00989338131045
 
 
 
 

  • الصفحة الرئيسية لقسم النصوص

التعريف بالدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • من نحن (2)
  • الهيكلة العامة (1)
  • المنجزات (15)
  • المراسلات (0)
  • ما قيل عن الدار (1)

المشرف العام :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرته الذاتية (1)
  • كلماته التوجيهية (14)
  • مؤلفاته (4)
  • مقالاته (71)
  • إنجازاته (5)
  • لقاءاته وزياراته (14)

دروس الدار التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (6)
  • الحفظ (14)
  • الصوت والنغم (11)
  • القراءات السبع (5)
  • المفاهيم القرآنية (6)
  • بيانات قرآنية (10)

مؤلفات الدار ونتاجاتها :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • المناهج الدراسية (7)
  • لوائح التحكيم (1)
  • الكتب التخصصية (8)
  • الخطط والبرامج التعليمية (6)
  • التطبيقات البرمجية (11)
  • الأقراص التعليمية (14)
  • الترجمة (10)
  • مقالات المنتسبين والأعضاء (32)
  • مجلة حديث الدار (51)
  • كرّاس بناء الطفل (10)

مع الطالب :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مقالات الأشبال (36)
  • لقاءات مع حفاظ الدار (0)
  • المتميزون والفائزون (14)
  • المسابقات القرآنية (22)
  • النشرات الأسبوعية (48)
  • الرحلات الترفيهية (12)

إعلام الدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الضيوف والزيارات (160)
  • الاحتفالات والأمسيات (75)
  • الورش والدورات والندوات (62)
  • أخبار الدار (33)

المقالات القرآنية التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علوم القرآن الكريم (152)
  • العقائد في القرآن (62)
  • الأخلاق في القرآن (163)
  • الفقه وآيات الأحكام (11)
  • القرآن والمجتمع (69)
  • مناهج وأساليب القصص القرآني (25)
  • قصص الأنبياء (ع) (81)

دروس قرآنية تخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (17)
  • الحفظ (5)
  • القراءات السبع (3)
  • الوقف والإبتداء (13)
  • المقامات (5)
  • علوم القرآن (1)
  • التفسير (16)

تفسير القرآن الكريم :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علم التفسير (87)
  • تفسير السور والآيات (175)
  • تفسير الجزء الثلاثين (37)
  • أعلام المفسرين (16)

السيرة والمناسبات الخاصة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • النبي (ص) وأهل البيت (ع) (104)
  • نساء أهل البيت (ع) (35)
  • سلسلة مصوّرة لحياة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) (14)
  • عاشوراء والأربعين (45)
  • شهر رمضان وعيد الفطر (19)
  • الحج وعيد الأضحى (7)

اللقاءات والأخبار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • لقاء وكالات الأنباء مع الشخصيات والمؤسسات (40)
  • لقاء مع حملة القرآن الكريم (41)
  • الأخبار القرآنية (98)

الثقافة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الفكر (2)
  • الدعاء (16)
  • العرفان (5)
  • الأخلاق والإرشاد (18)
  • الاجتماع وعلم النفس (12)
  • شرح وصايا الإمام الباقر (ع) (19)

البرامج والتطبيقات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البرامج القرآنية (3)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة









 
 
  • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .

        • القسم الفرعي : علوم القرآن الكريم .

              • الموضوع : لغة القرآن الكريم .

لغة القرآن الكريم

 آية الله العظمى الشيخ جوادي آملي

إنّ القرآن الكريم هو كتاب هدى لجميع الناس في جميع العصور، وشمس القرآن ساطعة لا تأفل أبداً، تضيء بنورها الوهّاج جميع الأرض بطولها وعرضها وعلى امتداد الأزمنة والدهور... وحيث ما توجد هناك بشرية فإنّ نور هدى القرآن يشرق عليها ويضيء: ﴿وَمَا هِي إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَر[1]، ﴿وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِين.[2] فلا يحدّه عصر ولا مصر ولا يختصّ بقوميّة محدّدة ولا عنصر معيّن.

ولقد بيّن الله سبحانه نطاق رسالة النبيّ الأكرم(ص) بقوله تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاس [3]...، وبناءً عليه فإنّ رسالته(ص) عامّة ودائمة، وكتابه عالميّ وخالد، وقومه أيضاً هم جميع أفراد البشريّة وليس مجموعة من أهل الحجاز... ومجال الانذار للنبيّ(ص) أيضاً بمقدار سعة (العالمين) كما بيّنته الآيتان: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرا[4]، ﴿نَذِيراً لِلْبَشَر﴾.[5]

والكتاب الّذي اُنزل هداية للجميع، ونطاق ومساحة ارشاده وفعّاليته عالميّة وشاملة يجب أن يمتاز بأمرين:

1. يجب أن يتكلّم بلغة عالميّة حتّى يستطيع الجميع أن يستوعبوا ما فيه من المعارف، ولا يحتجّ أحد بأنّ لغته مبهمة ومعقّدة وغير مفهومة، بحيث يرى غرابته وعدم انسجامه مع الثقافة عقبة ومانعاً يحول دون اتّباعه وسلوك صراطه المحقّق للسعادة.

2. يجب أن يكون محتواه مفيداً ونافعاً للجميع، بحيث لا يستغني عنه أحد. كالماء الّذي هو مصدر حياة لجميع الأحياء... فليس هناك من مخلوق حيّ في جميع العصور والأمصار الاّ وهو محتاج إليه.

اللغة العالميّة للفطرة

في هذا الفصل نتحدّث عن الأمر الأوّل وهو أنّ لغة القرآن عالميّة فلا التمتّع بثقافة خاصّة شرط في فهم معارف القرآن الكريم بحيث إنّ المقصود من العالمين في بعض الاستعمالات القرآنيّة هو الناس في عصر واحد، وفي بعض الموارد، كهذه الآية، الناس في عصر خاصّ وما بعده من العصور، وفي بعض الموارد كآية ﴿اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِين﴾ ليس العصور الماضية والآتية فحسب؛ بل يشمل أيضاً جميع العوالم غير الإنسانيّة كعالم الملائكة والجنّ وعالم الجماد والنبات... إلاّ أن يتمّ إثبات وجود قرينة على الاختصاص بغير النبات والجماد.

يصعب بدونها إدراك أسرار القرآن، ولا الحضارة المعيّنة مانع من ذلك، بحيث انّ الانتماء الى تلك الحضارة يحرم أهلها من فهم لطائف القرآن، واللغة الوحيدة الّتي تجعل عالم البشريّة الواسع منسجماً ومترابطاً هي لغة «الفطرة»، فلغة الفطرة هي الثقافة العامّة والمشتركة بين جميع بني الانسان في جميع العصور والأمصار، ويعرفها وينتفع منها كلّ إنسان، ولا يتيسّر لأيّ فرد أن يفكّر بأنّه غريب عنها، ولا تطال يد التاريخ طهارتها ونقاءها وبناءها الشامخ المنيع، لأنّ الله سبحانه خالق هذه الفطرة وقد حفظها وصانها من كلّ سوء: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيّم.[6]

وليس مقصودنا من لغة القرآن هنا هو «اللغة والأدب»، إذ من الواضح أنّ معارف القرآن قد تجلّت للناس بلغة وأدب العرب، وأنّ غير العرب لا يمكنهم معرفة لغة القرآن الكريم ما لم يتعلّموا اللغة والأدب العربيّين.

انّ مقصودنا من كون لغة القرآن عامّة لجميع الناس هو تحدّث القرآن بالثقافة المشتركة لجميع الناس، فالناس وان اختلفوا في لغاتهم وآدابهم، ولم يتّحدوا في أعرافهم وثقافاتهم القوميّة والإقليميّة، ولكنّهم مشتركون في ثقافتهم الإنسانيّة الّتي هي ثقافة الفطرة الثابتة الّتي لا تبديل لها ولا تغيير، والقرآن الكريم يتكلّم مع الناس بهذه الثقافة، فالمخاطب فيه هو فطرة الناس، والغرض من إرسال القرآن هو تنمية فطرة الإنسان وتكميلها، ولذلك فإنّ لسان القرآن مفهوم لدى الجميع، وإدراكه ميسّر لعامّة البشر.

ولقد ظهرت لغة القرآن العالميّة وتجلّى خطابه المشترك وثقافته العامّة في شكل المجتمع الرائع الّذي ضمَّ سلمان الفارسيّ، وصهيب الروميّ، وبلال الحبشيّ وأويس القرنيّ وعمّار بن ياسر وأبا ذرّ الحجازيّين في ظلّ النبيّ العالميّ محمّد بن عبدالله(ص)، الّذي أعلن في الآفاق انّني «اُرسلِتُ إلى الأبيض والأسود والأحمر».[7] ففي مقام الوحي والرسالة الّذي هو الظهور التّام لوحدة الله سبحانه تكون «الكثرة في الصورة» محكومة «للوحدة في السيرة»، ويصبح تعدّد اللغات والاُصول والقوميّات والأقاليم والعادات والآداب وسائر العوامل الخارجيّة المتنوّعة مقهوراً لاتّحاد الفطرة الباطنيّة.

انّ كون فهم القرآن عامّاً وكون إدراك معارفه سهلاً للجميع هو أمر قد بيّنته العديد من الآيات الكريمة كما في قوله تعالى:

1. ﴿يا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيعْفُوا عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِين.[8]

2. ﴿يا أَيهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِن رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيكُمْ نُوراً مُبِيناً.[9]

3. ﴿فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا.[10]

4. ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُوْلئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون.[11]

ففي هذه الآيات، ذُكر القرآن الكريم على انّه «نور» و «كتاب مبين» أي بيِّن وواضح ومبيِّن[12] و «برهان» أي نور أبيض ولامع، والنور وإن كان ذا درجات ومراتب مختلفة بحيث أنّ بعض العيون غير قادرة على رؤية درجاته الشديدة، لكن لا يمكن لأحد أن يدّعي بأنّ النور غامض أو أنّه لا يمكن مشاهدته أصلاً.

الله سبحانه الّذي هو نور السماوات والأرض ﴿اللهُ نُورُ السَّماوَاتِ وَالأَرْض[13] قد خلق لهداية الناس نوراً خاصّاً، وهذا النور في ذاته بيِّن وواضح، ولا توجد في جميع أنحائه نقطة مبهمة ولا زاوية مظلمة، ولا تحتاج رؤيته الى نور آخر، كما أنّه مبيِّن وموضّح لحياة الناس في جوانبها المختلفة من العقيدة والأخلاق والعمل. فمن مميّزات هذا النور انّه «الظاهر بذاته والمظهر لغيره»، كما أنّه ليس محتاجاً الى الغير لأنّ كلّ شيء يجب أن يرى بواسطة النور لكنّ النور لا يُرى بواسطة شيء آخر، وإنّما هو يُرى بنفسه.

5. ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيكَ الْكِتَابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَي‏ءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين[14] القرآن تبيان أي مبيّن لجميع المعارف الضروريّة والنافعة للبشريّة، وهو متصدٍّ لبيان جميع المعارف والأحكام الّتي من شأنها تحقيق هداية وسعادة وكرامة وعزّة المجتمعات الإنسانيّة، ومثل هذا الكتاب لابدّ أن يكون في توضيح مضمونه وطريقته ومسلكه بيّناً وواضحاً، لا أن يكون مبهماً ومجملاً ومحتاجاً الى المبيّن، لأنّ الكتاب المبهم الّذي لا يتمكّن من كشف معانيه وتفسير مطالبه وعباراته لا يمكنه أبداً أن يبيّن المعارف المحقّقة للسعادة. ولذلك فإنّ القرآن الكريم في إطاره الداخليّ وفي ذاته «بيِّن» وبالنسبة الى الخارج عنه «مبيِّن».

6. ﴿أَفَلاَ يتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾.[15]

انّ دعوة وترغيب جميع الناس الى التدبّر في القرآن الكريم، وتوبيخهم على عدم التفكّر والتدبّر في آيات القرآن شاهد ناطق على كون لغة القرآن عالميّة وانّ فهم معارفه شامل للجميع، لأنّ القرآن لو كان خطابه بثقافة مختصّة ببعض الناس لكانت دعوته الجميع الى التدبّر في الآيات لغواً.

7. ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لاَ يأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾.[16] انّ تحدّي القرآن الكريم عالميّ كما يظهر من هذه الآية الكريمة، كما أنّه خالد أيضاً. ويلزم من كون تحدّيه عالميّاً انّ فهمه وإدراكه مقدور للجميع، لأنّ هذا التحدّي لا ينحصر في اطار اللغة والأدب والفصاحة والبلاغة حتّى يكون المقصودون في الخطاب به هم العرب وحدهم، أو أنّهم العارفون باللغة والأدب العربيّ فقط، بل انّ التحدّي يشمل معاني القرآن ومحتواه وثقافته الخاصّة أيضاً.

واعتراف العالمين بعجزهم عن الاتيان بمثل القرآن إنّما يكون مفيداً ونافعاً إذا كان محتوى القرآن ومعانيه مفهومة لديهم، وإلاّ فإنّ الدعوة الى الإتيان بمثل كتاب لا يستطيع كثير من الناس فهم لغته الخاصّة وإدراك معانيه إنّما هو عمل لغو وليس من الحكمة إطلاقاً.

تنويه: 1. انّ كون القرآن الكريم يتحدّث بلغة الفطرة وكون فهمه عامّاً وشاملاً لا يعني انّ جميع الناس متساوون في نصيبهم من إدراك وفهم هذا الكتاب الإلهيّ.

فمعارف القرآن ذات مراتب ودرجات كثيرة، ولكلّ فئة من الناس نصيبها من تلك الدرجات: «كتاب الله عزّ وجلّ على أربعة أشياء: على العبارة والإشارة واللطائف والحقائق، فالعبارة للعوامّ والإشارة للخواصّ واللطائف للأولياء والحقائق للأنبياء»[17] وكلّ إنسان ينال نصيبه من القرآن بمقدار استعداده حتّى تنتهي المراتب الى «المقام المكنون» الّذي لا يبلغه إلاّ النبيّ الأكرم(ص) وأهل بيته(ع).

2. انّ القرآن الكريم وإن كان عالميّاً وخالداً ولا يختصّ بعصر ولا إقليم ولا مجموعة خاصّة، ولكنّ الجميع لا يملكون توفيق الاستفادة منه.

فالذنب والفساد والإلحاد والتقليد الباطل للأسلاف يختم على قلب الانسان ويجعل عليه قفلاً يمنعه من التدبّر في معارف القرآن وإدراك أسراره ﴿أَفَلاَ يتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا.[18] ومعارف القرآن لا تنفذ في القلب المقفل، أمّا اُولئك الّذين صانوا فطرتهم سواء كانوا مثل صهيب الّذي جاء من الروم أو مثل سلمان الّذي جاء من إيران أو مثل بلال الّذي جاء من الحبشة أو مثل عمّار أو أبي ذرّ اللّذين هما من الحجاز فإنّهم أمام هذا الكتاب الإلهيّ سواء وعلى نسق واحد، لأنّ القرآن الكريم لا يختصّ بإقليم ولا قوميّة ولا عنصر معيّن وإنّما هو شفاء للأمراض الروحيّة وسبب للهداية ونزول الرحمة على جميع الناس: ﴿يا أيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَوْعِظَةٌ مِن رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِين.[19]

والمقصود هو أنّ هداية القرآن عامّة بالأصل. وأمّا الآيات الكريمة مثل: ﴿ذلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِين[20]، ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يخْشَاهَا[21]، ﴿لِينذِرَ مَن كَانَ حَيّاً[22] فهي ليست ناظرة الى انّ دعوة القرآن مختصّة بالأتقياء وذوي الخشية وأصحاب القلوب الحيّة، بل المقصود منها هو انّ الاستفادة والاهتداء والانتفاع وأمثال هذه الاُمور هي لهؤلاء، ففي نفس الوقت الّذي جاء فيه القرآن لجميع الناس فإنّ من يتأثّر بآياته ويتّعظ ويهتدي بها هم المتّقون وذوو القلوب المستيقظة، ولذلك نرى الى جانب قوله تعالى ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يخْشَاهَا[23]، قوله تعالى ﴿وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً﴾[24] ممّا يفيد كون أصل الانذار عالميّاً، لأنّ القرآن نزل ﴿لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً﴾.[25] فالّذين يتأثّرون بالإنذار هم ذوو البصيرة وأحياء القلوب، أمّا الّذي لا يتّعظ ويبتلى بسوء العاقبة ويشمله الوعيد الإلهيّ فهو اللدود اللجوج، وهذه المعاني تستفاد من الآيات الّتي اُشير الى أمثلة منها.

وانّ أحد الشروط اللازمة للانتفاع من القرآن هو الفطرة السليمة الّتي لم تتكدّر بغبار وظلمة الذنب. وحتّى العالِم المادّي أيضاً إذا لم يلوّث فطرته التوحيديّة بالفساد فإنّه يستطيع أن ينتفع بهدى القرآن. ولكن لو اطفأ نور فطرته بعناده الإلحاديّ فلن يكون له من القرآن نصيب، لأنّه سوف يعدّ القرآن اُسطورة ولا يكلّف نفسه عناء التفكير فيه.

3. حيث انّ للقرآن وظيفة خاصّة وطريقة ومسلكاً معيّناً في تفهيم ثقافة الفطرة فإنّ جميع المواقف والأحكام الصادرة من قبل المفرطين أو المفرّطين في هذا المجال غير صحيحة؛ فجماعة قد أعرضت عن معرفة القرآن وقالت انّ الحجّية مختصّة بالروايات فقط وحسبوا أنّ القرآن أخرس أبكم، وهو ليس سوى ألغاز ورموز غير مفهومة.

وجماعة قالت بأنّ لغة القرآن هي محض رموز تشير للمعارف الباطنيّة، ولا ينالها أحد إلاّ الأوحديّ من المرتاضين. وجماعة استخفّوا بالقرآن وأنزلوه الى درجة بحيث قالوا إنّ معرفة اللغة العربيّة وحدها كافية لفهم القرآن، وإنّ عامّة الناس مؤهّلون لفهم معاني القرآن دون الحاجة إلى علم التفسير. وكلّ هذه الأقوال ما هي إلاّ نسيج من الأوهام وأفكار منسوخة.

4. إنّ كون القرآن مفهوماً لعامّة الناس وكون ادراك معارفه ميسّراً للجميع، لا يعني انّ كلّ فرد يستطيع ذلك، حتّى إذا لم يكن عارفاً بقواعد الأدب العربيّ ولم يطّلع على العلوم الأساسيّة الاُخرى الّتي لها دور في فهم القرآن، وانّ له الحقّ في التدبّر في المفاهيم القرآنيّة والاستنباط من القرآن، وبالنتيجة فهو يستطيع ان يعتمد على نتائج استنباطه ويحتجّ بها؛ بل المقصود هو أنّه إذا كان هناك شخص مطّلع وعارف بقواعد الأدب العربيّ ومحيط ببقيّة العلوم الأساسيّة المؤثّرة في فهم القرآن، فإنّ له الحقّ في أن يتدبّر في مفاهيم القرآن وأن يعتمد على ثمرة استنباطه ويحتجّ بها.

أساليب تبيين المعارف في القرآن الكريم

لقد بيَّن الله سبحانه المهامّ الرساليّة للنبيّ الأكرم(ص) بأنّها تلاوة الآيات على الناس، وتعليم الكتاب والحكمة لهم، وتزكية نفوسهم: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يتْلُوا عَلَيهِمْ آياتِهِ وَيزَكِّيهِمْ وَيعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة.... [26] والجامع المشترك بين كلّ هذه المهامّ الرساليّة هو «الدعوة إلى الله» الّذي هو بمثابة الأساس لمناهج وبرامج الأنبياء، وقد بيّن القرآن أساليب الدعوة بقوله: ﴿اُدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِي أَحْسَن﴾[27] وعندما علّم الله سبحانه نبيّه الأساليب المتنوّعة للدعوة ـ فإنّه سبحانه استخدمها أيضاً في تبيين وتفهيم المعارف القرآنيّة.

والسرّ في استخدام الأساليب المتنوّعة للدعوة والتعليم، هو أنّ الناس وإن كانوا مشتركين في الثقافة الفطريّة العامّة، لكنّهم ليسوا على مستوى واحد في الذكاء ودرجات الفهم، وكما وصفتهم بعض الروايات فإنّهم مختلفون كمثل الذهب والفضة: «الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة»[28]؛ فبعض مخاطبي القرآن الكريم اُناس بسطاء في التفكير والبعض الآخر منهم حكماء عقلاء يمتازون بعمق التفكير ودقّة النظر.

ولذلك كان لازماً على هذا الكتاب الإلهيّ العالميّ الشامل أن يطرح المعارف الفطريّة بأساليب متنوّعة ومستويات مختلفة، حتّى لا يعتبر المحقّقون وذوو الفكر العميق تعاليم الوحي ساذجة ومن ثمّ يحسبون أنفسهم في غنى عنها، وحتّى لا يتذرّع بسطاء الفكر والمقلّدون بتعقيدها وبالتالي يرون أنفسهم محرومين منها. وعلى هذا الأساس فإنّ القرآن الكريم لم يقتصر على أساليب الحكمة، والموعظة الحسنة والجدال بالّتي هي أحسن في تبيين مقاصده، بل إنّه عرض الكثير من معارفه بصورة المَثَل ونزّلها عن طريق التمثيل حتّى تكون للبسطاء والمبتدئين تعليماً وللمحقّقين والعقلاء تأييداً وتأكيداً، وبالنتيجة يكون فهم القرآن متيسّراً للجميع.

انّ اُسلوب الجمع بين الحكمة والموعظة الحسنة والجدال الأحسن من جهة والتمثيل والتشبيه ونقل القصّة من جهة اُخرى في الدعوة والتعليم، هو من مختصّات الكتاب الإلهيّ، وليس هذا مألوفاً في أيّ كتاب من كتب العلوم العقليّة والنقليّة الّتي يكتفي مؤلّفوها في طرح البراهين الصرفة والأدلّة العقليّة أو النقليّة المحضة.

والمقصود هو انّ القرآن الكريم مضافاً إلى إقامته البرهان والدليل لإثبات معارفه بشكل عامّ فإنّه يضرب المثل أيضاً لأجل توضيحها وجعلها عامّة الفهم: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يتَذَكَّرُون.[29] فمثلاً نراه يطرح أحياناً مسألة التوحيد في صورة (برهان التمانع) الّذي يعتبره الحكماء والمتكلّمون بلاغاً له ثقله ووزنه العلميّ، ويختلفون في كيفيّة توضيح التلازم بين المقدّم والتالي وبطلان التالي في ذلك القياس. وتارة يطرح التوحيد في مثل مبسّط يمكن حتّى للاُمّي وغير المتعلّم أن يفهمه.

وتوضيح ذلك هو: انّ برهان التمانع قد ذُكر في القرآن الكريم على شكل قياس استثنائيّ وبصورة القضيّة الشرطيّة، حيث ورد مجموع المقدّم والتالي منها في سورة الأنبياء: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا[30]، أمّا القضيّة الحمليّة وبطلان التالي فقد وردت في سورة الملك: ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ  ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَينِ ينقَلِبْ إِلَيكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِير.[31] وخلاصة برهان التمانع القرآنيّ هو انّ تعدّد الآلهة يؤدّي إلى فساد نظام السماوات والأرض، ولكنّ السلسلة المترابطة لمخلوقات الله سبحانه ليس فيها أيّ تفاوت وأيّة فجوة وخلل وتفكّك، وكلّ موجود في نظام الخلق قد استقرّ في محلّه ودرجته وأخذ مكانه ومكانته، وليس هناك في هذه السلسلة من حلقة ضائعة تائهة، حتّى يكون فقدانها مخلاًّ في ترابط سلسلة الوجود، ولذلك فإنّ الناظر مهما أمعن النظر وأعمل بصره ليجد فطوراً أو فجوةً أو خللاً في نظام الخلق المتقن فإنّه يرجع خاسئاً وهو حسير.

هذا البرهان بنفس محتواه قد بيّنه القرآن الكريم على شكل مثل مبسّط وبهذا النحو: هل يستوي العبد أو الخادم الّذي تنازع عليه عدد من السادة المختلفين فيما بينهم، مع العبد أو الخادم الّذي له مولى وسيّد واحد ذو خلق حسن وطبع سليم؟ ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مَتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يسْتَوِيانِ مَثَلاً[32] أي انّ ما يقوم به الخادم الثاني من خدمات تكون منسجمة ومتناسقة، لكنّ خدمات العبد الأوّل مختلّة وغير منسجمة.

والحاصل فإنّ القرآن الكريم وإضافةً إلى اتّباع طريقة الاستدلال والبرهان القاطع قد وسّع طريق الفهم على الناس بسلوكه طريق المَثَل كي يكون للبعض مرشداً ومؤيّداً وللبعض الآخر مفتاحاً وطريقاً للفهم، ولكن يجب الالتفات إلى هذه النكتة وهي أنّه لا ينبغي أبداً التوقّف عند حدود دائرة المَثَل، بل يجب أن نجعله منفذاً وجسراً للعبور نحو سعة المُمَثّل، ويجب أن نعتمد على المثل لنرتقي إلى الأعلى ويجب أيضاً أن نستثمر الموعظة والجدال الأحسن ونستفيض ونرتوي من الحكمة، وعندئذ سنسافر من مرحلة (العلم) إلى مقام (العقل): ﴿وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُون[33]، وبعدها نبني من (المعقول) مدرجاً نحو (المشهود)، وننتقل من (الحصول) إلى (الحضور)، ومن (الغيب) إلى (الشهود)، ومن (العلم) إلى (العين)، ومن منزل الاطمئنان إلى مقصد لقاء الله سبحانه، ومن هناك يستمرّ السير اللامتناهي (من الله إلى الله في الله) مع نغمة ونداء: «آه من قلّة الزاد وطول الطريق وبُعد السفر»[34] ومع شهود المقصود وحيرة الممدوح وبنحو متناغم ومنسجم مع مناجاة الأئمّة المعصومين(ع ) حيث يقولون: «إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتّى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلّقة بعزّ قدسك».[35]

اختلاف القرآن عن الكتب العلميّة في تبيين المعارف

إنّ للقرآن الكريم وكما مرّ آنفاً أساليبه الخاصّة في بيان المعارف الإلهيّة. وفيما يلي نبحث اختلاف القرآن عن الكتب العلميّة في تبيين المعارف:

إنّ الله سبحانه في مقام بيان الوظائف الرساليّة للنبيّ الأكرم(ص) يتحدّث تارة عن تلاوة الآيات على الناس وتعليم الكتاب والحكمة وتزكية الأنفس ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يتْلُوا عَلَيهِمْ آياتِهِ وَيزَكِّيهِمْ وَيعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة[36]، وتارة اُخرى يتحدّث عن إخراج الناس من ظلمات الجهل ومفاسد الضلالة إلى نور الهدى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد[37] ويعدّ القرآن الكريم هو الزاد الّذي يحتاجه الرسول في طريق أداء وظيفته الرساليّة والأداة الّتي يستخدمها في تعليم وتزكية الناس: ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يخَافُ وَعِيدِ﴾[38]، ﴿وَكَذلِكَ أَوْحَينَا إِلَيكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا[39]، ﴿وَكَذلِكَ أَوْحَينَا إِلَيكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم.[40]

وعلى هذا الأساس فإنّ القرآن الكريم لا يمكن أن يكون مثل الكتب العلميّة المحضة حتّى يتصدّى لبيان المسائل العلميّة ومعرفة العالم فحسب، ولا أن يكون كالكتب الأخلاقيّة الّتي تكتفي بالموعظة، ولا أن يكون كالكتب الفقهيّة والاُصوليّة الّتي تكتفي بذكر الأحكام الفرعيّة ومبانيها واُصولها، وبنحو عامّ فإنّ القرآن لا يمكن أن يتّبع الأساليب المتداولة والمعتادة في الكتب البشريّة. فالقرآن الكريم ـ ولأجل تحقيق أهدافه المتطابقة والمتّحدة مع أهداف رسالة النبيّ(ص) العالميّة ـ قد اختار أساليب خاصّة نُشير فيما يلي إلى بعضها:

1. الاستخدام الواسع للتمثيل لأجل تنزيل المعارف الثقيلة والرفيعة.

2. الاستفادة من اُسلوب الجدال الأحسن والاعتماد على النظريّات والآراء المفروضة الصحّة والمقبولة عند الخصم في الاحتجاج مع الأفراد الّذين يظهرون عناداً في مقابل أصل الدين أو القرآن خاصّة.

3. مزج (المعارف والأحكام) مع (الموعظة والأخلاق)، و(تعليم الكتاب والحكمة) مع (تربية وتزكية الأنفس)، وربط المسائل النظريّة بالعمليّة والمسائل التنفيذيّة بالأهداف الضامنة لتنفيذها؛ كإشارته إلى التقوى باعتبارها هدفاً للصيام بعد الأمر به في قوله تعالى: ﴿يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَمَا كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[41]، أو بعد ذكر خلق اللباس الّذي يواري بدن الإنسان ويحفظ جسده، تجد القرآن يتحدّث عن لباس التقوى كأفضل حُلّة تحفظ روح الإنسان: ﴿يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيكُمْ لِبَاساً يوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذلِكَ خَير.[42] وعندما يدور الحديث في أجواء الحجّ والعمرة لبيت الله، وحيث انّ الحجّ والعمرة يستلزمان السفر والسفر يحتاج إلى الزاد والمتاع، تراه يذكر زاد التقوى ويصفه بأنّه خير زاد في السير والسلوك إلى الله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ...  الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ... وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقْوَى.[43]

كما جاء إلى جانب ذكر بعض أحكام الصيام التوصية والتأكيد على حفظ الحدود ورعاية التقوى الإلهيّة: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يتَّقُونَ﴾[44]، وكما يذكر القرآن الكريم تطهير وتزكية النفس الإنسانيّة مقترناً بالأمر بأخذ الزكاة: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا.[45] وحتّى إلى جانب أبسط الأوامر المتعلّقة بالعِشرة والتعامل الاجتماعي، كالضيف غير المدعوّ الّذي لم ينسّق لقاءه مع صاحب البيت ولم يتّفق معه في وقت سابق، ففي حال رفض المضيف واعتذاره عن قبوله يجب عليه الرجوع. هنا يتكلّم أيضاً عن تزكية الروح فيقول تعالى ﴿... وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُم.[46]

4. الحكم القاطع بالنسبة إلى الأقوال والآراء الّتي ينقلها عن الآخرين.

فالقرآن الكريم ليس كمثل بعض الكتب المتداولة يكون جامعاً للأقوال بحيث ينقل الأقوال والآراء المختلفة ولا يدلي بحكمه حولها، بل إنّ نقله لها يكون مقترناً ببيان حكمه عليها، ولذلك فإنّه إذا نقل قولاً أو رأياً مّا ولم يتحدّث عن ردّه أو إبطاله، فإنّ عدم الردّ علامة على الإمضاء والقبول؛ كما ينقل عن الولد الصالح لآدم(ع) قوله إنّ الميزان في قبول العمل عند الله هو التقوى: ﴿إِنَّمَا يتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ[47] ولا يردّ هذا القول، ولذلك جاء في بعض الروايات بأنّ هذه الجملة سمّيت (قول الله)[48]، كما وذكرت أيضاً في الكتب الفقهيّة بعنوان أنّها قول الله، وبناءً على هذه الخصوصيّة سُمّي القرآن بأنّه «قول فصل»، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ  وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ.[49]

ولكن بعد نقله لقول المنافقين، فإنّه يبطل هذا القول: ﴿يقُولُونَ لَئِن رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يعْلَمُونَ.[50]

فقد كان قول المنافقين يتضمّن انّهم يحسبون أنفسهم أعزّة وانّ المؤمنين أذلاّء، فتصدّى القرآن لقولهم بعد نقله وأبطله كما ردَّ من قَبْل كلامهم الباطل حول المحاصرة الاقتصادية للمؤمنين وعدم الإنفاق على من عند رسول الله كي ينفضّوا ويتفرّقوا عن النبيّ الأكرم(ص)، فنقل كلامهم هذا وانتقده وأبطله.[51]

إنّ الكتاب الّذي تنزّل من جهة الله الحكيم الحميد وامْتُدِح بصفة العزّة وهي (عدم القابليّة للنفوذ والاختراق)، لا يمكن للباطل أن يجد له طريقاً إليه من أيّة جهة كانت: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لاَ يأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَينِ يدَيهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ.[52]

تنويه: إنّ المواعظ والنصائح القرآنيّة الّتي تُذكر إلى جانب الأحكام والمعارف تارةً تكون متأخّرة كما في الأمثلة السابقة، وتارةً متقدّمة كما في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ.[53]

5. الربط بين مسائل معرفة العالم ومعرفة الله.

فمن أهمّ الميزات الّتي يختلف بها القرآن الكريم عن الكتب العلميّة هو انّ الكتب العلميّة تبحث فقط وتبيّن الحركة الأفقيّة للأشياء وظواهر العالم، فمثلاً ترى خبير المعادن يقول إنّ ما يوجد الآن في جوف الأرض وبطون الجبال من معادن معيّنة قد كانت موجودة منذ ملايين السنين، وكم مرّ عليها من تطوّرات عديدة خلال تلك الفترة، وكم تنتظر في مستقبلها من التغيّرات، لكنّ القرآن الكريم الّذي هو كتاب هدى ونور، وليس كتاباً علميّاً محضاً، يتحدّث عن الحركة العموديّة لظواهر العالم وارتباطها بالمبدأ من جهة وبالمعاد من جهة اُخرى ـ أي انّه يتحدّث عن المبدأ الفاعليّ والمبدأ الغائيّ في حركة الموجودات وتحوّلها ـ كما في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُود[54]، وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيتُونَ وَالرُّمّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيرَ مُتَشَابِه[55]، وقوله تعالى: ﴿أَوَ لَمْ يرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَي‏ءٍ حَيّ أَفَلاَ يؤْمِنُونَ﴾.[56] ففي هذا النوع من الآيات جاء الحديث عن المبدأ الفاعليّ لهطول الأمطار، والسبب الفاعليّ لحركة البذور الهامدة وتحوّلها الى سنابل وأغصان تتمتّع وتنبض بالحياة النباتيّة، كما ذكر أيضاً المبدأ الأصليّ لإيجاد الطرق في سلاسل الجبال البيضاء والحمراء والسوداء، ومن هو الموجد لأنواع الثمار والفواكه والحبوب الغذائيّة.

والمقصود هو أنّ الدراسات العلميّة والفلسفيّة المتداولة حول أيّة ظاهرة معيّنة في العالم، كالنجم أو الجبل أو... أو حول كلّ العالم دون تخصيص جزء منه، لها سير أفقيّ محض، فهي تبحث عن هذا الموجود المعيّن أو عن مجموع العالم، ماذا كان من قبل، وما هي حقيقته الآن، وماذا سيكون فيما بعد، ولا يوجد فيها ذكر للسير والحركة العموديّة للأشياء، خلافاً للقرآن الكريم الّذي يحرص في بيانه العلميّ للأشياء (بالمقدار الّذي تعرّض له) وفي تحريره الفلسفيّ لأصل العالم أن يضيف ذكر المسير العموديّ للأشياء، أي انّه يقول من هو المبدأ الفاعليّ لهذا الأمر وما هو مبدأه الغائيّ والهدف النهائيّ المقصود منه.

6. انتخاب المقاطع التاريخيّة ذات العبرة عند بيان القصص:

فالقرآن الكريم ليس كتاباً تاريخيّاً حتّى يسجّل وقائع كلّ قصّة ويسرد كلّ ما حدث فيها، بل انّه يتصدّى لبيان مشاهد القصّة المرتبطة والمنسجمة مع هدفه وهو (الهدى)، ثمّ يتحدّث عنها بعنوان انّها سنّة إلهيّة أو (فلسفة التاريخ).

مثلاً نرى أنّ القرآن قد ذكر اسم الكليم موسى(ع) أكثر من مائة مرّة وقصّته ذكرت في 28 سورة وبنحو مفصّل، لكن لم تذكر فيها الاُمور ذات الطابع التاريخيّ والقصصيّ المحض، كتثبيت تاريخ مولده ووفاته الّذي لم يرد له ذكر في القرآن، بل إنّه يركّز على الجوانب الحسّاسة وذات العبرة في القصّة، فمثلاً ترى القرآن الكريم لا يتحدّث عن تاريخ ولادة موسى وطول فترة رضاعته، لكن يتحدّث عن الحادثة المهمّة في الوحي الإلهيّ لاُمّ موسى في أن تقذفه في اليمّ، وإيجاد الاطمئنان في قلبها، والبشارة لها بعودة ولدها إليها بعد أن يبلغ ويكبر ويحظى بكرامة الرسالة، كما لم يذكر القرآن الكريم تاريخ هجرة موسى من مصر إلى مدين ولا زمان رجوعه من مدين إلى مصر، لكن تحدّث القرآن عن خدمة موسى المجّانيّة في سقي أغنام بنات شعيب واشتغالهنّ برعي الأنعام وكذلك الحديث عن عفافهنّ وشرفهنّ، وعن الطريقة الّتي تعرّف بها موسى على شعيب، وعن كيفيّة اختيار الشخص للوظائف والأعمال حيث انّه يجب أن يكون أميناً في وظيفته وقويّاً ومتمكّناً من السيطرة على عمله. وكذلك تحدّث القرآن عن رؤية النار والذهاب إليها ومشاهدة النور واستماع الكلام التوحيديّ الإلهيّ من الشجرة.

7. إنّ أحد الاُمور المهمّة الّتي يمتاز بها القرآن الكريم عن الكتب العلميّة البشريّة هو انّ المحور الأصليّ للتعليم في الكتب البشريّة هو العلوم الّتي يمكن الحصول عليها بسهوله، ولكنّ محور التعليم في القرآن الكريم هو العلوم والمعارف الّتي لا يمكن للبشريّة أن تنالها دون الاستمداد من نور الوحي قال تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يتْلُوا عَلَيكُمْ آياتِنَا وَيزَكِّيكُمْ وَيعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾[57]، وقال تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اللهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾.[58]

وصحيح أنّ الأنبياء قد قاموا بتفعيل وترشيد استعداد البشريّة في العلوم الّتي يتيسّر الحصول عليها والمستقلاّت العقليّة: «يثيروا لهم دفائن العقول»[59] ولكنّ محور تعليم الأنبياء هو كشف حجب الغيب والابتكار العلميّ والمعرفيّ للبشر. والقرآن الكريم بتعبيره الدقيق ﴿مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ يشعر بهذه النكتة، لأنّ معنى هذه الجملة ليس هو ما لم تعلموا، بل إنّها تعني أنّكم ما كنتم لتعلموا ذلك بالطرق المعتادة. كما انّ الله سبحانه يقول لنبيّه الأكرم(ص) على رغم ما له من الاستعداد والنبوغ الفائق: ﴿وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيكَ عَظِيماً[60]، يعني انّ الله قد علّمك معارف لم يكن باستطاعتك أن تتعلّمها بالطرق المتعارفة، ولذلك فإنّ هذه الميزة في القرآن الكريم لا تختصّ بعصر التخلّف والانحطاط العلميّ، بل هي دائمة إلى الأبد، فالقرآن معلّم لعلوم ليس للبشريّة إليها من سبيل.

كما وقد نبّه القرآن أيضاً في مواضع خاصّة إلى هذه الحقيقة وهي أنّ الأسرار الكامنة والمخفيّة في العالم لا يمكن رؤيتها إلاّ بنور الوحي، كما في قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيئاً وَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُون[61]، وهذا الخطاب شامل لجميع الأفراد، أعمّ من الضعفاء والمتوسّطين والأوحديّ من أهل العلم والعمل.

8. بيان المصداق وتجنّب الكلام بالعموميّات.

ليس متعارفاً في الكتب العلميّة وفي مقام تبيين حقيقة مّا ان تذكر مصاديقها، مثلاً أن يذكر الأبرار في تعريف البرّ، ولكنّ القرآن الكريم استعمل هذا الاُسلوب، فهو مثلاً يقول في تعريف البرّ: ﴿لَيسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيومِ الآخِرِ و... [62] فالمفسّرون الّذين يحسبون أنّ القرآن كباقي الكتب العلميّة، يبحثون في مثل هذه الموارد عن محذوف أو يقومون بتبريرات اُخرى كي يثبتوا انسجام ومطابقة الاُسلوب البيانيّ للقرآن الكريم مع الأساليب المتداولة في الكتب العلميّة، وقد فاتهم انّ القرآن الكريم ليس كتاباً علميّاً محضاً حتّى يتّبع الطرق المتعارفة للكتب العلميّة البشريّة. ولذلك تراه أحياناً يذكر الموصوف بدلاً من الصفة، وهذا يعدّ من الطرق المهمّة في القرآن.

والمثال الآخر قوله تعالى: ﴿يوْمَ لاَ ينفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ  إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾[63] فههنا يقتضي الانسجام بين المستثنى والمستثنى منه أن يقول «إلاّ سلامة القلب»، ولكنّ القرآن يترك ذكر الصفة ويتحوّل إلى ذكر الموصوف. والهدف هو كما في الآية السابقة حيث انّه كان يريد ترغيب المجتمع في عمل البرّ، لا أن يفسّر لهم فقط معنى البرّ، كذلك هنا أيضاً فهو يريد للاُمّة الإسلاميّة أن تبلغ درجة القلب السليم، لا أن يذكر لهم فقط بأنّ سلامة القلب عامل للنجاة في يوم القيامة.

تنويه: انّ تبيين المصداق يكون أحياناً في آيات اُخرى لا في نفس الآية الّتي هي محلّ البحث، كما في الآية الكريمة ﴿... فَبَشِّرْ عِبَادِ  الَّذِينَ يسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾[64] فالكلام هنا عن أحسن الأقوال، ولكنّ مصداقه ذكر في موضع آخر، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّن دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾.[65] وكذا في سورة الحمد حيث جاء ذكر مجمل وكلّي عن المنعم عليهم: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ... ولكن في سورة النساء بُيِّن مصداق المنعم عليهم بقوله تعالى: ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِين...﴾.[66]

9. تكرار المواضيع:

انّ سرّ التكرار في القرآن الكريم هو انّ القرآن كتاب نور وهدى، وفي مقام الهداية يصبح من اللازم أن يؤدّى المعنى الواحد في كلّ مناسبة بتعبير خاصّ حتّى تكون له صفة الموعظة، خلافاً للكتب العلميّة الّتي يذكر فيها الموضوع في مكان واحد ولا يكون تكراره مفيداً. والسرّ في لزوم التكرار في كتاب الهدى هو انّ الشيطان والنفس الأمّارة؛ بما انّهما سببان للضلالة والعذاب، يكونان دائماً منهمكين في إضلال الإنسان، ونشاطهما وإن خفّ أحياناً ولكنّه لا يتوقّف، ولذلك كان تكرار الهداية والإرشاد ضروريّاً.

10. إنّ إحدى الظرائف الأدبيّة والفنّية في القرآن الكريم هو التغيير المفاجئ في السياق، فمثلاً ترى في جملة مّا وبعد ذكر عدّة كلمات مرفوعة، وفي الأثناء تفاجأ بذكر كلمة منصوبة وذلك حتّى يتوقّف القارئ ويدفعه ذلك إلى التأمّل والتدبّر، كما في قوله تعالى: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا[67]، حيث انّه في هذه الآية الكريمة ذكرت خمس صفات، والسياق الأدبيّ يقتضي أن تكون هذه الصفات مرفوعة كما هو الحال في الصفتين المقدّمتين (الراسخون والمؤمنون) وفي الصفتين المؤخّرتين (المؤتون والمؤمنون)، ولكن نرى بين هذه الصفات الأربع المرفوعة صفة واحدة منصوبة وهي صفة (المقيمين)، وذلك لأجل أن يلفت نظر المتدبّرين والتالين لكتاب الله إلى أهمّية الصلاة الّتي هي عمود الدين، كما هو متعارف في كتابة اليافطات والإعلانات حيث تكتب بعض الكلمات مثل كلمة «شهيد» باللون الأحمر كي تلفت نظر المشاهد. فإذاً بتغيير الاُسلوب وتبديل السياق يتمّ التنبيه على أهمّية وخصوصيّة المحتوى لذلك اللفظ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) مقدمة (تفسير تسنيم)، ج1، ص 58 ـ 82، بتصرّف يسير.

[1] . سورة المدّثر، الآية 31.

[2] . سورة القلم، الآية 52.

[3] . سورة سبأ، الآية 28.

[4] . سورة الفرقان، الآية 1.

[5] . سورة المدّثر، الآية 36.

[6] . سورة الروم، الآية 30.

[7] . بحار الأنوار، ج16، ص323.

[8] . سورة المائدة، الآية 15.

[9] . سورة النساء، الآية 174.

[10] . سورة التغابن، الآية 8.

[11] . سورة الأعراف، الآية 157.

[12] . انّ وصف القرآن بالمبين جاء في آيات عديدة مثل الآية 1 من سورة يوسف، والحجر والنمل والآية 2 من سورة القصص والآية 69 من سورة يس و... .

[13] . سورة النور، الآية 35.

[14] . سورة النحل، الآية 89.

[15] . سورة محمّد(ص)، الآية 24.

[16] . سورة الإسراء، الآية 88.

[17] . البحار، ج75، ص278.

[18] . سورة محمّد(ص)، الآية 24.  

[19] . سورة يونس، الآية 57.

[20] . سورة البقرة، الآية 2.

[21] . سورة النازعات، الآية 45.

[22] . سورة يس، الآية 70.

[23] . سورة النازعات، الآية 45.

[24] . سورة مريم، الآية 97.

[25] . سورة الفرقان، الآية 1.

[26] . سورة الجمعة، الآية 2.

[27] . سورة النحل، الآية 125.

[28] . بحار الأنوار، ج58، ص65.

[29] . سورة الزمر، الآية 27.

[30] . سورة الأنبياء، الآية 22.

[31] . سورة الملك، الآيتان 3 ـ 4.

[32] . سورة الزمر، الآية 29.

[33] . سورة العنكبوت، الآية 43.

[34] . نهج البلاغة، الحكمة 77.

[35] . مفاتيح الجنان، المناجاة الشعبانيّة.

[36] . سورة الجمعة، الآية 2.

[37] . سورة إبراهيم، الآية 1.

[38] . سورة ق، الآية 45.

[39] . سورة الشورى، الآية 7.

[40] . سورة الشورى، الآية 52.

[41] . سورة البقرة، الآية 183.

[42] . سورة الأعراف، الآية 26.

[43] . سورة البقرة، الآيتان 196 ـ 197.

[44] . سورة البقرة، الآية 187.

[45] . سورة التوبة، الآية 103.

[46] . سورة النور، الآية 28.

[47] . سورة المائدة، الآية 27.

[48] . تفسير نور الثقلين، ج1، ص615.

[49] . سورة الطارق، الآيتان 13 ـ 14.

[50] . سورة النور، الآية 28.

[51] . سورة المائدة، الآية 27.

[52] . تفسير نور الثقلين، ج1، ص615.

[53] . سورة الطارق، الآيتان 13 ـ 14.

[54] . سورة فاطر، الآية 27.

[55] . سورة الأنعام، الآية 141.

[56] . سورة الأنبياء، الآية 30.

[57] . سورة البقرة، الآية 151.

[58] . سورة البقرة، الآية 239.

[59] . نهج البلاغة، الخطبة 1، الفقرة 37.

[60] . سورة النساء، الآية 113.

[61] . سورة البقرة، الآية 216.

[62] . سورة البقرة، الآية 177.

[63] . سورة الشعراء، الآيتان 88 ـ 89.

[64] . سورة الزمر، الآيتان 17 ـ 18.

[65] . سورة فصّلت، الآية 33.

[66] . سورة النساء، الآية 69.

[67] . سورة النساء، الآية 162.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/22   ||   القرّاء : 5417





 
 

كلمات من نور :

من قرأ القرآن كانت له دعوة مجابة ، إما معجلة وإما مؤجلة .

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 تجلّي آيات من القرآن الكريم في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)

 الامام الحسن (عليه السلام) بين جهل الخواص وخذلان العوام

 ظاهرة الحروف المقطعة في فواتح سور القرآن - درس التفسير 1

 التدبر المضموني والبنيوي في الحروف المقطعة - الدرس 2

 ذكر فضائل علي اقتداءٌ برسول الله

 وفد من الكويت في زيارة للدار

 رئيس القساوسة في جورجيا يزور دار السيدة رقية (ع)

 دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم تحقق المركز الأول لجائزة 114 القرآنية العالمية

 الختمة القرآنية المجوّدة للدكتور القارئ رافع العامري

 المصحف المرتل بصوت القارئ الحاج مصطفى آل إبراهيم الطائي

ملفات متنوعة :



 الرسول (ص) في القرآن الكريم

 مجلّة حديث الدار في حلّة جديدة

 أسباب ثورة الإمام الحسين (ع) و دوافعها

 كلمة المشرف العام للدار لحفل الختام والتكريم لمسابقة الذكر الحكيم 12 بالبحرين

 مؤاخاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بين المهاجرين والأنصار

 الشيخ صالح الجدعان في ضيافة الدار

  مدرسة الإمام الحسن عليه السلام

 زيارة سماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري لدار السيدة رقية عليها السلام في قم المقدسة

 منزلة الإمام المهدي في القرآن(1)

 كيل التهم للنبي الأكرم (ص)

إحصاءات النصوص :

  • الأقسام الرئيسية : 13

  • الأقسام الفرعية : 71

  • عدد المواضيع : 2213

  • التصفحات : 15355539

  • التاريخ : 19/03/2024 - 10:49

المكتبة :

. :  الجديد  : .
 الميزان في تفسير القرآن (الجزء العشرون)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثامن عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السادس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الرابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثالث عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثاني عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الحادي عشر)



. :  كتب متنوعة  : .
 فهرس أحاديث حول القرآن

 تفسير النور - الجزء الثامن

 دروس في علوم القرآن

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء التاسع)

 مراجعات قرآنية ( اسئلة شبهات وردود)

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء السابع عشر

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء السادس)

 التبيان في تفسير القرآن ( الجزء الثامن )

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء الثاني)

 حث الصحبة على رواية شعبة

الأسئلة والأجوبة :

. :  الجديد  : .
 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم



. :  أسئلة وأجوبة متنوعة  : .
 كيف نوفق بين الدليل القائل بنزول بعض القرآن الكريم في شهر رجب ونزوله في ليلة القدر

 هل تبطل القراءة أو السورة أو أي ذكر آخر في الصلاة عند الوقف على حرف متحرك أو الوصول بالسكون؟ بفتوى السيد الخوئي رحمه الله وسماحة السيد دام ظله ؟

 ما هو المقصود من كلمة (البروج) في القرآن؟

 ما هو معنى السماء في القرآن الکريم وما هو حلّ التعارضات المحتملة والظاهرة في هذا المجال؟

 ما هو معنى التأويل في الاصطلاح؟

 لماذا يصيب الصالحين كما يصيب دونهم ؟ اذا هم صالحون لماذا لعلهم يرجعون؟

 هل يجب على المرأة عدم إظهار شعرها عند قراءة القرآن؟

 هل يمكن للشخص أن يضع أجرة للتدريس حول الاسلام أو القرآن ، وكم تكون الأجرة على تعليم المستحبات ؟

 سؤال: كيف يمكن لنا ان نرى الحقائق كما هي؟

 ان ربکم الله الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام"

الصوتيات :

. :  الجديد  : .
 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الأول

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الأول

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الثاني

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الأول



. :  الأكثر إستماع  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (24539)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (12729)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (9609)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (9039)

 الدرس الأول (8088)

 الشیخ الزناتی-حجاز ونهاوند (7811)

 سورة الحجرات وق والانشراح والتوحيد (7281)

 آل عمران من 189 إلى 195 + الكوثر (7276)

 الدرس الأوّل (7275)

 درس رقم 1 (7205)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (6583)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (4826)

 مقام النهاوند ( تلاوة ) محمد عمران ـ الاحزاب (4068)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (3820)

 سورة البقرة والطارق والانشراح (3521)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (3345)

 الدرس الأول (3189)

 تطبيق على سورة الواقعة (3048)

 الرحمن + الواقعة + الدهر الطور عراقي (3014)

 الدرس الأوّل (2962)



. :  ملفات متنوعة  : .
 الصفحة 602 (ق 1)

 سورة يوسف

 الجزء 12 - الحزب 24 - القسم الثاني

 علی حبه جُنة

 سورة غافر

 الدرس الثالث عشر

 سورة مريم

 سورة الماعون

 سورة المدثر

 الصفحة 187

الفيديو :

. :  الجديد  : .
 الأستاذ السيد نزار الهاشمي - سورة فاطر

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم



. :  الأكثر مشاهدة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (8818)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (8211)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (7324)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (6991)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (6802)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (6663)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (6590)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (6563)

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار (6562)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (6336)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (3036)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (2731)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (2550)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (2355)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع (2276)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (2271)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (2231)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (2226)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (2219)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (2214)



. :  ملفات متنوعة  : .
 السيد عادل العلوي - في رحاب القرآن

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 لقاء مع الشيخ أبي إحسان البصري

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 خير النبيين الهداة محمد ـ فرقة الغدير

 سورة الاحزاب ـ السيد حسنين الحلو

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

















 

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net