00989338131045
 
 
 
 

  • الصفحة الرئيسية لقسم النصوص

التعريف بالدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • من نحن (2)
  • الهيكلة العامة (1)
  • المنجزات (15)
  • المراسلات (0)
  • ما قيل عن الدار (1)

المشرف العام :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرته الذاتية (1)
  • كلماته التوجيهية (14)
  • مؤلفاته (4)
  • مقالاته (71)
  • إنجازاته (5)
  • لقاءاته وزياراته (14)

دروس الدار التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (6)
  • الحفظ (14)
  • الصوت والنغم (11)
  • القراءات السبع (5)
  • المفاهيم القرآنية (6)
  • بيانات قرآنية (10)

مؤلفات الدار ونتاجاتها :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • المناهج الدراسية (7)
  • لوائح التحكيم (1)
  • الكتب التخصصية (8)
  • الخطط والبرامج التعليمية (6)
  • التطبيقات البرمجية (11)
  • الأقراص التعليمية (14)
  • الترجمة (10)
  • مقالات المنتسبين والأعضاء (32)
  • مجلة حديث الدار (51)
  • كرّاس بناء الطفل (10)

مع الطالب :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مقالات الأشبال (36)
  • لقاءات مع حفاظ الدار (0)
  • المتميزون والفائزون (14)
  • المسابقات القرآنية (22)
  • النشرات الأسبوعية (48)
  • الرحلات الترفيهية (12)

إعلام الدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الضيوف والزيارات (160)
  • الاحتفالات والأمسيات (75)
  • الورش والدورات والندوات (62)
  • أخبار الدار (33)

المقالات القرآنية التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علوم القرآن الكريم (152)
  • العقائد في القرآن (62)
  • الأخلاق في القرآن (163)
  • الفقه وآيات الأحكام (11)
  • القرآن والمجتمع (69)
  • مناهج وأساليب القصص القرآني (25)
  • قصص الأنبياء (ع) (81)

دروس قرآنية تخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (17)
  • الحفظ (5)
  • القراءات السبع (3)
  • الوقف والإبتداء (13)
  • المقامات (5)
  • علوم القرآن (1)
  • التفسير (16)

تفسير القرآن الكريم :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علم التفسير (87)
  • تفسير السور والآيات (175)
  • تفسير الجزء الثلاثين (37)
  • أعلام المفسرين (16)

السيرة والمناسبات الخاصة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • النبي (ص) وأهل البيت (ع) (104)
  • نساء أهل البيت (ع) (35)
  • سلسلة مصوّرة لحياة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) (14)
  • عاشوراء والأربعين (45)
  • شهر رمضان وعيد الفطر (19)
  • الحج وعيد الأضحى (7)

اللقاءات والأخبار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • لقاء وكالات الأنباء مع الشخصيات والمؤسسات (40)
  • لقاء مع حملة القرآن الكريم (41)
  • الأخبار القرآنية (98)

الثقافة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الفكر (2)
  • الدعاء (16)
  • العرفان (5)
  • الأخلاق والإرشاد (18)
  • الاجتماع وعلم النفس (12)
  • شرح وصايا الإمام الباقر (ع) (19)

البرامج والتطبيقات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البرامج القرآنية (3)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة









 
 
  • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .

        • القسم الفرعي : علوم القرآن الكريم .

              • الموضوع : الإعجاز القرآني (5) .

الإعجاز القرآني (5)

الشيخ محمد هادي معرفة (ره)

تتمة آراءٌ ونظراتٌ عن إعجاز القرآن

(ثانياً) الإعجاز في دراسات اللاحقين:

قد يقال: كم ترك الأَوّل للآخر! وأُخرى يُقال: ما ترك الأَوّل للآخر، فإن كان في المَثل الأَوّل جزاف، فإنّ في المَثل الثاني مبالغة ظاهرة، نعم، كان الأوائل قد مهّدوا السُبل لدراسات الآخرين وأسّسوا وأبدعوا وحازوا قَصَب السَبق، وجاء اللاحقون ليستمرّوا على أَثرهم على الطريقة المُعبّدة من ذي قبل، لكنّهم زادوا ونقّحوا وهذّبوا؛ وبذلك نضجت الأفكار وتوسّعت العقول واكتملت الآراء والأنظار.

أمّا الذي زاده الخَلف على السَلف في مسألة (إعجاز القرآن) فهو الذي لَمسوه من تناسق نَظمه البديع وتناسب نَغمه الرفيع كانت لأجراس صوته الرصيف رنّة، ولألحان موسيقاه اللطيف نَسمة ونفحة قُدسية ملكوتية ذات جذوة وجذبة، لا يُوجد لها مثيل في أيّ توقيع من تواقيع الموسيقى المعهودة ذات الأشكال والألوان المعروفة.

إنّه منتظم على أوزان لا كأوزان الشعر، وعلى قوافي السجع وليس بسجع، ففيه خاصّية النَظم وهو نثر، فهو كلام منظوم ومنثور في نفس الوقت، كما هو مُسجّع ومُقفّى أيضاً في عين الحال، ومع ذلك فهو ليس بأحدهما، وإنّما هو كلام فريد في نوعه وفذّ في أُسلوبه، إنّه كلام الله فوق كلام المخلوقينَ.

هذا هو الذي أحسّته أَرباب الفنون وأصحاب الأذواق الظريفة بشأن القرآن الكريم إذا تُليت آياته على نهجها الأصيل ذات روعة وخلابة، كما قال قائلهم: إنّ له لحلاوةً وإنّ عليه لطلاوةً.

١ ـ سيّد قطب:

كَتب سيّد قطب في كتابه (التصوير الفنّي) فصلاً عن الإيقاع الموسيقي في القرآن، وذَكَر أنّ الموسيقيّ المبدع الأُستاذ محمّد حسن الشجاعي تفضّل بمراجعته وضبط بعض المصطلحات الفنّية الموسيقية عليه... جاء فيه:

إنّ هذا الإيقاع متعدّد الأنواع، ويتناسق مع الجوّ، ويؤدّي وظيفةً أساسيةً في البيان.

قال: ولمّا كانت هذه الموسيقى القرآنية إشعاعاً للنظم الخاصّ في كلّ موضع، وتابعةً لقصر الفواصل وطولها، كما هي تابعة لانسجام الحروف في الكلمة المفردة، ولانسجام الألفاظ في الفاصلة الواحدة... فإنّنا نُؤثر أن نتحدّث عن هذه الظواهر كلّها مجتمعة.

جاء في القرآن الكريم ﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ﴾ [يس: ٦٩].

وجاء فيه حكاية عن كفّار العرب: ﴿بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ﴾ [الأنبياء: ٥].

وصدق القرآن الكريم، فليس هذا النسق شعراً، ولكن العرب كذلك لم يكونوا مجانين ولا جاهلين بخصائص الشعر، يوم قالوا عن هذا النسق العالي: إنّه شعر!

لقد راعَ خيالهم بما فيه من تصويرٍ بارع، وسَحر وجدانَهم بما فيه من منطقٍ ساحر، وأخذ أسماعهم بما فيه من إيقاعٍ جميل، وتلك خصائص الشعر الأساسية إذا نحن أغفلنا القافية والتفاعيل.

على أنّ النسق القرآني قد جمع بين مزايا النثر والشعر جميعاً، فقد أعفى التعبير من قيود القافية الموحّدة والتفعيلات التامّة، فنالَ بذلك حرّيّة التعبير الكاملة عن جميع أَغراضه العامّة، وأخذ في الوقت ذاته من خصائص الشعر، الموسيقى الداخلية، والفواصل المتقاربة في الوزن التي تُغني عن التفاعيل، والتقفية التي تُغني عن القوافي، وضمّ ذلك إلى الخصائص التي ذَكرنا، فشأن النثر والنظم جميعاً [يقول الدكتور طه حسين: إنّ القرآن ليس شعراً وليس نثراً، إنّما هو قرآن! ولسنا في حاجة إلى هذا اللعب بالعبارات، فالقرآن نثر متى احتكمنا للاصطلاحات العربيّة كما ينبغي، ولكنّه نوع مُمتاز مُبدع من النثر الفنّي الجميل المتفرّد].

وحيثما تلا الإنسانُ القرآنَ أحسّ بذلك الإيقاع الداخلي في سياقه، يَبرز بروزاً واضحاً في السور القِصار، والفواصل السريعة، ومواضع التصوير والتشخيص بصفة عامة، ويتوارى قليلاً أو كثيراً في السور الطوال، ولكنّه على كلّ حال ملحوظ دائماً في بِناء النظم القرآني [التصوير الفنّي في القرآن: ٨٠].

 

٢ - مصطفى محمود:

وقال الأُستاذ مصطفى محمود: لقد اكتشفت منذ الطفولة دون أن أدري حكاية الموسيقى الداخلية الباطنة في العبارة القرآنية، وهذا سرّ مِن أعمق الأسرار في التركيب القرآني، إنّه ليس بالشعر وبالنثر ولا بالكلام المسجوع، وإنّما هو مِعمار خاصّ من الألفاظ صُفّت بطريقة تكشف عن الموسيقى الباطنة فيها.

وفرق كبير بين الموسيقى الباطنة والموسيقى الظاهرة.

وكمَثلٍ نأخذ بيتاً لشاعر عمر بن أبي ربيعة، اشتهر بالموسيقى في شعره... البيت الذي يَنشد فيه:

قال لي صاحِبي ليَعلَمَ ما بي

أَتُحبُّ القتولَ أُختَ الربابِ؟

أنت تسمع وتطرب وتهتزّ على الموسيقى، ولكنّ الموسيقى هنا خارجية صنعها الشاعر بتشطير الكلام في أشطار متساوية ثُمّ تقفيل كلّ عبارة تقفيلاً واحداً على الباء الممدودة.

الموسيقى تصل إلى أُذُنك من خارج العبارة وليس من داخلها، من التقفيلات (القافية) ومن البحر والوزن.

أمّا حينما تتلو: ﴿وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ١ و٢] فأنت أمام شطرة واحدة... وهي بالتالي تخلو من التقفية والوزن والتشطير، ومع ذلك فالموسيقى تقطر من كلّ حرف فيها، من أين، وكيف؟

هذه هي الموسيقى الداخلية، والموسيقى الباطنة سرّ من أسرار المِعمار القرآني، لا يشاركه فيه أيّ تركيب أدبي.

وكذلك حينما تقول: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، وحينما تتلو كلمات زكريّا لربّه: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً﴾ [مريم: ٤]، أو كلمة الله لموسى: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى﴾ [طه: ١٥]، أو كلمته تعالى - وهو يتوعّد المجرمين -: ﴿إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيى﴾ [طه: ٧٤].

كلّ عبارة بنيان موسيقيّ قائم بذاته يَنبع فيه الموسيقيّ من داخل الكلمات ومن ورائها ومِن بينها، بطريقة محيّرة لا تدري كيف تتم؟!

وحينما يروي القرآن حكاية موسى بذلك الأسلوب السيمفوني المُذهل: ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخَافُ دَرَكاً وَلا تَخْشَى * فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ * وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى﴾ [طه: ٧٧ - ٧٩].

كلماتٌ في غاية الرقّة مثل (يَبَسا) أو (لا تَخاف دركاً) بمعنى لا تخاف إدراكاً، إنّ الكلمات لتذوب في يد خالقها وتصطفّ وتتراص في مِعمار ورَصف موسيقيّ فريد، هو نسيجٌ وحده بين كلّ ما كتب بالعربية سابقاً ولاحقاً، لا شَبَه بينه وبين الشعر الجاهلي، ولا بينه وبين الشعر والنثر المُتأخّر، ولا محاولة واحدة للتقليد حفظها لنا التاريخ، برغم كثرة الأعداء الذين أرادوا الكيد للقرآن.

في كلّ هذا الزُحام تبرز العبارة القرآنية منفردةً بخصائصها تماماً، وكأنّها ظاهرة بلا تبرير ولا تفسير، سِوى أنّ لها مصدراً آخر غير ما نعرف.

اسمع هذا الإيقاع المُنغّم الجميل:

﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ﴾ [غافر: ١٥]، ﴿فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ * فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً﴾ [الأنعام: ٩٥ و٩٦] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غافر: 19]، ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ [الأنعام: ١٠٣]،﴿وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الأعراف: ٨٩].

ثمّ هذه العبارة الجديدة في تكوينها وصياغتها، العميقة في معناها ودلالتها على العجز عن إدراك كنه الخالق:

﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ [الرعد: ٩]، ﴿يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣].

ثم هذا الاستطراد في وصف القدرة الإلهية:

﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩].

ولكن الموسيقى الباطنية ليست هي كلّ ما انفردت به العبارة القرآنية، وإنّما مع الموسيقى صفة أُخرى هي الجلال!

وفي العبارة البسيطة المقتضبة التي روى بها الله نهاية قصّة الطوفان، تستطيع أن تلمس ذل الشيء الهائل الجليل في الألفاظ:

﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ﴾ [هود: ٤٤].

تلك اللمسات الهائلة... كلّ لفظ له ثقل الجبال ووقع الرعود... تنزل فإذا كلّ شيء صمت، سكون، هدوء، وقد كفّت الطبيعة عن الغضب، ووصلت القصّة إلى ختامها: ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ﴾.

إنّك لتشعر بشيء غير بشريّ تماماً في هذه الألفاظ الهائلة الجليلة المنحوتة من صخر صَوَّان، وكأنّ كلّ حرف فيها جبل الألب، لا يُمكنك أن تغيّر حرفاً أو تستبدل كلمةً بأُخرى، أو تؤلّف جملةً مكان جملة، تُعطي نفس الإيقاع والنغم والحركة والثقل والدلالة، وحاولْ وجرّبْ لنفسك في هذه العبارة البسيطة ذات الكلمات العشر، أن تُغيّر حرفاً أو تستبدل كلمةً بكلمة!

ولهذا وقعت العبارة القرآنية على آذان عرب الجاهلية الذين عشقوا الفصاحة والبلاغة وقع الصاعقة!

ولم يكن مُستَغرباً من جاهليٍّ مثل الوليد بن المغيرة ـ عاش ومات على كفره ـ أن يَذهل، وأن لا يستطيع أن يكتم إعجابه بالقرآن، برغم كفره فيقول، وقد اعتبره من كلام مُحمّد:

والله إنّ لقوله لحلاوةً، وإنّ عليه لطلاوةً، وإنّ أعلاه لمثمر، وإنّ أسفله لمُغدق، وإنّه يعلو ولا يُعلى عليه.

ولمّا طلبوا منه أن يسبّه قال: قولوا ساحر جاء بقولٍ يُفرّق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته.

إنّه السِحر حتّى على لسان العدوّ الذي يبحث عن كلمة يسبّه بها.

وإذا كانت العبارة القرآنية لا تقع على آذاننا اليوم موقع السِحر والعَجب والذهول فالسبب؛ هو التعوّد والأُلفة والمُعايشة منذ الطفولة والبَلادة والإغراق في عامّية مُبتذلة أبعدتنا عن أُصول لغتنا، ثُمّ أُسلوب الأداء الرتيب المُملّ الذي نسمعه من مُرتِّلينَ محترفين يكرّرون السور من أوّلها إلى آخرها بنبرة واحدة، لا يختلف فيها موقف الحزن من موقف الفرح من موقف الوعيد من موقف البُشرى من موقف العِبرة، نبرة واحدة رتيبة تموت فيها المعاني وتتسطّح العبارات.

وبالمِثل بعض المشايخ ممّن يقرأ القرآن على سبيل اللعلعة دون أن ينبض شيء في قلبه، ثُمّ المناسبات الكثيرة التي يُقرأ القرآن فيها روتينيّاً، ثُمّ الحياة العصرية التي تعدّدت فيها المشاغل وتوزّع الانتباه وتحجّر القلب وتعقّدت النفوس وصَدِئت الأرواح.

وبرُغم هذا كلّه فإنّ لحظة صفاء ينزع الواحد فيها نفسه من هذه البيئة اللزجة، ويرتدّ فيها طفلاً بِكراً وترتدّ له نفسه على شفّافيّتها، كفيلة بأن تُعيد إليه ذلك الطعم الفريد والنكهة المُذهلة والإيقاع المُطرب الجميل في القرآن، وكفيلة بأن توقفه مَذهولاً من جديد بعد قرابة ألف وأربعمِئة سنة من نزول هذه الآيات وكأنّها تُنزل عليه لَسَاعتها وتوّها.

اسمع القرآن يصف العلاقة الجنسية بين رجل وامرأة بأُسلوب رفيع وبكلمة رقيقة مُهذّبة فريدة لا تجد لها مثيلاً ولا بديلاً في أيّة لغة: ﴿فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً﴾ [الأعراف: ١٨٩]، هذه الكلمة (تغشّاها)... تَغَشّاها رَجُلها... أن يمتزج الذكر والأُنثى كما يمتزج ظِلاّن وكما يغشى الليل النهار وكما تذوب الألوان بعضها في بعض، هذا اللفظ العجيب الذي يُعبِّر به القرآن عن التداخل الكامل بين اثنين هو ذَروةٌ في التعبير.

وألفاظ أُخرى تَقرأها في القرآن فتترك في السمع رنيناً وأصداءً وصوراً حينما يُقسم الله بالليل والنهار فيقول: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ [التكوير: ١٧ و١٨]، هذه الحروف الأربعة (عسعس) هي الليل مُصوّراً بكلّ ما فيه، ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ إنّ ضوء الفجر هنا مرئيّ ومسموع، إنّك تكاد تسمع زقزقة العصفور وصيحة الديك.

فإذا كانت الآيات نذير الغضب وإعلان العقاب فإنّك تسمع الألفاظ تتفجّر، وترى المِعمار القرآني كلّه له جَلجلة، اسمع ما يقول الله عن قوم عاد:

﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦ و٧]، إنّ الآيات كلّها تَصرّ فيها الرياح وتَسمع فيها اصطفاق الخيام وأعجاز النخل الخاوي وصورة الأرض الخراب.

والصور القرآنية كلّها تجدها مرسومةً بهذه اللمسات السريعة والظِلال المُحكمة والألفاظ التي لها جَرس وصوت وصورة.

ولهذه الأسباب مجتمعه كان القرآن كتاباً لا يُترجم، إنّه قرآن في لغته، أمّا في اللغات الأخرى فهو شيء آخر غير القرآن. ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ [يوسف: ٢] وفي هذا تحديد فاصل.

وكيف يُمكن أن تُترجم آية مثل: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، إنّنا لسنا أمام معنى فقط، وإنّما نحن بالدرجة الأُولى أمام مِعمار، أمام تكوين وبناء، تنبع فيه الموسيقى من داخل الكلمات، مِن قَلبِها لا من حواشيها، من خصائص اللغة العربية وأسرارها وظِلالها وخوافيها.

ولهذا انفردت الآية القرآنية بخاصّية عجيبة، إنّها تُحدث الخشوع في النفس بمجرّد أن تلامس الأُذن وقبل أن يتأمّل العقل معانيها؛ لأنّها تركيب موسيقيّ يُؤثّر في الوجدان والقلب لتوّه ومن قبل أن يبدأ العقل في العمل، فإذا بدأ العقل يُحلّل ويتأمّل فانّه سوف يكتشف أشياء جديدة وسوف يزداد خشوعاً، ولكنّها مرحلة ثانية قد تَحدث وقد لا تحدث، وقد تكشف لك الآية عن سرّها وقد لا تكشفه، وقد تُؤتى البصيرة التي تُفسّر بها معاني القرآن وقد لا تُؤتى هذه البصيرة. ولكنك دائماً خاشع؛ لأنّ القرآن يُخاطبك أَوّلاً كمعمار فريد من الكلام.. بنيان.. فريد.. طراز من الرصف يُبهر القلب... ألقاه عليك الذي خَلق اللغة ويعرف سرّها... [القرآن محاولة لفهم عصري، مصطفى محمود: فصل (المعمار القرآني): ص١٢ – ١٩، دار المعارف بمصر - سنة ١٩٧٦].

٣ - محمّد درّاز:

وللدكتور محمّد عبد الله درّاز نظرة مشابهة، يَجعل من إعجاز القرآن في قشرته السطحية في جانبَي جماله التوقيعي وجماله التنسيقي الى جنب محتواه من جلائل أسرار، فإنّه جلّت قدرته أجرى سنّته في نظام هذا الكون أن يغشى جلائل أسراره بأستار زاهية بمُتعةٍ وجمال.

قال: إنّك إذا استمعت إلى القارئ المُجوِّد يقرأ القرآن يُرتّله حقّ ترتيله نازلاً بنفسه على هوى القرآن، وليس نازلاً بالقرآن على هوى نفسه ستجد اتّساقاً وائتلافاً يسترعي من سمعك ما تسترعيه الموسيقى والشعر، على أنّه ليس بأنغام الموسيقى ولا بأوزان الشعر، وستجد شيئاً آخر لا تجده في الموسيقى ولا في الشعر؛ ذلك أنك تسمع القصيدة من الشعر فإذا هي تتشابه أهواؤها وتذهب مذهباً متقارباً، فلا يلبث سمعك أن يَمجّها، وطبعك أن يملّها، إذا أُعيدت وكُرّرت عليك بتوقيع واحد: بينما أنت من القرآن أبداً في لحن متنوّع متجدّد، تنقل فيه بين أسباب وأوتاد وفواصل [مصطلحات موسيقية: الحَرف المُتحرّك يتلوه حرف ساكن يقال لها (سبب خفيف)، والحرفان المتحرّكان يتلوهما ساكن (وتد مجموع)، والحرفان المُتحرّكان لا يتلوهما ساكن (سبب ثقيل)، والحرفان المتحرّكان يَتوسّطهما ساكن (وتد مفروق)، وثلاثة أحرف متحرّكة (فاصلة صغيرة)، وأربعة أحرف متحرّكة يعقبها ساكن (فاصلة كبيرة)] على أوضاع مختلفة يأخذ منها كلّ وَتَر من أوتار قلبك بنصيب سواء، فلا يعروك منه على كثرة ترداده مَلالة ولا سأم، بل لا تفتأ تطلب منه المزيد.

هذا الجمال التوقيعي في لغة القرآن لا يخفى على أحد ممّن يسمع القرآن، حتّى الذين لا يعرفون لغة العرب، فكيف يخفى على العرب أنفسهم؟

إنّ أوّل شيء أحسّته تلك الآذان العربية في نِظام القرآن هو ذلك النِظام الصوتيّ البديع الذي قُسّمت فيه الحركة والسكون تقسيماً مُنوّعاً يُجدّد نشاط السامع لسماعه، ووُزّعت في تضاعيفه حروف المدّ والغُنّة توزيعاً بالقسط يُساعد على ترجيع الصوت به وتهادي النفس فيه آناً بعد آن، إلى أن يصل إلى الفاصلة الأُخرى فيجد عندها راحته العظمى.

وهذا النحو من التنظيم الصوتي إن كانت العرب قد عمدت إلى شيء منه في أشعارها فذهبت فيها إلى حدّ الإسراف في الاستواء، ثُمّ إلى حدّ الإملال في التكرير فإنّها ما كانت تعهده قطّ، ولا كان يتهيّأ لها بتلك السهولة في منثور كلامها سواء المُرسل والمسجوع، بل كان يقع لها في أجود نثرها عيوب تغضّ من سَلاسة تركيبه، ولا يمكن معها إجادة ترتيله إلاّ بإدخال شيء عليه أو حذف شيء منه.

لا عجب إذاً أن يكون أدنى الألقاب إلى القرآن - في خيال العرب - أنّه شعر؛ لأنّها وجدت في توقيعه هزّةً لا تجد شيئاً منها إلاّ في الشعر، وعجبٌ أن ترجع إلى نفسها فتقول: ما هو بشعر؛ لأنّه - كما قال الوليد: - ليس على أعاريض الشعر في رَجَزه ولا في قصيده، ثُمّ لا عجب أن تَجعل مردّ هذه الحيرة أخيراً إلى أنّه ضربٌ من السِحر؛ لأنّه جَمَع بين طرفَي الإطلاق والتقييد في حدّ وسط، فكان له من النثر جلاله وروعته، ومن الشعر جماله ومُتعته.

أنت إذا ما اقتربت بأُذنك قليلاً، فطرقتْ سمعَك جواهرُ حروفه، خارجةً من مخارجها الشحيحة، فأجاءك منه لذّة أُخرى في نَظم تلك الحروف ورَصفها وترتيب أوضاعها فيما بينها: هذا ينقر وذاك يصفر، وثالث يهمس، ورابع يجهر، وآخر ينزلق عليه النَفَس، وآخر يحتبس عنده النَفَس، وهلمّ جرّاً، فترى الجمال اللغويّ ماثلاً أمامك في مجموعة مختلفة مؤتلفة [مَن وقف على صفات الحروف ومخارجها ازداد بهذا المعنى عِلماً، وسيأتي قريباً تفصيل أكثر في كلام الرافعي، وهذا جانب دقيق من سرّ إعجاز القرآن التأليفي، فتنبّه] لا كركرة ولا ثرثرة، ولا رخاوة ولا معاظلة، ولا تناكر ولا تنافر، وهكذا ترى كلاماً ليس بالحضريّ الفاتر، ولا بالبدويّ الخَشِن، بل تراه وقد امتزجت فيه جَزالة البادية وفَخامتها برقّة الحاضرة وسلاستها، وقُدّر فيه الأمران تقديراً لا يبغي بعضهما على بعض، فإذا مزيجٌ منهما، كأنّما هو عُصارة اللغتينِ وسلالتهما، أو كأنّما هو نقطة الاتّصال بين القبائل، عندها تلتقي أذواقهم وعليها تأتلف قلوبهم.

من هذه الخصوصية والتي قبلها تتألّف القشرة السطحية للجمال القرآني، وليس الشأن في هذا الغلاف إلاّ كشأن الأصداف مِمّا تحويه من اللآلئ النفيسة، فإنّه - جلّت قدرته - أَجرى سنّته في نظام هذا العالم أن يغشّي جلائل أسراره بأستار لا تخلو من مُتعة وجمال؛ ليكون ذلك من عوامل حفظها وبقائها، بتنافس المتنافسينَ بها وحرصهم عليها.

فقد سبقت كلمته أن يصون علينا نفائس العلوم التي أَودعها هذا الكتاب الكريم، ومِن ثَمّ قضت حِكمته أن يختار لها صواناً يحبّبها إلى الناس بعذوبته، ويغريهم عليها بطلاوته، ويكون بمنزلة (الحدّاء) يستحثّ النفوس على السير إليها، ويهوّن عليها وعثاء السفر في طلب كمالها، لا جرم اصطفى لها من هذا اللسان العربي المبين ذلك القالب العذب الجميل؛ ومن أجل ذلك سيبقى صوت القرآن أبداً في أفواه الناس وآذانهم ما دامت فيهم حاسّة تذوّق وحاسّة تسمّع، وإن لم يكن لأكثرهم قلوب يفقهون بها حقيقة سرّه، وينفدون بها إلى بعيد غوره ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩].

هل عرفت أنّ نظم القرآن الكريم يجمع إلى الجمال عزّةً وغرابة؟ وهل عرفت أنّ هذا الجمال كان قوّةً إلهيّةً حُفظ بها القرآن من الفقد والضياع؟

فاعرف الآن أنّ هذه الغرابة كانت قوّة أُخرى قامت بها حجّة القرآن في التحدّي والإعجاز، واعتصم بها من أيدي المعارضين والمبدّلين، وأنّ ذلك الجمال ما كان ليكفي وحده في كفّ أيديهم عنه، بل كان أجدر أن يغريهم به، ذلك أنّ الناس - كما يقول الباقلاّني: - إذا استحسنوا شيئاً اتّبعوه، وتنافسوا في محاكاته بباعث الجبلّة، وكذلك رأينا أصحاب هذه الصناعة يتبع بعضهم بعضاً فيما يستجيدونه من الأساليب، وربّما أدرك اللاحق فيهم شأو السابق أو أَربى عليه، كما صنع ابن العميد بأُسلوب الجاحظ، وكما يصنع الكُتّاب والخطباء اليوم في اقتداء بعضهم ببعض، وما أساليب الناس على اختلاف طرائقها في النثر والشعر إلاّ مناهل مورودة ومسالك معبّدة، تُؤخذ بالتعلّم، وتُراضّ الألسنة والأقلام عليها بالمرانة، كسائر الصناعات.

فما الذي منع الناس أن يُخضعوا أُسلوب القرآن لألسنتهم وأقلامهم وهم شرع في استحسان طريقة، وأنّ أكثرهم الطالبون لإبطال حجّته.

ما ذاك إلاّ أنّ فيه منعة طبيعيّة كفّت ولا تزال تكفّ أيديهم عنه، ولا ريب أنّ أوّل ما تلاقيك هذه المناعة فيما صوّرناه لك من غريب تأليفه في بنيته، وما اتّخذه في رصف حروفه وكلماته وجمله وآياته، من نظام له سمت وحده وطابع خاصّ به، خرج فيه عن هيئة كلّ نظم تعاطاه الناس أو يتعاطونه، فلا جَرم لم يجدوا له مِثالاً يحاذونه به، ولا سبيلاً يسلكونه إلى تذليل منهجه.

وآية ذلك أنّ أحداً لو حاول أن يُدخل عليه شيئاً من كلام الناس - من السابقين منهم أو اللاحقين، من الحكماء أو البلغاء أو النبيّين والمرسلين - لأفسد بذلك مزاجه في فم كلّ قارئ، ولجعل نظامه يضطرب في أُذن كلّ سامع، وإذاً لنادى الداخلُ على نفسه بأنّه واغل دخيل، ولنفاه القرآن عن نفسه كما ينفي الكِير خبث الحديد، ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصّلت: ٤١ و٤٢].

وأنت إذ لم يلهك جمال الغطاء عمّا تحته من الكنز الدفين، ولم تحجبك بهجة الأستار عمّا وراءها من السرّ المصون، بل فُليت القشرة عن لبّها وكُشفت الصدفة عن دُرّها، فنفذت من هذا النظام اللفظي إلى ذلك النظام المعنوي، تجلّى لك ما هو أبهى وأبهر، ولقيت منه ما هو أروح وأبدع.

لا نريد أن نحدّثك هاهنا من معاني القرآن وما حوته من العلوم الخارجة عن متناول البشر، فإنّ لهذا الحديث موضعاً آخر يجيء - إن شاء الله تعالى - في بحث الإعجاز العلمي، وحديثنا الآن كما ترى في شأن الإعجاز اللغوي، وإنّما عن اللغة الألفاظ.

بيد أنّ هذه الألفاظ يُنظر فيها تارةً من حيث هي أبنية صوتية مادّتها الحروف وصورتها الحركات والسكنات من غير نظر إلى دلالتها، وتارةً من حيث هي أداة لتصوير المعاني، ونقلها من نفس المتكلّم إلى نفس المخاطب بها، وهذه الناحية لا شك أنّها هي أعظم الناحيتين أثراً في الإعجاز اللغوي؛ إذ اللغات تتفاضل من حيث هي بيان، أكثر من تفاضلها من حيث هي أجراس وأنغام، والفضيلة البيانية إنّما تعتمد دقّة التصوير وإجادة التعبير عن المعنى كما هو، سواء كان ذلك المعنى حقيقة أو خيالاً، وأن يكون هدىً أو ضلالاً، فقد كانت حكايات القرآن لأقوال المُبطلين لا تقصر في بلاغتها عن سائر كلامه؛ لأنّها تصف ما في أنفسهم على أتمّ وجه.

انظر حيث شئت من القرآن الكريم تجد بياناً قد قدّر على حاجة النفس أحسن تقدير، فلا تحسّ فيه بتخمة الإسراف ولا بمخمصة التقتير، يؤدّي لك من كلّ معنى صورة نقيّة وافية، نقيّة لا يشوبها شيء ممّا هو غريب عنها، وافية لا يشذّ عنها شيء من عناصرها الأصلية ولواحقها الكمالية، كلّ ذلك في أوجز لفظ وأنقاه، ففي كلّ جملة منه جهاز من أجهزة المعنى، وفي كلّ كلمة منه عضو من أعضائه، وفي كلّ حرف منه جزء بقدره، وفي أوضاع كلماته من جمله، وأوضاع جمله من آياته سرّ الحياة الذي ينتظم المعنى بأداته، وبالجملة ترى - كما يقول الباقلاّني - محاسن متوالية وبدائع تترى.

ضع يدك حيث شئت من المصحف، وعُدّ ما أحصته كفُّك من الكلمات عدّاً، ثمّ أحصِ عدّتها من أبلغ كلام تختاره خارجاً عن الدفّتين، وانظر نسبة ما حواه هذا الكلام من المعاني إلى ذاك، ثمّ انظر كم كلمة تستطيع أن تُسقطها أو تبدّلها من هذا الكلام دون إخلال بغرض قائله؟ وأيّ كلمة تستطيع أن تُسقطها أو تبدّلها هناك؟ فكتاب الله تعالى - كما يقول ابن عطية - لو نزعت منه لفظة ثمّ أُدير لسان العرب على لفظة في أن يوجد أحسن منها لم توجد.

بل هو كما وصفه تعالى ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود: ١].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مقالات مرتبطة:

الإعجاز القرآني (4)

الإعجاز القرآني (3)

الإعجاز القرآني (2)

الإعجاز القرآني (1)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/07   ||   القرّاء : 3215





 
 

كلمات من نور :

ما من رجل علم ولده القرآن إلاتوج الله أبويه يوم القيامة تاج الملك ، وكسيا حلتين لم ير الناس مثلهما .

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 تجلّي آيات من القرآن الكريم في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)

 الامام الحسن (عليه السلام) بين جهل الخواص وخذلان العوام

 ظاهرة الحروف المقطعة في فواتح سور القرآن - درس التفسير 1

 التدبر المضموني والبنيوي في الحروف المقطعة - الدرس 2

 ذكر فضائل علي اقتداءٌ برسول الله

 وفد من الكويت في زيارة للدار

 رئيس القساوسة في جورجيا يزور دار السيدة رقية (ع)

 دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم تحقق المركز الأول لجائزة 114 القرآنية العالمية

 الختمة القرآنية المجوّدة للدكتور القارئ رافع العامري

 المصحف المرتل بصوت القارئ الحاج مصطفى آل إبراهيم الطائي

ملفات متنوعة :



 دراسة حول أدعية الإمام الحسين في يوم الطف

 ما معنى التفسير

 حديث الدار(4)

 وسط هالة من الألطاف الرمضانية المباركة الدار تقيم أمسية قرآنية لطلابها

 حوار مع القارئ والخبير بالشؤون القرآنية الحاج فلاح النجفي

 النموذج القرآني في قصّة طالوت

 الإمام الحسن (عليه السلام) والقرآن*

 أهمية القرآن في حياة الفرد والمجتمع المسلم

 أشبال اليوم وشباب الغد يقيمون حفل ميلاد الزهراء البتول (ع)

 العقل في القرآن نعمة عظمى

إحصاءات النصوص :

  • الأقسام الرئيسية : 13

  • الأقسام الفرعية : 71

  • عدد المواضيع : 2213

  • التصفحات : 15411792

  • التاريخ : 28/03/2024 - 08:09

المكتبة :

. :  الجديد  : .
 الميزان في تفسير القرآن (الجزء العشرون)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثامن عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السادس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الرابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثالث عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثاني عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الحادي عشر)



. :  كتب متنوعة  : .
 تفسير الصافي ( الجزء الخامس )

 تفسير نور الثقلين ( الجزء الرابع )

 تفسير نور الثقلين ( الجزء الثالث )

 تفسير العياشي ( الجزء الثاني)

 تأثر الأحكام بعصر النص

 المختصر الميسّر في التجويد المصوّر

 تفسير نور الثقلين ( الجزء الخامس )

 تفسير نور الثقلين ( الجزء الثاني )

 الميزان في تفسير القرآن ( الجزء الخامس)

 تفسير نور الثقلين ( الجزء الأول )

الأسئلة والأجوبة :

. :  الجديد  : .
 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم



. :  أسئلة وأجوبة متنوعة  : .
 ألا تتنافى الآية الكريمة ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تقدّمَ مِن ذَنبِكَ وما تأخرّ ) مع عصمة النبيّ صلّى الله عليه وآله ؟

 إذا كان التوحيد فطرياً فكيف نفسّر وجود الإلحاد ، والإيمان بالثالوث المسيحي ، وما إلى ذلك؟

 معنى النور في بعض الآيات القرآنية

 شخص يقرأ القرآن ويخطأ أحياناً أخطاء لفظية ، فهل واجب على من يسمعه أن يصحح له الخطأ ؟ علماً أن القارئ أكبر سناً من المستمع .

 علاج المرض بالقرآن

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 ماالفرق بين النفس والروح؟

 هل العبادة للاسم أو الذات؟

 معنى قوله تعالى: {وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}

 ما هي واجبات الطلاب نحو استادهم شهرياً إذا كان الاستاد لم يضع لهم أجور لتدريسه ؟

الصوتيات :

. :  الجديد  : .
 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الأول

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الأول

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الثاني

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الأول



. :  الأكثر إستماع  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (24556)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (12746)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (9628)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (9055)

 الدرس الأول (8104)

 الشیخ الزناتی-حجاز ونهاوند (7826)

 سورة الحجرات وق والانشراح والتوحيد (7298)

 آل عمران من 189 إلى 195 + الكوثر (7292)

 الدرس الأوّل (7290)

 درس رقم 1 (7223)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (6591)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (4836)

 مقام النهاوند ( تلاوة ) محمد عمران ـ الاحزاب (4079)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (3829)

 سورة البقرة والطارق والانشراح (3526)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (3354)

 الدرس الأول (3197)

 تطبيق على سورة الواقعة (3053)

 الرحمن + الواقعة + الدهر الطور عراقي (3022)

 الدرس الأوّل (2967)



. :  ملفات متنوعة  : .
 70- سورة المعارج

 القصص _ 5 - الأستاذ حيدر الكعبي

 الصفحة 577 (ق 1)

 سورة لقمان

 سورة الحاقة

 الصفحة 33

 سورة الجمعة

 الواقعة

 سورة المجادلة

 سورة النساء ـ شحات

الفيديو :

. :  الجديد  : .
 الأستاذ السيد نزار الهاشمي - سورة فاطر

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم



. :  الأكثر مشاهدة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (8838)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (8242)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (7336)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (7006)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (6813)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (6679)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (6604)

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار (6579)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (6576)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (6351)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (3044)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (2744)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (2559)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (2367)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع (2285)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (2281)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (2239)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (2236)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (2229)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (2224)



. :  ملفات متنوعة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث

 الفلم الوثائقي حول الدار أصدار قناة المعارف 3

 تواشيح الاستاذ أبي حيدر الدهدشتي_ مدينة القاسم(ع)

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 سورة الذاريات ـ الاستاذ السيد محمد رضا محمد يوم ميلاد الرسول الأكرم(ص)

 تواشيح السيد مهدي الحسيني ـ مدينة القاسم(ع)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر

 لقاء مع الشيخ أبي إحسان البصري

 سورة الاحزاب ـ السيد حسنين الحلو

 السيد عادل العلوي - في رحاب القرآن

















 

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net