00989338131045
 
 
 
 
 
 

 متى كان الناس أمة واحدة ولماذا تفرّقوا؟ 

( القسم : التفسير )

السؤال :

{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سورة البقرة،  ٢١٣]
س: ١ متى كان الناس أمة واحدة ولماذا تفرّقوا؟
س: ٢ إذا كان الناس أمة واحدة لماذا لم يبعث لهم نبياً واحداً وبعث لهم نبيين؟
س: ٣ وانزل معهم الكتاب أين كانوا الأنبياء حتى أنزلهم وانزل معهم الكتاب ليحكموا به؟
س: ٤ ما معنى (بعث) الله النبين (وانزل) معهم الكتاب؟
س٥: لماذا هدى الله منهم إلى الحق ولم يهد الجميع وقوله تعالى {وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؟



الجواب :

تبيّن الآية السبب في تشريع أصل الدين وتكليف النوع الانساني به، وسبب وقوع الاختلاف فيه ببيان أن الانسان ـ وهو نوع مفطور على الاجتماع والتعاون ـ كان في أول اجتماعه أمة واحدة ثم ظهر فيه بحسب الفطرة الاختلاف في اقتناء المزايا الحيوية، فاستدعى ذلك وضع قوانين ترفع الاختلافات الطارئة، والمشاجرات في لوازم الحياة فألبست القوانين الموضوعة لباس الدين، وشفعت بالتبشير والانذار: بالثواب والعقاب، وأصلحت بالعبادات المندوبة إليها ببعث النبيين، وإرسال المرسلين، ثم اختلفوا في معارف الدين أو أمور المبدأ والمعاد، فاختل بذلك أمر الوحدة الدينية، وظهرت الشعوب والأحزاب، وتبع ذلك الاختلاف في غيره، ولم يكن هذا الاختلاف الثاني إلا بغياً من الذين أوتوا الكتاب، وظلماً وعتواً منهم بعد ما تبين لهم أصوله ومعارفه، وتمت عليهم الحجة، فالاختلاف اختلافان: اختلاف في أمر الدين مستند إلى بغي الباغين دون فطرتهم وغريزتهم، واختلاف في أمر الدنيا وهو فطري وسبب لتشريع الدين، ثم هدى الله سبحانه المؤمنين إلى الحق المختلف فيه بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
ويمكن تقسيم الحياة البشرية وكيفية ظهور الدين لإصلاح المجتمع بواسطة الأنبياء على مراحل (تتّضح من خلالها أجوبة السائل الكريم):
المرحلة الأولى: مرحلة حياة الإنسان الابتدائية حيث لم يكن للإنسان قد ألف الحياة الاجتماعية، ولم تبرز في حياته التناقضات والاختلافات، وكان يعبد الله تعالى استجابة لنداء الفطرة ويؤدي له فرائضه البسيطة، وهذه المرحلة يحتمل أن تكون في الفترة الفاصلة بين آدم ونوح (عليهما السلام).
المرحلة الثانية: وفيها اتخذت حياة الإنسان شكلاً اجتماعياً، ولابد أن يحدث ذلك لأنه مفطور على التكامل، وهذا لا يتحقق إلا في الحياة الاجتماعية.
المرحلة الثالثة: هي مرحلة التناقضات والاصطدامات الحتمية بين أفراد المجتمع البشري بعد استحكام وظهور الحياة الاجتماعية، وهذه الاختلافات سواء كانت من حيث الإيمان والعقيدة، أو من حيث العمل وتعيين حقوق الأفراد والجماعات تحتم وجود قوانين لرعاية وحل هذه الاختلافات، ومن هنا نشأت الحاجة الماسة إلى تعاليم الأنبياء وهدايتهم.
المرحلة الرابعة: وتتميز ببعث الله تعالى الأنبياء لإنقاذ الناس، حيث تقول الآية {فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}. فمع الالتفات إلى تبشير الأنبياء وإنذارهم يتوجه الإنسان إلى المبدأ والمعاد ويشعر أن وراءه جزاء على أعماله فيحس أن مصيره مرتبط مباشرة بتعاليم الأنبياء وما ورد في الكتب السماوية من الأحكام والقوانين الإلهية لحل التناقضات والنزاعات المختلفة بين أفراد البشر، التي ظهرت في فترات زمنية مختلفة من تاريخ البشرية (وواضح أنها لم تكن دفعة واحدة)، لذلك تقول الآية: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}.
المرحلة الخامسة: هي التمسك بتعاليم الأنبياء (عليهم السلام) وما ورد في كتبهم السماوية لإطفاء نار الخلافات والنزاعات المتنوعة (الاختلافات الفكرية والعقائدية والاجتماعية والأخلاقية).
المرحلة السادسة: واستمر الوضع على هذا الحال حتى نفذت فيهم الوساوس الشيطانية وتحركت في أنفسهم الأهواء النفسانية، فأخذت طائفة منهم بتفسير تعليمات الأنبياء والكتب السماوية بشكل خاطئ وتطبيقها على مرادهم، وبذلك رفعوا علم الاختلاف مرة ثانية. ولكن هذا الاختلاف يختلف عن الاختلاف السابق؛ لأن الأول كان ناشئاً عن الجهل وعدم الاطلاع حيث زال وانتهى ببعث الأنبياء ونزول الكتب السماوية، في حين أن منبع الاختلافات الثانية هو العناد والانحراف عن الحق مع سبق الإصرار والعلم، وبكلمة: (البغي)، وبهذا تقول الآية بعد ذلك: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}.
المرحلة السابعة: الآية الكريمة بعد ذلك تقسم الناس إلى قسمين، القسم الأول المؤمنون الذين ينتهجون طريق الحق والهداية ويتغلّبون على كل الاختلافات بالاستنارة بالكتب السماوية وتعليم الأنبياء، فتقول الآية: {فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} في حين أن الفاسقين والمعاندين ماكثون في الضلالة والاختلاف.
وتقول الآية في الختام: {وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وهذه الفقرة إشارة إلى حقيقة ارتباط مشيئة الله تعالى بأعمال الأفراد، فجميع الأفراد الراغبون في الوصول إلى الحقيقة يهديهم الله تعالى إلى صراط مستقيم ويزيد في وعيهم وهدايتهم وتوفيقهم في الخلاص من الاختلافات والمشاجرات الدنيوية مع الكفار وأهل الدنيا ويرزقهم السكينة والاطمئنان، ويبين لهم طريق النجاة والاستقامة. [انظر: تفسير الميزان، ج 2، ص 111 – 112؛ تفسير الأمثل،  ج 2 - ص 88 - 92]
 



طباعة   ||   أخبر صديقك عن السؤال   ||   التاريخ : 2016 / 01 / 21   ||   القرّاء : 5260  


 
 

  التلاوة :
  • الحفظ (23)
  • التجويد (18)
  • القراءات السبع (2)
  • الصوت والنغم (7)
  علوم القرآن وتفسيره :
  • علوم القرآن (57)
  • التفسير (205)
  • المفاهيم القرآنية (10)
  • القصص القرآني (6)
  • الأحكام (26)
  • الاجتماع وعلم النفس (31)
  العقائد :
  • التوحيد (27)
  • العدل (10)
  • النبوّة (25)
  • الإمامة (6)
  • المعاد (17)
  استفتاءات المراجع :
  • السيد الخوئي (29)
  • السيد السيستاني (52)
  • السيد الخامنئي (7)
  • الشيخ مكارم الشيرازي (83)
  • السيد صادق الروحاني (37)
  • السيد محمد سعيد الحكيم (49)
  • السيد كاظم الحائري (7)
  • الشيخ الوحيد الخراساني (2)
  • الشيخ إسحاق الفياض (3)
  • الشيخ الميرزا جواد التبريزي (10)
  • السيد صادق الشيرازي (78)
  • الشيخ لطف الله الصافي (29)
  • الشيخ جعفر السبحاني (11)
  • السيد عبدالكريم الاردبيلي (1)
  • الشيخ جوادي آملي (23)
  • السيد محمود الشاهرودي (5)
  • السيد الامام الخميني (4)
  جديد الأسئلة والإستفتاءات :



 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم

  البحث في الأسئلة والإستفتاءات :



  أسئلة وإستفتاءات قرآنية منوعة :



 س: تقصد تجربة الأستاذ، أم التلميذ، أم كلاهما؟

 من هم أصحاب الأعراف؟

 ما المقصود بالآيات المتشابهات ؟

 معنى قوله تعالى: {وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}

 ما هي الاتجاهات في معرفة المكي والمدني للسور والآيات المباركة؟

 المراد بآيات الأحكام

 هل يوجد أثر وفائدة لتلاوة القرآن، في حال عدم فهم الإنسان لمعنى الآيات؟

 ما حكم قراءة القرآن في نهار شهر رمضان المبارك؟

 معنى (ولقدهمّت به وهمّ بها)

 دين أجداد النبي(صلى الله عليه وآله) ؟

  إحصاءات الأسئلة والإستفتاءات :
  • عدد الأقسام الرئيسية : 4

  • عدد الأقسام الفرعية : 32

  • عدد الأسئلة والإستفتاءات : 900

  • تصفحات الأسئلة والإستفتاءات : 7771462

  • التاريخ : 28/03/2024 - 23:08

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • رئيسية الأسئلة والإستفتاءات القرآنية
  • أرشيف الأسئلة والإستفتاءات القرآنية
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net