00989338131045
 
 
 
 

  • الصفحة الرئيسية لقسم النصوص

التعريف بالدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • من نحن (2)
  • الهيكلة العامة (1)
  • المنجزات (15)
  • المراسلات (0)
  • ما قيل عن الدار (1)

المشرف العام :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرته الذاتية (1)
  • كلماته التوجيهية (14)
  • مؤلفاته (4)
  • مقالاته (71)
  • إنجازاته (5)
  • لقاءاته وزياراته (14)

دروس الدار التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (6)
  • الحفظ (14)
  • الصوت والنغم (11)
  • القراءات السبع (5)
  • المفاهيم القرآنية (6)
  • بيانات قرآنية (10)

مؤلفات الدار ونتاجاتها :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • المناهج الدراسية (7)
  • لوائح التحكيم (1)
  • الكتب التخصصية (8)
  • الخطط والبرامج التعليمية (6)
  • التطبيقات البرمجية (11)
  • الأقراص التعليمية (14)
  • الترجمة (10)
  • مقالات المنتسبين والأعضاء (32)
  • مجلة حديث الدار (51)
  • كرّاس بناء الطفل (10)

مع الطالب :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مقالات الأشبال (36)
  • لقاءات مع حفاظ الدار (0)
  • المتميزون والفائزون (14)
  • المسابقات القرآنية (22)
  • النشرات الأسبوعية (48)
  • الرحلات الترفيهية (12)

إعلام الدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الضيوف والزيارات (160)
  • الاحتفالات والأمسيات (75)
  • الورش والدورات والندوات (62)
  • أخبار الدار (33)

المقالات القرآنية التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علوم القرآن الكريم (152)
  • العقائد في القرآن (62)
  • الأخلاق في القرآن (163)
  • الفقه وآيات الأحكام (11)
  • القرآن والمجتمع (69)
  • مناهج وأساليب القصص القرآني (25)
  • قصص الأنبياء (ع) (81)

دروس قرآنية تخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (17)
  • الحفظ (5)
  • القراءات السبع (3)
  • الوقف والإبتداء (13)
  • المقامات (5)
  • علوم القرآن (1)
  • التفسير (16)

تفسير القرآن الكريم :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علم التفسير (87)
  • تفسير السور والآيات (175)
  • تفسير الجزء الثلاثين (37)
  • أعلام المفسرين (16)

السيرة والمناسبات الخاصة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • النبي (ص) وأهل البيت (ع) (104)
  • نساء أهل البيت (ع) (35)
  • سلسلة مصوّرة لحياة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) (14)
  • عاشوراء والأربعين (45)
  • شهر رمضان وعيد الفطر (19)
  • الحج وعيد الأضحى (7)

اللقاءات والأخبار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • لقاء وكالات الأنباء مع الشخصيات والمؤسسات (40)
  • لقاء مع حملة القرآن الكريم (41)
  • الأخبار القرآنية (98)

الثقافة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الفكر (2)
  • الدعاء (16)
  • العرفان (5)
  • الأخلاق والإرشاد (18)
  • الاجتماع وعلم النفس (12)
  • شرح وصايا الإمام الباقر (ع) (19)

البرامج والتطبيقات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البرامج القرآنية (3)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة









 
 
  • القسم الرئيسي : مؤلفات الدار ونتاجاتها .

        • القسم الفرعي : الترجمة .

              • الموضوع : الحب الإلهي في الكتاب والسنة (*) ـ القسم الثالث ـ .

الحب الإلهي في الكتاب والسنة (*) ـ القسم الثالث ـ

بقلم: الدكتور محمد حسين خليلي

 

ترجمة بتصرّف: عباس الجعفري / القسم الثقافي للدار

 

 

سبل الوصول إلى الحب الالهي في الآيات والروايات (*)

 ـ القسم الثالث ـ

 

تقدّم البحث في القسم الثاني عن أنواع الحب الإلهي في نظر العرفاء والفلاسفة، وفي هذا القسم نتناول السبل الموصلة إلى الحب الإلهي في الآيات والروايات.

 

يُستشف من المتون الدينية أنّ طرق الوصول إلى الحب الديني يتمّ عبر:

أ. الصفات والأفعال التي تؤثّر بشكل مباشر على ظهور وتعزيز الحب الإلهي عند أصحاب تلك الصفات والأفعال.

ب. الصفات والأفعال التي تؤثّر بشكل غير مباشر على حدوث أو ظهور الحب الإلهي في قلب الإنسان.

بالنسبة إلى المقام الأوّل؛ هناك صفات وأفعال تؤثّر في ظهور وتعزيز الحب الفطري الإلهي، ومنها:

1. ترك الذنوب والاشمئزاز منها

من الأمور المهمّة والأساسية لدى السالك إلى الله هو أداء الواجبات والابتعاد عن المحرّمات، إذ بدون ذلك لا يمكن لأيّ سالك أن يسير في طريق الحق والجادّة المستقيمة، حتى وإنْ أتعب نفسه وخاض صراعات مع هواه وجاهد نفسه لفترة طويلة وحصل أيضاً على بعض الحالات والمكاشفات التي يتخلّلها بعض الأوهام أو الخوارق والحالات الباطلة. وترك الواجبات من الأمور المحرَّمة؛ لهذا فإنّ أداء الواجبات وترك المحرمات عنصران أساسيّان في الوصول إلى الحب الإلهي.

جاء رجل إلى رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله، أحب أن أكون من أحبّاء الله ورسوله. فقال له رسول الله (ص) أحب ما أحب الله ورسوله، وأبغض ما أبغض الله ورسوله. [راجع ميزان الحكمة، ج 1، ص 504]

بلا شكّ، إنّ المعاصي والذنوب يبغضهما الله ورسوله، والعاصي والمذنب مبغوض وممقوت من قبل الله ورسوله، لذلك نرى الإمام الصادق (ع) يقول: «... طلبت حب الله عز وجل فوجدته في بغض أهل المعاصي». [مستدرك الوسائل، ج 12، ص 173]

ويجب التذكير إلى أنّ المقصود من بغض المذنبين؛ هو بغض أعمالهم لا ذواتهم؛ لأنّ المذنبين يستحقّون الرحمة والهداية، كما قال بعض الأنبياء (ع) عنهم: ﴿قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ [ الشعراء: 168].

وفي بيان معنى التقوى، يقول الإمام الصادق (ع): «ان لا يفقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك» [بحار الأنوار، ج 67، ص 285].

والمتّقون هم في كنف ولاية الله تعالى ﴿وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ، وجلّ وصايا الأئمة الطاهرين (ع) والعترة النبوية الطاهرة تنصبّ في التركيز على التقوى، باعتبارها رأس الأمور كما جاء عن لسان النبي الأكرم (ص) في وصيّته لأبي ذرّ (رحمه الله): « عليك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله» [بحار الأنوار، ج 67، ص289].

2. تخلية القلب من حب الدنيا وصرفه عنها

يُعدّ حبّ الدنيا أوّل الرذائل وأخطرها، وحبّ الدنيا هو أساس لجميع الرذائل، ويعبّر عنه بأنه «أمّ الرذائل»، ويُعدّ مانعاً أساسياً في طريق السالك إلى الله تعالى. وما يُستشف من مجمل الآيات القرآنية، أنّ إخلاء القلب من حب الدنيا هو أمر لا بدّ للسالك من أن يقوم به ليتسنّى له الوصول إلى المعبود المقصود.

من جانب آخر، يقول القرآن الكريم: ﴿مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ[الأحزاب: 4]، ويقول الرسول الكريم (ص): «حب الدنيا وحب الله لا يجتمعان في قلب أبداً» [ميزان الحكمة، ص511].

ويتّضح الأمر في كلام أمير المؤمنين (ع) الذي يقول فيه: «كيف يدّعي حب الله من سكن قلبه حب الدنيا؟» [ميزان الحكمة، ص 511]. وهنا يؤكّد الإمام الصادق (ع) ويقول: «ما أحب الله مَن أحب الدنيا ووالى غيرنا» [ميزان الحكمة، ص 511].

وخلاصة الأمر إنّ حب الدنيا يعني التعلّق باللّذائذ النفسانية في الحياة الدنيا، وهذا الأمر يستبطن الانغماس والغرق في الظلمات، ويحجب النفس عن الوصول إلى الحقائق النورانية.

وحب الله تبارك وتعالى الذي يعني التحرّر من قيود النفس والتحليق باتجاه الحقّ، يتنافى مع حب الدنيا الذي يعني الانغماس في الظلمات؛ لذلك نرى الإمام الصادق (ع) يقول: «إذا تخلى المؤمن من الدنيا سما ووجد حلاوة حب الله» [وسائل الشيعة، ج 16، ص 13].

3. دوام ذكر الله

من الأمور الأخرى التي تساعد وتعزّز الحب الإلهي والتي أكّدت عليها التعاليم الدينية، هي دوام ذكر الله تعالى، حيث يؤدّي هذا الأمر إلى استئناس قلب الذاكر بالله تعالى، كما جاء في قول أمير المؤمنين (ع): «الذكر مفتاح الأنس». [ميزان الحكمة، ص 970] كذلك دوام الذكر والإكثار منه يؤدّيان إلى حبّ المعبود من قبل الذاكر. ويؤكّد على هذا المعنى قول الرسول الكريم (ص): «من أكثر ذكر الله أحبه» [بحار الأنوار، ج 66، ص 349]، كذلك الآيات الشريفة [سورة الأحزاب الآية 41 ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾؛ وسورة طه، الآيات 33 و 34 ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾] والأخبار المتواترة توصي بالذكر الكثير. وأهل بيت النبوة (ع) طالما سألوا الله تبارك وتعالى أن يوفقهم للذكر الكثير؛ «إلهي وألهمني ولهاً بذكرك... وأن تجعلني ممّن يديم ذكرك» [مفاتيح الجنان، المناجاة الشعبانية].

إنّ ذكر الله تعالى في الحقيقة هو: القيام من النقص إلى الكمال، ومن الجهل إلى العلم، ومن الكثرة إلى الوحدة، وذكر الله أمر لا يمكن للباحث عن الحقيقة أن يستغني عنه في مسيرته نحو الكمال؛ لأنّ ذكر الله هو مما تتّصف به جميع الطاعات والعبادات، وهو امتثال لكافة الأوامر والانتهاء عن جميع النواهي، كما جاء عن الإمام الصادق (ع) في تفسيره للآية ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ [العنكبوت: 45] أنّه قال: «ذكر الله عندما أحل وحرّم» [ميزان الحكمة، ج 2، ص 973].

ينبغي أن نشير هنا إلى أنّ المقصود من الذكر في مصادرنا الدينية هو عموم الذكر بنوعيه؛ أي: الذكر اللّساني والذكر القلبي، علماً أنّ الذكر اللّساني يصبح ذكراً بالمعنى الحقيقي إذا كان مرافقاً لحضور القلب، وفي غير ذلك ما هو إلا مجرّد لقلقة اللّسان لا غير، كما يقول أمير المؤمنين (ع): «لا تذكر الله سبحانه ساهياً ولا تنسه لاهياً واذكره كاملاً يوافق فيه قلبك لسانك ويطابق اضمارك اعلانك...» [غرر الحكم ودرر الكلم، ح 10359].

ونقول في جملة واحدة: لابدّ أن يكون اللّسان ناطقاً عن القلب، كما يقول إمامنا الصادق (ع): «فاجعل قلبك قبلة للسانك لا تحرّكه إلا بإشارة القلب...» [مصباح الشريعة، ص 55]، وفي هذه الحالة سيكون تفاعل وتنسيق بين القلب واللّسان، وهذا الأمر لا يتحقّق إلا حينما يكون الذاكر ناسياً وفاقداً لنفسه، كما يقول أمير المؤمنين (ع): «ولن تذكره حقيقة الذكر حتى تنسي نفسك في ذكرك وتفقدها في أمرك» [غرر الحكم ودرر الكلم، ح 10359].

4. السهر والتهجّد وصلاة اللّيل

أي: لابدّ للإنسان من أن يخصّص قسطاً من اللّيل للقيام والذكر والتفكّر والاستغفار والتبتّل والتضرّع وتلاوة القرآن والصلاة، خاصّة نافلة الليل؛ إذ يقول إمامنا العسكري (ع): «إن الوصول إلى الله عز وجل سفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل» [بحار الأنوار، ج 75، ص 380]، فطبقاً لكلام الإمام العسكري (ع): إنّ امتطاء اللّيل يُعدّ أفضل وأهم وسيلة في سلوك السالك للوصول إلى الحضرة القدسية، حيث إنّ أصعب الموانع التي تحول دون الوصول للهدف سوف تزول في سواد اللّيل وسكونه، وسوف يتسنّى للسالك الوصول إلى المعبود، بل إنّ «لا» و «إلا» المذكورتين في الرواية تفيدان الحصر والاختصاص من الناحية البلاغية؛ أي: لا يمكن للسالك أن يحصل على القرب الإلهي إلا من خلال السهر والتهجّد ونافلة اللّيل.

ويعتقد أصحاب البصيرة أنّ قضاء اللّيل أو جزءاً كبيراً منه بالنوم يُعدّ أمراً مرفوضاً بل مضرّاً للسالك.

5. ترك الأهواء والشهوات

إنّ الابتعاد عن الشهوات وأهواء النفس سبب لإحياء القلوب ودنوّها من الحضرة القدسية.

قال الإمام الباقر (ع): «قال الله عز وجل: وعزتي وجلالي وعظمتي وقدرتي وبهائي وعلوي في مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا جعلت الغنى في نفسه، وهمه في آخرته، وكففت [عليه] ضيعته وضمنت السماوات والأرض رزقه، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر» [بحار الأنوار، ج 75، ص 31]. والسر في هذا واضح، لأنّ السالك بقدر ما يخالف نفسه الأمّارة، سوف تشتاق روحه إلى العوالم العلوية ويكون أكثر اشتياقاً للوصول إلى مقام القرب الإلهي. بعبارة أخرى: عندما يزيل السالك هوى الأغيار عن قلبه، سيحلّ فيه بعد ذلك هوى المحبوب جلّ شأنه.

6. التفكّر

من السبل المثالية التي توصلنا إلى الحب الإلهي والتي ذكرتها الثقافة السماوية هو التفكّر والتعقّل، وهو ما تؤكّده روايات أهل البيت (ع)، فعن صادق آل محمد (ع) أنّه قال: «إن أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله...» [بحار الأنوار، ج 36، ص 403].

وقد ذكر القرآن الكريم مفردة «العقل» 49 مرة، ومفردة «الفكر» 22 مرة، ومفردة «العلم» 779 مرة، بأنحاء مختلفة.

ويُعدّ العقل والعلم أصل الفكر، ومن خلال التفكّر يصل الإنسان إلى الكمال، وهو أحد مصادر استنباط الأحكام الشرعية أيضاً.

وتذكر الروايات المعتبرة أنّ التفكّر ينتج الحكمة وجلاء العقول، ويوجب الاعتبار، ويؤمن العثار، ويثمر الاستظهار، وينير اللّب، وهو رشد وثمرته السلامة، وبه تنجلي غياهب الأمور، وأنه يدعو إلى البر والعمل به وهو أصل كل خير، ومَن طالت فكرته حسنت بصيرته، وهو حياة قلب البصير[راجع ميزان الحكمة، ص 2462 و2463].

ذكرت لنا التعاليم الدينية بعض موارد ومجاري التفكّر؛ منها: التفكّر في صنع الخالق وعجائب آياته في الكون، والتدبّر والتفكّر في نعم الله وألطافه لخلقه، والتأمّل في ملكوت السموات والأرض.

ومن الأسباب التي تؤدّي إلى حب الله لخلقه هو التفكّر، وإنّ ذوي البصائر والتفكّر هم أحبّاء الله، حيث ينقل عن الإمام الباقر (ع) أنّه قال: «ان الله يحب... المتوحد بالفكرة» [راجع ميزان الحكمة، ج 1، ص504].

فإذاً؛ يعدّ التفكّر طريقاً لنيل الحب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فمن جانب يوجب حب المحب للمحبوب، ومن جانب آخر يوجب حب المحبوب للمحب.

7. الولاية وحب الرسول وآله المعصومين (ع)

أوّلاً: إنّ الرسول الأكرم (ص) وباقي الأئمّة المعصومين ومن ضمنهم الإمام الحجّة (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، هم أصحاب الولاية المطلقة ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ. [المائدة: 55]

ثانياً: إنّ نزول الفيض الإلهي على المخلوقات وخاصة الإنسان، وكذلك عروجهم إلى الله سبحانه وتعالى، لا يتمّ إلا من خلال وسائط الفيض وأصحاب الولاية المطلقة وهم أهل البيت (ع) ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً [ الفرقان: 57]. وقد جاء في دعاء الندبة الشريف: «فكانوا هم السبيل إليك والمسلك إلى رضوانك... أين باب الله الذي منه يؤتى».

ثالثاً: إنّ الوصول إلى مقام الحب الإلهي هو توفيق إلهي كبير وفيض عظيم يستلزم أن يكون لدى الإنسان قابلية ممتازة وطهارة روح وعناية ربانية خاصة، فقد رُوي عن الإمام علي (ع) أنّه قال: «إذا أكرم الله عبداً شغله بمحبته» [غرر الحكم ودرر الكلم، ح 2080].

رابعاً: إنّ البشر الناسوتي وبسبب ما تحمله نفسه من دنس وأضغان غير مؤهّل لكي يطأ تلك الساحة العلوية اللاهوتية المقدَّسة، لذلك هو بحاجة إلى وسائط وشفعاء ربانيون: «وجعل صلاتنا عليكم وما خصّنا به من ولايتكم طيباً لخلقنا وطهارة لأنفسنا وتزكية لنا...».

فطبقاً لما قدّمناه، تبيّن أنّ الولاية (الطاعة والانصياع) والحب (العلاقة القلبية) للأئمة الأطهار (ع) هو شرط لازم وحتمي لمن يريد أن يسلك هذا الطريق ويصل إلى مقام الحب الإلهي المنشود.

ويقول أصحاب القلوب: إنّ حب تلك الأنوار الطاهرة والشوق إليها، يؤدّي إلى اتحاد روح السالك مع تلك الأرواح المقدَّسة. وكلّما ازداد الحب لهم والعلاقة بهم، كلّما ازداد التمازج والاتحاد حتى يحصل الفناء، وعند حصول الفناء سيكون عروج روح السالك نحو المعبود مع تلك الأرواح فتفنى بالحق وتبقى بالحق: «من أحبكم فقد أحب الله...» [مفاتيح الجنان، الزيارة الجامعة الكبيرة].

عن الإمام السجاد (ع) في دعاء أبي حمزة الثمالي أنّه قال: «وبحبي للنبي الأمي القرشي... أرجو الزلفة لديك».

إذاً، إنّ ولاية المعصومين (ع) ومحبّتهم والتوسّل بذواتهم المقدَّسة وطلب الشفاعة منهم، من الأركان الأساسية في السلوك إلى الله تعالى.

ب. المقام الثاني؛ الصفات والأفعال التي تؤثّر بشكل غير مباشر على حدوث أو ظهور الحب الإلهي في قلب الإنسان.

ونقصد من الصفات والأفعال هي ما يقوم به العبد ويحبّه المعبود، فيكون أصحاب تلك الصفات والأفعال أحباء الله. وقد يكون مناسباً أن نعبّر عن هذا المقام بـ «أسباب حب الله لخلقه»، وهذا الحب، حب ثانوي أو استحقاقي (الثواب والأجر)، ويكون نتيجة للطاعة ولما يتحلّى به العبد من الصفات التي يحبّها الله، وهذا الحب الإلهي للعبد في الحقيقة هو ما يقرّب العبد ويوصله إلى الله تعالى، فيظهر من خلال الصفات والأفعال التي يحبّها الباري عزّ وجلّ.

أسباب حب الله لخلقه

أ) التوبة والطهارة

إنّ الله يحب المتطهّرين والتوّابين بدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222] ، والتوّاب هو اسم من أسماء الله الحسنى، فحب الله للتوّابين في الحقيقة هو حب لاسمه وصفته؛ لأنّ الإنسان التائب قد تخلّق بالأخلاق الإلهية وأصبح مظهراً لاسم من أسماء الله الحسنى؛ وهو التوّاب.

ب) المطهِّرين

المقصود من الآية الشريفة: ﴿وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [ التوبة: 108] هم الذين وُفّقوا لطهارة أنفسهم وطهارة غيرهم؛ أي: يكونوا مطهِّرين لغيرهم أيضاً، و«المطَّهِّر» اسم من أسماء الله الحسنى، وكل مَن كان مظهراً لهذا الاسم سيكون ممثِّلاً عن الله تعالى، وستكون أعماله ربانية.

ج) الإحسان والإكرام

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [ البقرة: 195].

رُوي أنّ النبي (ص) سُئل عن الإحسان فقال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» [ميزان الحكمة، ج 1، ص 642، ح 4022]. يتّضح من هذا الحديث الشريف أنّ الإحسان هو أن ينظر العبد إلى جمال الباري تعالى، ويعتقد بأن الله شاهد عليه في جميع أعماله، فالشهود صفة الخالق ﴿أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [ فصلت: 53]، فالله سبحانه وتعالى يحب المحسنين باعتبار أنّ الإحسان من صفاته جلّ ثناؤه.

د) الجهاد والقتال في سبيل الله

قال عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ [ الصف: 4].

يرى محيي الدين ابن عربي أنّ السرّ وراء هذا الحب هو أن المجاهدين في سبيل الله يكونون من خلال جهادهم سدّاً منيعاً أمام البدع وأمام تحريف المحرِّفين للصراط المستقيم.

هـ) الصبر والثبات

قال تعالى: ﴿وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [ آل عمران: 146].

الصبور من أسماء الله وصفاته، ومَن تأزّر بهذا الإزار فهو محبوب عند الله، والله يدعو أولياءه لكي يتحلّوا بالصبر ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ.[ النحل 127]

يقول أهل المعرفة إنّ للصبر آثاراً كثيرة، فهو يطهّر الروح ويصفّي القلب، ويزيل المصاعب، ويوصل الإنسان إلى الهدف والغاية، كما يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام: «من صبر على الله وصل إليه». [بحار الأنوار، ج 68، ص95]

و) الشكر

الشاكر والشكور من صفات الله وأسمائه الحسنى، وإنّ من أسباب حب الخالق لخلقه هو ظهور هذه الصفة عند العبد: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [ البقرة: 158﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ [ شورى: 23]، حيث يأمر الله سبحانه وتعالى أولياءه بالصبر؛ لأنّ الآثار الطيِّبة للصبر ستعود في النتيجة إلى العبد نفسه: ﴿وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ. [لقمان: 12]

عادةً ما يكون الشكر عند النعم، إلا أنّ أصحاب المعرفة يرون أنّ الشكر لله لابدّ أن يكون حتى في حالات البلاء والنقم؛ لأنّ النعم تظهر أحياناً بثوب النقم، وتارةً تتقمّص النقم ثوب النعم، والله سبحانه وتعالى يجزي المؤمنين الذين يتحمّلون المصاعب في دفاعهم عن الحق، فيزيد في النعم عليهم ويوفّقهم لفعل الخير: «... ويحب كل عبد شكور» [الكافي، ج 2، ص 99].

ز) التوكّل

قال سبحانه: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [ آل عمران: 159].

قد أمر الله سبحانه عباده بالتوكل، وهو يحب المتوكّلين.

رُوي أنّ جبرائيل (ع) لمّا سأله النبي (ص) عن التوكّل على الله تعالى قال: «العلم بأن المخلوق لا يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، واستعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله، ولم يرج ولم يخف سوى الله، ولم يطمع في أحد سوى الله، فهذا هو التوكل». [ميزان الحكمة، ج 4، ص 3657]

يقول صاحب كتاب (تذكرة الأولياء) بأنّ للتوكّل مراتب؛ أدناها: توكّل العوام، حيث يسلّم المتوكّل تسليماً كاملاً لمشيئة الله تعالى. وأرقى مراتب التوكل: توكّل خاص الخاص، حيث يكون العارف راضياً بما قدّره الله ولا يرى لنفسه أيّ حيلة ويفوّض أمره لربّ العالمين.

ح) الورع والتقوى

قال تعالى: ﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [آل عمران، 76]

التقوى: اسم من وقيت، وأصلها الحفظ، ثمّ استعملت في مخافة الله والعمل بما أمر به سبحانه.

التقوى من وجهة نظر القرآن والسنة، هي مفتاح الفلاح والهداية وأساس الكمال المعنوي والأخلاقي ومحور العزّة والكرامة، ودواء للآلام الروحية وشفاء للأسقام القلبية، والحبل المتين والحصن الحصين، وسبب للوصول إلى المقامات الأخروية.

إنّ الله سبحانه وتعالى هو أهل التقوى، ومن الطبيعي أنّ الإنسان الذي يتخلّق بهذا الخلق الإلهي سوف يكون مقرّباً لله، فعلى السالك الصادق أن يحذر ويجتنب كل فعل يؤدّي إلى حرمانه من القرب الإلهي، وهذا الحذر والخوف يفضي إلى القرب من الساحة المقدَّسة للمحبوب ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا .... [النحل: 128]

وكذلك، إنّ ملاك التقوى ورأسها هو رفض الدنيا وترك الشهوات كما تقول الروايات [راجع: ميزان الحكمة، ج 4، ص 3638]، وهذا هو سرّ حب الله لأهل التقوى؛ لأنّ القلب من خلال ترك الدنيا وملذّاتها، سوف يصفو ويطهر من أرجاس الطبيعة، ويصبح مؤهَّلاً للقرب من الحضرة القدسية؛ لذلك فإنّ المعدن الواقعي للتقوى هو قلوب العارفين ولا شيء آخر، وقد رُوي عن رسول الله (ص) أنّه قال: «لكل شيء معدن ومعدن التقوى قلوب العارفين». [راجع: ميزان الحكمة، ج 4، ص 3636]

وبهذا، قد اتضح كيف تكون التقوى سبباً لحب الله تعالى.

ط) التودّد وحب الآخرين لله وفي الله

عن رسول الله (ص) أنّه قال: «قال الله تعالى: حقت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيّ». [راجع: ميزان الحكمة، ج 4، ص 514]

يُعدّ الحب في الله فريضة، وأفضل الأعمال الحب في الله، وكذلك أوثق عرى الإسلام هو الحب في الله بحيث لا تنال ولاية الله إلا بذلك، ولا يجد رجل طعم الإيمان ـ وإن كثرت صلاته وصيامه ـ حتى يكون كذلك [راجع: ميزان الحكمة، ج 1، ص 515]. إذاً، هذه الصفة وهذا العمل يستحق أن يكون محبوباً لله تعالى.

ي) القسط والعدل

قال عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.[ المائدة: 42]

إنّ القسط والعدل والإنصاف من صفات الله تعالى، والإنسان الذي تتجلّى وتظهر فيه هذه الصفات الإلهية يكون محبوباً لله تعالى؛ لأنّ الإنسان من خلال عدالته وقسطه في سلوكه وتعامله مع الآخرين، فإنه يتخلّق بأخلاق الله وتشمله الرحمة الإلهية الخاصة ويكون تحت ظل ولاية الله تعالى، فيصبح محبوباً عند الله تعالى.

ك) كثرة ذكر الموت

رُوي عن رسول الله (ص) أنّه قال: «من أكثر ذكر الموت، أحبّه الله» [أصول الكافي، ج 2، ص 133، ح3]؛ لأنّ الموت هادم اللذّات ومنغص الشهوات ويقلع منابت الغفلة، ويقوي القلب ويحييه بمواعد الله [راجع: ميزان الحكمة، ج 4، ص 2965]. وفي التالي، سوف يقنع الإنسان بالقليل من الدنيا، وبه يتحقّق أفضل أنواع الزهد والعبادة.

يتّضح لنا بما ذُكر أنّ مَن يذكر الموت في كل يوم إحدى عشرين مرّة يحشر مع الشهداء، حيث إنّ ذكر الموت ينغّص على الإنسان حبّه للدنيا، وحب الله وحب الدنيا نقيضان لا يجتمعان.

ل) قلّة الكلام وقلّة الطعام وقلّة المنام

رُوي عن الرسول الأكرم (ص) أنّه قال: «ثلاثة يحبها الله: قلة الكلام وقلة المنام وقلة الطعام». [ميزان الحكمة، ج 1، ص 506] بلا شك إنّ هذه الأفعال تؤدّي إلى يقظة القلب وإحيائه، والقلب اليقظ والحي هو رأس مال السالك ومأوى حب الله، وإنّ كثرة الكلام وكثرة المنام وكثرة الطعام يبغضهما الله تعالى؛ لأنّ هذه الأفعال تكون سبباً في اسوداد القلب.

م) الإحسان إلى الخلق وخدمتهم

إنّ من الأعمال التي يحبّها الله سبحانه وتعالى كثيراً هو القيام بحقّه، والتواضع لخلقه، والإحسان إلى عباده. [ميزان الحكمة، ج 1، ص 506]

والعباد مع كونهم يعصون الله ولا يشكرونه إلا أنّ الله سبحانه وتعالى يعدّ عباده أهله وعياله: قال رسول الله (ص): «الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى الله من نفع عيال الله وأدخل على أهل بيت سروراً». [الكافي، ج 2، ص 164]

لذلك فإنّ أحب الخلق إلى الساحة الربوبية أنفعهم للناس وألطفهم بعباد الله، وعن الإمام الصادق (عليه السلام)أنّه قال: «قال الله عز وجل: الخلق عيالي، فأحبهم إلي ألطفهم بهم وأسعاهم في حوائجهم» [الكافي، ج 2، ص 199].

ولا يخفى أنّ المقصود من إدخال السرور على قلب المؤمن، والتي تعدّ من أفضل العبادات وأحبّها عند الله ليس هو مجرّد الفرح الظاهري من خلال بيان النكات والقصص المضحكة، بل إنّ المراد من أحب الأعمال إلى الله عز وجل هو إدخال السرور على المؤمن وإشباع جوعته أو تنفيس كربته أو قضاء دينه والذي يعبّر عنه بـ (الإحسان الأخلاقي).

والسبب في اعتبار صدقة السرّ من الأعمال المحبوبة عند الله تعالى، لأنّها إحسان للإنسان مع حفظ الكرامة الإنسانية، والشخص الذي يشمّر عن ساعديه في خدمة الخلق يعدّ ممثّلاً عن الله سبحانه وتعالى في تفقّد عباده والإحسان إليهم، وهو رداء ألبسه الله إيّاه وصار مظهراً لصفات الله في هذا الباب، لذلك أصبح محبوباً عند الله تعالى.

ن) الفرائض والنوافل

السبب في كون الواجبات والمستحبّات محبوبة عند الله سبحانه وتعالى هو ما ذكره الحديث القدسي النبوي الشريف: «ما تحبّب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، وانه ليتحبّب الي بالنافلة حتى أحبّه...» [ميزان الحكمة، ج 1، ص 510].

بما أنّ مسألة الفرض في الفريضة بمعنى المفروض والواجب، وأنّ الإرادة الإلهية هي الحاكمة على الإنسان، والإنسان يخضع تحت هذه الإرادة ولا يمتلك أيّ إرادة من نفسه، وهو طريق الفناء؛ أي: يتخلّى عن نفسه ويتّجه نحو الغاية، إذاً، الفريضة هي حقيقة العبودية وأصل فيها.

لذلك اعتبرت الفرائض في الحديث القدسي من أحب الاعمال إلى الله، ومن أفضل الطرق المؤدّية إلى لطف الله ومحبته.

يُشير ابن عربي في كتابه الوصايا إلى هذه النقطة ويقول: ففي الفرض، عبودية الاضطرار وهي الأصلية [الفتوحات المكية، ج 4، ص 449]. والقرب الإلهي الذي يحصل بسبب أداء الواجبات إذا تمّ وكمل، حينها ستكون إرادة العبد إرادة الحق تعالى، وتكون بإذن الله له الولاية التكوينية: «وهو أن يكون الحق يريد بإرادة هذا العبد المجتبى ويجعل له التحكم في العالم بما شاء بمشيئته تعالى» [الفتوحات المكية، ج 2، ص336].

أمّا بالنسبة للنوافل فلا تأتي فيها مسألة الفرض والوجوب؛ بل يؤدّيها الإنسان باختياره وطوعه، وكما يقول ابن عربي: «وفي الفرع (وهو النفل) عبودية الاختيار». إذاً، القرب الذي يحصل من خلال الاتيان بالمستحبات إذا وصل إلى حدّ الكمال، سيكون حينها كما جاء في الحديث القدسي الشريف: «فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها...» [ميزان الحكمة، ج1، ص 510] ، حينها يقول: «ففي أداء الفرض أنت له وفي النفل أنت لك، وحبه إياك من حيثما أنت أعظم وأشد من حبه إياك من حيثما أنت لك». [المقالات، ج 2، ص 116]

ز) خشوع القلب والبكاء

القرآن الكريم يقول: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا، [مريم: 58] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا.[ الاسراء: 109]

العيون الباكية من خشية الله والقلوب الخاشعة التي تئن من خوفه، هي محبوبة للباري عزّ وجلّ بحيث وكما يقول الإمام الباقر (عليه السلام): «ما من قطرة أحب الله عز وجل من قطرة دموع في سواد اللّيل مخافة من الله لا يراد بها غيره».[ اصول الكافي، ج 2، ص 482]

محبة الله تعني جذب العبد إليه سبحانه، وهذا يتجلّى من خلال دموع العبد وخشوعه، وإضافة إلى أنّ هذه الدموع وهذا الخشوع يعدّان سبباً وعاملاً مباشراً للوصول إلى المحبّة الإلهية، لذلك يقول الحديث الشريف: «إن أقرب ما يكون العبد من الرب عز وجل وهو ساجد باك» [اصول الكافي، ج 2، ص 482]، فمن جهةٍ؛ الحزن ودموع الأسى، ومن جهة أخرى لذّة الشهود والابتهاج بالشراب الطهور ونغمة القرب وجذبات الرحمن: «جذبة من جذبات الرحمن توازي عبادي الثقلين». [رسالة لب اللباب، ص 10]

ع) اتباع الرسول

إنّ الله سبحانه وتعالى يعدّ اتّباع الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) سبباً لمحبّته لعباده فيقول: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ....[ آل عمران: 31] لذا فإنّ أتباع الرسول (صلى الله عليه وآله) الحقيقيّين هم أحبّاء الله تعالى. ويشير ابن عربي إلى سبب ذلك ويقول: «إذ الاتباع سبب الحب واتباعه صورته في مرآة العالم سبب الحب لأنه لا يرى سوى نفسه».[ الفتوحات المكية، ج 2، ص 322]

كذلك أهل البيت (عليهم السلام) بما أنهم نور واحد ولديهم الولاية المطلقة وهم وسائط الفيض الإلهي، فإنّ شأنهم شأن النبي (صلى الله عليه وآله)، وطاعتهم ورضاهم يتبعه رضا الله ولطفه ورحمته، ومن البديهي أنّ رضا الله يخرق الحجب ويمحو الذنوب، وبالتالي هو تقرّب إليه سبحانه وتعالى، لذلك نقرأ في الزيارة الجامعة الكبيرة: «يا ولي الله إن بيني وبين الله عز وجل ذنوباً لا يأتي عليها إلا رضاكم...».

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «من سره أن يعلم ان الله يحبه فليعمل بطاعة الله وليتبعنا...» ثم استشهد بالآية الكريمة من سورة آل عمران [الكافي، ج 8، ص 12، ح 1].

إذاً، لا يستطيع أحد بدون أن يتّبع الرسول (صلى الله عليه وآله) وخلفاءه المعصومين (عليهم السلام) أن يكون محبوباً عند الله، لأن اطاعة أولي الأمر؛ أي: أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، هي إطاعة النبي (صلى الله عليه وآله) وهي التي أمر بها الله سبحانه وتعالى العباد، حيث قال في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.[ النساء: 59]

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*. مقتبس من كتاب: مقام محبت الهى از منظر حكمت و عرفان نظري و عملى «مقام الحب الالهي في الحكمة والعرفان النظري والعملي» (بالفارسية)، الدكتور محمد حسين خليلي.

 

------------------------------

مقالات مرتبطة:

 الحب الإلهي في الكتاب والسنة (*) ـ القسم الرابع ـ

 الحب الإلهي في الكتاب والسنة (*) ـ القسم الثاني ـ

 الحب الإلهي في الكتاب والسنة (*) ـ القسم الأول ـ

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/14   ||   القرّاء : 5121





 
 

كلمات من نور :

لا يعذب الله قلباً وعي القرآن .

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 تجلّي آيات من القرآن الكريم في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)

 الامام الحسن (عليه السلام) بين جهل الخواص وخذلان العوام

 ظاهرة الحروف المقطعة في فواتح سور القرآن - درس التفسير 1

 التدبر المضموني والبنيوي في الحروف المقطعة - الدرس 2

 ذكر فضائل علي اقتداءٌ برسول الله

 وفد من الكويت في زيارة للدار

 رئيس القساوسة في جورجيا يزور دار السيدة رقية (ع)

 دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم تحقق المركز الأول لجائزة 114 القرآنية العالمية

 الختمة القرآنية المجوّدة للدكتور القارئ رافع العامري

 المصحف المرتل بصوت القارئ الحاج مصطفى آل إبراهيم الطائي

ملفات متنوعة :



 حلقات في شرح وصايا الإمام الباقر (عليه السلام) - 9 *

 قناة الكوثر الفضائية تنظم مسابقات دولية للقرآن الكريم

 الدار تشرع ببرامجها الدراسية للعام الدراسي الجديد 1440هـ

 تفسير القرآن الكريم ومناهجه

 تقرير عن الدورة الصيفية الثانية لعام 1429 هـ . ق

 الدين والإنسان من منظور قرآني

 كيف نزل القرآن؟

 التوافق: الدار تكرّم الفائزين في مسابقة النّور المحمدي

 دور الأُسوة الحسنة في التربية

 آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري رحمه الله

إحصاءات النصوص :

  • الأقسام الرئيسية : 13

  • الأقسام الفرعية : 71

  • عدد المواضيع : 2213

  • التصفحات : 15413665

  • التاريخ : 28/03/2024 - 14:22

المكتبة :

. :  الجديد  : .
 الميزان في تفسير القرآن (الجزء العشرون)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثامن عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السادس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الرابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثالث عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثاني عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الحادي عشر)



. :  كتب متنوعة  : .
 تفسير النور - الجزء الأول

 بحث في رسم القرآن الكريم

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن ( الجزء الرابع )

 التبيان في تفسير القرآن ( الجزء العاشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

 تفسير الصافي ( الجزء الثالث)

 رواية حفص بين يديك

 نظرة على الآيات الاقتصادية

 تفسير القرآن الكريم المستخرج من آثار الإمام الخميني (ره) - المجلد 1

الأسئلة والأجوبة :

. :  الجديد  : .
 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم



. :  أسئلة وأجوبة متنوعة  : .
 ما الفرق بين قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} و {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}؟

 النجاة من عذاب البرزخ

 هدف خلقة الإنسان

 مَن هو الذي عنده علم الكتاب؟

 مجموعة أسئلة عن العنف والديمقراطية وغيرها؟

 الموت والوفاة

 حكم شراء القرآن

 أخذ الجزية ليس إكراهاً على الإسلام

 هل القرآن الموجود الآن بين أيدي المسلمين هو نفس القرآن الذي نزل على الرسول الاعظم (ص) ، لا زيادة ولا نقصان فيه ؟

 من هم العباد الذين أرسلوا إلى اليهود عندما جاء وعد أولاهما ؟ وكما ذكر في الآية : ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ )

الصوتيات :

. :  الجديد  : .
 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الأول

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الأول

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الثاني

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الأول



. :  الأكثر إستماع  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (24558)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (12747)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (9629)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (9057)

 الدرس الأول (8106)

 الشیخ الزناتی-حجاز ونهاوند (7827)

 سورة الحجرات وق والانشراح والتوحيد (7300)

 الدرس الأوّل (7293)

 آل عمران من 189 إلى 195 + الكوثر (7293)

 درس رقم 1 (7225)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (6592)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (4836)

 مقام النهاوند ( تلاوة ) محمد عمران ـ الاحزاب (4079)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (3830)

 سورة البقرة والطارق والانشراح (3527)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (3354)

 الدرس الأول (3198)

 تطبيق على سورة الواقعة (3056)

 الرحمن + الواقعة + الدهر الطور عراقي (3022)

 الدرس الأوّل (2967)



. :  ملفات متنوعة  : .
 سورة ق

 سورة غافر

 ابراهيم 22 - 31

 سورة النصر

 الصفحة 349

 94- سورة الشرح

 سورة الاسراء

 عبد مطيع ذليل النفس ناجاكا

 الاخلاص

 سورة النازعات

الفيديو :

. :  الجديد  : .
 الأستاذ السيد نزار الهاشمي - سورة فاطر

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم



. :  الأكثر مشاهدة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (8839)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (8243)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (7337)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (7008)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (6814)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (6680)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (6605)

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار (6581)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (6577)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (6353)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (3045)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (2745)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (2560)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (2368)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع (2286)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (2282)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (2240)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (2238)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (2230)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (2225)



. :  ملفات متنوعة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر

 سورة الذاريات ـ الاستاذ السيد محمد رضا محمد يوم ميلاد الرسول الأكرم(ص)

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس العاشر

 تواشيح السيد مهدي الحسيني ـ مدينة القاسم(ع)

 تواشيح الاستاذ أبي حيدر الدهدشتي_ مدينة القاسم(ع)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السادس

















 

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net