخير المرسلين، سيدنا رسـول الله مـحمد صلى الله عليه، وعلى الأئمة المعصومين من‌ آله المنتجبين، صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.

وبعد، لا ريب‌ أن اهتمام المسلمين انـصب‌ ـ منذ فجر الاسلام ـ على تفسير القرآن الكريم توصلاً إلى العمل به، وتطبيقه.

وكان التفسير فـي بداية أمره يعتمد عـنصر الابـانة والايضاح بالكشف عن معنى اللفظ لغوياً، وعن مدلوله‌ عرفياً، واظهار ذلك بألفاظ اُخرى أكثر استعمالاً وأسرع دلالة عند العرف العام، وهذا ما تدل عليه كلمة (التفسير) بالذات.

ويجد المتتبع أن أكثر التفاسير المصنفة في القـرنين‌ الاول‌ والثاني تعتمد هذا الشكل من التفسير، كتفسير مجاهد (المتوفى سنة 104)، وزيد الشهيد (سنة 122)، وعطاء الخراساني (ت133) وغيرهم.

وهذا المنهج‌ التفسيري‌ يبتني في الاغلب على ما ذكره الصحابة وكبار التابعين، وأكثر من نـقل عـنه ذلك هو الصحابي الجليل عبد الله بن عباس (ت68) [جمع الجلال السيوطي ما نقل عن ابن عباس في هذا المعني في كتابه: الاتقان في علوم القرآن ج2 ص6 ـ 106] الذي يعد من‌ رواد‌ علم‌ التـفسير‌ والمـشهورين بعلم القرآن، حتى‌ لقب‌ بـ «ترجمان القرآن» [لاحظ الفقيه والمتفقه للخطيب (ص)، تأسيس الشيعة للسيد الصدر‌ ص322].

وكان جل تلمذته على الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، حتى شهد الإمام في‌ حقه‌، بقوله: «كأنما ينظر إلى الغيب مـن‌ سـتر‌ رقيق» [سعد السـعود لابـن‌ طـاووس‌ (ص287 و296)، البرهان في علوم‌ القرآن‌ للزركشي ج1 ص8]

وهذا الشكل من التفسير يرتكز ـ كما أشرنا ـ على المعلومات اللغوية فيتناول الالفاظ الغريبة الواردة في‌ القرآن‌ بالشرح‌ والبيان وايراد ما فيها من مجاز في الكلمة أو الاسناد‌ أو حذف أو تقدير أو نـحو ذلك مـن التـصرفات اللفظية.

قال الاستاذ فؤاد سزگين ـ بـعد أن عـدد‌ تـلاميذ‌ ابن‌ عباس في علم التفسير ـ: «تضم تفاسير هؤلاء العلماء‌ وكذلك‌ تفسير شيخهم توضيحات كثيرة ذات طابع لغوي أحرى أن تسمى: دراسة في المـفردات» [تاريخ التراث العربي المجلد الاول ج1‌ ص177]

وانـصب‌ جـهد‌ المفسرين‌ في مرحلة تالية على معرفة الحوادث المـحيطة بـنزول القرآن، لما في‌ ذلك‌ من‌ أثر مباشر على فهم القرآن والوصول إلى مغزى الآيات الكريمة، لأن موارد النزول‌ والمناسبات‌ التي‌ تـحتف بـها تـضم قرائن حالية تكشف المقاصد القرآنية، ويستدل بها على سائر الابـعاد‌ المؤثرة‌ في تحديدها وتفسيرها، ويسمى هذا ـ الجهد (بمعرفة أسباب النزول) في‌ مصطلح‌ مؤلفي علوم القرآن.

وقد ساهم كثير مـن الصـحابة، الذيـن شهدوا نزول الوحي، وعاصروا‌ الحوادث المحتفة بذلك، وحضروا المشاهد، وعاشوا القـضايا التـي نزلت فيها الآيات‌، في‌ بيان هذه الاسباب بالإدلاء بمشاهداتهم من أسباب النزول.

واستند المفسرون إلى تلك الآثار فـي مـجال‌ التـفسير‌ مستعينين بها على فهم القرآن وبيان مراده.

ويجدر أن يسمى هذا الشكل‌ من‌ الجـهد‌ التـفسيري بـمنهج «التفسير التاريخي».

وقد أشار بعض علماء التفسير إلى هذين الشكلين من‌ الجهد‌ بقوله‌: اعلم أن التـفسير فـي عـرف العلماء كشف معاني القرآن. وبيان المراد‌، أعم من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره، وبـحسب المـعنى الظاهر وغيره.

والتـفسير: امـا‌ أن‌ يستعمل في‌ غريب‌ الالفاظ‌، واما في كلام متضمن لقصة‌ لا‌ يمكن تصويره إلا بـمعرفتها [الإتقان، للسيوطي (ج4 ص193)، ولاحظ الذريعة ج3 ص34].

ولقـد وجـدت فراغاً في الكتب المتعرضة لأسباب‌ النزول‌ سواء العامة لكل الآيات، أو‌ الخاصة ببعضها، حيث‌ أغفلت‌ جـانب أسـباب النزول من حيث‌ أهميتها‌، وطرق اثباتها وحجيتها، وأخيراً ذكر مصادرها المهمة.

فأحببت أن اقـدم هـذا‌ البـحث‌ عسى أن يسد هذا الفراغ‌، أو‌ يجد فيه المتخصصون‌ تحقيقا‌ً منهجياً لم يتكفل استيعابه‌ المؤلفون‌ لكتب علوم القـرآن على الرغـم من تعرض بعضهم له.

عصمنا الله من الخطأ والزلل‌ في‌ القول والعمل.

(1) أهميتها

اهتم المفسرون بذكر أسباب النزول‌، فجعلوا‌ مـعرفتها‌ مـن‌ الضروريات لمن يزيد‌ فهم‌ القرآن والوقوف على أسراره، وأكد الأئمة على هـذا الاهـتمام، فجعله الإمام أبو عبد الله‌ جعفر‌ بـن‌ مـحمد الصـادق عليه السلام من الأمور التي‌ لو‌ لم‌ يـعرفها‌ المـتصدي‌ لمعرفة‌ القرآن لم يكن عالماً بالقرآن، فقال عليه السلام:

اعلموا رحمكم الله أنه من لم يـعرف مـن كتاب الله: الناسخ والمنسوخ، والخاص والعـام‌، والمـحكم والمتشابه، والرخـص مـن العـزائم، والمكي من المدني، وأسباب التنزيل...، فـليس بـعالم القرآن، ولا هو من أهله [بحار الأنوار للمجلسي (ج93 ص9) نـقلاً عـن تـفسير‌ النعماني].

ومن هنا نعرف سر عناية الإمام‌ أمير المؤمنين‌ عـلي عـليه السلام بأمر نزول القرآن ومعرفة أسـبابه ومواقعه، فقد كان يـعلن دائمـاً عن علمه بذلك، ويصرح بـاطلاعه الكـامل على هذا القبيل من المعارف الإسلامية:

ففي‌ رواية رواها أبو نعيم الاصبهاني فـي «حـلية الأولياء» عن الإمام علي عـليه السـلام أنـه قال: والله ما نـزلت آيـة إلا‌ وقد‌ علمت فيما انـزلت! وأيـن انزلت!‌ ان‌ ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً [تـأسيس الشـيعة (ص318)، وسيأتي في نهاية هذا البحث ذكر أحاديث أخرى بهذا‌ المضمون]

وقال عليه السلام: والله ما نزلت آيـة فـي ليل أو نهار، ولا سهل ولا‌ جبل‌، ولا بر ولا‌ بـحر‌، إلا وقـد عرفت أي سـاعة نـزلت! أو فـي من نزلت! [‌‌تفسير‌ الحبري، الحديث (37 و74)، شواهد التنزيل للحسكاني (ج1‌ ص280‌ )، وسنتحدث في خاتمة هذا البحث عن ارتباط الإمام بالقرآن]

وإذا كان أمـر نزول القرآن ـ ومنه أسبابه ـ بهذه المثابة من الأهمية عند الإمام علي عليه السلام‌، وهو القـمة الشـماء بين العارفين بالقرآن وعلومه، بل هـو معلم القـرآن بـعد النـبي صلى الله عليه وآله وسلم، كـما فـي الحديث عن أنس بن مالك، قال النبي: علي‌ يعلّم الناس‌ بعدي من تأويل القرآن ما لا يـعلمون يـخبرهم. [ شـواهد التنزيل ج1 ـ ص29]

وقـال المفسر ابن عطية‌: «فأما صدر المفسرين والمؤيد فيهم فعلي بن أبي طالب» [المحرر الوجيز (ج1 ص8 ـ 9) من‌ مـخطوطة‌ دار الكـتب المـصرية رقم (168) تفسير، بواسطة البرهان للزركشي (ج1 ص8) بتحقيق‌ أبو‌ الفضل ابراهيم]

فإن أهمية أسباب النزول‌ ومعرفتها‌ تكون واضحة، حيث تعد من الشروط الأساسية لمن يريد التعرف على القرآن.

وقد أفـصح عـن ذلك الأعلام والمؤلفون أيضاً:

قال الواحدي: إذ هي [يعني الأسباب] أولى ما يجب الوقوف عليها، فأولى أن تصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصّتها وبيان نزولها [أسباب النزول للواحدي (ص4]

وقال السـيد العـلامة الفاني‌: وأما وجه الحاجة إلى شأن نزول الآيات، فلأن الخطأ في ذلك يفضي إلى اتهام البريء وتبرئة الخائن، كما ترى أن بعض الكتاب القاصرين عن درك الحقائق، يـذكرون‌ أن‌ شأن نزول آية تحريم الخـمر إنـما هو اجتماع علي عليه السلام مع جماعة في مجلس شرب الخمر، مع أن التاريخ يشهد بكذب ذلك، ونرى بعضهم يقول: إن‌ قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ﴾ انـما نـزلت في شأن ابن ملجم [آراء سماحة‌ السيد‌ العـلامة ‌الفـاني (حول القرآن) ص29]

وقال الدكتور شواخ: نزل القرآن منجماً على النبي‌ صلى‌ الله‌ عليه [وآله] وسلم‌ حسب‌ مقتضيات‌ الأمور والحوادث، وهذا يعني أن فهم كثير من الآيات القرآنية متوقف على مـعرفة أسـباب النزول، وهي لا تخرج عن‌ كونها‌ مجرد‌ قرائن حول النص، وقد حرم العلماء المحققون‌ الاقدام‌ على تفسير كتاب الله لمن جهل أسباب النزول.

ولذا كان الاقدام على تفسير كتاب الله تعالى محرماً على اولئك‌ الذيـن‌ يـجهلون‌ أسباب النـزول ويحاولون معرفة معنى الآية، أو الآيات دون‌ الوقوف على أسباب نزولها وقصتها [معجم مصنفات القرآن الكريم ج1‌ ص6 ـ 127]

وبلغ اهتمام علماء القرآن بأسباب النـزول إلى حد عده من أهم أنواع‌ علوم‌ القرآن.

فجعله برهان الدين الزركـشي أول الأنـواع فـي كتابه‌ القيم‌  «البرهان في علوم ـ القرآن».

وأفرد له السيوطي «النوع التاسع » من‌ كتابه القيم «الاتقان فـي علوم القرآن» بعنوان «معرفة أسباب النزول».

وسنأتي‌ في الفقرة الأخيرة من هذا البـحث على ذكر المصادر العـامة والخـاصة لهذا الموضوع.

وبالرغم‌ من‌ الأهمية البالغة لأسباب النزول، فقد عارض بعض هذا الاهتمام، مستنداً إلى أمور من الضروري‌ عرضها‌ ثم تقييمها:

الأمر الأول: انه لا أثر لهذا العلم‌ في‌ التفسير‌:

قال السيوطي: زعم زاعم أنه لا طـائل تحت هذا الفن [أي‌ فن‌ أسباب‌ النزول] لجريانه مجرى التاريخ [الاتقان ج1‌ ص107‌]

ومع مخالفة هذا الادعاء لما ذكره‌ الأئمة‌ والعلماء كما عرفنا تصريحهم بأن معرفة أسباب النزول مما يلزم للمفسر حيث لا يمكن الوقـوف على التفسير‌ بدونه، بل يحرم كما قيل.

فقد رد السيوطي على هذا الزعم بقوله‌: وقد أخطأ في ذلك، بل له‌ فوائد‌:

منها: معرفة وجه الحكمة الباعثة‌ على تشريع الحكم.

ومنها: تخصيص الحكم به عند من يـرى أن العـبرة بخصوص‌ السبب.

ومنها: أن اللفظ قد‌ يكون‌ عاماً، ويقوم‌ الدليل‌ على تخصيصه، فاذا عرف السبب‌ قصر‌ التخصيص على ما عدا صورته، فإن دخول صورة السبب قطعي.

ومنها‌: دفع توهم الحصر [الاتقان ج1‌ ص107‌ـ109]

الأمر الثـاني‌: ان المـورد لا‌ يخصص.

واعترض أيضاً: بأن ما‌ يستفاد‌ من أسباب النزول هو تعيين موارد أحكام الآيات وأسبابها الخاصة، ومن المعلوم‌ أن‌ ذلك لا يمكن أن يحدد‌ مداليل‌ الآيات‌ ولا يـخصص عـموم الاحكام‌، وقد عنون علماء اصـول الفـقه لهـذا‌ البحث‌ بعنوان: «ان‌ المورد لا يخصص الحكم»

قال الأصولي المقدسي: إذا ورد لفظ العموم على سبب خاص لم يسقط عمومه، وكيف‌ ينكر هذا، وأكثر أحـكام الشـرع‌ نـزلت‌ على أسباب‌ كنزول‌ آية الظهار في‌ أوس‌ ابـن الصـامت، وآية اللعان في هلال بن امية، وهكذا [روضة الناظر وجنة المناظر لابن قدامة المقدسي (ص5 ـ 206 )، وانـظر الاتـقان للسيوطي ج1 ـ ص110].

والجواب عنه أولاً‌: إن‌ البحث الأصولي المذكور لا يمس المهم من بحث‌ أسباب‌ النـزول‌، لأن‌ البـحث‌ الاصولي يتوجه إلى شمول الأحكام المطروحة في الآيات لغير مواردها، وعـدم شمولها، فالبحث يعود إلى أن الآية هل تدل على الحكم في غير موردها أيضاً‌ كما تشمل موردها، أو لا تشمل إلا موردها دون غـيره؟

فـفي صـورة الشمول لغير موردها أيضاً، يمكن الاستدلال بظاهرها الدال بالعموم على الحكم فـي غـير المورد.

وأما‌ بالنسبة‌ إلى نفس المورد فلا بحث في شمول الآية له، فإن شمول الآية له مقطوع به ومجزوم بإرادته بـدلالة نـص الآية، وهي قطعية لا ظنية، حيث أن‌ المورد‌ لا يكون خارجاً عن الحكم قـطعاً، لأن اخـراجه يـستلزم تخصيص المورد، وهو من أقبح أشكال التخصيص وفاسد بإجماع الأصوليين.

قال المقدسي‌ في‌ ذيل كـلامه السـابق، فـي‌ حديث‌ له عن الآيات النازلة ـ للأحكام في الموارد الخاصة، ما نصه: فاللفظ يتناولها [أي الموارد الخـاصة] يـقيناً، ويتناول غيرها‌ ظناً‌، إذ لا يسأل‌ عن‌ شيء فيعدل عن بيانه إلى غيره... فنقل الراوي للسبب مـفيد ليـبين بـه تناول اللفظ له يقيناً، فيمتنع من تخصيصه [روضة الناظر ص206].

وقال السيوطي: إذا عرف السبب قصر التخصيص على مـا عدا‌ صـورته، فإن دخول صورة السبب قطعي واخراجها بالاجتهاد ممنوع كما حكي الاجماع عليه القـاضي أبـو بـكر في «التقريب» ولا التفات إلى من شذ فجوز ذلك [الاتقان (ج1 ص107]

اذن لا تسقط فائدة مـعرفة أسـباب النـزول من خلال البحث الأصولي ‌‌المذكور‌، بل تتأكد.

وثانياً: إن الرجوع إلى أسباب النزول قد لا يرتبط‌ ببحث‌ العموم‌ والخـصوص فـي الحـكم، وإنما يتعلق بفهم معنى الآية وتشخيص حدود موردها وتحديد الحكم نفسه‌ مـن حـيث المفهوم العرفي، لا السعة والضيق في موضوعه كما أشير إليه‌ سابقاً، ولنذكر لذلك‌ مثالا‌ً:

قال الله تبارك وتـعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [سورة البـقرة (2) الآية (158)].

قـال السيوطي: إن ظاهر لفظها لا يقتضي أن السعي فرض، وقـد ذهـب بعضهم إلى عدم‌ فرضيته‌، تمسكاً بذلك [الاتقان (ج1 ص109]

ووجه ذلك أن قوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ﴾ يدل على نفي البـأس والحـرج فقط، ولا يدل على الالزام والوجوب، فـإن‌ رفـع‌ الجناح لا يـستلزم الوجـوب لكـونه أعم منه، فكل مباح لا جناح فـيه، والواجـب ـ أيضاً ـ لا جناح فيه، لكن فيه الزام زيادة على المباح، ومن‌ الواضح أن العام لا يـستلزم الخاص.

لكـن هذا الاستدلال بظاهر الآية مردود، بـأن ملاحظة سبب نزولها يـكشف عـن سر التعبير بـ «لا جناح» فـيها، وذلك‌: لأن‌ أهل الجاهلية كانوا يضعون صنمين‌ على الصفا‌ والمروة، ويتمسحون بهما لذلك، ويعظمونهما، وكـان المـسلمون بعد كسر الأصنام يتحرجون مـن الاقـتراب مـن مواضع تلك الأصـنام تـوهماً‌ للحرمة‌، فنزلت الآية لتـقول للمـسلمين: إن المواضع المذكورة‌ هي‌ من المشاعر التي على المسلمين أن يسعوا فيها فإنها من واجبات الحـج، وأمـا قوله تعالى: ﴿لا‌ جناح﴾‌  فهو لدفع ذلك التـحرج المتوهم.

فـهذا الجواب يـبتني عـلى بـيان‌ سبب النزول كما أوضـحنا ولا يمس البحث الأصولي المذكور بشيء.

وقد أورد السيوطي في «الاتقان» أمثلة‌ أخرى‌، مما يعتمد فهم الآيات فـيها على أسباب النـزول [الاتقان ج1 ص108ـ109].

وثـالثاً: إن هـذا البـحث الأصـولي إنما يجري‌ فـي‌ آيـات‌ الأحكام كما يظهر من عنوانهم له، دون غيرها، وسيأتي مزيد‌ توضيح‌ لهذا‌ الجواب فيما يلي.

وقد أثار ابن تـيمية شـبهة حـول أهمية أسباب النزول تعتمد على أساس‌ هـذا‌ الاعـتراض، مـلخصها: أن نـزول الآية فـي حق شخص ـ مثلاً ـ لا‌ يدل‌ على اختصاص ذلك الشخص بالحكم المذكور في الآية، يقول: قد يجيء‌ كثيراً‌ في‌ هذا الباب ـ قولهم: «هذه الآية نزلت في كذا» لا سيما‌ إذا‌ كان المـذكور شخصاً كقولهم: إن آية الظهار نزلت في امرأة ثابت بن‌ القيس‌، وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله.

قال: فالذين قالوا ذلك، لم‌ يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هـذا‌ لا‌ يـقوله‌ مسلم ولا عاقل على الاطلاق، والناس ـ وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب‌، هل يختص بسببه؟ ـ فلم يقل أحد: إن عمومات الكتاب والسنة‌ تختص‌ بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال إنها تـختص بـنوع ذلك الشخص، فتعم ما يشبهه.

والآية‌ التي لها سبب معين، إن كانت أمراً أو نهياً، فهي‌ متناولة‌ لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن‌ كانت‌ خبراً بمدح أو ذم، فـهي مـتناولة‌ لذلك‌ الشخص ولمن كان بـمنزلته [الاتقان ج1 ص112]

والجـواب عن هذه الشبهة:

أولاً: إن‌ ما ذكره من «لزوم‌ تعميم‌ الحكم، وعدم‌ قابلية‌ الآية للتخصيص بشخص معين» إنما‌ يبتني‌ على فرضين:

1 ـ أن يكون الحكم الوارد في الآية‌ شـرعيا‌ً فقهياً.

2 ـ أن يكون لفظ‌ الموضوع فـيها عاماً.

وهـذان‌ الأمران‌ متوفران في الأمثلة التي أوردها‌، كما هو واضح.

أما إذا كانت الآية تدل على حكم غير الأحكام الشرعية التكليفية‌ أو‌ الوضعية، أو كان الموضوع‌ فيها‌ بلفظ‌ خاص لا عموم‌ فيه‌، فإن ما ذكره‌ من‌ لزوم التـعميم وامـتناع التخصيص‌، باطل.

توضيح ذلك: إن البحث عن أسباب النزول ليس خاصاً بآيات الأحكام ـ وهي الآيات الخمسمائة المعروفة ـ بل‌ يعم كل الآيات بما فيها آيات‌ العـقائد‌ والقـصص‌ والأخلاق‌ وغـيرها‌، ومن الواضح‌ أن‌ من غير المعقول الالتزام بعموم الأحكام الواردة فيها كلها.

مثلاً: قصة موسي وفرعون وبني إسرائيل‌، بـمالها‌ من الخصوصيات المتكررة في القرآن، لا‌ معنى‌ للاشتراك‌ فيها‌، فهي‌ قضية فـي واقـعة إنـما ذكرت للاعتبار بها، ويستفاد منها في مجالاتها الخاصة.

وكذلك إذا كان الموضوع خاصاً لا عموم فيه، فإن القول باشتراك حـكم‌ ‌الآية‌ بينه وبين من يشبه، شطط من القول. قال السيوطي في آية نزلت فـي مـعين ولا عـموم للفظها: انها تقصر عليه قطعاً ـ وذكر مثالاً لذلك، ثم قال‌ ـ: ووهم من ظن أن الآية عامة فـي كل من عمل عمله، اجراء له على القاعدة، وهذا غلط، فإن هذه الآية ليـس فيها صيغة عموم [الاتقان ج1 ص112ـ113]

وقـوله‌ تـعالى: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ [سورة الكوثر (108) الآية (3)] فإنها نزلت في العاص الذي كان‌ يعير‌ النبي صلى الله عليه وآله وسلم‌، بعدم النسل والذرية، فعبرت عن ذمه وحكمت عليه بأنه هو الأبتر، وباعتبار كون المـوضوع «شانئ النبي صلى الله عليه وآله وسلم‌« فهو خاص معين‌، وهذا يعرف من خلال المراجعة إلى سبب النزول، فهل القول باختصاص الحكم في الآية بذلك الشخص فيه مخالفة للكتاب أو السنة، حتى لا يقول بـه مـسلم أو عاقل!‌ كما‌ يدعيه ابن تيمية.

لكنه خلط بين هذه الموارد، وبين ما مثل به من موارد الحكم الشرعي بلفظ عام، فاستشهد بتلك على هذه، وهذا من المغالطة الواضحة.

ونجيب عن‌ الشبهة‌، ثانياً‌: بـأن الآية لو كانت تدل على حكم شرعي، وكان لفظ الموضوع فيها عاماً إلا أنا‌ عرفنا من سبب النزول كون موردها شخصاً معيناً باعتباره الوحيد الذي‌ انطبق‌ عليه‌ الموضوع العام، أو كان الظرف غـير قـابل للتكرار، فإن من الواضح أن حكم الآية يكون ‌‌مختصا‌ً بذلك الشخص وفي ذلك الظرف، ولا يمكن القول باشتراك غيره معه.

مثال ذلك، قوله تعالى‌: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ... [سـورة المجادلة (58) الآية (12)]

فإن المكلف في الآية عام، وهم كل المؤمنين، والحكم فيها شرعي وهو وجوب التصدق عند مناجاة النبي صلى الله‌ عـليه وآله وسـلم، لكن هذا لا يمنع من اختصاص الآية بشخص واحـد، فـعند المراجعة إلى أسباب النزول نجد أن الإمام علياً عليه السلام كان هو العامل الوحيد بهذه الآية‌، حيث كان الوحيد الذي تصدق ونـاجى الرسـول صلى الله عليه وآله، ونسخت الآية قبل أن يعمل بها غيره من المسلمين.

فهل يـصح القول بأن الآية عامة، وما معنى‌ الاشتراك‌ في الحكم لو كانت الآية منسوخة؟ وهل في الالتزام باختصاص الآية مـخالفة للكـتاب والسـنة؟

وإذا سأل سائل عن الحكمة في تعميم الموضوع في الآية، مع أن الفـرد‌ العـامل‌ منحصر؟

فمن الجائز أن تكون الحكمة في ذلك بيان أن بلوغ الإمام عليه السلام إلى هذه المقامات الشريفة كان بمحض اخـتياره وارادتـه، مـن دون أن يكون هناك جبر‌ يستدعيه‌ أو‌ أمر خاص به، وإنما‌ كان‌ الأمر‌ والحكم عـاماً، لكـنه أقـدم على الاطاعة رغبة فيها وحباً للرسول ومناجاته، وأحجم غيره عنها، مع أن المجال كان‌ مـفسوحاً‌ للجـميع‌ قـبل أن تنسخ الآية، فبالرغم من ذلك‌ لم‌ يعمل بها غيره.

ولا يمكن أن يفسر إقدامه وتقاعسهم إلا على أسـاس فـضيلته عليهم في العلم والعمل، وتأخرهم‌ عنه‌ في‌ الرتبة والكمال.

وبمثل هذه الحكمة يمكننا أن نـوجه افـتخار الإمام عـليه‌ السلام بكونه العامل الوحيد بهذه الآية.

فقد روي الحبري في تفسيره [تفسير الحبري ـ بتحقيقنا ـ الحـديث (66) (ص47) مـن‌ الطبعة الاولى] بسنده، قال: قال علي‌: آيـة‌ مـن القرآن لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها‌ أحد‌ بعدي، انزلت آية النجوى [ الآية (12) مـن سـورة المجادلة (58)] فكان‌ عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت إذا أردت أن أناجي النبي‌ صلى‌ الله‌ عليه تصدقت بـدرهم حـتى فنيت ثم نسختها الآية التي بعدها: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [ذكر هذا الحديث مرفوعاً‌ عن‌ علي عليه السلام في عدة‌ مـن‌ التـفاسير‌ والمصادر الحديثية مثل‌: تفسير ـ القرطبي (17:‌ 302‌ )، وابـن جـرير (28:15 )، وابن كـثير (4: 327 )، ومـثل‌: كـنز العمال (3: 155 )، ومناقب ـ ابن‌ المـغازلي‌ (ص114 وص325)، وكفاية الطالب للكنجي (ص135)، وأحكام القرآن للجصاص (ج3 ـ ص526‌)، والدر المنثور (6: 185) ورواه‌ في‌ الريـاض‌ النـضرة‌ للطبري (2: 265‌) عن ابن الجوزي في أسـباب النـزول، وذكـره الواحـدي فـي أسباب النزول (ص276)، وانـظر‌: جامع الاصول للجزري (2: 2 ـ 453‌ )، وفتح‌ القدير‌ (5: 186) نقلنا هذه التخريجات من تفسير الحبري، تخريج الحديث (66)]

ولا بد من‌ الوقوف‌ عند‌ اعتراض ابن تيمية على أهـمية أسـباب النـزول، لنذكر بأنه إنما أثار مثل هذه‌ الشبهة‌ محاولة منه لتقويض ما اسـتدل بـه معارضوه، حيث استدلوا بنزول الآيات في‌ أهل‌ البيت‌ عليهم السلام، بدلالاتها الواضحة على فضلهم وأحقيتهم لمـقام الولايـة على الأمة، والخلافة عن الرسول‌ صلى‌ الله عليه وآله وسلم في قيادة المسلمين.

وحيث لم يكن لابـن تـيمية‌ طريق‌ للتشكيك‌ في أسانيد الروايات الدالة على نـزولها فـي فـضل أهل البيت عليهم السلام ولا سبيل للنقاش‌ فـي‌ دلالتـها‌ على المطلوب، عمد إلى اثارة مثل هذه الشبهة بإنكار أهمية أسباب‌ النزول‌ عموماً، والتـشكيك فـي إمكان الاستفادة منها في خـصوص الآيات النازلة بـحقهم عـليهم السلام.

2 ـ طـرق‌ اثباتها

لا ريب أن تعيين أسباب النزول وتمييز الصـحيح مـنها عن ما‌ ليس‌ بسبب، عند الاختلاف، يحتاج إلى طرق‌ مشخصة‌، سنستعرضها فـيما يلي.

ولكـني أرى أن‌ أهم‌ شيء يجب تحصيله فـي هذا المجال هو تـحديد المـقصود لكلمة «أسباب النزول‌ »لكي نـعتمد خـلال البحث والمناقشة‌ معنى واحداً، فلا‌ تختلط‌ موارد النفي والاثبات، ولا تتداخل‌ الأدلة‌ والردود.

نقول: إن الظاهر مـن كـلمة «سبب» هو العلة‌ الموجبة‌، ولو التـزمنا بـهذا المـعنى فإن‌ ذلك يقتضي حـصر مـوضوع‌ «أسباب النزول» بما كـان‌ عـلة‌ لنزول الآية، وأن الآية نزلت من أجـله، وعـليه فـإن أسباب النزول هي القضايا والحوادث التي‌ وردت الآيات مـن أجـلها وفـي شـأنها، أو نـزلت مبينة لحكم ورد فيها، أو نزلت جواباً عن سؤال مطروح.

لكن لابد من الاعراض عن هذا الظاهر، لأن الالتزام‌ بهذا‌ المعنى غير صحيح لوجهين:

الأول: إن هذا المعنى بعيد أن يقصده علماء الإسلام وخـاصة في مجال علوم القرآن، لأن السبب بهذا المعنى اصطلاح فلسفي لم‌ يتداوله‌ المسلمون إلا في القرون المتأخرة، وعلى ذلك: فلابد من حمل كلمة «سبب» على معناها اللغوي، وهو «ما‌ يتوصل‌ به إلى أمر»، وهـذا‌ يـعم ما فيه سببية بالمصطلح الفلسفي، أو يكون مرتبطاً به بشكل من الأشكال، فسبب النزول هو «كل ما يتصل بالآية من‌ القضايا‌ والحوادث والشؤون»، سواء‌ كانت علة نزلت الآية من أجـلها أو لم تـكن كذلك، بل ارتبطت بالنزول ولو بنحو الظرفية المكانية أو الزمانية أو الاقتران، وما شابه.

الوجه الثاني: إن ملاحظة‌ ما‌ ذكره المفسرون وعلماء القرآن من أسباب نزول الآيات تـدلنا بـوضوح على أن مرادهم به ليس هـو خـصوص ما كان سبباً بالمصطلح الفلسفي، بأن يكون علة نزلت الآية من أجله‌، وإنما يذكرون‌ تحت عنوان «سبب النزول» كل القضايا التي كان النزول فـي اطـارها، وما يرتبط بنزول‌ الآيات بـنحو مؤثر في دلالتها ومعناها، بما في ذلك الزمان‌ والمكان‌، وإن لم يتقيد ذلك حتى بالزمان والمكان، ولذلك فإن سبب النزول يصدق على ما يخالف زمان ‌‌النزول‌ بالمضي والاستقبال.

وقد لا تكون أسباب النزول، إلا خصوصيات في موارد التـطبيق‌ تـعتبر‌ فريدة‌، فهي تذكر مع الآية لمقارنة حصولها عند نزولها، ككون العاملين بالآية متصفين ببعض‌ الصفات، أو تعتبر مقارنات نزول الآية لعمل شخص ميزة وفضيلة له.

الى‌ غير ذلك مما يضيق‌ المجال‌ عن ايـراد أمـثلته وتفصيله، فـإن جميع هذه الموارد يسمونها في كتبهم بـ «أسباب النزول » بينما ليس في بعضها سببية للنزول بالمصطلح الأول.

فـالمصطلح القرآني لكلمة «أسباب النزول» نحدده بقولنا: «كل ما له صلة بنزول الآيات القـرآنية»

فـيشمل كل شيء يرتبط بنزولها، سواء كان علة وسبباً أو كان بياناً وإخباراً عن واقع، أو‌ تطبيقاً نموذجياً فريداً، أو ورد الحـكم ‌ ‌فـيه لأول مرة، أو كان مورده فيه جهة غريبة تجلب الانتباه أو نحو ذلك.

وأما الطرق التي ذكـروها لتـعيين أسـباب النزول فهي‌:

1 ـ ما ذكره السيوطي بقوله: والذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيـام وقوعه [الاتقان ج1 ص116]

وهذا فيه تضييق لأنه أخص مما يطلق عليه اسم‌ سبب‌ النزول عـندهم، لعدم انحصاره بما كـان فـي وقت النزول، بل الضروري، هو ارتباط السبب بالآية سواء كان مقارناً لنزولها أو لا، ويعلم الربط بالقرائن، على أنا‌ لا ننكر مقارنة كثير من‌ الاسباب‌ لنزول‌ آياتها، مع أن الالتجاء إلى معرفة سبب النزول بما ذكـره من النزول أيام وقوعه يؤدي إلى انحصار معرفة سبب النزول‌ بطريق‌ المشاهدة‌ بالحاضرين، فلابد من الاعتماد على الروايات لأثباتها‌ إلا‌ أن يكون مراده تعريف سبب النزول وهو الاظهر، لكنه أيضاً تضييق كما عرفت.

2 ـ قال الواحـدي: لا‌ يـحل‌ القول في أسباب نزول الكتاب، إلا بالرواية والسماع ممن‌ شاهدوا التنزيل، ووقفوا على الأسباب، أو بحثوا عن علمها وجدوا في الطلاب، وقد ورد الشرع‌ بالوعيد‌ للجاهل‌ ذي العثار في هذا العلم بالنار.

أخبرنا أبو ابـراهيم، اسـماعيل‌ بن‌ ابراهيم الواعظ، قال: أخبرنا أبو الحسين، محمد بن أحمد بن حامد العطار، قال‌: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، قال: حدثنا ليث‌، عن‌ حماد، قال: حدثنا أبـو عـوانة، عن عبد الأعلى، عن سعيد‌ بن‌ جبير‌، عن ابن عباس، قال:

قال رسول الله صلى الله عليه‌ [وآله] وسلم: اتقوا الحديث إلا ما علمتم، فإنه من كذب‌ علي‌ متعمدا‌ً فليتبوأ مقعده من النـار، ومـن كـذب على القرآن من غير عـلم فـليتبوأ مـقعده‌ من‌ النار.

والسلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازاً عن القول في‌ نزول‌ الآية‌ [أسباب النزول للواحدي‌ ص4]

وقـال آخـر: معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة‌ بقرائن‌ تـحتف‌ بـالقضايا [الاتقان ج1 ص115]

3 ـ قولهم نزلت الآية في كذا.

إن المراجع لكتب التفاسير، وخاصة‌ الكتب‌ الجامعة لأسباب النزول، يجد أنهم اذا أرادوا ذكر سبب نزول آية‌ قـالوا‌: نـزلت فـي كذا، والظاهر أن استعمال الصحابة والتابعين لهذا التعبير، وكون المفهوم مـن‌ هذا‌ التعبير ما يفهم من قولهم «السبب في نزول الآية كذا» دفعهم‌ على المحافظة على هذه العبارة عـند بـيان‌ أسـباب‌ النزول.

ويؤيده أن الحرف «في» يستعمل‌ فيما‌ يناسب السببية والربط، كما في قـولك: لامـه في أمر كذا، أي‌ من أجله وعلى فعله [لاحظ: مغنى اللبيب لابن‌ هشام‌ ص224]

لكن‌ قال الزركشي‌: عادة‌ الصحابة والتابعين ان أحدهم إذا قـال‌: «نـزلت هـذه الآية في كذا» فإنه يريد أنها تتضمن هذا‌ الحكم‌، لا أن هذا كان السـبب‌ فـي نـزولها، فهو‌ من‌ جنس الاستدلال على الحكم بالآية‌، لا من جنس النقل لما وقع [الاتقان ج1 ص116]

أقول: لم تـثبت هـذه العـادة‌، بل المستفاد من عمل العلماء‌ القرآن‌ هو‌ الالتزام بالعكس، ولا‌ بد أنهم لم يفهموا‌ الخلاف‌ مـن الصـحابة أو التابعين، بل الأغلب في موارد قول الصحابة والتابعين: «نزلت‌ في كذا» إنما هـو القـضايا‌ الواقـعة‌ والوقائع الحادثة‌ مما‌ لا‌ معنى له إلا الرواية‌ والنقل، ولا مجال لحمله على الاستدلال.

ولو تنزلنا، فإن احتمال كون قـولهم: «نـزلت‌ في كذا» للاستدلال مساو لاحتمال كونه‌ لبيان‌ سبب‌ النزول‌، ولا موجب لكونه‌ أظهر‌ فـي الاستدلال.

ويـقرب مـا ذكرنا أن ابن تيمية احتمل في الكلام المذكور كلا الأمرين: الاستدلال‌ وسبب‌ النزول‌، فقال: قولهم: «نـزلت‌ فـي‌ كذا...» يراد‌ به‌ تارة سبب النزول، ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية، وإن لم يـكن السـبب، كما نقول ـ عنى بهذه الآية كذا [الاتقان ج1 ص115ـ116]

4 ـ والتزم الفخر الرازي طريقاً آخر لمعرفة سبب النزول ذكره فـي تـفسير آيـة النبأ، قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [سورة الحجرات: 49]

قال: سبب نـزول هـذه‌ الآية‌، هو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بـعث الوليـد بـن عقبة، وهو أخو عثمان لامه، إلى بني المـصطلق واليـاً ومصدقاً‌، فالتقوه، فظنهم مقاتلين‌ فرجع‌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «انهم امتنعوا ومـنعوا» فـهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالإيقاع بـهم، فنزلت هـذه الآية، وأخـبر‌ الرسول‌ صلى الله عليه وآله وسلم أنهم لم يـفعلوا شـيئاً من ذلك.

قال الرازي: وهذا جيد، ان قالوا بأن الآية نزلت في ذلك الوقت، وأما ان قـالوا بـأنها‌ نزلت‌ لذلك مقتصراً‌ عليه ومتعدياً إلى غيره فـلا، بل نقول: هو نـزل عـاماً لبيان التثبت وترك الاعتماد على قـول الفاسق.

ثم قال: ويدل على ضعف قول من يقول‌: انها‌ نزلت لكذا، أن الله تعالى لم يـقل: «انـي أنزلتها لكذا»، والنبي صلى ‌‌الله‌ عـليه وآله وسـلم لم ينقل منه أنـه بـين أن الآية نزلت لبيان ذلك‌ فحسب.

قـال‌ أخيراً: فغاية ما في الباب أنها نزلت في مثل ذلك الوقت، وهو مثل‌ التاريخ لنـزول الآية، ونحن نصدق ذلك [التفسير الكبير، صفحه 35] ويرد عليه:

أن‌ الظـاهر مـنه أنه بـحصر‌ سـبب‌ النـزول في أن يقول الله: «أنزلت الآية لكذا» أو يصرح الرسول بنزولها كذلك، وكذلك يبدو منه أنه يعتبر في كون الشيء سبباً للنـزول أن يـكون مدلول الآية‌ خاصاً به لا عموم فيه.

وكـلا هـذين الأمـرين غـير تـامين:

أما الأول، فلأن كـون أمـر ما سبباً لمجيء الوحي ونزوله هو بمعنى أن الله أوحى إلى نبيه من‌ أجل‌ ذلك، فلا حاجة إلى تصريح الله بأنه أنـزل الآية لكذا.

وأيـضاً فإنه لم نجد ولا مورداً واحداً، كان تعيين سـبب النـزول على أسـاس تـصريح البـاري بقوله: أنزلت‌ الآية‌ لكذا.

أفهل ينكر الفخر الرازي وجود أسباب النزول مطلقاً؟ وأورد عليه المحقق الطهراني بقوله: وأطرف شيء استدلاله على ضعف قول من‌ يقول «انها نزلت فـي كذا» أن الله تعالى لم يقل «اني أنزلتها لكذا» والنبي صلى الله عليه وآله لم ينقل عنه أنه بين ذلك.

فإن فهم‌ هذا‌ المعنى لا ينحصر في ما ذكره‌، بل‌ مجرد نزول الآية عند الواقعة مع انطباقها عـليها يـكفي في استفادة هذا المعنى [محجة العلماء ص 258]

وأما الثاني: فلأن عموم الآية لغير‌ الواقعة‌، لا ينافي كون تلك الواقعة هي السبب لنزولها‌، فإن المراد بسبب النزول ليس هو المورد الخاص المنفرد الذي لا يتكرر، بـل قـد يكون كذلك، وقد‌ يكون‌ هو‌ أول الموارد الكثيرة باعتبار عموم موضوع الآية.

بل ـ كما‌ ذكر المحقق الطهراني ـ: ان الوقائع في زمان نزول الآية كثيرة، مع أن ذكـر المـقارنات لنزول‌ الآيات‌ لا‌ معنى له، بل نـزول الآية في الواقعة لا معنى له‌، إلا أنها المعنية بها، ولو على وجه العموم [محجة العلماء ص 258]

والمتحصل من البحث: أن الطرق‌ المثبتة‌ لنزول‌ الآيات تنحصر في أخبار وروايات الصحابة الذين شـاهدوا الوحـي وعاصروا نزوله، وعاشوا‌ الوقـائع‌ والحـوادث وظروفها، والتابعين الآخذين منهم، والعلماء المتخصصين الخبراء، وسيأتي البحث‌ عن‌ مدى‌ اعتبار هذه الروايات في الفقرة التالية من البحث.

3 ـ حجية رواياتها

إن الباحث‌ عن‌ أسباب النزول يلاحظ بوضوح اتسام رواياتها بالضعف أو عدم القـوة، عـند العلماء‌ حسب‌ ما‌ تقرره قواعد علم الرجال، بل يجد صعوبة في العثور على ما يخلو سنده‌ من‌ مناقشة رجالية في روايات الباب، وكذا تكون النتيجة الحاصلة من الجهد المبذول‌ حـول‌ أسـباب‌ النزول مـعرضاً للشك من قبل علماء مصطلح الحديث باعتبار أن رواياتها غير معتمدة حسب أصول‌ هذا‌ العلم أيضاً.

ونحن نستعرض هـنا ما قيل أو يمكن أن يقال من‌ وجوه‌ الاعتراض‌ على روايات أسـباب‌ النزول، ونحاول الاجابة بما يزيل الشك عن حجيتها حسب ما يوصلنا‌ الدليل‌، ووجوه الاعتراض اجمالاً هي:

الأول: ان روايـات ‌البـاب (موقوفة)

الثاني‌: ان روايات الباب (مرسلة)

الثالث: ان روايات الباب (ضعيفة)

 قالوا: ولا حجية لشيء مـن‌ هـذه‌ الثلاثة.

ومـع هذه المفارقات كيف يمكن الاعتماد على روايات‌ الباب؟ وبدونها كيف لنا أن نقف على معرفة الأسـباب؟

فلنذكر كلاً منها مع‌ الاجابة‌ عليه:

الوجه الأول‌: الاعتراض بالإرسال‌ والوقف‌ على الصحابة:

إن الحديث إذا‌ اتـصل‌ سنده إلى الصحابي، ولم يرفعه إلى النـبي صلى الله عليه وآله‌ وسلم‌ سمي «موقوفاً»، وهو‌ مرسل الصحابي، وبما‌ أن‌ الحديث إنما يكون حجة باعتبار‌ اتصاله‌ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكونه كلامه وكاشفاً عن مراده، فلا‌ يكون الموقوف كاشفاً كذلك، بـل‌ لا‌ يعدو من أن‌ يكون‌ رأياً للصحابي، ومن‌ المعلوم‌ أنه لا حجية فيه لنفسه.

والجواب عن ذلك:

أولاً: إن الصحابي‌ إنما‌ يذكر من أسباب النزول ما حضره‌ وشهده‌ أو نقله‌ عمن‌ كان‌ كذلك، فيكون كلامه‌ شهادة عن عـلم حـسي وقضية مشاهدة، وواقعة نزلت فيها الآية وهذا هو القدر المتقين‌ من‌ الروايات المقبولة في أسباب النزول، قال‌ الواحدي‌: لا‌ يحل القول في أسباب‌ النزول‌ إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسـباب وبـحثوا عن علمها [أسـباب النزول ص4]

وقال آخر: معرفة‌ سبب‌ النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا‌ [الاتقان ج1‌ ص114]

وقد‌ عرفنا‌ في‌ الفقرة‌ السابقة من هذا البحث أن من طرق معرفة أسباب النزول هي روايات الصـحابة.

اذن فما يذكره الصحابي في باب النزول إنما يكون عن علم وجداني حصل عندهم بمشاهدة القضايا، ووقوفهم على الأسباب، فيكون إخبارهم عنها من باب الشـهادة‌، لا مـن بـاب الرواية والحديث.

فلابد أن يكون حجة عـند مـن يـقول بعدالة الصحابي بقول مطلق، أو خصوص بعضهم، من دون حاجة إلى رفعها إلى النبي صلى‌ الله‌ عليه وآله وسلم، فهي من قبيل رواية الصحابة لأفعال الرسـول صلى الله عـليه آله وسلم التي شاهدوها، وحضروا صدورها منه، فنقلوها‌ بـخصوصياتها، فـهي حجة بالإجماع‌ من‌ دون حاجة إلى رفعها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

فكلام الصحابي في هذا الباب ليس حديثاً نبوياً كي يبحث فـيه عـن كـونه‌ مرسلا‌ً أو لا.

وقد قيد السيوطي‌ مرسل‌ الصحابي المختلف فيه بكونه «مـما علم أنه لم يحضره» [تدريب الراوي (ص115) عن المستدرك للحاكم، ونقله في (صـ116) عـن مـعرفة علوم الحديث للحاكم] ومعنى ذلك أن ما لم يحضروه ونقله، فلو كان فعلاً من أفعال النبي صلى الله عليه وآله سمي‌ مـرسلاً، وإلا فـلا حـاجة لتسميته «حديثاً» فضلاً عن وصفه بالإرسال، توضيح ذلك:

إن نزاعهم في مرسل الصـحابي إنـما هو في ما ذكره الصحابي من‌ الحوادث‌ التي لم‌ يشهدها ولم يحضرها، وأما ما يحضرها من الوقـائع وشـهدها مـن الحوادث، فإنها لا تكون داخلة‌ في النزاع المذكور، فإن ذلك ليس حديثاً مرسلاً، لأن‌ الصـحابي‌ لا‌ يـروي ولا ينقل شيئاً، وإنما يشهد بما حضره ورآه، وهو نزول الوحي في تلك الواقعة ‌‌وغيره‌ مـما يـرتبط بـالنزول، فلا يصح أن يقال أنه حدث وروي أو نقل‌ شيئاً‌ عن‌ النبي صلى الله عليه وآله، حتى يقال أنـه أرسـله ولم يرفعه.

ثانياً: وعلى‌ فرض كون كلام الصحابي في أسباب النزول حديثاً مروياً، نقول: إن‌ حـديث الصـحابي ـ في‌ خصوص‌ باب أسباب النزول ـ ليس موقوفاً ولا مرسلاً بل هو مسند مرفوع.

قال الحاكم النـيسابوري: ليـعلم طالب الحديث أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل، عند الشيخين، حديث مسند.

قال: ومشى على هذا أبو‌ الصلاح‌ وغـيره [تدريب‌ الراوي‌ ص115].

ومـراده بالشيخين: البخاري ومسلم.

وقال النووي ـ معلقاً على كلام الحاكم ـ: ذاك في تفسير ما يـتعلق بـسبب نـزول الآية [تقريب النواوي متن تدريب الراوي ص107]

أقول: صريح كلماتهم أن‌ حديث‌ الصحابي في مجال أسباب النزول يعد ـ حسب مصطلح الحـديث ـ «مـسنداً» والمـراد به: ما رفع واتصل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونسب إليه‌، وإن لم يصرح الصـحابي بـأنه أخذه منه صلى الله عليه وآله وسلم.

قال النووي: وأكثر ما يستعمل [أي المسند] فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم‌، دون غيره [تدريب‌ الراوي 107]

وقال‌ الحاكم‌ النيسابوري‌ وغيره: لا يستعمل «المسند» إلا في المرفوع المتصل [تدريب‌ الراوي 108]

وقـال السـيوطي ـ معلقاً على كلام الحاكم هذا ـ: حكاه‌ ابـن عـبد البـر عن قوم ـ من أهل‌ الحديث‌، وهو الأصـح، وليـس ببعيد من كلام الخطيب، وبه جزم شيخ ـ الإسلام [يعني ابن حجر] في‌ النـخبة [تدريب‌ الراوي 108]

وعـلى هذا، فتفسير الصحابي خاصة فـي مـوضوع‌ أسباب النـزول، هـو مـن الحديث المسند، بمعنى أنه محكوم بـالاتصال بـالنبي صلى الله عليه وآله وسلم‌ فيكون‌ مثله‌ في الحجية والاعتبار.

ثالثاً: لو فرضنا كون كلام الصـحابي فـي‌ هذا‌ الباب حديثاً مرسلاً، لكن ليـس ـ مرسل الصحابي كله مـردوداً وغـير حجة.

قال المقدسي: مراسيل‌ أصحاب‌ النـبي صلى الله عليه وآله وسلم، مقبولة عند الجمهور، والأمة اتفقت عـلى قـبول رواية ابن عـباس ونـظرائه من أصاغر‌ الصحابة‌ مـع‌ أكـثارهم، وأكثر روايتهم عن النبي صلى لله عليه وآله وسلم مراسيل [روضـة‌ الناظر‌ ص112]

وقال النووي‌ ـ بعد أن تعرض لحكم الحديث المرسل بـالتفصيل ـ: هـذا كله في غير مرسل‌ الصحابي‌، أمـا مـرسله فمحكوم بـصحته، على المـذهب الصحيح.

وقال السيوطي في شـرحه لهذا الكلام: «أما مرسله» كإخباره عن شيء فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم‌ أو‌ نحوه، مـما يـعلم أنه لم يحضره لصغر سنه أو تأخر اسـلامه «فـمحكوم بـصحته‌ على المـذهب‌ الصحيح» الذي قطع بـه الجـمهور من أصحابنا وغيرهم، وأطبق عليه‌ المحدثون‌ المشترطون للصحيح، القائلون بضعف المرسل، وفي الصحيحين من ذلك ما لا يـحصى [تدريب الراوي شرح تقريب النواوي 126]

ثـم‌، على فرض صدق «المرسل» على كلام الصحابي اصـطلاحاً، ولو‌ قـلنا‌ بـاعتبار مـرسلات الصـحابة تـلك التي لم يحضرها‌، كان‌ القول باعتبار مرسلاتهم التي حضروها لو سميت‌ بالمرسل‌ أولى كما لا يخفى.

رابعاً: ان الذي عرفناه في الفقرة السابقة هو‌ انحصار‌ طريق معرفة أسباب النزول بالأخذ‌ من‌ الصحابة، لان‌ أكـثر‌ الاسباب المعروفة للنزول انما هو مذكور‌ عن‌ طريقهم ومأخوذ من تفاسيرهم، لانهم وحدهم الحاضرون في الحوادث والمشاهدون للوحي‌ ونزوله‌، فلو شددنا التمسك بقواعد علم‌ الرجال ومصطلح الحديث، وطبقناها‌ على روايـات أسـباب النزول، لأدى‌ ذلك إلى سد باب هذا العلم.

وبما أنا أكدنا في صدر هذا البحث‌ على أهمية المعرفة بأسباب النزول فإن‌ من‌ الواضح‌ عدم صحة هذا‌ التشدد‌، وفساد ما ذكر‌ من‌ عـدم حـجية روايات الباب، ولا يكون ما ذكر في علمي الرجال والمصطلح مانعاً‌ من‌ الاخذ بأقوال الصحابة في الباب.

الوجه‌ الثاني‌: الاعتراض‌ بالإرسال‌ والوقف‌ على التابعين

لا‌ شـك أن مـا يرويه التابعي من دون رفع إلى مـن فـوقه من الصحابة أو وصله‌ ـ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم‌ يكون‌ «رأياً‌« خاصاً له‌، فلا يكون حجة من باب ـ كونه حديثاً نبوياً، لأنه لا يدخل تحت عـنوان «السـنة‌« ويسمى ـ في مصطلح درايـة الحديث ـ «بالموقوف» هذا ما لا بحث فيه.

وإنما وقع البحث فيما‌ يذكره التابعي ناقلاً له عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من دون توسيط الصحابي، فقال قوم بحجيته بـعد أن اعـتبروه من «السنة» و سموه «مرسلاً‌» أيضاً [تقريب النواوي المطبوع مع التدريب 118]

والوجه في التسمية هو أن التابعي والمراد به من تأخر عصره عن عصره صحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يرو عنه إلا مع‌ الواسطة‌ ـ إذا روى شيئاً عنه صلى الله عـليه وآله ورفـعه إليه، فـحديثه مرفوع، إلا أنه ليس متصلاً، بل هو مرسل‌، والواسطة محذوفة، وهي الصحابي‌ بالفرض‌، فيكون حديثه غير مسند، وقـد وقع الخلاف في حجية مرسلات التابعي مطلقاً غير ما يختص مـنها بـأسباب النزول.

أمـا في خصوص هذا الباب‌ فإنهم‌ اعتبروا الموقوف على التابعي‌ من‌ روايات النزول مرفوعاً حكماً، وقالوا: إن ما لم يرفعه ـ فـي‌ ‌هـذا الباب ـ هو بحكم المرفوع من التابعي، وإن كان مرسلاً، فيقع فيه البحث في‌ مرسلاته.

قـال السـيوطي ـ بـعد أن حكم بأن الموقوف على الصحابي في باب أسباب النزول بمنزلة المسند المرفوع منه ـ ما نـصه: ما تقدم أنه من قبيل المسند من الصحابي‌، إذا وقع‌ من تابعي فهو مـرفوع أيضاً، لكنه مرسل، فـقد يـقبل إذا صح المسند إليه، وكان‌ من أئمة التفسير والآخذين من الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير‌، أو‌ اعتضد بمرسل آخر، ونحو ذلك [الاتقان ج1 ص117]

اذن، ما ورد في باب أسباب النزول عن التابعين‌، ‌‌يعد‌ حديثاً مرفوعاً منسوباً إلى النـبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولو لم‌ يرفعه‌ التابعي‌ إليه، ولا إلى أحد من الصحابة، فيدخل في البحث عن حجية مرسل التابعي‌ ثم أن مرسل التابعي ليس بإطلاقه مرفوضاً.

قال الزركشي: في الرجوع إلى قول التابعي، روايتان‌ لأحـمد‌ واخـتار ابن عقيل المنع، وحكوه عن شعبة، لكن عمل المفسرين على خلافه، وقد حكوا في كتبهم أقوالهم [البرهان في علوم القرآن للزركشي ج2 ص158]

أقول: بل في غير المفسرين من يلتزم بحجية مراسيل‌ التابعين.

قال الطبري: أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل على قبول المرسل ولم يأت عنهم انكاره، ولا من أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المـائتين [تدريب الراوي ص120]

وبـين القائلين بحجية‌ المرسل‌، ثلاثة من أئمة الفقهاء، وهم أبو حنيفة ومالك و أحمد، أي خلا الشافعي.

قال النووي والسيوطي: «المرسل: حديث ضعيف» وقال مالك، في‌ المشهور عنه، وأبو حنيفة في طائفة مـنهم أحـمد فـي المشهور عنه: صحيح [تدريب الراوي ص120]

أقول: حـتى الشـافعي ـ القـائل بضعف المرسل ـ يقول باعتباره في بعض الظروف‌، كما‌ سيأتي.

ثم أن المرسل لو‌ كان‌ ضعيفا‌ً، فإن ذلك لا يعني تركه وعدم الاخذ به مطلقاً، بل هـناك طـرق مـؤدية إلى تقويته إلى حد الاعتبار.

قال‌ النووي‌: فإن صح مخرج المـرسل بـمجيئه من وجه آخر‌، مسنداً أو مرسلاً أرسله من أخذ من غير رجال الاول، كان صحيحاً.

وأضاف السيوطي عليه: هكذا نص‌ عليه‌ الشـافعي‌ فـي الرسـالة [تدريب الراوي ص120]

أقول: وهذه طريقة متداولة لتقوية الحديث‌ الضعيف بواسطة الشواهد والمـتابعات، كما سنذكر ذلك في جواب الوجه الثالث التالي.

الوجه الثالث: الاعتراض بضعف‌ روايات‌ الباب‌

إن الكثير من رواة أخبار الباب ضعفاء مـن النـاحية الرجـالية‌، وموهونون في نقل الحديث، فكثيراً ما نرى هذا السند في روايـات النـزول «... الكلبي عن‌ أبي‌ صالح...» وقد نقل السيوطي عن الحاكم النيسابوري في هذا السند أنه «أو‌ هي‌ أسـانيد ابـن ـ عـباس مطلقاً» ويقول فيه ابن حجر «هذه سلسلة الكذب» [تدريب الراوي ص106]

والجواب: ان ما ذكر صـحيح فـي الجـملة، الا أن ضعف سند حديث‌ ما‌ لا يعني ـ اطلاقاً ـ ضعف متنه، فإن من الممكن أن لا‌ يكون‌ المتن‌ ضـعيفاً بـل يـكون صحيحاً بسند‌ آخر‌، غير هذا السند الضعيف، تـوضيح ذلك:

قـال اللكهنوي: قولهم: «هذا حديث ضعيف» فمرادهم أنه لم تظهر لنا فيه شروط الصحة‌، لا‌ أنـه كـذب فـي نفس الامر، لجواز صدق الكاذب، واصابة من هو كثير الخطأ‌، هذا‌ هو القول الصـحيح الذي عـليه أكثر أهل العلم، كذا في شرح‌ الالفية‌ للعراقي، وغيره [الرفـع والتكميل في الجرح والتـعديل (ص136]

وقال أيضاً: كثيراً مـا يـقولون «لا يـصح» و «لا‌ يثبت هذا الحديث» ويظن منه من لا علم له: أنه‌ موضوع‌ أو ضعيف، وهو مبني على جهله‌ بـمصطلحاتهم‌، وعـدم وقوفه على مصرحاتهم، فقد قال‌ على القارئ: لا يلزم من عدم الثبوت وجود الوضـع [الرفـع والتكميل في الجرح والتـعديل ص137]

وقـال الدكـتور عتر: قد‌ يضعف السند ويصح المتن، لوروده‌ من طريق‌ آخر...‌ اذا‌ رأيت حديثاً بإسناد ضعيف، فـلك‌ أن‌ تـقول: «ضعيف بهذا الاسناد» وليس لك أن تقول: «هذا ضعيف» كما يفعله بعض‌ المتمجهدين فـي هذا‌ العلم‌ الشريف، تعين به ضعف‌ متن‌ الحديث، بناء على مجرد ذلك الاسناد!؟ فقد يكون مروياً بإسناد آخـر صحيح‌، يثبت بمثله الحديث [منهج النقد في علوم الحديث ص29]

اذن‌ فليس‌ كل‌ حديث ضعيف السند‌ باطلاً‌، مـوضوعاً، ضـعيف‌ المتن‌، بل هناك فرق بين ما يـكون اسـناده ضـعيفاً وبين ما يكون متنه ضعيفاً‌، وبين الحـديث المـتروك والحديث الموضوع، ومحل‌ التفصيل هو‌ علم‌ المصطلح‌ أو «دراية الحديث».

وقد قرر علماء الدرايـة والمـصطلح طرقاً يعرف بها أي الاحاديث الضـعيفة السـند لا يمكن‌ الاخـذ‌ بـها؟ وأيـها يؤخذ بها من وجوه‌ أخر؟‌

قـال‌ النـووي‌ والسيوطي ـ وقد‌ جمعنا‌ بين كلامهما متناً بين الاقواس وشرحاً خارجها: إذا ورد الحديث مـن وجـوه ضعيفة، لا‌ يلزم‌ أن‌ يحصل من مـجموعها حسن.

[والمراد من‌ قوله‌: (لا‌ يـلزم...‌) أنـه ليس ضرورياً لصيرورة الحديث الضـعيف حـديثاً حسناً أن يلتزم بأن الاسانيد تقوي بعضها بعضاً، وليس بحاجة إلى كثرة فيها، حتى تـصل إلى درجـة‌ الحسن، بل يكفي الاقل مـن ذلك، كـطريق واحـد آخر، كما يـشرحه في الفقرات التالية]

قالا: بـل:

1 ـ مـا كان ضعفه راوية الصدوق‌ الامين‌، زال بـمجيئه مـن وجه آخـر، وصـار حسناً.

2 ـ (وكـذا إذا كان ضعفها لإرسال) أو تـدليس، أو جهالة‌ رجال‌، كما زاده شيخ الاسلام‌ [ابن حجر] (زال بمجيئه من وجه آخر) وكان دون الحسن لذاته.

3 ـ (وأما الضـعف لفـسق الراوي) أو كذبه‌ (فلا يؤثر فيه موافقة‌ غـيره‌) له اذا كـان الآخـر مـثله، نـعم يرتقي بمجموع طـرقه مـن كونه منكراً لا أصل له، صرح به شيخ الاسلام، قال:

4 ـ بل ربما‌ كثرت‌ الطرق، حتى أوصلته إلى درجة المـستور السـيئ الحـفظ بحيث اذا وجد له طريق آخر فيه ضعف قـريب مـحتمل، ارتـقى بـمجموع ذلك إلى درجـة الحـسن [تدريب الراوي بشرح تـقريب‌ النـواوي‌ ص104]

أقول: ومن‌ هذا‌ الباب تقوية‌ الحديث بالشواهد والمتابعات، فقد يردف الحديث بما يسمى (شاهداً) فيقال: يشهد له حديث‌ كذا، أو بما يسمى (متابعة) فيقال: (تابعه‌ على حديثه فلان) وتـوضيحه:

ان الشاهد هو حديث مروي عن صحابي آخر يشبه الحديث الذي ‌‌يظن‌ تفرد الصحابي الأول به، سواء شابهه في اللفظ والمعنى أو في المعنى‌ فقط ‌[منهج النقد ص418]

والمتابعة: أن يوافق راوي الحديث على ما رواه من قبل راو آخر، فـيرويه‌ الثـاني عن شيخ الأول أو عن من فوقه من الشيوخ [منهج النقد ص418]

والمقصود بالشواهد‌ والمتابعات، كما أسلفنا‌، هو تقوية الحديث ورفع درجته من الضعف إلى الحسن، أو من الحسن إلى الصحة.

مثاله ما ذكره السيوطي، بعد أن روى حديثاً فـي شـأن نزول آية، سنده هكذا‌: «ابن مردويه، من طريق ابن اسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد، عن ابن عباس» قال السيوطي: اسناده حسن، وله شاهد عند ابي الشيخ، عن‌ سعيد بن جبير، يرتقي به إلى درجة الصحيح [الاتقان ج1 ص120]

ثم لا يخفى ان بعضهم اعتبر عدم المـتابعة للحـديث طعناً في الراوي.

قال البـخاري فـي ترجمة «أسماء بن‌ الحكم‌ الفزاري»: لم يرو عنه إلا هذا الحديث، وحديث آخر لم يتابع [تهذيب التهذيب ج1 ص267]

لكن لا يصح هذا الطعن:

قال المزي: هذا [أي عدم‌ وجود‌ المتابعة] لا يقدح في صحة‌ الحديث‌، لأن وجود المتابعة ليس شـرطاً فـي صحة كل حديث صحيح [نـقله في هامش الرفع والتكميل ص122]

وقال الذهبي: بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان‌ أرفع‌ وأكمل‌ رتبة، وأدل على اعتنائه بعلم الأثر وضبطه‌ ـ دون أقرانه ـ لأشياء ما عرفوها.

وان تفرد الثقة المتقن، يعد صحيحاً غريباً

وقـال اللكـهنوي: ربما‌ يـطعن‌ العقلي‌ أحداً ويجرحه بقوله: «فلان لا يتابع على حديثه‌ »فهذا ليس من الجرح في شيء، وقد رد عليه العـلماء في كثير من المواضع بجرحه الثقات‌ بذلك‌ [ميزان الاعتدال‌ج2‌ ص231]

وأما ما نقل عـن الحـاكم وابـن حجر حول «أو هي‌ أسانيد‌ ابن عباس» فنجيب عنه:

أولاً: ان التمثيل لأوهى أسانيد ابن عباس بهذا‌ السند‌ لم‌ يـرد ‌ ‌فـي كتاب الحاكم النيسابوري أصلاً، فقد ذكر أمثلة لأوهى الأسانيد‌ في‌ كتابه «معرفة عـلوم الحـديث» ولم يـرد فيها هذا السند.

وقد نبه الشيخ الدكتور‌ نور‌ الدين‌ عتر إلى هذا، وأشار في هامش كتابه القـيم «منهج النقد في علوم‌ الحديث» إلى كتاب الحاكم «معرفة علوم الحديث: ص 56ـ58» وقال: إلا‌ المثال الأخير، فليتنبه [منهج‌ النقد‌ ص288 الهـامش 1]

أقول: وهذا تنبيه جليل إلى وقوع‌ التصحيف‌ في‌ النقل عن الحاكم، حيث زيد في المنقول عـنه التمثيل لأوهى الأسانيد بهذا السند «الكلبي‌، عن ابي صالح، عن ابن عباس».

وقد وردت هذه الزيادة‌ في‌ كتاب السيوطي نقلاً عن الحاكم [تـدريب‌ الراوي‌ ص106‌]

لكن السيوطي المعروف بكثرة النقل عن من سبقه في التـأليف‌ مـن‌ دأبه الاشارة إلى انتهاء النقل قبل أن يضيف عليه شيئاً ويصرح بأن‌ الزيادة‌ من عند نفسه، وهذا يؤيد أن‌ تكون‌ زيادة‌ هذا السند من عبث بعض المحرفين.

وثانياً‌: ان الكلبي ليس بتلك المثابة مـن الضـعف والوهن، وخاصة إذا كان راوياً‌ عن‌ أبي صالح، عن ابن‌ عباس‌، وبالأخص‌ في‌ مجال «تفسير القرآن».

قال الحافظ‌ الرجالي‌ الناقد، أبو أحمد ابن عدي في كتابه «الكامل» المعد‌ لذكر‌ الضـعفاء مـا نصه: للكلبي أحاديث‌ صالحة وخاصة عن أبي‌ صالح‌ وهو معروف بالتفسير، وليس‌ لأحد‌ تفسير أطول منه ولا أشبع فيه، وبعده مقاتل بن سليمان إلا أن‌ الكلبي‌ يفضل على مقاتل، لما‌ فـي‌ مـقاتل‌ مـن المذاهب الرديئة‌ [البرهان للزركشي ج2 ص159] وقد ذكره ابـن حـبان‌ فـي «الثقات» [لسان الميزان ج7 ص359]

وقال ابن حجر في ترجمته: قال ابن عدي: «رضوه في التفسير» [لسان الميزان (ج7 ص359]

وعلى‌ هذا‌، فهل‌ يصح‌ أن‌ يقال في حديث الكـلبي‌، وخـاصة فـي التفسير وأسباب النزول أن سنده «أوهى الأسانيد» أو «سلسلة‌ الكـذب»؟

أليـس هذا من التناقض‌ الواضح؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) مؤسسه تحقيقات ونشر معارف أهل البيت (عليهم السلام)، بتصرّف يسير.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/27   ||   القرّاء : 16983





 
 

كلمات من نور :

القرآن ربيع القلوب .

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 تجلّي آيات من القرآن الكريم في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)

 الامام الحسن (عليه السلام) بين جهل الخواص وخذلان العوام

 ظاهرة الحروف المقطعة في فواتح سور القرآن - درس التفسير 1

 التدبر المضموني والبنيوي في الحروف المقطعة - الدرس 2

 ذكر فضائل علي اقتداءٌ برسول الله

 وفد من الكويت في زيارة للدار

 رئيس القساوسة في جورجيا يزور دار السيدة رقية (ع)

 دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم تحقق المركز الأول لجائزة 114 القرآنية العالمية

 الختمة القرآنية المجوّدة للدكتور القارئ رافع العامري

 المصحف المرتل بصوت القارئ الحاج مصطفى آل إبراهيم الطائي

ملفات متنوعة :



 حديث الدار (3)

 أسلاف النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أسلافٌ ساجدون *‏

 خلاصة التجويد: الإصدار السابع من سلسلة المناهج التعليمية

 لمحة عابرة عن الإمام الصادق (ع) والقرآن

 90 ـ في تفسير سورة البلد

 أول ترجمة صحيحة للقرآن الكريم تظهر إلى النور بعد سبعة عشر عاما

 القاسم بن الحسن السبط في مواجهة الأعداء *

 تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 5 *

 صاحب تفسير البرهان

 وقفة فاحصة عند لفظة ( فلا جناح عليه ) من آية السعي

إحصاءات النصوص :

  • الأقسام الرئيسية : 13

  • الأقسام الفرعية : 71

  • عدد المواضيع : 2213

  • التصفحات : 15417354

  • التاريخ : 29/03/2024 - 06:10

المكتبة :

. :  الجديد  : .
 الميزان في تفسير القرآن (الجزء العشرون)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثامن عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السادس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الرابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثالث عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثاني عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الحادي عشر)



. :  كتب متنوعة  : .
 نظم تحفة الفتيان في رسم القرآن

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء الخامس)

 الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)

 التغني بالقرآن

 دروس في علوم القرآن

 تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ـ ج 1

 تفسير آية الكرسي ج 1

 التفسير البنائي للقرآن الكريم – ج 3

 تفسير النور - الجزء الثالث

 علل الوقوف

الأسئلة والأجوبة :

. :  الجديد  : .
 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم



. :  أسئلة وأجوبة متنوعة  : .
 تفسير الآية 43من سورة النور

 هل يجوز تلاوة الايات بدون وضوء؟

 لماذا توجد ضمة على الواو لكلمة {اشْتَرَوُا} ولا توجد على كلمة {خَلَوْا} و {مَشَوْا} توجد سكون في بداية سورة البقرة؟

  معنى قوله تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا)؟

 هل هذه الآية تعبر عن العنف في الإسلام ؟

 هل صحيح أن القرآن الحالي الموجود لدينا محرف وهل الرواية التي تدل على وجود 17 ألف آية في القرآن صحيحة ؟

 المراتب وعلاقاتها في القرآن الكريم

 ما معنى التقوى؟ وما هي مراحلها وأقسامها وآثارها؟

 ماهي الثلاث سور اللتي تريك القيامة راي العين؟

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

الصوتيات :

. :  الجديد  : .
 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الأول

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الأول

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الثاني

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الأول



. :  الأكثر إستماع  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (24560)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (12749)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (9630)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (9058)

 الدرس الأول (8106)

 الشیخ الزناتی-حجاز ونهاوند (7829)

 سورة الحجرات وق والانشراح والتوحيد (7301)

 الدرس الأوّل (7293)

 آل عمران من 189 إلى 195 + الكوثر (7293)

 درس رقم 1 (7228)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (6592)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (4836)

 مقام النهاوند ( تلاوة ) محمد عمران ـ الاحزاب (4080)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (3832)

 سورة البقرة والطارق والانشراح (3528)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (3357)

 الدرس الأول (3198)

 تطبيق على سورة الواقعة (3057)

 الرحمن + الواقعة + الدهر الطور عراقي (3023)

 الدرس الأوّل (2968)



. :  ملفات متنوعة  : .
 الجزء 11 - الحزب 21 - القسم الأول

 الفجر

 ق

 الجزء الرابع والعشرون

 الصفحة 570 (ق 1)

 الجزء 10 - الحزب 19 - القسم الأول

 سورة غافر

 سورة العلق

 الصفحة 582

 الصفحة 305

الفيديو :

. :  الجديد  : .
 الأستاذ السيد نزار الهاشمي - سورة فاطر

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم



. :  الأكثر مشاهدة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (8839)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (8246)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (7338)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (7010)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (6816)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (6680)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (6606)

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار (6581)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (6578)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (6354)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (3045)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (2746)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (2561)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (2369)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع (2287)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (2284)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (2240)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (2239)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (2230)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (2226)



. :  ملفات متنوعة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع

 سورة الرعد 15-22 - الاستاذ رافع العامري

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 خير النبيين الهداة محمد ـ فرقة الغدير

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم

 سورة الذاريات ـ الاستاذ السيد محمد رضا محمد يوم ميلاد الرسول الأكرم(ص)

 سورة الانفطار، التين ـ القارئ احمد الدباغ

















 

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net