00989338131045
 
 
 
 

  • الصفحة الرئيسية لقسم النصوص

التعريف بالدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • من نحن (2)
  • الهيكلة العامة (1)
  • المنجزات (15)
  • المراسلات (0)
  • ما قيل عن الدار (1)

المشرف العام :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرته الذاتية (1)
  • كلماته التوجيهية (14)
  • مؤلفاته (4)
  • مقالاته (71)
  • إنجازاته (5)
  • لقاءاته وزياراته (14)

دروس الدار التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (6)
  • الحفظ (14)
  • الصوت والنغم (11)
  • القراءات السبع (5)
  • المفاهيم القرآنية (6)
  • بيانات قرآنية (10)

مؤلفات الدار ونتاجاتها :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • المناهج الدراسية (7)
  • لوائح التحكيم (1)
  • الكتب التخصصية (8)
  • الخطط والبرامج التعليمية (6)
  • التطبيقات البرمجية (11)
  • الأقراص التعليمية (14)
  • الترجمة (10)
  • مقالات المنتسبين والأعضاء (32)
  • مجلة حديث الدار (51)
  • كرّاس بناء الطفل (10)

مع الطالب :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مقالات الأشبال (36)
  • لقاءات مع حفاظ الدار (0)
  • المتميزون والفائزون (14)
  • المسابقات القرآنية (22)
  • النشرات الأسبوعية (48)
  • الرحلات الترفيهية (12)

إعلام الدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الضيوف والزيارات (160)
  • الاحتفالات والأمسيات (75)
  • الورش والدورات والندوات (62)
  • أخبار الدار (33)

المقالات القرآنية التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علوم القرآن الكريم (152)
  • العقائد في القرآن (62)
  • الأخلاق في القرآن (163)
  • الفقه وآيات الأحكام (11)
  • القرآن والمجتمع (69)
  • مناهج وأساليب القصص القرآني (25)
  • قصص الأنبياء (ع) (81)

دروس قرآنية تخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (17)
  • الحفظ (5)
  • القراءات السبع (3)
  • الوقف والإبتداء (13)
  • المقامات (5)
  • علوم القرآن (1)
  • التفسير (16)

تفسير القرآن الكريم :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علم التفسير (87)
  • تفسير السور والآيات (175)
  • تفسير الجزء الثلاثين (37)
  • أعلام المفسرين (16)

السيرة والمناسبات الخاصة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • النبي (ص) وأهل البيت (ع) (104)
  • نساء أهل البيت (ع) (35)
  • سلسلة مصوّرة لحياة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) (14)
  • عاشوراء والأربعين (45)
  • شهر رمضان وعيد الفطر (19)
  • الحج وعيد الأضحى (7)

اللقاءات والأخبار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • لقاء وكالات الأنباء مع الشخصيات والمؤسسات (40)
  • لقاء مع حملة القرآن الكريم (41)
  • الأخبار القرآنية (98)

الثقافة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الفكر (2)
  • الدعاء (16)
  • العرفان (5)
  • الأخلاق والإرشاد (18)
  • الاجتماع وعلم النفس (12)
  • شرح وصايا الإمام الباقر (ع) (19)

البرامج والتطبيقات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البرامج القرآنية (3)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة









 
 
  • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .

        • القسم الفرعي : علوم القرآن الكريم .

              • الموضوع : مَسألةُ التحدّي والمعارَضة في إعجاز القُرآن .

مَسألةُ التحدّي والمعارَضة في إعجاز القُرآن

د. عبد الجبَّار شرارة

مقدِّمة :

القرآن الكريم ، ذلك الكتاب السماوي الخالد ، أكبرُ ظاهرة برزت إلى الوجود الإنساني ، وأحدَثت نقلةً نوعيّة ومنعطفاً كبيراً حاسماً في تاريخ البشريّة ، حتى ليصحّ القول : إنّه ليس هناك كتاب في التاريخ الإنساني برمّته ، أحدَث من التغير الشامل والانتفاضة الجبّارة والارتقاء بالمجتمع ، كالذي أحدَثه القرآن الكريم ؛إذ ألّفَ بين القلوب المتنافرة : (لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) ، ونهضَ بالأُمّة إلى العزّة والـمِنْعة ؛ ومن هنا فقد حظيَ القرآن الكريم بعناية خاصّة من الخاص والعام ، من المؤمنين والجاحدين ، وتناولوه بالدراسة من كلّ جانب وحاولوا استقصاء أسراره والإحاطة بوجوه بيانه ، والغوص إلى معانيه وأغراضه .

وعلى أيّة حال فالأمر المجتَمَع عليه ، أنّ هذا الكتاب قد خلبَ الألباب وأدهشَ العقول ، وكان لآياته وبيانه وقْع عظيم وأثرٌ جليل في النفوس ؛ ومن هنا نشأت قضيّة الإعجاز ، وشرعَ العلماء يبحثون عن وجوه إعجاز القرآن الكريم، فأُلِّفت الكتب واغتَنت المكتبات بزادٍ من العلم والأدب طبقت شهرته الآفاق ، وأمتدّ أثره إلى كلّ ميدان من ميادين المعرفة الإنسانيّة.

إنَّ من العسير على الباحث ـ بعد أكثر من ألف وأربعمائة من السنين ، وإزاء تلك الثروة العظيمة التي خلّفها العلماءُ الأجلاّء في هذا المجال ـ أن يناقش قضيّة الإعجاز ويأتي بشيء طريف ، ولكنّ المقولة المأثورة : (كم تركَ الأوّل للآخر) ما تزال صحيحة ؛ فكانت هذه الملاحظات والرؤى التي اقتصرت على جانبٍ من تلك القضيّة الضخمة ، وهو " مسألة التحدّي القرآني والمعارضة الموهومة " ، وربّما ستكون مزيّة هذه الدراسة أنّها جَمّعت بعض ما تفرّق ، وألّفت بين ما تشابه من وجوه القول وسديد الآراء ، بأسلوب سلسٍ يستهدي بمناهج البحث العلمي المعاصر ، ولذلك سنعرض أولاً لمسألة التحدّي القرآني ثُمّ ننتقل إلى مناقشة مسألة المعارَضة المزعومة.

أولاً : التحدّي القرآني .

أعلنَ نبيّنا محمّد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بين قومه العرب أنّه رسول الله تعالى ، وأنّ هذا الذي يتلوه عليهم من قرآنٍ إنّما هو : (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وأنّه (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) وهو حُجّته على نبوّته ، وبرهانه ودليله على صدق رسالته وسفارته ، ولتأكيد هذا الأمر طرحَ مسألة التحدّي بالقرآن ، فدعا قومه العرب ـ ممّن لم يُؤمن برسالته ولم يُصدِّق دعوته ـ  إلى المعارَضة وردّ التحدّي ، المعارَضة بمعناها الذي استقرّ في أوساطهم ومنتدياتهم ، وقد صرّح بذلك القرآن قائلاً : (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ).

 ولكنّهم لم يتصدّوا لهذا الأمر ولم يطلبوه أو يحاولوه ، ليس عن جهلٍ لمعنى هذا التحدّي وخطره ؛ إذ هم يدركون أنَّ وراء ذلك تهديداً خطيراً لجامعتهم الأوثانيّة واعتقاداتهم التي ورثوها ، بل عن إدراكٍ جَلي وفهمٍ تام لمعنى المعارَضة المطلوبة ، وهي فيما تعنيه المجاراة في الأسلوب والمبنى . ولا يجوز أن يقع أحد في وهم أنّهم عُدموا البُلغاء ، فهذا الجاحظ يقول : (بَعث الله محمّداًَ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أكثر ما كانت العرب شاعراً وخطيباً ، وأحكم ما كانت لغةً وأشدّ ما كانت عِدَّةً).

إنَّ القرآن الكريم قد وَضعهم بهذا التحدّي أمام الحقيقة وجهاً لوجه ، فهو كتاب كما يسمعونه ، كلماته عربيّة منها يؤلّفون كلامهم ، وتراكيبه عربيّة عليها جرت فنون خطاباتهم، وإذن فليس عليهم إلاّ أن يحشّدوا بلغاءهم ، وهم كثيرون ، ثُمّ يَلجوا ميدان المعارضة ويأتوا بحديث مثله فينتهي كلّ شيء ، تسقط الدعوى وينهار أساسُها ، ويظهر بطلانها ، فتسلم لهم ـ للعرب ـ حينئذٍ جامعتهم ومصالحهم ، ولكنّهم لم يحاولوا ذلك ؛ وذلك لأنّهم رازوا أنفسهم فوجدوا أنّهم أمامَ أمرٍ لا قِبلَ لهم به .

ولمّا أعيَتهم الحيلة ، وزعموا أنّه ـ أي القرآن ـ كلام مفترىً ، وأنّهم لو شاءوا لقالوا مثله ، بُغية التشويش على الناس ، ولكنّ القرآن لم يترك لهم فرصة جَني ثمار هذا الافتراء والزعم ، فتحدّاهم بأن يأتوا بعشر سورٍ مثله مُفتريات ، قال تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) .

هكذا قطعاً لدابر تقوّلاتهم ، وإبطالاً وإشهاراً للحُجّة فوق رؤوسهم . إنّهم بهذا أمام تحدٍ جديد ، وهو كما يبدو ممّا يسهل عليهم التصدّي له والمصاولة فيه ، وإذن فما عليهم إلاّ المعارضة بهذا القَدر المحدود ، ثُمّ يستريحون ممّا تثيره آيات هذا القرآن من خوفٍ وقلقٍ في أوساطهم ، ولكنّهم لم يتقدّموا خطوةً واحدة بهذا الاتّجاه ، بل اُسقِط ما في أيديهم ، فلم يجدوا وسيلة سوى منع الناس من الالتقاء بالرسول محمد (صلّى الله عليه وآله) ، أو الاستماع إلى ما يتلوه من آيات ، وقد ذُكر ذلك على لسانهم : (لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ).

ولكنّ القرآن الكريم لم يتركهم وما يبتغون ، بل سرعان ما صَعقهم ، بأن ألقى إليهم تحدّياً من نوعٍ آخر ، تحدّياً يستوقف كلّ ذي بصيرة وعقل : إنّه يتحدّاهم بالإتيان بسورة واحدة من مثله فقط ، قال تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسورة مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).

وأمامَ هذا المستوى من التحدّي الجديد نجد هؤلاء العرب العُرباء ، ملوك البيان وفرسان الكلام ـ أصحاب المعلّقات المشهورات (ولهم القصيد العجيب والرجز الفاخر ، والخُطب الطوال البليغة ، والقصار الموجزة ، ولهم الأسجاع والمزدوج واللفظ المنثور) ـ وهم يُتحدَّون بمثل هذا القدر من الكلام ثُمّ لا يحيرون جواباً .

 هذا مع اشتداد الخطر وتعاظم الخَطب واستمرار الاستفزاز ؛ إذ القرآن أخذَ يقرِّعهم بألوان التقريع  ، يشتم آلهتهم ويُسفّه أحلامهم ويعيب عليهم طرائق عباداتهم ، ثُمّ هو يُهدّد أعرافهم ومصالحهم التي كثيراً ما أُهريقت لأجلها الدماء ، وبذلت النفوس ، فأي شيء ـ إذن ـ أعظم من هذا يستثير الحميّة ويستنهض الهِمم لمجابهة التحدّي وإبطال الدعوى خاصةً ، وإنّهم قد عُرفوا باللَّدَد والخصومة ، وقوّة المناظرة والجدل ، وحضور البديهة وحِدّة الذهن ، ثُمّ (الكلام سيّد عملهم) وقد احتاجوا إليه ، والحاجة تبعث على الحيلة في الأمر الغامض فكيف بالظاهر الجليل المنفعة .

إنّنا نلاحظ هنا أنّ القرآن الكريم قد تدرّج معهم في مسألة التحدّي ، من المطالبة بالإتيان بالمثل إلى المطالبة والتحدّي، فليس من شك أنّ سلوك طريق المعارضة بهذا القدر المطلوب ، هو الأرجح عندهم الذي لا يُتصوَّر على رزانة حُلومهم وامتلاك القدرة البيانيّة إهماله والصدّ عنه .

ولكنّهم وقفوا موقفاً يدلّ على عجزهم ، وصاروا إلى حالٍ تدلُّ على عدم مقدرتهم ، وعلى انقطاع أطماعهم فيه ؛ (إذ نابذوه وناصبوه الحرب ، فهلَكت النفوس وأُريقت المُهج وقُطعت الأرحام وذَهبت الأموال . ولو كان ذلك في وسعهم وتحت مقدورهم ، لَمْ يتكلَّفوا هذه الأمور الخطيرة ، ولم يركبوا تلك الفواقر المبيرة ، ولم يكونوا تركوا السهل الدِّمث من القول إلى الحَزْن الوعر من الفعل ، وهذا ما لا يفعله عاقل ولا يختاره ذولب راجح ...) .

وعليه ، فقد كان لُجوؤهم إلى إشهار السِنان بدل الحُجّة والبيان ؛ ليس إلاّ تستّراً علىَ عَجْزهم وتمويها لفَشَلهم . أمّا الدليل على ذلك ، فيمكن التماسه من خلال مراجعة أحوال العرب الذي عاصروا نزول القرآن الكريم ، وهنا نستطيع أن نشير إلى حالتين لهما دلالة بالغة على المطلب، وهما:

1 ـ حالة مشركي مكّة الذين رَكبهم العناد ، واستكبروا عن الإذعان للحق ، وقد أخذوا يتباحثون في أمر القرآن الكريم وما آلَ إليه أمرهم مع الرسول الأكرم نبينا محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وكيف يواجهون الناس الذين يفدون إلى مكّة المكرّمة عادةً في المواسم المختلفة ، ماذا سيقولون لهم ؟ وأيّ زعم أنسب للتمويه والتعمية ؟ وقد نَقل لنا التاريخ المحاورة التي جرت بينهم :

(إذ قالوا لابن المغيرة ـ وهو من كبارهم وخبرائهم ـ : نقول عنه إنّه (أي النبي) كاهن ، فقال: والله ، ما هو بكاهن ، فلقد رأينا الكهّان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه ، قالوا : فنقول : إنّه مجنون ، قال : ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته ، قالوا : فنقول : شاعر ، قال: ما هو بشاعر ، لقد عَرفنا الشعر كلّه ، رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر ، قالوا : فنقول ساحر ، قال : ما هو ساحر ، لقد رأينا السُحّار وسحرهم فما هو بنفثه ولا عقده ، قالوا : فما تقول يا أبا عبد شمس ؟ قال : والله ، إنّ لِقوله لحلاوة ، وإنّ أصله لَغدِق ، وإنّ فَرْعه لجناة ، وما أنتم بقائلين من ذلك شيئاً إلاّ عُرف أنّه باطل ، وإنّ أقرب القول أن تقولوا : ساحر ، جاء بقولٍ هو سحر يفرِّق بين المرء وأبيه ، والمرء وأخيه ، وبين المرء وزوجه ، وبين المرء وعشيرته) .

واستناداً إلى هذه المحاورة فإنّهم مع إقرارهم بعلوّ منزلة القرآن الكريم ، وأنّه فوق كلام البشر ، إلاّ أنّهم أوقَعوا أنفسهم في هذا التخبّط استكباراً وأَنَفةً عن الإذعان للحق ، وأشار القرآن الكريم نفسه إلى ذلك : (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) (هكذا جنوحاً إلى سياسة الطباع والعادات ، وقد كانت العادة عندهم دِيناً حين لم يكن الدين إلاّ عادة ...) .

إنّ أصول هذه المحاورة ، أشارَ إليها القرآن الكريم أيضاً نفسه ، عندما ذَكر حالة الاضطراب والتخبّط في مواقفهم إزاء القرآن ، وذلك في قوله تعالى : (بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ).

2 ـ أمّا الحالة الثانية التي تدلِّل على إقرارهم وإذعانهم بالعجز ، فهي : الاستجابة الواعية والفطريّة لعَظمة القرآن والإيمان بأنّه فوق كلام البشر ، وقد تمثّل هذا الأمر بإسلام نفر من مشركي العرب  وكفَّارهم بمجرّد الاستماع إلى القرآن ؛ إذ أدركَ هذا النفر ـ بحكم سليقته العربيّة وذوقه البياني ومعرفته بأساليب العرب ـ أنّ هذا القرآن لا يمكن أن يكون نِتاج البشر .

وعلى الجملة فإنّنا نستنتج من ذلك كلّه : أنّ العربَ بعامّتهم ـ كافرين ومؤمنين ـ قد أدركوا إدراكاً تامّاً وحَصلت عندهم قناعة وجدانيّة ، بأنَّ هذا الذي يتلوه محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على أسماعهم ، ويبشّر به في مجتمعاتهم مباين كلّ المباينة لِمَا ألفوهُ من أساليب ، ولِمَا اطّلعوا عليه من أفانين البيان ، وإنّه يعلو ولا يُعلى عليه ، بخاصّة وهم أهل هذه اللغة والخبراء في أساليبها ، ثُمّ (الرسول) كان منهم مولداً ونشأةً ولغةً .

وهنا من حقّنا أن نتساءل مع الجرجاني : (هل يجوز أن يخرج خارج من الناس على قومٍ لهم رياسة ، ولهم دين ونِحلة ، فيؤلِّب عليهم الناس ويدبّر في أمر إخراجهم من ديارهم وأموالهم ، وفي قتل صناديدهم وكبارهم وسبي ذراريهم وأولادهم ، وعُدّته التي يجد بها السبيل إلى تآلف مَن يتألّفه ، ودعاءَ مَن يدعوه ، دعوى إذا هي أُبطِلت بطلَ أمره كلّه، وانتقضَ عليه تدبيره ، ثُمّ لا يعرض له في تلك الدعوى ولا يشتغل في إبطالها مع إمكان ذلك ، ومع أنّه ليس بمتعذرٍ ولا ممتنع).

 نعم ، نتساءل مع الجرجاني : هل يجوز ذلك ؟ وهل حدّثنا التاريخ بمثله ؟ كلا ، لا يجوز إلاّ أن يكون ذلك مُعجِزاً لهم ، خارقاً للعادات الجارية والسُّنن المألوفة .

ثانياً : مسألةُ المعارَضة المزعومة للقُرآن الكريم .

لعلّ من المناسب أن نعرض أوّلاً لسؤالٍ قد يتردّد هنا ، وهو : هل من الصحيح أنّه لم تحصل معارَضات حقيقيّة للقرآن ؟ وماذا نفعل إزاء ما نقلهُ لنا التاريخ من وجود محاولات للمعارَضة نُسِبت إلى عددٍ من الناس : كمسيلمة الكذاب ، والأسود العنسي ، وسَجاحِ التميميّة ؟ وأخرى غيرها نُسبت إلى ابن المقفَّع ، وإلى المعرِّي الشاعر وآخرين ؟ نجيب عن هذا السؤال فنقول :

إنّ المعارضات ـ أو على الأصح المحاولات التي نُسبت إلى : مُسيلمة ، وإلى الأسود ، وسَجاحِ ـ إن صحّت ، فهي أدعى إلى إثارة الضحك والسخريّة من أن تُسمّى معارضة ؛ لأنّ كلّ مَن يمتلك حِسّاً بلاغياً وذوقاً بيانيّاً ، يعرف مقدار حظّها ـ أي تلك المعارضات ـ من الإسفاف ، ومدى مُجانبتها الذوق البياني ، فضلاً عن فساد المعنى وركاكة المبنى . وأغلب الظن أنّ أصحابها أو المروّجين لها ، حاولوا السير على طريقة الكهّان باختيار العبارة الغامضة وأسلوب السجع المتكلِّف ، ومع ذلك طَفحت أقاويلهم وكلماتهم بكلّ ما يَنْبُو السمع ويستثقله ، ويضيق به الصدر ويستهجنه . ولو أوردنا نماذج ممّا سَطّروه ، لَبانت هذه الحقائق وتكشّفت .

 فممّا وردَ على لسان مسيلمة قوله : (والشاة وألوانها ، وأعجبها السود وألبانُها ، والشاة السوداء واللبن الأبيض ، إنّه لعجبٌ محض ، وقد حرم المذق فما بالكم لا تمجعون ...).

 وقد قال الجاحظ مُعقّباً عَلَى قول مسيلمة في الضفدع : (ولا أدري ما هيّج مسيلمة على ذكرها ، ولِمَ ساءَ رأيهُ فيها حتى جعلَ بزعمه فيها فيما نزلَ عليه : يا ضفدع بنت ضفدعين ، نَقّي ما تُنقّين ، نصفكِ في الماء ونصفكِ في الطين، لا الماء تكدّرين ، ولا الشاربَ تمنعين).

 وقد علّق الرافعي على ذلك قائلاً : (وكلّ كلام (أي مسيلمة) على هذا النمط واهٍ سخيف ، لا ينهض ولا يتماسك، بل هو مضطرب النسج ، مُبتذل المعنى ، مُستهلك من جهتيه).

أمّا ما وردَ عن سَجاح التميميّة ، فقد نقلوا قولها : (اعدّوا الركاب واستعدّوا للنهاب ، ثُمّ أغيروا على الرباب ، فليس دونهم حجاب) ، ومثله ما وردَ عن الأسود العَنسي قوله : (سبّح اسم ربك الأعلى ، الذي يسَّر على الحُبلى ، فأخرجَ منها نسمة تسعى ، من بين أضلاعٍ وحشى ...) .

وهكذا عَلى هذا المنوال أسجاع ركيكة ومعانٍ تافهة ، لا تقوى على الحصول على ميزة البلاغة ، فضلاً عن قدرتها على دخول ميدان المعارضة .

وقد نُسبت معارضة لابن المقفّع الكاتب المشهور ، وأخرى لأبي العلاء المعرّي الشاعر المعروف .

فأمّا ابن المقفّع ، فقد عَرض الباقلاني لِمَا نُسب إليه وناقضَ ذلك تفصيلاً ، وانتهى إلى القول : (إنّه لا يوجد لابن المقفّع كتاب يدّعي مُدّعٍ أنّه عارضَ فيه القرآن الكريم ، بل يزعمون أنّه اشتغلَ بذلك مدّة ثُمّ مزّق ما جمعهُ واستحيا لنفسه من إظهاره) .

وعلّقَ الرافعي على المعارضة المنسوبة لابن المقفّع قائلاً : (وإنّما نُسبت المعارَضة له دون غيره من البلغاء ؛ لأنّ فتنة الفِرَق المُلحدة إنّما كانت بعده ، وكان البُلغاء كافّة لا يمترون في إعجاز القرآن ، وإن اختلفوا في وجه إعجازه ، ثُمّ إنّ ابن المقفّع متّهم عند الناس في دينه ، فدفَع بعض ذلك إلى بعض وتهيّأت النسبة من الجملة) وعليه يظهر أنّ نسبة المعارَضة إليه زائفة .

وأمّا ما نُسب إلى أبي العلاء من المعارضة ، فقد ادّعى خصومه أنّه ألّف كتابهُ (الفصول والغايات) لهذا الغرض ، والذي يرجع إلى الكتاب المذكور ـ وهو مطبوع متداول ـ يتّضح له أنّ هذه الدعوى محض افتراء على الرجل ، يؤيّد ذلك أنّ المعرّي نفسه أزرى على ابن الرواندي محاولاته البائسة في معارضة القرآن في كتابه المسمّى بالتاج ، إذ ينعت المعرّي هذا التاج قائلاً : (وأمّا تاجه ، فليس يصلح أن يكون نعلاً ... وهل تاجه إلاّ كما قالت الكاهنة : أُف وتفّ وجوربٍ وخُف) .

ثُمّ إنّ أوضح دليل على كذب مَن نَسب المعارضة إلى المعرّي ، تصريح المعرّي نفسه بإعجاز القرآن ، إذ يقول : (وأجمعَ ملحد ومهتدٍ أنّ هذا الذي جاء به محمّد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كتاب بهرَ بالأعجاز ، ولقيَ عدوه بالأرجاز ، ما حُذي على مثال ، ولا أشبهَ غريب الأمثال ، ما هو بالقصيد الموزون ، ولا الرجز من سهل وحزون ، ولا شاكل خطابة العرب ، ولا سجْعَ الكهنة ذوي الأرَب ، وجاء كالشمس اللائحة لو فهمه الهضب لتصدّع . وإنّ الآية منه ، أو بعض الآية ، لَتُعتَرَض في أفصح كَلِم يقدر عليه المخلوقون ، فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق ، والزهرة البادية في جدوب ذات نسق فتباركَ الله أحسن الخالقين).

وهكذا نجد أنّ الأوائل من ذوي الفطرة السليمة والعبقريّة الفذّة والفصاحة الممتازة ، لم يجدوا مفرّاً إلاّ الإذعان لهذا القرآن العظيم ، وإلاّ الإقرار بإعجازه المبين .

أمّا بعض المتأخّرين ـ مِمّن خَلَقتهم الأغراض الاستعماريّة الدنيئة ، وحركتهم الماسونيّة اللعينة ـ من أمثال : محمد علي الملقّب بالباب ، والآخر الملقّب بالبهاء ، ممّن جاءوا بنِحلة البابيّة والبهائيّة ـ فقد تقدّموا بمحاولاتهم البائسة لمعارضة القرآن ، فأدهَشوا ذوي الألباب فيما جاءوا به من الهذر والهذيان . فمثلاً مِمّا جاء على لسان الميرزا الباب ، قوله : (قل كلّ ليقولون لا اله إلاّ الله الذي آمنت به كلّ الحلاّقين ، قل كلّ ليقولون لا اله إلاّ الله الذي آمنت به كلّ اللّهامون ـ أي اللحّامين ـ قل كلّ ليقولون لا اله إلاّ الله الذي آمنت به كلّ السوّاقين ...) وهكذا يستمر في كلامه يُعدّد المِهن في أكثر من عشر صفحات ، وفيها من غلط الإنشاء والإملاء ـ عدا الصرف والنحو ـ ما ليس له حصر . وإذا كان هذا حال أحدهم ، فإنّ بقيّة الزَمزمة ليست بأحسن حالاً منه .

 

 وكلّ مَن يطّلع على ما جاءوا به من مقالات وهذر ، يَحكم بتفاهتها وسخفها من كلّ وجه .

أمّا آخر المحاولات البائسة في هذا المجال ، فهي ما قامَ به بعض الأجانب في مصر ، ونشروه في كتيبٍ سَمّوه : (حُسن الإيجاز) ، أوردوا فيه ما توهّموه معارضة لبعض سِور القرآن الكريم ، ومِمّا جاء فيه قولهم : (إنّا أعطيناك الجواهر ، فصلَّ لربِّك وجاهر ، ولا تعتمد قول ساحر ...) .

وعلى الجملة ، فإنّ هؤلاء جميعاً قد رَكبهم الوهم ، فظنّوا أنّ المعارضة إنّما تكون على مثل هذه الشاكلة ، أي الاهتمام بالسجع دون المعنى ، وبتقليد القرآن بتغيير بعض ألفاظه والتلاعب بسوَره ، وبما أوقَعهم في فساد النظم والمعنى على حدٍ سواء .

وهنا لابدَّ أن نؤكّد أنّ المعارَضة الصحيحة والحقيقيّة لا يمكن أن تكون بهذه الشاكلة ؛ إذ لو كانت كذلك لسلكَ سبيلها أولئك القوم الذين تحدّاهم القرآن الكريم مع ما كانوا عليه من عظيم الحاجة إليها ... ولكنّهم علموا ـ وجهل غيرهم ـ بمعنى المعارضة المطلوبة ، فهم أدركوا شروطها ومواصفاتها بما استقرّ في أوساطهم الأدبيّة ومُنتدياتهم الشِعريّة ؛ ولذلك لم يوقِعوا أنفسهم في مثل هذا البؤس والسفاهة ، بل لجأوا إلى أساليبٍ أُخر في المواجهة وردّ التحدّي ، إذ امتشقوا السِنان والسيوف وهانَ عليهم ملاقاة الحتوف ، بدلاً من أن يجعلوا أنفسهم موضع التندّر أبدَ الدهر لو أنّهم أقدَموا على المعارضة بالبيان وفن القول .

والآن إزاء ما وصلَ إلينا من معارَضات ـ لا تصلُح كما اتّضح لدينا بحسب مقاييس النقد والذوق والمنطق ، أن نضعها في مستوى الكلام البليغ ، فضلاً عن وضعها في قبالة النص القرآني على سبيل المقارنة أو المعارضة ـ لا بّد أن نعالج افتراضاً ربّما أوردهُ أو يورده بعضهم ، وهذا الافتراض هو : إنّ المعارَضة الجدّية للقرآن ربّما قد حَصلت بالفعل في عصر النزول أو بعد ذلك بقليل ، ولكنّها مُحيت وطُمست من الوجود عندما استتّبَ الأمر للرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وانتصرَ على أعدائه بقوّة السلاح آخر الأمر .

ولمناقشة ذلك نقول : لو افترضنا هذا جَدلاً ، فلنتساءل أولاً : تُرى متى حَصلت مثل هذه المعارضة المزعومة ؟ أكانت قبل الدخول مع الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأتباعه في المجابهة المسلّحة أم قبل ذلك ؟ ومَن هم أولئك الأشخاص الذين اضطلَعوا بهذه المهمّة واستطاعوا ردّ التحدّي القرآني ؟

وبعد هذا التساؤل نقول : لا ريبَ أنّ مثل هذه المعارضة المزعومة ، يُفترض وقوعها قبل الدخول مع الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المجابهة المسلّحة ؛ لأنَّ هذا هو الطريق الأسهل والأسلم للوقوف في وجه دعوة الرسول والحيلولة دون تكاثر الأتباع والأنصار ، وهذا يقتضيه المنطق ؛ لأنّ الرسول لم يطلب منهم بادئ ذي بدء أكثر من الإتيان بسورةٍ من مثل القرآن ، ثُمّ ينتهي كلّ شيء فيسقط ما في يده ، وينهار أساس دعوته وبرهان نبوّته .

وإذن فمن المعقول جدّاً سلوك هذا السبيل قبل اللجوء إلى أي سبيل آخر ، قد يُكلّفهم كثيراً من الجهود والأموال وربّما الأنفُس ، وهنا فلو افترضنا أنَّ مثل هذه المعارضة قد حَصلت فعلاً فيكف قُدِّر لدعوته المباركة (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن تتّسع وتكبر ، وأن تقاوِم وتصمد حتى بَلغت إلى مداها الواسع والعميق في الأمّة ؟!

ولو قال قائل : إنّ ذلك ممكن ، ولا يلزم أن يتراجع المؤمنون لمجرّد وجود المعارضة ؛ لأنّ المؤمنين إنّما استَهوتهم مبادئ القرآن الكريم وتمكّنت من نفوسهم قيَمه السامية وأفكاره المنيرة ، فإنّنا نقول حينئذٍ : نعم ، من الجائز هذا ، ولكن أليسَ من الجائز ـ أيضاً ـ أن تُزعزع مثل هذه المعارضة للقرآن وردّ تحدّيه إيمان البعض ، وخاصّة أولئك الذين آمنوا استناداً إلى هذه الحقيقة : حقيقة الإعجاز ، وانطلاقاً من قناعة أنّ هذا القرآن هو من عند الله  ، وأن ليس هناك من أحد بقادر على أن يأتي بسورةٍ من مثله ؟! هذا جانب .

وجانبٍ آخر : هو أنّ التحدّي قد كان ولم يكن مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلاّ قلّة قليلة مضطَهدة مستضعفة ، وكان المشركون من أهل مكّة ، وأهل الكتاب من يهودٍ وغيرهم حريصين كلّ الحرص على إسكات هذا الصوت الإلهي ، وإيقاف هذه الانطلاقة الجبّارة ، أي الدعوة الإسلاميّة المباركة ، فأين هؤلاء جميعاً عن مثل هذه المعارضة المزعومة ليشهروها في وجه الرسول وأتباعه ، ويُذيعوها في كلّ نادٍ فتسقط حُجّته ويَنهار أساس الدعوة ؟ وإذ لم يظهر لذلك عين ولا أثر ، دلَّ على أنّ شيئاً من ذلك لم يحدث قط . ولو حدثَ ، لذاعَ وانتشرَ ، أو جاء به الخبر، وتناقلته السِير وأهل التواريخ ، والمتيقّن عدم النقل .

أمّا لو افترَضنا أنّ المعارضة قد حَصلت بعد الدخول مع الرسول في المجابهة ، وإنّ قريشاً وحلفاءها قد لجأت إلى ذلك بعد أن أعيَتهم الحيلة ، ورأوا أنّ القضاء على الرسول الأكرم وأتباعه الأخيار وتصفيتهم جَسديّاً أمر ليس ممكناً ، وإنّ كلّ الأسلحة التي استُخدمت قد فشلت في تحقيق هذه الغاية ، وكانوا يعتقدون أنّها أسرع حسماً مثلاً ، ولذلك لجأوا إلى المعارضة ، وقدّموا أُطروحتهم في هذا المجال ، ولكنّ ذلك بعد فوات الأوان ، إذ إنّ سيطرة الرسول وأتباعه قد منعت ذيوعها وقبرت تلك المحاولة في مهدها ، أقول : إنّ مثل هذا الافتراض حينئذٍ باطل لسببين أساسيّين :

الأوّل : أنّ الخوف والمنع عن نقل الخبر بهذا الشأن ـ أو بأي شأن مشابه ـ لا يمكن أن يُؤدّي إلى انقطاع الخبر بالكليّة وبتاتاً ؛ لأنّ المتعالم من حال الأخبار أنّه لا ينقطع ، بهذا الجنس من الخوف ؛ لأنّ الخوف إنّما يقتضى ترك الإظهار لا ترك النقل ، وربّما دعا المنع فيه من سلطان وغيره أنّه يكون أقرب إلى الانتشار من حيث تقوى الدواعي ، وتزداد بحصول المنع) .

الثاني : أنّ شواهد التاريخ تؤكّد نفي مثل هذا الافتراض ؛ إذ سجّلَ لنا التاريخ كلّ الوسائل التي حوربَ بها النبي محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وكلّ الأساليب الخبيثة التي جوّبه بها القرآن الكريم ، وفيها : هِجاء الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والوقيعة فيه ، وإلصاق التُهم به من ادّعاء وجود تناقض  في القرآن الكريم ، وتوجيه الطعون إلى الآيات البيّنات ، وترويج تلك الطعون وإلباسها لباس العلم .. إلى غير ذلك من الوسائل والأساليب ، فكيف خَفيت المعارضة المزعومة واختفت ، وهي أبلغ في إصابة الغرض الذي يسعى إليه كلّ الخصوم المتربّصين ؟! ولو افتُرض أنّه كان لذلك موانع في وقتٍ ما ، فلماذا لم تظهر عند سنوح الفرصة ، وما أكثر الفُرص التي سَنحت منذ وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعلى امتداد حقب التاريخ ؟!

هذا ، وقد كان التحدّي القرآني وما يزال قائماً ، والخصوم كثيرون ، ومنهم مَن هو أشدّ حرصاً وأكثر طمعاً للنيل من القرآن الكريم وإضعاف قدسّيته في النفوس ، وإقصائه عن الحياة ؛ ودليل ذلك : أنّ محاولات الأعداء لم تفتر ولم تهدأ ، بل هي مستمرّة ، ولعلّ ما نشروه من كتاب (حُسن الإيجاز) دليل على ذلك ، ولكنّهم فشلوا وخابت آمالهم ، وإن لم تفتر عزائمهم إذ تحوّلوا إلى إثارة الاتّهامات وإشاعة الافتراءات وترويج الشُبهات .

ولعلّ من المناسب أن أشير هنا إلى أنَّ هناك دليلاً آخر يؤكّد عدم حصول معارضة للقرآن الكريم ، وهذا الدليل يمكن التماسه من (نظريّة الصِرفة) ؛ وذلك أنّ طائفة كبيرة من العلماء والأدباء والمتكلمين  ذهبوا إلى القول بالإعجاز بالصرفة ، ومع أنّنا لا نستطيع أن نجاري هذا الرأي أو نعتمده ، إلاّ أنّ ما نستفيده منه ـ بخصوص المطلب الذي بأيدينا ـ هو عدم حصول المعارضة .

وتوضيح ذلك : أنّ الذين ذهبوا إلى هذه النظريّة قصدوا بالصرفة  : (أنّ الله تعالى قد صرفَ العرب عن معارضته ، وقد كان مقدوراً لهم ، لكن قد عاقَهم أمر خارجي ... أي على معنى أنّ الله تعالى قد عطّلَ قدرة العرب عن مجاراة القرآن ومعارضته .

ويُفلسف الشريف المرتضى القول بالصرفة فيذهب إلى أنّ الله قد صَرفهم ، بمعنى أنّه سَلبهم العلوم التي يُحتاج إليها في المعارضة ... فهذا الصرف خارق للعادة فصارَ كسائر المعجزات ... وهنا وإن لم يكن الغرض مناقشة هذا النظريّة ، إلاّ أنّه لا بأسَ من تعليقة ، فنقول :

إنّ هذا القول ليس عليه دليل من المعقول ولا من المنقول ، بل الدليل على خلافه ، فقد ذكرَ الخطابي في ردّه على الصرفة بأنّ دلالة الآية : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء / 88) تشهد بخلافه ؛ إذ أشارَ  تعالى في ذلك (في الآية) إلى  أمرٍ طريقه  التكلّف والاجتهاد وسبيله التأهّب  والاحتشاد ، والمعنى في الصرفة  التي ذكروها لا يلائم  هذه الصرفة ، فدلّ على  أنّ المراد غيرها) .

وذكرَ ابن الأملكاني في مناقشة نظريّة الصرفة : أنّ الأمر لو كان كذلك ـ أي كما قالوا ـ لكان ينبغي أن يتعجّبوا من حالهم وليس من حاله ؛ فإنّ مَن يضع يده على رأسه دون سائر الحاضرين يحبس الله تعالى أيديهم لا يُتعجب منه ، بل من حالهم) هذا وجه في الردّ .

وهناك وجه آخر في الردّ على الصرفة بالمعنى الذي ذهبَ إليه السيّد المرتضى ؛ لأنّ سلب العلوم التي كانوا يتمكّنون بها من المعارضة مجرّد زعم لا أساس له ودعوى بلا برهان ، بل الواقع على خلافه ، فقد ذكرَ الجاحظ : (أنّ الله تعالى بعثَ محمّداً (صلّى الله عليه وآله) والعرب أكثر ما كانت شاعراً وخطيباً) ، هذا في عصر نزول القرآن الكريم .

أمّا بعد عصر النزول ، فقد كثُر البلغاء والخطباء وصار بعضهم يتفنّن في الكلام ، وانضاف إلى اللسان العربي من العلوم ما استطاعوا أن يبلغوا به شأواً بعيداً في البلاغة ، بل صارَ بعضهم يتصرّف في فنّ القول حدّ البراعة ، فأينَ دعوى القوم بسلب علومهم ؟! وما هي هذه العلوم التي سلبوها يا ترى ؟!

وفي الجملة ، فإنّ الذي يهمّنا في واقع الأمر بالنسبة إلى نظريّة الصرفة أنّها تؤكّد عدم حصول المعارضة .

وأخيراً ، فربّما يُثير بعضهم اعتراضاً يبدو لأول وَهلة وجيهاً ، وهو قولهم : إنّ القرآن هو نتاج العبقريّة التي اختصّ بها النبي محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كما هو الشأن في سائر العبقريّات والمواهب ، إذ هي حالة تفرّد واختصاص لا يتكرّر ، ولذلك فلا معنى للتحدّي ولا مبرّر له ، ولا يمكن المطالبة بالردّ عليه .

وللإجابة عن ذلك نقول : إنّ العبقريّة لا تولَد في فراغ لو افترضنا الأمر من هذا القبيل ، إذ لابدّ من تحقّق شروط ، منها ما يتصل بالفرد ومؤهّلاته ، ومنها ما يتّصل بالواقع وخصوصياته ، ومنها ما يتصل بالمناخ الفكري والأجواء العامّة ، وتاريخ العبقريّات والعباقرة يُنبّئنا بذلك دائماً .

وعليه فإنّ القراءة المتأنيّة والموضوعيّة لمؤهّلات الرجل (الرسول) محمّد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ الذي كان أُميّاً لا يعرف القراءة والكتابة ، ولواقعه الذي كان يموج بالتناقضات الصارخة  والخرافات التي لا حدود لها ، ثُمّ الجو الفكري المتسممّ بالتحجّر والجمود ـ تضع بأيدينا حقيقة مهمّة جدّاً ، وهي : عدم وجود إمكانات كافية أو مؤهّلات لائقة لكي يترشّح عنها مثل هذا القرآن العظيم ، الذي جاء بأفكار وآراء في منتهى الدقّة والانسجام ، وبقيَم سامية هي مفخرة للإنسانيّة وللأجيال جميعاً ، وبمبادئ عظيمة تزهو بها الإنسانيّة ، وكانت كل تلك المضامين الراقية قد عُرضت بأسلوب متفرّد معجِز لم يصل إلى شأوه البشر قط على امتداد الزمان .

إنّ مثل هذه الحقيقة هي التي جَعلت توماس كارليل مثلاً يصرخ بكل إعجاب قائلاً : (إنّ هذا القرآن صدىً متفجّر من قلب الكون نفسه) .

نعم ، من الصحيح جدّاً أنّ تاريخ البشريّة زاخر بالعبقريّات ، ولكنّها في جملتها لا تكاد تخرج عن اختراعٍ لآلةٍ ، أو إبداع لروايةٍ ، أو ديوان شعر ، أو اكتشاف لحقيقة علميّة من الحقائق التي يزخر بها الوجود .

أمّا ما يأتي به الفلاسفة أو المفكرون الأفذاذ من أُطروحات ، فهي في عين الوقت الذي تستند فيه إلى معطيات العصر واكتشافاته ، تبقى حبيسة البيئة بكلّ خصوصياتها وأجوائها .

أمّا القرآن الكريم ، فقد خرجَ عن ناموس العبقريّات ومقتضى الصناعة البشريّة والمواهب الفطريّة ، ونتاجات البشر من أيّ وجهٍ أتيت ، وكيفما قلبتَ الأمر ، إنْ في المضامين أو في الأسلوب .

ونستأنس هنا برأي للجرجاني بخصوص هذه النقطة من البحث ، فهو يقول : (اعلم أنَّ ها هنا باباً من التلبيس أنتَ تجده يدور في أنفس قومٍ من الأشقياء ... وتراهم يومِئون إليه ويستهون الغرَّ الغبي بذكره ، وهو قولهم : قد جرت العادة بأن يبقى في الأمان مَن يفوت أهله حتى يسلّموا له ، وحتى لا يطمع أحدُ في مُداناته ، وحتى ليقع الإجماع فيه أنّه الفرد الذي لا ينازع ... .

ثُمّ قال : ولهم في هذا الباب خبط وتخليط ؛ وإنّما أتوا من تسرّعهم إلى الاعتراض قبل تمام العلم بالدليل ، وذلك : أنّ الشرط في المزيّة الناقضة للعادة ، أن يبلغ الأمر فيها إلى حيث يُبهر ويقهر ، حتى تنقطع الأطماع عن المعارضة ، وتخرس الألسن عن دعوى المداناة ، وحتى لا تُحدّث نفس صاحبَها بأن يتصدّى ، ولا يجول في خُلد أحد أنّ الإتيان بمثله ممكن ... وليت شعري مَن هذا الذي سُلِّمَ له أنّه كان في وقت من الأُوقات : مَن بلغَ أمره في المزيّة والعلو على أهل زمانه هذا المبلغ وانتهى إلى هذا الحد ؟! ....

ثُمّ قال : ومعلوم أنّ المعوّل في دليل الإعجاز على النظم ، ومعلوم كذلك أنّ ليس الدليل في المجيء بنظمٍ لم يوجد من قبلُ قط ، بل في ذلك مضموماً إلى أن يبين ذلك النظم من سائر ما عُرف ويُعرف من ضروب النظم ، وما يعرف أهل العصر من أنفسهم أنّهم يستطيعونه ، البينونة التي لا يعرض معها شكٍ لواحدٍ منهم أنّه لا يستطيعه ولا يهتدي لكنّه أمره ، حتى يكونوا في استشعار اليأس من أن يقدروا على مثله وما يجري مجرى المثل على صورة واحدة ، وحتى كأنّ قلوبهم في ذلك قد أُفرغت في قلب واحدٍ).

ويبقى آخر الأمر أن نعالج أمراً ربّما له ما يبرّره ، وهو : ما الضرورة إلى التحدّي وما هي مبرّراته ؟ وللإجابة نقول :

إنّ التحدّي وطلب المعارضة إنّما هو لتأكيد : أنّ ما يصدر عن الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليس من عنده ؛ لضرورة أنّ قدراته مثل قدراتهم ، وإمكاناته كبشر مثل إمكاناتهم ، لعلّه فيما يتعلّق بالإبداع الأدبي أقلَّ فيهم تفوقاً ، إذ لم يُعرف عنه أنّه كان ينثر دُرر الحكمة ، أو أنّه كان خطيباً أو شاعراً قبل أن يرفع دعواه بالنبوة ، هذا من جهة .

ومن جهةٍ أخرى ، فإنَّ الساحة الأدبيّة في مكّة وغيرها كانت ميداناً للمباريات والمعارضات ، كما كانت أسواقهم ومنتدياتهم تزخر بأنواع الأنشطة الأدبيّة ، ويقف النقّاد والمحكّمون يُرشِّحون هذه القصيدة أو تلك ، وينتخبون هذا الأثر الفني دون ذاك ، حتى كانت المعلّقات المشهورات أثراً لهذا المنهج .

ومن هنا كان من المناسب أن يجبّهم الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ويتحدّاهم في المجال الذي امتازوا فيه وعنوا به ، فيُقدّم القرآن الكريم برهاناً على صدق دعواه النبوّة ، وحُجةً على رسالته وسفارته عن الحضرة الإلهيّة ، وأنّه يتلقّى هذا القرآن من لدُن حكيم خبير من ربّ السموات والأرضين . فإن اعتراهم الريب أو داخلهم الشك ، فما عليهم إلاّ المعارضة التي هي وسيلتهم المعتادة وطريقتهم المفضّلة ، لكنّ نبوءة القرآن العظيم والحقيقة التي صدعَ بها حَسمت الأمر ، وذلك في قوله تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) .

وآخر دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/01/05   ||   القرّاء : 4959





 
 

كلمات من نور :

نوروا بيوتكم بقراءة القرآن .

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 تجلّي آيات من القرآن الكريم في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)

 الامام الحسن (عليه السلام) بين جهل الخواص وخذلان العوام

 ظاهرة الحروف المقطعة في فواتح سور القرآن - درس التفسير 1

 التدبر المضموني والبنيوي في الحروف المقطعة - الدرس 2

 ذكر فضائل علي اقتداءٌ برسول الله

 وفد من الكويت في زيارة للدار

 رئيس القساوسة في جورجيا يزور دار السيدة رقية (ع)

 دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم تحقق المركز الأول لجائزة 114 القرآنية العالمية

 الختمة القرآنية المجوّدة للدكتور القارئ رافع العامري

 المصحف المرتل بصوت القارئ الحاج مصطفى آل إبراهيم الطائي

ملفات متنوعة :



 الخضر (عليه السلام)

 سلسلة حلقات إبداعية لحفظ القرآن الكريم (4)

 شبهات حول الوحي

 الندوة القرآنية لتطوير الواقع القرآني

 المدخل إلى شخصية رسول الله ( ص) وسيرته في القرآن.. مولد النور (*) - القسم 2

 مصطفی إسماعيل صاحب نفس طويل فی القراءة التجويدية

 التفسح في المجالس

 نبذة عن حياة القارئ أبي حيدر الدهدشتي الشخصية والقرآنية

 ضوابط التأويل أو قواعده

 سوء الظن في المجتمعات القرآنية

إحصاءات النصوص :

  • الأقسام الرئيسية : 13

  • الأقسام الفرعية : 71

  • عدد المواضيع : 2213

  • التصفحات : 15488089

  • التاريخ : 18/04/2024 - 22:19

المكتبة :

. :  الجديد  : .
 الميزان في تفسير القرآن (الجزء العشرون)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثامن عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السادس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الرابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثالث عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثاني عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الحادي عشر)



. :  كتب متنوعة  : .
 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الرابع عشر)

 القيامة والقرآن

 تفسير القرآن الكريم المستخرج من آثار الإمام الخميني (ره) - المجلد 5

 الكشوف في الاعجاز القرآني وعلم الحروف

 لطائف ومعارف القرآن الكريم بين سؤال وجواب ج4

 تَارِيخ القُرآنِ

 تفسير النور - الجزء الرابع

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء السابع عشر

 تأثر الأحكام بعصر النص

 الميزان في تفسير القرآن ( الجزء الأول )

الأسئلة والأجوبة :

. :  الجديد  : .
 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم



. :  أسئلة وأجوبة متنوعة  : .
 ما هو تعريف الاعراف ، ومن هم أهل الاعراف؟

 المقصود بقوله: ﴿فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ﴾

 المقصود بالعلم في سورة المجادلة آية11

 أدلّة القائلين بالتحريف وردّها

 الميثاق الإلهي في عالم الذر، وغفلة بني آدم عن هذا الميثاق

 اذا کان الطالب أو الطالبه غير راغبين في الحفظ بل والداهما ...

 الصيحة وقبض الأرواح

 المقدار الزمني ليوم الحساب

 كيف استدل السيّد الخوئي (قدّس سرّه) بحديث الثقلين على عدم تحريف القرآن؟

 ماهوالتكليف في الصلاة الواجبة في حالة نسيان أو سهو قراءة السورة بعد الفاتحة وبعد أن يركع ؟

الصوتيات :

. :  الجديد  : .
 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الأول

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الأول

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الثاني

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الأول



. :  الأكثر إستماع  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (24599)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (12776)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (9655)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (9080)

 الدرس الأول (8133)

 الشیخ الزناتی-حجاز ونهاوند (7854)

 سورة الحجرات وق والانشراح والتوحيد (7333)

 آل عمران من 189 إلى 195 + الكوثر (7328)

 الدرس الأوّل (7327)

 درس رقم 1 (7254)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (6604)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (4847)

 مقام النهاوند ( تلاوة ) محمد عمران ـ الاحزاب (4087)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (3842)

 سورة البقرة والطارق والانشراح (3535)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (3365)

 الدرس الأول (3213)

 تطبيق على سورة الواقعة (3066)

 الرحمن + الواقعة + الدهر الطور عراقي (3037)

 الدرس الأوّل (2980)



. :  ملفات متنوعة  : .
 ق 1 ـ 15

 الجزء 26 - الحزب 52 - القسم الأول

 سورة طه

 36- سورة يس

 التحريم

 رمضان تجلى

 الاخلاص

 الضحى 1 - 11 + الانشراح

 الصفحة 604 (ق 3)

 الصفحة 363

الفيديو :

. :  الجديد  : .
 الأستاذ السيد نزار الهاشمي - سورة فاطر

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم



. :  الأكثر مشاهدة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (8862)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (8263)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (7366)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (7034)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (6841)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (6702)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (6630)

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار (6603)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (6598)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (6376)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (3056)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (2758)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (2571)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (2378)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع (2298)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (2295)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (2249)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (2247)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (2244)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (2233)



. :  ملفات متنوعة  : .
 الفلم الوثائقي حول الدار أصدار قناة المعارف 3

 خير النبيين الهداة محمد ـ فرقة الغدير

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 سورة الانفطار، التين ـ القارئ احمد الدباغ

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 سورة الذاريات ـ الاستاذ السيد محمد رضا محمد يوم ميلاد الرسول الأكرم(ص)

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 تواشيح الاستاذ أبي حيدر الدهدشتي_ مدينة القاسم(ع)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث

















 

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net